أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منير شحود - سوريا أصبحت بلا ديون, فهل نتفاءل؟














المزيد.....

سوريا أصبحت بلا ديون, فهل نتفاءل؟


منير شحود

الحوار المتمدن-العدد: 1093 - 2005 / 1 / 29 - 09:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


عندما سمعت تصريح وزير الإعلام بأن سوريا ستكون الدولة الأولى بين الدول النامية غير المدينة لأحد, وذلك بمناسبة إلغاء الجزء الأكبر من الديون المستحقة لروسيا, كنت أزور مسقط رأسي في إحدى قرى جبال الساحل السوري, وكانت الريح الشرقية الباردة تعصف بالصمت والسكون. وما عدا القليل من القصور المتربعة على عروش تلك الجبال والهضاب, والعائدة لأولئك الذين "هبشوا" ثرواتهم في وضح النهار, وتحت سحب الشعارات الوطنية المعطاءة, مازالت هذه المناطق الريفية, مثلها مثل باقي الريف السوري, أو أحزمة الفقر حول المدن الكبيرة, تئن تحت وطأة الفقر, ويبحث قاطنوها عن لقمة العيش الكريمة بأي ثمن.
وحول المدفأة التي تحلَّقنا حولها, اعتبرت إحدى النساء نفسها محظوظة, لأنها وجدت عملا في أحد المشاغل الصغيرة بمرتب يعادل حوالي 50 دولار, رغم استمرار العمل من الصباح إلى المساء. ولا يمكنها الاحتجاج بالطبع؛ لأن أي كلمة ستعني الطرد من العمل, في الوقت الذي تقف فيه الكثيرات من النسوة على أبواب المشغل, طلبا لمثل هذه الفرصة الثمينة!. كما حدثني رجل آخر بأنه طرد من العمل في أحد معامل القطاع الخاص لصناعة الحديد دون أي تعويض, بعد أن عمل فيه عشر سنوات, وقد احتوت أوراق المباشرة بالعمل على تنازل شخصي عن التعويضات في حال التسريح من العمل. وتجدر الإشارة إلى أن قائمة ذلك الرأسمالي الوطني (هل أضع كلمة الوطني بين قوسين؟) كانت قد فازت في انتخابات غرفة تجارة مدينة طرطوس, رغم كل ما قيل حول تلك الانتخابات!. فأين أنت أيتها النقابات, وماذا تفعلين بحق الله؟!.
أما الحصول على وظيفة رسمية في مؤسسات الدولة, حيث لا يتجاوز المرتب فيها 100 دولار بالنسبة لهؤلاء, تعدُّ من الأحلام, وتحتاج إلى وساطات كبيرة, أو عمولات ورشاوى!. وتحدث آخرون عن ظروف العمل في لبنان على قلتها وصعوبتها, والتي تعدُّ من أفضل الفرص, وقد اعتادت عدة أجيال من أبناء المنطقة على العمل في لبنان. ولا ريب بأنهم كانوا ينظرون إليَّ كمحظوظ, غير عارفين بأن ما أتقاضاه, كأستاذ جامعي, لا يستحق منهم الأسف لحظة واحدة كونهم لم يكملوا تعليمهم للحصول على شهادة الدكتوراه!. ولا أخفيكم بأن هؤلاء المساكين كانوا مسرورين جدا لأن مياه الشرب وصلتهم أخيرا, مع أن مشروع جر المياه كان قد بدأ منذ أوائل الثمانينيات من القرن الماضي!.
تصريحات مسؤولينا تبعث على الاستغراب, وتتضمن جانبا واحدا من الحقيقة, لا أكثر؛ فما يهم إن كانت سورية غير مدينة, ونسبة الفقر والبطالة فيها هي على الحال التي يعرفها وزير الإعلام نفسه؟. وماذا ينفع سورية - الدولة الأولى غير المدينة, إذا كان ذلك لا ينعكس خيرا على أهلها, اللهم إلا ذلك الشعور بالكرامة الوطنية, والتي طالما استُغلت لإيهام السوريين بأنهم شعب محظوظ وعظيم, على أن يتركوا تدبير أحوالهم لسلطاتهم وحكوماتهم الرشيدة التي تفكر عنهم وتهتم بأحوالهم ليل نهار!. صحيح أن سورية أصبحت من الدول غير المدينة تقريبا, ولكن وزير الإعلام نسي أن يقول لنا بأن تلك الديون لم تكن تُسدَّد أصلا. ومن جهة ثانية, ما المانع إن استقرضت سورية قروضا, بشروط معقولة, من أجل مشاريع تعود بالفائدة على شعبها؟ وهل كل الدول المستقرضة ضحَّت باستقلالها لقاء ذلك؟.
أن تكون سورية كذلك, أي دولة غير مدينة, لهو من الأمور المستحبة, دينيا ودنيويا, بيد أن المكان الذي كنت فيه عند سماع تصريح السيد الوزير, وما رأيته ولمسته من جموع الباحثين عن عمل, مهما بلغت درجة الاستلاب فيه, جعلني أستغرب وأصاب بالإحباط. وزاد من إحباطي ما ذكروه على مسمعي من أن أحد أبناء القرية, الحاصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة دمشق, وربما كان من أصغر الذين حازوا على هذه الشهادة سنا على مستوى العالم, يقبع منزويا في أحد الأكواخ, تهربا من خدمة العَلَم!.
ولا يمكن لعاقل ألاَّ يتساءل عن السر في كون حكومة رشيدة لهذه الدرجة, وبمديونية صفرية تقريبا, وتعجز عن حل مشاكل العباد لهذه الدرجة, وينتشر الفقر في طول البلاد وعرضها, باستثناء طبقة من الرأسماليين الذين يهربون من كل منافسة, ويفرضون علينا بضائعهم السيئة بأغلى الأثمان, وقلة أخرى مستحدثة, لا يعلم إلا الله وحده حجم ثرواتها ومداخيلها؟. وأتمنى أن تتضمن إجابة وزير الإعلام الأسباب كلها, على ألاَّ تكون مقتضيات الصراع مع العدو الصهيوني في مقدمتها!.
وكان أحد المحللين - النجوم في ليلنا الحالك قد تفاخر بأن سوريا تأتي في المرتبة الثالثة عالميا بمستوى الأمن والأمان, وذلك بعد حدوث أحد الاختراقات الأمنية من قبل الموساد. هل يقصد المسؤولون, ومن في صفهم من المحللين, أن يدفعونا للتفاؤل من وراء إحصاءاتهم العالمية هذه؟. حسن, سأرسل نسخة من هذا المقال إلى إحدى صحفنا الغراء, فهل يتفضل وزير الإعلام ويوافق على نشره؟ أم أنه سيُرفَض, لأن ما تحدثت عنه هو من قبيل النقد اللاموضوعي!؟.



#منير_شحود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قوى وفعاليات سورية تداعت!
- زراعة الياسمين في بلاد واق الواق
- القضاء السوري بين العدالة والمشاركة في الجريمة
- كيف تنقلب الأماني المفوَّتة إلى تخوين وإفلاس
- صديقي الصيني -هوُ ياو ووو
- سوريا الحنونة بين أخذ ورد
- حراس فساد جدد بنكهة ستالينية - مكارثية
- دور الفرد في التاريخ من خلال النموذج الناصري
- اقتراحات لعلاج الشعب السوري من الخوف الأمني
- فوبيا المسيرات الجماهيرية
- نسمة من نسائم الحرية
- مظاهرة أم مسيرة...والله أعلم!
- السلطة والمعارضة والوحدة الوطنية ووحدة الشيوعيين
- ثقافة الكبت والعنف
- الموالاة والكفاءة والفساد
- هل ستنمو براعم الليبرالية في سوريا؟
- إيزو في الديمقراطية للبنان وسوريا
- العداء في السياسة, والعداء كسياسة
- تفاؤل استراتيجي وتشاؤم تكتيكي
- لا تتحقق السيادة إلا في ظل الديمقراطية


المزيد.....




- الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
- من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل ...
- التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي ...
- هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
- مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
- إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام ...
- الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية ...
- الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منير شحود - سوريا أصبحت بلا ديون, فهل نتفاءل؟