|
ديمقراطية الطائفة و الحزب !!
حيدر محمود شاكر
الحوار المتمدن-العدد: 3727 - 2012 / 5 / 14 - 09:38
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
كلمتان احداهما نقيض للاخر، لا تربط بينهما اي صلة قرابة إلا في العراق! الساسة أصدروا لهما هوية احوال مدنية وجواز سفر، في براءة اختراع كتبت لهم، ففي العراق لا يوجد معنى للديمقراطية سوى في: الطائفة والحزب! في العراق كل شيء لا يخضع للديمقراطية ما عدا هذه الكلمتين، فقد أجلسهما القادة السياسيون على كرسي ثابت تحت قبة من خيوط العنكبوت. وما بين مطامعهم السياسية وتطبيقهم للديمقراطية، وقفنا نحن الشباب نتطلع الى حقنا في التعبير عن الرأي، في التغيير، الحرية، العصر الجديد، تقرير المصير، الحياة، الموت، البداية، النهاية.... الحلم! وفي محاولاتهم لتثبيت دعائم الديمقراطية في العراق الجديد، صنعوا (برلمان الشباب)، وقالوا: هذا برلمان للشباب، فلتسعدوا أيها الشباب ولتمرحوا، هيا تعالوا الى البرلمان... تحت قبته ستجدون الحرية، الابداع، الانطلاق، كل ما تريدونه! وجاء الشباب، من رحم احزابهم وتياراتهم! فقد أختاروهم اختيارا ليعبروا عن ديمقراطية أحزابهم وديمقراطية طائفيتهم وجعلوا منهم قادة للشباب في الاعلام، في كل الامور، فهم المفضلون في كل المواقف، لانهم جاءوا من رحم الارادة الديمقراطية لبناء عراق جديد. هؤلاء المختارون من القادة الشباب، يعرفون جيدا مواعيد الساسة الكبار، من سيذهب منهم الى الخارج، من سيكون الرئيس الجديد للبرلمان، ماهي الامتيازات التي سيحصل عليها من ملابس جديدة وربطة عنق يتباهون بها، غافلين، متناسين همومهم كشباب، احلامهم، تطلعاتهم، بعيدين عن أقرانهم ممن يلتحفون الارصفة، ويتقاسمون خبز الجوع، ويبيعون أحلامهم على عتبات العبوات الناسفة وهم في طريقهم الى البحث عن فرصة (حلم) العمل! ينتظرون الكبار، كيف يخططون لهم، ماذا يعدون لهم، وكأنهم قطع شطرنج تحركها أصابع ماهرة تسعى وراء الفوز بأقل عدد ممكن من الحركات. هل هذه ما يسمونها ديمقراطية للشباب؟ هل نحن مجتمعات تمارس ديمقراطيتها حقا؟ هل لنا دور – كشباب – في صنع ديمقراطيتنا؟ نحن كشباب، تحددت أتجاهتنا ما بين صخب الحياة وعنف الواقع، حياتنا مليئة بلائحة طويلة من الطلبات والمصاريف والثقافات الجديدة ما بين هادمة وبناءة، نصطدم بالواقع الاليم الذي يكشر عن أنياب الارهاب ليأخذ في كل يوم قطعة من جسدنا الشبابي المفخخ دوما بالامل وحب الحياة. يا ترى ما هو التغيير الذي نسعى اليه؟ كيف نعيد التوازن لحياة الشباب اليوم، بعد ان ضاع وسط صخب أطماع الساسة الكبار والاحزاب وعبث الطائفية وجنون العنف وعشرات من العناوين التي تحاصرنا وتخنق الحياة فينا؟ بحثنا عن الديمقراطية التي تقول حكم الشعب للشعب، فاذا بنا أمام ديمقراطية حكم الحزب للحزب! لم نجد الديمقراطية في أزقة الحكومة ودهاليزها، وجدنا أنفسنا وجهنا لوجه مع الخدعة! مشكلتنا – كشباب – ، أننا ننتمي الى مجتمعات حبلى بالعنف، ودوما لديها عسر ولادة! مجتمعات لم تألف التفكير، لم تفهم معنى الاختيار، لم تمارس تجربة أن تكون حرة، حرة في ابداء رأيها، حرة في التعبير عن ذاتها، حرة في اختيار مفردات حياتها، مجتمعات أجترت ماضيها فبأس حاضرها وجاء مستقبلها هزيلا يتأرجح ما بين الخوف والقهر، كأمنية مصلوبة على قارعة الزمن تنتظر من يطلق حريتها! مأساتنا – كشباب – ان الجميع ابتداء من اسرنا ومرورا بمدارسنا وجامعاتنا ومناهجنا الدراسية وانتهاءا بحكوماتنا، علمونا ان نجيد فن الصمت، وفن الاستسلام للقدر، وفن ذبح أحلامنا أذا لم نلبسها لبوس الرق! نعم، نحن ننتمي الى مجتمعات الصم والبكم، لم يعلمنا أحد ماذا يعني أن تكون لدينا القدرة على التفكير، على الابداع، على الحلم، حتى نتمكن من أن نكون قادة المستقبل. لذلك فأني اعتقد أن أزمة الديمقراطية في مجتمعاتنا، هي نفسها أزمة الانسان! أزمة رؤية.. أزمة فكر.. أزمة حب! ما نحتاجه نحن الشباب العرب، هو هذا ، أن نتعلم كيف نفكر.. كيف نحب. لو أجدنا هذين الفنيين (فن التفكير وفن الحب)، سنصبح قادة لمجتمعاتنا، قادة للعالم، وبالتالي قادة للديمقراطية. ولن نحتاج الى (برلمان للشباب) تصنعه لنا الاحزاب، او ديمقراطية تتمخض عن رحم الطائفية. أكاد أرى شمس ذلك اليوم الذي سنعلم فيه صغارنا كيف يحبون وكيف يفكرون.. على أرض تحكمها ديمقراطية لم تأتي من اروقة حكومة أو دهاليز أحزاب.
#حيدر_محمود_شاكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معرض للكتاب..ولكن...بلا روح!!
المزيد.....
-
-هل نحن هدف-..كنديون يقاطعون السفر إلى أمريكا بسبب سياسة دون
...
-
شاهد.. إنقاذ رجل فاقد للوعي من قارب خارج عن السيطرة وسط بحير
...
-
بعد مقترح ترامب.. وزير دفاع إسرائيل يأمر الجيش بتجهيز خطة لـ
...
-
المرشحة الرئاسية المحتملة لرومانيا ستزور روسيا
-
إسبانيا: نرفض مقترح وزير الدفاع الإسرائيلي استقبال بلدنا فلس
...
-
خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين: الكنيست يبحث دعم هجرة الفلسطين
...
-
هل تنجح شكوى الصين إلى منظمة التجارة العالمية في إلغاء الرسو
...
-
كاتس يوعز الجيش بإعداد خطة لترحيل أهل غزة ومقتل جنديين إثنين
...
-
قبل الانتخابات.. ميركل تدعو السياسيين إلى الحوار وتهدئة التو
...
-
-أسيل- تضرب لبنان وتغلق طرقات جبلية (فيديو)
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|