|
انضمام العراق لمنظمة التجارة العالمية - بين الالتزامات الدولية والفوائد المتوقعة
سامي هاشم فالح الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 3725 - 2012 / 5 / 12 - 10:48
المحور:
الادارة و الاقتصاد
انضمام العراق لـمنظمة التجارة العالمية - بين الالتزامات الدولية والفوائد المتوقعة أزدادت الاصوات المطالبة بأنضمام العراق الى منظمة التجارة العالمية، كجزء من مرحلة تحوله الى النظام الرأسمالي وانفتاحه وايفاء التزامتاته تجاه المجتمع الدولي التي قطعها على نفسه بتوقيعه ميثاق العهد الدولي، ومن هنا أحب يمكن طرح هذا الموضوع بين اراء المعارضين والمؤيدين وكالآتي:
أولاً: التأصيل التاريخي لنشوء منظمة التجارة العالمية
تم التفكير بأنشاء منظمة التجارة العالمية بعد الحرب العالمية الثانية بغية ارساء قواعد جديدة للاقتصاد الدولي طبقاً لقواعد النظام الرأسمالي ومن ثم إعادة بناء التجارة الدولية، ولذلك فقد تم تحديد وظائف متعددة للمنظمة العالمية للتجارة في وثيقة تأسيسها ومن أهمها الآتي: 1. تحرير التجارة الدولية وحل المنازعات التجارية بين دول العالم المختلفة. 2. إزالة التشوهات التي تنتاب أنماط التجارة الدولية 3. تحقيق الاستقرار في النظام تجاري الدولي وتعميمه ليصبح نظاماً متعدد الاطراف أكثر انفتاحاً واستقراراً 4. معالجة المشاكل والتغلب على المعوقات التي تحد من حجم التجارة الدولية مثل التعرفيات الجمركية والقيود الكمية وقضايا التمييز السلعي ومشاكل الاتصالات وبناء الخدمات. 5. معالجة مواضيع الملكية الفكرية والاستثمار الدولي. 6. تهدف المنظمة الى المساعدة على ضمان تنمية منابع الثروة في العالم وتشجيع التنمية الاقتصاية.
وبأختصار، فأن المنظمة تسعى بالأساس الى تحرير التجارة الدولية وفتح الأسواق العالمية امام حركة السلع والخدمات دون قيود أو حمايات إلا بستثناءات محدودة للغاية، لأعطاء المجال للدول ذات القدرات الافضل في مجال أنتاج وعرض السلع وتوفير الخدمات بنوعيات متميزة وبكلف قليلة أمام المستهلك في دول العالم كافة.
ثانياً: أنضمام العراق الى منظمة التجارة العالمية يشغل موضوع أنضمام العراق الى منظمة التجارة العالمية حيزاً كبيراً من أهتمام الباحثين والمختصين، فضلاً عن صناع القرار والسياسيين، لما لهذا الموضوع من أهمية على المستوى الاقتصادي ولما له من أثر كبير في تحديد قدرات االعراق التنافسية في المستقبل وكذكل حجم علاقاته التجارية مع شركائه الدوليين. ويمكن أجمال الايجابيات والسلبيات المحتملة لانضمام العراق الى منظمة التجارة العالمية في النقاط الآتية: 1. الفوائد المتوقعة من أنضمام العراق الى منظمة التجارة الدولية في هذه المرحلة لقد التزم العراق مقدماً، بشكل غير مباشر، بالانضمام الى منظمة التجارة الدولية من خلال توقيعه على وثيقة العهد الدولي، ولذلك فمن المحتمل انه سيتحمل اعباءاً والتزامات اكثر عن اي تأخير في الانضمام الى المنظمة الدولية للتجارة لأن هنالك قيوداً قد تفرض على دخوله في عضوية هذه المنظمة في المستقبل، نظراً لكون اعضاء هذه المنظمة (153 بلداً) يسيطرون على ما يقارب 95% من مجمل التجارة الدولية. ومن المنصف بمكان أن تعد منظمة محفلاً أقتصادياً وسياسياً لا غنى عنه لاي دولة وخصوصاً لدولة مثل العراق، والذي من الممكن ان يزيد من المكاسب التي تتحقق من الانضمام للمنظمة وكذلك الاستفادة من الدعم الدولي الذي قد تقدمه بعض الدول الصناعية الكبرى. ويمكن توضيح الايجابيات المحتملة على مستوى الاقتصاد الوطني من خلال النقاط التالية: • تعاني بعض الصناعات الوطنية من المنافسة من نظيراتها الدول الاقرب ولاسيما التي تحصل على دعم من بلدانها وتباع باسعار اقل من اسعارها في بلدانها (سياسة الاغراق)، وعليه ووفقا لمبادئ (WTO) فأن مثل هذه الصناعات سوف تمنح دعم من خلال مكافحة الاغراق مما يعطيها فرصة لتحسين نوعية الانتاج ورفع مستواه. • ان تحرير تجارة الخدمات وتشجيع الاستثمارات الاجنبية سيؤدي الى تشجيع حركة الاستثمارات الاجنبية وتدفقها الى العراق بما ينعكس اهميته على العراق. • ان تطبيق اتفاقية الزراعة واحكامها سيؤدي الى ارتفاع اسعار السلع الزراعية المستوردة وسيدفع هذا الى زيادة انتاج بعض السلع من قبل الفلاحين علما ان الارتفاع بالاسعار سينعكس اثره على ارتفاع كلفة السلع الزراعية وبالتالي سوف يخفض حجم السلع المستوردة. • من الممكن ان يزداد الطلب على النفط الخام لزيادة الطلب على المنتجات البتروكيمياوية لان تحرير التجارة من شأنه ان يزيد النمو في الدول الصناعية المتقدمة. • ان التزام العراق بمبادئ حقوق الملكية الصناعية عند الانضمام للمنظمة سيكون سببا في نقل التقنية الحديثة الى العراق وتخفيض كلف الاستيرادات العراقية من الالات وطرق الانتاج الحديثة . • يمكن الاستفادة من مبدأ معاملة الدولة الاكثر رعاية عند الانضمام للمنظمة وهذا يدفع بالانتاج الوطني الى الاعلى لتوفر الاسواق الخارجية للمنتجات العراقية. وعموما يمكن ان نقول ان انضمام العراق سيكون اقل تكلفة في الوقت الراهن قياسا بالدول الاخرى لان العراق من اكثر الاقتصادات انفتاحا على التجارة الدولية وكذلك فان معدل التعرفة الكمركية بالعراق منخفض جدا بعد تطبيق العراق للرسوم الكمركية الموحدة والتي تبلغ 5%.
2. أسباب معارضة أنضمام العراق الى منظمة التجارة العالمية يعتقد البعض أن العراق غير مهياً أقتصادياً للأنضمام الى منظمة التجارة بسبب الوضع الاقتصادي الراهن، واعتماد الاقتصاد العراقي بعامة على تصدير النفط الخام كمصدر اساس للثروة والدخل في العراق، فضلاً عن غياب دور القطاع الخاص، وانخفاض مساهمة القطاعات الاقتصادية الاخرى مثل قطاعات صناعة والزراعة والخدمات في تكوين الناتج المحلي الاجمالي، وتضرر البنية التحتية للاقتصاد العراقي بشكل واضح بسبب الحروب، مما يعرض العراق الى مخاطر محتملة من خلال تكريس منظمة التجارة الدولية لنظام تقسيم العمل الدولي القائم على اساس التخصص والميزة النسبية، إذ تتخصص الدول الصناعية في انتاج وتصدير السلع الصناعية والتقنية عالية الاسعار، بينما تتخصص الدول النامية في تصدير المواد الاولية الذي واعتماده على السلع المستوردة وتصديره للمواد الخام فقط، ويمكن أجمال أهم الاثار السلبية المتوقعة من أنضمام العراق الى المنظمة الدولية في النقاط الاتية: • أن من أهم الآثار السلبية على العراق هو عدم تضمين النفط في اتفاقيات التجارة العالمية ومايترتب على ذلك من اثار اقتصادية كبيرة كون النفط المكون الاساس للناتج المحلي الاجمالي العراقي. • سيؤدي تنفيذ التزامات منظمة التجارة الى ارتفاع تكلفة برامج التنمية بشكل عام (ارتفاع استيراد التكنلوجيا وحقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع وغيرها(. • أن تنفيذ اتفاقيات (WTO) سيؤدي الى ارتفاع تكاليف الخدمات ( خدمات النقل والتأمين) وبما أن العراق قد انفتح بعد عام 2003 على العالم الخارجي بشكل كبير نظراً لتغير فلسفة الدولة من النظام الاشتراكي الى نظام السوق، فسيترتب عليه ارتفاع وزيادة الاعباء المالية في قطاع الخدمات، نظراً لانخفاض الميزة النسبية في هذا القطاع في العراق قياسا بالدول المتقدمة.
وفي الختام توصل الباحث الى المقترح الآتي: " يفضل بقاء العراق بصفة (عضو مراقب) في الوقت الحاضر حتى يحصل تقدم في القطاعات الاقتصادية الرائدة مثل القطاع الصناعي والقطاع الزراعي، مما يعطي ميزة تنافسية للاقتصاد العراقي بين شركائه في التجارة الدولية، الامر الذي يتحقق من خلال تظافر الجهود الحكومية في تمكين القطاع الخاص المحلي في الوصول الى مكانة رائدة في القطاعات الاقتصادية المختلفة فضلاً عن تحسين مناخ الاستثمار في العراق بغية جذب المزيد من الاستثمارات والتكنلوجيا المصاحبة لها لتطوير القطاعات الاقتصادية المختلفة".
#سامي_هاشم_فالح_الساعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قناة السويس: مؤشرات على عودة الاستقرار للبحر الأحمر
-
سوريا تلجأ لوسطاء لاستيراد النفط
-
مركز قطر للمال سجل أعلى نمو بعدد الشركات في 2024
-
كندا والمكسيك على موعد مع تعريفات ترامب غدا
-
سعر الغاز في أوروبا يتجاوز الـ 570 دولارا لكل ألف متر مكعب ل
...
-
تعزيز التعاون الاقتصادي بين سوريا وتركيا: من المستفيد؟
-
مسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية يترك منصبه بعد خلاف مع حلفا
...
-
الأردن.. الحكومة ترفع أسعار المحروقات
-
مصر تعلن عن فرص عمل لمواطنيها في الإمارات
-
هل ينجح ترامب بتحويل ولايته إلى -عصر ذهبي-؟
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|