|
رزكار عقراوي .. دعوة مخلصة ولكن!
عارف معروف
الحوار المتمدن-العدد: 3726 - 2012 / 5 / 13 - 00:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العزيز رزكار تحية وموّدة ،
شكرا لمبادرتكم الجديرة بالتثمين وامنياتكم النابعة عن الاخلاص ، في الدعوة الى توحيد قوى اليسار العراقي بغية ان ينهض بمهماته سواءا لجهة سعيه للوصول الى السلطة او، بالاحرى ، تمثيل جدي ومؤثر فيها عبر الاليات الديمقراطية. او تمكنه من تشكيل قطب يساري معارض وضاغط لجهة تمثيل والتمكين لمصالح الطبقات الكادحة من شغيلة اليد والفكر والقوى الديمقراطية والعلمانية .وارجو مخلصا ان تجد هذه الدعوة والدعوات المشابهة اذانا صاغية وقلوبا متحمسة واستجابات مخلصة لدى من يعنيهم امرها ، خصوصا اولئك الذين يشغلون مواقع تمكنهم من اداء فعل اكبر وتاثير اوسع ، لكن الامر لايتوقف طبعا على حسن النية او الرغبة الصادقة بل يمكن ان يكون بعضه ، كما ازعم ، ناتجا عن ظروف موضوعية ، خارج مدى السيطرة والارادة ، كما انه ربما يمثل تراكم وتجذر مصالح تعمل عكس ارادتنا .وهنا ارجو ان تسمحوا لي بابداء وجهة نظري :
1- ان تعدد الرؤى والشروح والتقييمات امر ملازم للعلم وهو يجليه ويطوره ويحسن من مستوى اداءه على الدوام اما الانقسام والتباين والتناحر فهو امر ينبع بالضرورة عن كل منظومة ايديولوجية شمولية، خصوصا مع تفاعلها في بيئات وبنى مختلفه ، حيث لابد وان تنتج مخرجات مغايره ، ومنذ تحولت الماركسية من علم " وهذا هو، كما ازعم ، مضمون قول ماركس بانه ليس ماركسي " الى ايديولوجيا، انبثق ، بضرورة لازبة عنها، منطق الفرقة الناجية، والملتزمة بحرفية الاقنوم ، والفرق الاخرى المنحرفة والضالة والتي سيكون مأواها جهنم وبئس المصير ! هذه ظاهرة تاريخية وعامة ولا نملك ازائها الكثير ففي كل بلدان العالم هناك الماركسي واللينيني و والتروتسكي والماوي والجيفاري.. الخ وكل يزعم انه الماركسي الحق الذي يتمثل روح الشريعة ! وهي ظاهرة يمكن قبولها والتعايش معها والفيصل في امرها هو الواقع وما يزكيه ويسنده منها وما يميته ويجعله طي النسيان . 2- تتعمق هذه الظاهرة وتصبح اكثر شمولا واوسع نطاقا ، في اطار التخلف الاجتماعي والمستوى الحضاري المتدني ، اذ يدخل التخلف وبناه الفكرية والاجتماعية ومنظوماته القيمية كعامل مساعد وصاعق قوي التاثير في تطويرها نحو مديات اوسع شمولا فتشهد هذه المجتمعات ، المتخلفة ، المزيد من التشضية والشللية والادعاء الفارغ والزيف على مستوى العمل السياسي ، وقد اشرت ايها العزيز ريزكار ، في دعوتك ، في اشارة واضحة عميقة المغزى الى ان احزاب اليسار ، بل الشيوعية العراقية ، الاربعة او الخمسة جميعا ، لاتختلف فيما بينها على ما هو ستراتيجي او نظري عميق وانما يدور محور خلافاتها حول ما هو تكتيكي واحيانا شللي وشخصاني ، ادعم وجهة نظرك هذه وازيد ،ان كل هذه التنظيمات تتفق على الادعاء انها الممثل الشرعي الوحيد للطبقة العاملة العراقية والحامل لغاياتها الانية والمستقبلية ، دون اي اساس واقعي يدعم هذا القول من وجود قاعدي او تحركات مطلبية او نضال يومي تشهد له الطبقه العامله ، وهي ، كلها ، حركات مثقفين وبرجوازيين صغار يستندون في تبرير ادعائهم بتمثيل الطبقة العاملة الى ايديولوجيا المستقبل او ما يعلنونه من تسمية شيوعية يعتقدون انها وحدها كافية لتحديد مضمونهم الطبقي استنادا الى التمييز الذي تضمنه "البيان الشيوعي"، في ظروف اخرى وسياق تاريخي مختلف !! وهذا الامر ، لا اجده يختلف كثيرا عن ادعاء البعث بانه طليعة الامة وممثل روحها او ادعاء احزاب الاسلام السياسي من انها ، على اختلافها ،تمثل جوهر الدعوة الاسلامية وروح الدين الحنيف ، في حين ان الاخرين ، ضالون مضلون ! لذلك فانني ارى ، وللاسف الشديد ، ان لا فرصة حقيقة امام آليات التحديث المقترحة من قبلكم ، ايها الرفيق العزيز ، لان الاعراض والامراض التي تقترحون مقاومتها وعلاجها عن طريق هذه الاليات تنبع ، عن البنية الاجتماعية ومستواها التاريخي ، بالضرورة ، وتحتاج الى زمن وتغيير تراكمي في هذه البنية لتزول ، فانت ترى ان هذه الممارسات ، جميعها ، ليست محصورة بالحزب الشيوعي العراقي او احزاب الشيوعية البديلة وانما هي تعم بتاثيرها جميع الاحزاب والقوى الموجودة في الساحة العراقية من اليسار الى اليمين ومن الشيوعيين الى القوميين ...فاحزاب الاسلام السياسي . مما يعني انها تنبع عن ظرف تاريخي ومستوى تطور اجتماعي معين .
3- تراكمت جراء ذلك مصالح شخصية وشللية معينه اسندتها قناعات متكلسة ، عبرت عن نفسها بالاكتفاء بالامارة ولو على الحجارة وعدم مد البصر الى ابعد من مستوى الاتباع الموالين دون قيد او شرط ، ولنا في مثالك عن قائمة " مدنيون " عبرة وخبرة ، اذ ينبغي لنا التساؤل عما املى ان يتحالف حزب كبير مع قوى مجهرية قد لايكون لها وجود الا على المستوى الفردي والشخصي ويعرض عن التحالف مع قوى اكبر وذات فاعلية اجدى ، غير ضمان موافقة الاوائل المطلقة والتخوف من استقلالية او مماحكة الاخرين ! اما التنظيمات الصغيرة ، فلا اخال ان امراءها السياسيين سيتخلون عن امتياز القيادة والتميز و"التنظير" لصالح الذوبان في هيكل سياسي كبير قد يكونون فيه مجرد جنود مجهولين !
4- ان ما طرحته آنفا ليس دعوة الى الياس والتشاؤم ،وانما تامل في خلفيات ومسببات اجتماعية لهذه التشضية في واقع اليسار اليوم . و دعوة الى توسيع اطار المبادرة الحوارية من مستوى منظمات وقوى اليسار فقط ليشمل جميع مكونات الطيف العلماني الديمقراطي الحداثي التنويري ولغرض بناء دولة المواطنة الديمقراطية العلمانية وتحديث المجتمع وبناءه على اساس الحقوق الديمقراطية ، اذ ان ضرورات الوجود المشترك والدفاع عن الحقوق الديمقراطية الاساسية ونهج الحداثة تملي على قوى هذا الطيف العمل المشترك وحشد الطاقات من اجل تاثير سياسي واضح ودور اكبر في مجريات الاحداث ، كما انه قمين بجر قطاعات اوسع من الشعب ، لاسباب لامجال لسردها الان تتعلق بتجربة اليسار نفسه وطبيعة تقويمها من قلبل قطاعات واسعة من الناس ،وهو امر لايتهيا مع حصر الدعوة بقوى اليسار والشيوعية فحسب .ويمكن لذلك ان يتجلى لاحقا في برنامج ديمقراطي عام او تيار او قائمة انتخابية . 5-اغتنم هذه الفرصة الحوارية لتاكيد دعوة.. قديمة ،جديدة ،اتوجه بها الى كل الاخوة والرفاق في فصائل اليسار والشيوعية مضمونها ان قوى اليسار والثورة والتغيير ، احرزت نجاحا ومدت جذورا ، حيثما واينما، اعادت قراءة النص في ضوء ووفق مقتضيات او معطيات ظرفها التاريخي الخاص وربطت عملها وصاغت سياساتها وممارستها مع مصالح ومطالب وآمال جماهير شعبها، الحقيقية وليست الموهومة او المتخيلة كما حصل في بعض دول العالم في اوروبا او اسيا او امريكا اللاتينية على وجه الخصوص ، وانها باءت بالخسران المبين وحصدت الفشل الذريع والتشتت والهامشية حيثما واينما حصل العكس . لقد كنت ، آمل ، وربما خامر الامل الكثيرين غيري، كذلك ،ان تنهض حركة يسارية جبارة ومتمكنة، بعد خروجنا من نفق او قمقم سنوات العذاب ، على اساس من النقد الذاتي الشجاع واعادة التقويم الموضوعي البّناء والجهد النظري المتميز ، ولا اعتقد ان هذا الامل قد خاب اليوم نهائيا ، فالفرصة سانحة وفي الميدان متسع والباب مفتوح امام ذلك كله ، اذ تنهض امام اليساريين والديمقراطيين والعلمانيين ودعاة العلم والتنوير مهمة جبارةتتمثل في السعي لبناء المجتمع الديمقراطي الحديث في ظل دولة المواطنة الحرة القائمة على حقوق الانسان الاساسية او على الاقل الدفاع عن قيم الديمقراطية والحداثة والعلمنه وحقوق الانسان وتجذيرها، ان ذلك يقتضي العودة الى درس انساني قديم جدا ...ولكنه اساسي وجوهري ، كما اعتقد ، "اعرف نفسك ... تعرف العالم ".. يتعين على قوى اليسار ومنظماته وزعاماته وافراده الاجابة على السؤال الجوهري " من انا .. وماذا اريد " الامر الذي لم تطرحه ايا منها ، على ما يبدو ، طوال تاريخها المفعم بالمآسي والتراجعات بسبب من ذلك ، واكتفت بدلا عنه بالكلائش الجاهزة والعبارات المحفوظة ... حينما اعرف من انا .. ساعرف ما اريد .. وساتملى الظرف الموضوعي جيدا واحسب القدرات الذاتية وما تستطيع، وساميز بين الفرقاء واحدد مع من اتحالف وضد من ولأي الغايات ...ان ذلك سيتطلب، بالطبع ، تاصيل جهد نظري وفكري دؤوب ومتواصل ولكنه سيفرز ثمارا طيبة وحقيقية، اذ لاشيء بلا ثمن ولا ثمر بلا مشقة .. وسيعوض عن عقود من الفشل والدوران حول ذات الساقية باعين معصوبة ! مع تقديري، ثانية لدعوتكم المخلصة وتمنياتي بالنجاح.
#عارف_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع السيد عصام الخفاجي في -ثورات الربيع العربي وآفاقها- اكبر
...
-
الانتهازية والسلطة في العراق ... من اجل فك الاقتران !(3)
-
الانتهازية والسلطة في العراق... من اجل فك الاقتران ! (2)
-
الانتهازية والسلطة في العراق... من اجل فك الاقتران ! (1)
-
الثورة الشعبية في سبعة ايام وبدون معلم !
-
محلل ... سياسي !!
-
ليلة زفاف - صمود مجيد - !
-
ماكنة الدعاية البعثية الغوبلزية ...هل هي سبب معاناة العراقيي
...
-
سرطان الفساد يهدد مستقبل ووجود العراق ... هل ثمة امل ؟ الجزء
...
-
دولة المواطنة ضمانة الشعوب ضد التمييز القومي والديني
-
سرطان الفساد يهدد مستقبل ووجود العراق ....هل ثمة امل ؟ .....
...
-
ثورات العرب ضد عيدي امين داده!
-
العراق ينتج السيارات وسيصدرها الى دول المنطقة! الضحك على الذ
...
-
ميكافيللي المسكين !
-
هادي المهدي... فزت ورب الكعبة!
-
هل سيزهر ربيع العرب؟
-
الحوار المتمدن..........عروة وثقى!
-
عندما يصبح البعثيون طليعة المقاومة الوطنية الساعية لتحرير ال
...
-
عندما يصبح البعثيون طليعة المقاومة الوطنية الساعية لتحرير ال
...
-
الشيوعيون بين منهجية وحذق اللينينية ... وشيمة وحماقة العربان
...
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|