أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عزيز الدفاعي - أنا والزعيم) و ( ألملفه الشخصية) إسرار خطيرة عن حياه زعيم الفقراء!!!















المزيد.....



أنا والزعيم) و ( ألملفه الشخصية) إسرار خطيرة عن حياه زعيم الفقراء!!!


عزيز الدفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 3723 - 2012 / 5 / 10 - 14:28
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


(( أنا والزعيم) و ( ألملفه الشخصية) إسرار خطيرة عن حياه زعيم الفقراء!!!

د.عزيز الدفاعي

: لماذا غير الزعيم اسم أبيه ... وهل كان عاقا لوالديه؟؟
: الزعيم الزاهد يقترض من التجار اليهود في بغداد!!! والمحاكم تحجز على راتبه!!
:هل كان قاسم صنيعه المخابرات البريطانية!!
: من سرق ملف الزعيم من وزاره الدفاع؟؟
: محاولات اغتيال قاسم وأسباب رفضه للحماية؟؟




المصادفة وحدها هي التي جعلتني خلال الأيام الماضية اطلع على كتابين احدهما بطبعته الأولى والأخر عرض لأهم ماورد به من معلومات شخصيه وخطيرة لم يتسنى لي الاطلاع عليه كاملا .وكلاهما يكشفان إسرارا خطيرة عن حياه الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس وزراء العراق بين سنتي 1958 - 1963، رئيس تنظيم الضباط الأحرار الذي كان المرحوم رفعت الحاج سري اول من نادى به في فلسطين و الذي أسقط الحكم الملكي في العراق وأسس الجمهورية العراقية في 14 تموز يوليو 1958، وتم إعدامه في أعقاب انقلاب عسكري جرى يوم 8 شباط -فبراير الرابع عشر من رمضان عام 1963 قاده حزب البعث العربي الاشتراكي وعدد من الجنرالات القوميين بعد صراع قوي بين الشيوعيين والقوميين بدا منذ الأيام الأولى لسقوط النظام الملكي وشكل في حينها احد أسباب الإجهاض على تجربه الجمهورية الأولى في العراق سهل تنفيذ الانقلاب الدموي الذي دبرته المخابرات المركزية الامريكيه CIA .
وسبق لي إن تطرقت الى هذا الموضوع في كتابي ( دوله البعد الواحد) منشورات (دار الكتاب العربي ) اعتمادا على وثائق امريكيه كشف النقاب عنها قبل عشر سنوات وفقا لما ورد في كتاب (خطه الحرب على العراق ) لنعوم جومسكي وميلان راي.وكم تمنيت لو اتيح لي ان اطلع على هذين( الكنزين) من الرسائل والوثائق في كلا الكتابين لاغني بهما ما كتبته عن الزعيم قاسم رحمه الله في كتابي الذي صدر العام الماضي في بيروت.

فلازالت حياه الزعيم بأدق تفاصيلها تثير اهتمام الكتاب والساسة والباحثين العراقيين والقراء رغم مرور نصف قرن على رحيله إلى درجه رواجها بشكل يفوق أي كتاب يتناول سيره وحياه أي من قاده العراق في الماضي والحاضر بصوره ملفته للنظر لا تتعلق فقط بالنهاية الدراماتيكية للزعيم قاسم التي ربما لم تختلف عن المصير الدموي للكثير ممن حكموا بلاد الرافدين على مدى ألاف السنين من تاريخه وتبقى واحده من الطلاسم او( اللعنات) حسب تعبير الراحل عبد الرحمن منيف....
و لايمكن تبريرها فقط بتعلق الذاكرة العراقية بالقادة الذين قتلوا او اعدموا غدرا كنوع من جلد الذات او تأنيب الضمير او تقديس البطل الذي يقترب من الاسطوره أحيانا في ذاكره وطنيه نازفه... الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول طبيعة علاقة العراقيين بقادتهم على مر التاريخ والعوامل النفسية النابعة من تركيبه الشخصية العراقية المركبة وعلاقتها بالحكام واستحالة تكرار شخصيه الزعيم مستقبلا رغم وجود خلافات بشأنها لازالت تتفاعل حتى اليوم قد تغير من بعض الوان (بورتريت) الزعيم لكن تمثاله سيبقى شامخا في موضع إطلاق الرصاص الغادر عليه وسط بغداد والدليل هذان الكتابان اللذان يعتمدان أساسا على رسائل ووثائق تنشر لأول مره تكشف ما خفي من حياه أول قائد عراقي حكم العراق منذ الفتح الإسلامي رغم تناقض ما ورد في كلا الكتابين في كثير من التفاصيل التي وردت فيهما خاصة وان الكتاب الاول الذي كتبه احد المطلعين على حياه الزعيم شهادة شخصيه من موقع القريب من الإسرار و صانع القرار معزز بالرسائل الخطية والكتب السرية التي اختفى جزء منها ونشر المتبقي بتزكية من المرحوم ناجي طالب.
والأخر وثائق نهبت من وزاره الدفاع بعد احتلال بغداد عاصمة العباسيين للمرة الثالثة عشر في تاريخها عام 2003 .
الكتاب الأول أهداه لي مشكورا السيد انمار ألرفيعي وهو مذكرات والده المغفور له بإذن الله العقيد محسن الرفيعي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد الزعيم ( من نيسان- ابريل 1959-8شباط فبراير 1963م) والذي عرف الزعيم منذ عام 1938 – ولغاية إعدامه في 1963 وقام بإعداد الكتاب وتحريره الدكتور ستار الجابري وقدم له المرحوم رئيس الوزراء العراقي الأسبق ناجي طالب الذي يصف الرفيعي الذي كان ضمن الضباط الأحرار الذين قادوا حركه تموز1958 واحد أعضاء اللجنة العليا لها بأنه (أمين معتدل) ومن (عائله دينيه وطنيه في النجف الاشرف دفعته للالتحاق بالضباط الأحرار للتخلص من النفوذ الأجنبي) وتأتي أهميه هذه المذكرات ليس فقط من طبيعة صله الرجلين الرفيعي وقاسم وحسب وإنما لقرب الرفيعي من أهم الملفات السرية لأغلب ساسه العراق ولكونه مؤتمن على إسرار ألدوله وإسرار التنظيمات السياسية والملفات الخارجية إلى درجه ان ما تضمنته هذه المذكرات ينفي الكثير من المعلومات المتداولة عن حياه الزعيم وبعضها خطير جدا وبحاجه الى تصويب ومنها على سبيل المثال نفيه بان (الزعيم اصدر أوامره للواء حميد ألحصونه قائد ألفرقه الأولى باحتلال الكويت وان الأخير تلكأ في تنفيذ الأوامر ) مؤكدا ان قاسم أخفى أمر مطالبته بالكويت على الجميع.
إما الكتاب الأخر فهو للدكتور عماد عبد السلام رءوف الذي التقيته لأكثر من مره قبل أكثر من ربع قرن خلال عملي في( مركز البحوث والمعلومات) الذي ترأسه الصديق المرحوم الدكتور محسن خليل ومن ثم الدكتور عزمي ألصالحي في العديد مكن الندوات وخاصة خلال التحضير لندوه( التاريخ العسكري العربي )التي حضرها أهم القادة العسكريين والمفكرين العرب ومن بينهم القائد المصري المرحوم الفريق أول محمد فوزي احد مخططي وقاده العبور عام 1973 وافتتحها أنذالك وزير الدفاع الفريق الركن عدنان خير الله وكان في حينها على خلاف مع والده ولم يكلم احدهما الأخر طوال إعمال الندوة !!. وعرف عن الدكتور رءوف دقته العلمية وموضوعيته في دراسة إحداث التاريخ وتحليلها ويعد من ابرز الأكاديميين العراقيين المعاصرين في التاريخ.
وعنوان الكتاب هو «الملفة الشخصية للواء الركن عبد الكريم قاسم» الصادر عن مؤسسة جين( الحياة ) لإحياء التراث الوثائقي والصحفي الكردي في السليمانية ، الذي يكشف لأول مره نحو 200 وثيقة مصدرها وزارة الدفاع العراقية تمثل «أسراراً» عن حياة الزعيم وتفاصيل غير معروفة عن حياته الشخصية بعضها خطير جدا وتثير تساؤلات مربكه أحيانا .
غير ان ما يستوقف الباحث قبل تصفح هذه الوثائق ما يشير اليه الكاتب رءوف حول مصدر هذه الوثائق وكيف وصلت الى هذه المؤسسة التي كلفت الكاتب بعرضها با لاشاره الى انها (كانت محفوظة في أرشيف وزارة الدفاع العراقية تحت التسلسل 1062 وتحتوي على نحو 200 وثيقة رسمية قبل أن( تتداولها الأيدي)! بعد سنة 2003 وتصل إلى هذه المؤسسة الخاصة في كردستان !!!

هذا يعني ان عبارة (تتداولها الأيدي) لها معنى واحد فقط وهو أنها سرقت من أرشيف وزاره الدفاع بعد دخول القوات الامريكيه لبغداد في 9 نيسان 2003 أي أنها لم تسلم رسميا الى المركز الوطني لحفظ الوثائق او غيره من الجهات الرسمية او وزاره الدفاع الجديدة ولم يحصل عليها الكاتب مباشره من مصدرها الرسمي للتأكد تماما من شرعيتها وان احتمال إخفاء بعضها (وفبركه) أخرى أمر غير مستبعد.. رغم معرفتي بان الجهات العليا في العراق قد شكلت في منتصف ثمانينيات القرن الماضي لجنه للتدقيق في ما نشر عن 14 تموز 1958 وقادتها وشخصياتها البارزة وبعضهم كان على قيد الحياة وأدلى بشهادته للتاريخ ووضع تحت تصرفهم الأرشيف الرسمي عن اغلب قادتها وإحداثها وخاصة ما كان في مقر الاستخبارات العسكرية و(الاظابير) الشخصية لقادتها وفي مقدمتهم الزعيم قاسم ولم يشر أي من هؤلاء الى هذه ألملفه الشخصية للزعيم قاسم التي اعتمد عليها هذا الكتاب والله اعلم.
وقد اجتمعت اللجنة لأكثر من مره في مبنى( دار افاق عربيه) الذي كان يترأسه الدكتور محسن الموسوي شقيق الراحل عزيز السيد جاسم في الندوة التي عرفت( ذاكره التاريخ) خاصة ان ملابسات حياه وإعدام رئيس وزراء العراق الأسبق بقيت ذات صدى رسمي لم يتوقف ومتابعه عائليه في أروقه المحاكم من قبل ورثته لغاية عام 1978 عندما سويت معاملة رواتبه التقاعدية بصورة نهائية. مع ثقتنا بما كتبه الدكتور رءوف و أن الكتاب يتضمن «تقديماً دقيقاً للوثائق كما هي ودون أي تغيير أو تدخل أو إقحام من قبلي خدمة للحقيقة والتاريخ» وبالتالي فهو لا يتحمل أي مسؤولية سوى التأكد من صحة هذه الوثائق.

ان من بين الإسرار التي ربما لم اطلع عليها ولم أجدها في العديد من الكتب والمقالات عن حياه الزعيم التي يكشفها الكتاب لاول مره وربما لم اطلع عليها شخصيا أن الشاب عبد الكريم «غير أسم والده من جاسم محمد البكر في وثائقه إلى قاسم، في وقت مبكر من حياته، وربما قبل دخوله المدرسة العسكرية الملكية بتاريخ 14 أيلول 1932) و لا يجد المرء مبررا منطقيا لهذا التغيير في اسم ابيه فهو ليس من الأسماء النشاز التي كان يسمي بها العراقيون أبناءهم لاعتقادهم بأنها تضمن لهم العيش خاصة وان العديد من القبائل العربية تلفظ حرف(القاف) بدلا عن حرف (الجيم) فينادون قاسم بجاسم.

لكن الأمر الأخر الذي قد يثير الريبة هو نشر الكتاب وثيقة تظهر ان والد الزعيم اضطر لفقره الشديد، إلى رفع دعوى قضائية ضده، بعد أن تخرج من المدرسة برتبه ملازم ثان، مطالباً إياه بنفقة شهرية تعينه على متطلبات الحياة»، و أن المحكمة «حكمت لصالح الأب بمبلغ أربعة دنانير وستمائة فلس كنفقة شرعية شهرية تستقطع من راتب قاسم) وهو أمر يتناقض تماما مع ما عرف عن أخلاقيه الزعيم وتدينه وورعه ورأفته بالفقراء خاصة فكيف بابيه وفق ما يؤكده اقرب الناس اليه في مجتمع محافظ لايلجا فيه الى المحاكم لتسويه الأمور العائلية الا قله من الناس الذين تثار حول سلوكهم الاجتماعي علامات مريبة خاصة ان قاسم قضى حياته زاهدا في الدنيا محافظا على العبادة والتقرب من الله منذ طفولته ولو كان من المفتونين بالمال والدنيا لاستغل منصبه بعد ان أصبح رجل العراق الأول للتعويض عما حرم منه على غرار ما يحدث اليوم بين ساسه ألحقبه الجديدة ولتنكر لاسرته التي كان يرعى فيها أبناء أشقاءه.

ان الادعاء بان الرجل لم يكن بارا بوالديه وان والده تقدم الى المحكمة بشكوى ضده يناقض كل ما كتب عن شخصيه والديه وسيره قاسم وتدينه ولم يذكر مثل هذا الأمر أشقاءه حامد وعبد اللطيف( النائب ضابط في القوه الجويه ) وهو دليل على نبل منبته العائلي حيث يشير المرحوم محسن الرفيعي في كتابه( ان حامد شقيق الزعيم كان يعمل مع عبد الهادي الجلبي قبل الثورة في مجال الحبوب وقد ائتمنه وأمده برأس مال ليعمل في استيراد وتصدير الحبوب) أي ان العائله لم تكن معدمه وان الزعيم كان سخي اليد مع أصدقاءه الضباط الى( درجه أحرجتهم مما دفعهم عن الإحجام عن الذهاب معه) ويضيف( انه إعطاني مبلغ 500 دينار من ماله الخاص لإيصاله الى ألسيده ثريا الشنطي التي كانت ترقد في مستشفى ببيروت بسبب إصابتها بالسرطان إكراما لزوجها الذي تعرف عليه خلال حرب فلسطين).
قاسم وكما يؤكد الجميع كان كريما بمعنى ألكلمه وانفق كل ما لديه بصمت لفعل الخير( وسكن بمشتمل مستأجر من دائرة الأموال المجمدة حتى وفاته) ولم يعثر في جيبه سوى( على دينار واحد ومائتي فلس ) حسب تقرير اللجنة الحكومية المكلفة بالتحري عن ثروته بعد 8 شباط 1963 وانه كان شديد الإيمان ويتصدق على روح ابيه و والدته التي دفنت في النجف قبل عام واشرف على دفنها السيد جليل الرفيعي الذي أهدته أسره الزعيم لاحقا دار اشترتها من المرحوم محسن الرفيعي بمبلغ 4000 دينار وان علاقته بأسرته كانت متينة جدا .
فمثلا يورد الرفيعي في مذكراته حادثه اغتيال الزعيم في ساحة الغريري ( والتي أعقبتها محاولتين لتصفيته احدهما في الصويره والأخرى في السفارة الايرانيه حسب مذكرات مدير الاستخبارات العسكرية) يقول توجهت الى مستشفى السلام ولدى دخولي على الزعيم قال لي ( هل رأيت السيارة التي كنت استقلها عند المحاولة ومقدار الرصاص التي أصيبت بها فأجبته نعم فقال أتذكر ما قلت ليك يامحسن عندما طلبت مني الموافقة على بعض الحراس لمرافقتي فقلت لك في حينه ان الله هو خير حافظ ) هل يعقل بعد هذا الموقف الذي يدل على عمق الإيمان بالله ان يكون الزعيم عاقا لابيه وان يصل الأمر بينهما للمحاكم من اجل أربعه دنانير شهريا ؟؟

هذه الحقيقة تتقاطع مع ما أورده الدكتور رءوف من وثائق تشير ان الأزمة المالية كانت «تضطر قاسم إلى الاستدانة المستمرة من أشخاص مختلفين من خارج الجيش، بينهم تجار يهود وآخرون لم تحدد هوياتهم، وأنه كان يعجز أحياناً عن تسديد ما بذمته من أموال، أو يرفض تسديدها لسبب غير مفهوم، فيضطر لمواجهة دعاواهم لتحصيل ديونهم) وهنا يجد المرء ان من الصعب عليه تقبل بعض الأمور حتى لو وردت في أي نص يتعارض مع الواقع وشهادات المقربين من الزعيم فهو لم يكن متزوجا وليس لديه التزامات اخرى ولم يكن من أصحاب حياه الليل او المسرفين وكان راتب الضباط يعد من الرواتب الجيدة آنذاك .
ان الوثائق في هذا الكتاب تكشف عن «الضائقة المالية المزمنة والمستديمة التي كانت تلاحق عبد الكريم قاسم، على الرغم من كونه ظل أعزبا طيلة حياته، وأنه كان يقيم في القسم الأول من حياته في دار الضباط، التي لم تكن تتطلب إلا أجوراً رمزية» فلماذا يضطر الزعيم إذن للاقتراض وهو ما لم يذكره أي من أصدقاءه المقربين في الجيش الذين يؤكدون ان ما كان بيد الزعيم من أموال كان يمنحه بسخاء لغيره حتى اخر لحظه من حياته حسب ما يرد من تفاصيل دقيقه عن حياه الزعيم الخاصة في مذكرات الرفيعي الذي كان مطلعا على ادق اسرارحياته.
ثم ما علاقته بالتجار اليهود (الذين يقيمون عليه الدعاوى في المحاكم )؟؟؟؟وكأننا لسنا إمام مشروع قائد عسكري يستعد بعد عودته من كفر قاسم عام 1948 وجرح خيانة النظام العربي للأرض ألمقدسه ينزف في ضميره لإسقاط النظام الملكي بل أمام شخصيه( تمرغت بالهموم والديون وأروقه المحاكم) وفي هذا ما يناقض الحقيقة ومواقف الزعيم وبطولاته حتى آخر لحظه وهو يواجه الإعدام والله اعلم .
يشير كتاب الدكتور رءوف الى موضوع اخر يعاكس تماما طبيعة الزعيم وما ذكره أصدقاءه من الضباط وهو( كثرة ما كان يحصل عليه الزعيم من إجازات مرضية من مستشفى الرشيد العسكري، ومن المستشفى الملكي أحياناً) لكنه في موضع أخر يشير الى أن الوثائق «لم تحدد أسباب طلب قاسم المتكرر منحه إجازات اعتيادية» وكما هو معروف فان عدد أيام الإجازات العسكرية محدد ولابد من كتابه مبررات لها فأين اختفت المبررات في هذه الطلبات؟؟؟ وبحسب ما عرف عن الزعيم فانه كان في حاله صحية جيده ولم يكن يعاني سوى من التهاب الجيوب الأنفية، و الأمر الغريب هنا أن هذه الوثائق تكشف ان الزعيم «لم يكن يقضي تلك الإجازات، التي كانت تمتد من يوم واحد إلى أربعة أشهر كاملة، وسط أسرته في الصورية إنما في بغداد والموصل، أو خارج العراق لاسيما في بريطانيا( !!!!
ان الانطباع الاول الذي توحي به هذه الوثيقة ان الزعيم كان مراوغا وغير منضبط ويسعى وراء الإجازات للتهرب من الواجب وان علاقته بوالديه وأشقاءه كانت شبه مقطوعة لأنه لا يعود لأسرته في فتره الاجازه كما هي العادة خاصة انه لم يتزوج حسب هذه الوثائق!!!! ثم لا ندري كيف لشخص يلاحقه الدائنون ان يجد المال الكافي ليقضي إجازاته بين بغداد والموصل ولندن؟ وفي هذا التناقض ما يثير الريبة ويكون مبعثا على الشك.

ولعل اخطر وثيقه يكشفها هذا الكتاب هي «اختفاء قاسم عن الأنظار خلال سفرته إلى بريطانيا في عام1947 بعد أربعة أشهر من انتهاء إجازته المفترض في الخامس من نيسان »، دون ان يبلغ السفارة العراقية ، أو الملحقة العسكرية في لندن ،اللتان نفتا علمهما بوصوله او مكان تواجده. وانه بعد اكثر من شهرين من ذلك التاريخ تقدم بعريضة يخبر من خلالها وزاره الدفاع أنه يرقد في إحدى مستشفيات لندن للعلاج على نفقته الخاصة، دون أن يحدد تاريخ دخوله المستشفى وما إذا كان العلاج يتطلب ذلك الوقت كله .
لا أظن ان أي كاتب عن سيره الزعيم قد تطرق الى هذا الأمر من قبل حسب اطلاعي فما الذي يعمله الضابط (المفلس) في لندن طوال ربعه أشهر في فتره كان الصراع العسكري فيها بين الجيوش العربية والاسرائياليين مدويا والكل يعلم حماس الزعيم وبطولته وتهوره في تلك الحرب هل يطرح الأمر احتمال اتصال جهاز المخابرات البريطاني بالزعيم وترتيب لقاءات سريه معه للتهيئة لمرحله قادمة في( ربيع الانقلابات) في المنطقة العربية الذي بدا بازاحه فاروق وتسلم الضباط الأحرار في مصر في 23 يوليو 1952 وفق ما يذكره مايلز في كتابه( لعبه الامم) الذي ينعته هيكل (بالنصاب الكاذب )خاصة وان لندن كانت تبحث عن بديل عن نوري السعيد من داخل المؤسسة العسكرية العراقية نفسها خشيه من وصول الشيوعيين حلفاء موسكو والصين للسلطة في العراق؟؟؟
الرفيعي في مذكراته يشير الى ان البريطانيين كانوا على علم بتنظيم الضباط الأحرار وحتى موعد تنفيذ حركه 14 تموز1958 ويذكر حادثه ذات أهميه كبيره يقول: كنت في نادي القوه الجوية في الحبانيه مع عارف عبد الرزاق وانظم ألينا احد الضبط البريطانيين وقال بدون مقدمات( ان نوري السعيد قد تقدم به العمر وهو غير محبوب من الشعب العراقي فهل لكما رأي فيمن يقوم مقامه لو مات او تم تغييره فقلنا له نحن ضباط في الجيش العراقي ولا يحق لنا العمل بالسياسة حينئذ قال ما رأيكما بان يحل محله قائد الفرقة الثالثة اللواء غازي الداغستاني ) ؟
ويشير المرحوم محسن ألرفيعي ان عارف عبد الرزاق اخبره لاحقا ان ضابط طيار بريطاني أخر أعاد عليه نفس السوال في قاعدة الحبانيه مشيرا الى ان الداغستاني وعند التحقيق معه بعد الرابع عشر من تموز 1958 ظهر انه كان يعمل ويخطط للاطاحه بالنظام الملكي ولديه مخطط متكامل لذلك فهل أراد البريطانيون إبعاد الأنظار عن الزعيم قاسم من خلال إشغال المخابرات الملكية بالداغستاني عبر تسريب مثل هذه المعلومة في صفوف ضباط الجيش؟؟؟

مذكرات المرحوم العقيد محسن ألرفيعي المليئة بالإسرار الشيقة عن علاقة الزعيم بعارف والشيوعيين والقوميين في العراق وانفراط حبل الود معهم و واسرار موقف رئيس وزراء أول جمهوريه في العراق من الأكراد وبملا مصطفى لبرزاني الذي لم يكن الزعيم يثق به وشرحه لأسباب فشل الثورة والعلاقات مع الكويت وإيران وسوريا وعبد الناصر تمثل متعه في القراءة وقيمه بحثيه لاتقل عن كتاب الدكتور عماد رءوف ويعدان أضافه متميزة لمكتبه الزعيم الشهيد قاسم لان ما جاء في صفحاتهما يخرج للضوء حقائق جديدة بغض النظر عن مواقفنا الشخصية وما ترسخ عن شخصيه الزعيم في اذهاننا من صوره نحن اليها لصوفيتها وإخلاصها وعفتها في زمن السقوط والفساد والنهب فدراسة التاريخ إنما تسعى دوما لكشف غوامض المقدمات والنتائج وتدفعنا دائما للبحث عن الأسباب حسب رؤية توم كريك.

بوخارست
[email protected]


د.عزيز الدفاعي

: لماذا غير الزعيم اسم أبيه ... وهل كان عاقا لوالديه؟؟
: الزعيم الزاهد يقترض من التجار اليهود في بغداد!!! والمحاكم تحجز على راتبه!!
:هل كان قاسم صنيعه المخابرات البريطانية!!
: من سرق ملف الزعيم من وزاره الدفاع؟؟
: محاولات اغتيال قاسم وأسباب رفضه للحماية؟؟




المصادفة وحدها هي التي جعلتني خلال الأيام الماضية اطلع على كتابين احدهما بطبعته الأولى والأخر عرض لأهم ماورد به من معلومات شخصيه وخطيرة لم يتسنى لي الاطلاع عليه كاملا .وكلاهما يكشفان إسرارا خطيرة عن حياه الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس وزراء العراق بين سنتي 1958 - 1963، رئيس تنظيم الضباط الأحرار الذي كان المرحوم رفعت الحاج سري اول من نادى به في فلسطين و الذي أسقط الحكم الملكي في العراق وأسس الجمهورية العراقية في 14 تموز يوليو 1958، وتم إعدامه في أعقاب انقلاب عسكري جرى يوم 8 شباط -فبراير الرابع عشر من رمضان عام 1963 قاده حزب البعث العربي الاشتراكي وعدد من الجنرالات القوميين بعد صراع قوي بين الشيوعيين والقوميين بدا منذ الأيام الأولى لسقوط النظام الملكي وشكل في حينها احد أسباب الإجهاض على تجربه الجمهورية الأولى في العراق سهل تنفيذ الانقلاب الدموي الذي دبرته المخابرات المركزية الامريكيه CIA .
وسبق لي إن تطرقت الى هذا الموضوع في كتابي ( دوله البعد الواحد) منشورات (دار الكتاب العربي ) اعتمادا على وثائق امريكيه كشف النقاب عنها قبل عشر سنوات وفقا لما ورد في كتاب (خطه الحرب على العراق ) لنعوم جومسكي وميلان راي.وكم تمنيت لو اتيح لي ان اطلع على هذين( الكنزين) من الرسائل والوثائق في كلا الكتابين لاغني بهما ما كتبته عن الزعيم قاسم رحمه الله في كتابي الذي صدر العام الماضي في بيروت.

فلازالت حياه الزعيم بأدق تفاصيلها تثير اهتمام الكتاب والساسة والباحثين العراقيين والقراء رغم مرور نصف قرن على رحيله إلى درجه رواجها بشكل يفوق أي كتاب يتناول سيره وحياه أي من قاده العراق في الماضي والحاضر بصوره ملفته للنظر لا تتعلق فقط بالنهاية الدراماتيكية للزعيم قاسم التي ربما لم تختلف عن المصير الدموي للكثير ممن حكموا بلاد الرافدين على مدى ألاف السنين من تاريخه وتبقى واحده من الطلاسم او( اللعنات) حسب تعبير الراحل عبد الرحمن منيف....
و لايمكن تبريرها فقط بتعلق الذاكرة العراقية بالقادة الذين قتلوا او اعدموا غدرا كنوع من جلد الذات او تأنيب الضمير او تقديس البطل الذي يقترب من الاسطوره أحيانا في ذاكره وطنيه نازفه... الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول طبيعة علاقة العراقيين بقادتهم على مر التاريخ والعوامل النفسية النابعة من تركيبه الشخصية العراقية المركبة وعلاقتها بالحكام واستحالة تكرار شخصيه الزعيم مستقبلا رغم وجود خلافات بشأنها لازالت تتفاعل حتى اليوم قد تغير من بعض الوان (بورتريت) الزعيم لكن تمثاله سيبقى شامخا في موضع إطلاق الرصاص الغادر عليه وسط بغداد والدليل هذان الكتابان اللذان يعتمدان أساسا على رسائل ووثائق تنشر لأول مره تكشف ما خفي من حياه أول قائد عراقي حكم العراق منذ الفتح الإسلامي رغم تناقض ما ورد في كلا الكتابين في كثير من التفاصيل التي وردت فيهما خاصة وان الكتاب الاول الذي كتبه احد المطلعين على حياه الزعيم شهادة شخصيه من موقع القريب من الإسرار و صانع القرار معزز بالرسائل الخطية والكتب السرية التي اختفى جزء منها ونشر المتبقي بتزكية من المرحوم ناجي طالب.
والأخر وثائق نهبت من وزاره الدفاع بعد احتلال بغداد عاصمة العباسيين للمرة الثالثة عشر في تاريخها عام 2003 .
الكتاب الأول أهداه لي مشكورا السيد انمار ألرفيعي وهو مذكرات والده المغفور له بإذن الله العقيد محسن الرفيعي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد الزعيم ( من نيسان- ابريل 1959-8شباط فبراير 1963م) والذي عرف الزعيم منذ عام 1938 – ولغاية إعدامه في 1963 وقام بإعداد الكتاب وتحريره الدكتور ستار الجابري وقدم له المرحوم رئيس الوزراء العراقي الأسبق ناجي طالب الذي يصف الرفيعي الذي كان ضمن الضباط الأحرار الذين قادوا حركه تموز1958 واحد أعضاء اللجنة العليا لها بأنه (أمين معتدل) ومن (عائله دينيه وطنيه في النجف الاشرف دفعته للالتحاق بالضباط الأحرار للتخلص من النفوذ الأجنبي) وتأتي أهميه هذه المذكرات ليس فقط من طبيعة صله الرجلين الرفيعي وقاسم وحسب وإنما لقرب الرفيعي من أهم الملفات السرية لأغلب ساسه العراق ولكونه مؤتمن على إسرار ألدوله وإسرار التنظيمات السياسية والملفات الخارجية إلى درجه ان ما تضمنته هذه المذكرات ينفي الكثير من المعلومات المتداولة عن حياه الزعيم وبعضها خطير جدا وبحاجه الى تصويب ومنها على سبيل المثال نفيه بان (الزعيم اصدر أوامره للواء حميد ألحصونه قائد ألفرقه الأولى باحتلال الكويت وان الأخير تلكأ في تنفيذ الأوامر ) مؤكدا ان قاسم أخفى أمر مطالبته بالكويت على الجميع.
إما الكتاب الأخر فهو للدكتور عماد عبد السلام رءوف الذي التقيته لأكثر من مره قبل أكثر من ربع قرن خلال عملي في( مركز البحوث والمعلومات) الذي ترأسه الصديق المرحوم الدكتور محسن خليل ومن ثم الدكتور عزمي ألصالحي في العديد مكن الندوات وخاصة خلال التحضير لندوه( التاريخ العسكري العربي )التي حضرها أهم القادة العسكريين والمفكرين العرب ومن بينهم القائد المصري المرحوم الفريق أول محمد فوزي احد مخططي وقاده العبور عام 1973 وافتتحها أنذالك وزير الدفاع الفريق الركن عدنان خير الله وكان في حينها على خلاف مع والده ولم يكلم احدهما الأخر طوال إعمال الندوة !!. وعرف عن الدكتور رءوف دقته العلمية وموضوعيته في دراسة إحداث التاريخ وتحليلها ويعد من ابرز الأكاديميين العراقيين المعاصرين في التاريخ.
وعنوان الكتاب هو «الملفة الشخصية للواء الركن عبد الكريم قاسم» الصادر عن مؤسسة جين( الحياة ) لإحياء التراث الوثائقي والصحفي الكردي في السليمانية ، الذي يكشف لأول مره نحو 200 وثيقة مصدرها وزارة الدفاع العراقية تمثل «أسراراً» عن حياة الزعيم وتفاصيل غير معروفة عن حياته الشخصية بعضها خطير جدا وتثير تساؤلات مربكه أحيانا .
غير ان ما يستوقف الباحث قبل تصفح هذه الوثائق ما يشير اليه الكاتب رءوف حول مصدر هذه الوثائق وكيف وصلت الى هذه المؤسسة التي كلفت الكاتب بعرضها با لاشاره الى انها (كانت محفوظة في أرشيف وزارة الدفاع العراقية تحت التسلسل 1062 وتحتوي على نحو 200 وثيقة رسمية قبل أن( تتداولها الأيدي)! بعد سنة 2003 وتصل إلى هذه المؤسسة الخاصة في كردستان !!!

هذا يعني ان عبارة (تتداولها الأيدي) لها معنى واحد فقط وهو أنها سرقت من أرشيف وزاره الدفاع بعد دخول القوات الامريكيه لبغداد في 9 نيسان 2003 أي أنها لم تسلم رسميا الى المركز الوطني لحفظ الوثائق او غيره من الجهات الرسمية او وزاره الدفاع الجديدة ولم يحصل عليها الكاتب مباشره من مصدرها الرسمي للتأكد تماما من شرعيتها وان احتمال إخفاء بعضها (وفبركه) أخرى أمر غير مستبعد.. رغم معرفتي بان الجهات العليا في العراق قد شكلت في منتصف ثمانينيات القرن الماضي لجنه للتدقيق في ما نشر عن 14 تموز 1958 وقادتها وشخصياتها البارزة وبعضهم كان على قيد الحياة وأدلى بشهادته للتاريخ ووضع تحت تصرفهم الأرشيف الرسمي عن اغلب قادتها وإحداثها وخاصة ما كان في مقر الاستخبارات العسكرية و(الاظابير) الشخصية لقادتها وفي مقدمتهم الزعيم قاسم ولم يشر أي من هؤلاء الى هذه ألملفه الشخصية للزعيم قاسم التي اعتمد عليها هذا الكتاب والله اعلم.
وقد اجتمعت اللجنة لأكثر من مره في مبنى( دار افاق عربيه) الذي كان يترأسه الدكتور محسن الموسوي شقيق الراحل عزيز السيد جاسم في الندوة التي عرفت( ذاكره التاريخ) خاصة ان ملابسات حياه وإعدام رئيس وزراء العراق الأسبق بقيت ذات صدى رسمي لم يتوقف ومتابعه عائليه في أروقه المحاكم من قبل ورثته لغاية عام 1978 عندما سويت معاملة رواتبه التقاعدية بصورة نهائية. مع ثقتنا بما كتبه الدكتور رءوف و أن الكتاب يتضمن «تقديماً دقيقاً للوثائق كما هي ودون أي تغيير أو تدخل أو إقحام من قبلي خدمة للحقيقة والتاريخ» وبالتالي فهو لا يتحمل أي مسؤولية سوى التأكد من صحة هذه الوثائق.

ان من بين الإسرار التي ربما لم اطلع عليها ولم أجدها في العديد من الكتب والمقالات عن حياه الزعيم التي يكشفها الكتاب لاول مره وربما لم اطلع عليها شخصيا أن الشاب عبد الكريم «غير أسم والده من جاسم محمد البكر في وثائقه إلى قاسم، في وقت مبكر من حياته، وربما قبل دخوله المدرسة العسكرية الملكية بتاريخ 14 أيلول 1932) و لا يجد المرء مبررا منطقيا لهذا التغيير في اسم ابيه فهو ليس من الأسماء النشاز التي كان يسمي بها العراقيون أبناءهم لاعتقادهم بأنها تضمن لهم العيش خاصة وان العديد من القبائل العربية تلفظ حرف(القاف) بدلا عن حرف (الجيم) فينادون قاسم بجاسم.

لكن الأمر الأخر الذي قد يثير الريبة هو نشر الكتاب وثيقة تظهر ان والد الزعيم اضطر لفقره الشديد، إلى رفع دعوى قضائية ضده، بعد أن تخرج من المدرسة برتبه ملازم ثان، مطالباً إياه بنفقة شهرية تعينه على متطلبات الحياة»، و أن المحكمة «حكمت لصالح الأب بمبلغ أربعة دنانير وستمائة فلس كنفقة شرعية شهرية تستقطع من راتب قاسم) وهو أمر يتناقض تماما مع ما عرف عن أخلاقيه الزعيم وتدينه وورعه ورأفته بالفقراء خاصة فكيف بابيه وفق ما يؤكده اقرب الناس اليه في مجتمع محافظ لايلجا فيه الى المحاكم لتسويه الأمور العائلية الا قله من الناس الذين تثار حول سلوكهم الاجتماعي علامات مريبة خاصة ان قاسم قضى حياته زاهدا في الدنيا محافظا على العبادة والتقرب من الله منذ طفولته ولو كان من المفتونين بالمال والدنيا لاستغل منصبه بعد ان أصبح رجل العراق الأول للتعويض عما حرم منه على غرار ما يحدث اليوم بين ساسه ألحقبه الجديدة ولتنكر لاسرته التي كان يرعى فيها أبناء أشقاءه.

ان الادعاء بان الرجل لم يكن بارا بوالديه وان والده تقدم الى المحكمة بشكوى ضده يناقض كل ما كتب عن شخصيه والديه وسيره قاسم وتدينه ولم يذكر مثل هذا الأمر أشقاءه حامد وعبد اللطيف( النائب ضابط في القوه الجويه ) وهو دليل على نبل منبته العائلي حيث يشير المرحوم محسن الرفيعي في كتابه( ان حامد شقيق الزعيم كان يعمل مع عبد الهادي الجلبي قبل الثورة في مجال الحبوب وقد ائتمنه وأمده برأس مال ليعمل في استيراد وتصدير الحبوب) أي ان العائله لم تكن معدمه وان الزعيم كان سخي اليد مع أصدقاءه الضباط الى( درجه أحرجتهم مما دفعهم عن الإحجام عن الذهاب معه) ويضيف( انه إعطاني مبلغ 500 دينار من ماله الخاص لإيصاله الى ألسيده ثريا الشنطي التي كانت ترقد في مستشفى ببيروت بسبب إصابتها بالسرطان إكراما لزوجها الذي تعرف عليه خلال حرب فلسطين).
قاسم وكما يؤكد الجميع كان كريما بمعنى ألكلمه وانفق كل ما لديه بصمت لفعل الخير( وسكن بمشتمل مستأجر من دائرة الأموال المجمدة حتى وفاته) ولم يعثر في جيبه سوى( على دينار واحد ومائتي فلس ) حسب تقرير اللجنة الحكومية المكلفة بالتحري عن ثروته بعد 8 شباط 1963 وانه كان شديد الإيمان ويتصدق على روح ابيه و والدته التي دفنت في النجف قبل عام واشرف على دفنها السيد جليل الرفيعي الذي أهدته أسره الزعيم لاحقا دار اشترتها من المرحوم محسن الرفيعي بمبلغ 4000 دينار وان علاقته بأسرته كانت متينة جدا .
فمثلا يورد الرفيعي في مذكراته حادثه اغتيال الزعيم في ساحة الغريري ( والتي أعقبتها محاولتين لتصفيته احدهما في الصويره والأخرى في السفارة الايرانيه حسب مذكرات مدير الاستخبارات العسكرية) يقول توجهت الى مستشفى السلام ولدى دخولي على الزعيم قال لي ( هل رأيت السيارة التي كنت استقلها عند المحاولة ومقدار الرصاص التي أصيبت بها فأجبته نعم فقال أتذكر ما قلت ليك يامحسن عندما طلبت مني الموافقة على بعض الحراس لمرافقتي فقلت لك في حينه ان الله هو خير حافظ ) هل يعقل بعد هذا الموقف الذي يدل على عمق الإيمان بالله ان يكون الزعيم عاقا لابيه وان يصل الأمر بينهما للمحاكم من اجل أربعه دنانير شهريا ؟؟

هذه الحقيقة تتقاطع مع ما أورده الدكتور رءوف من وثائق تشير ان الأزمة المالية كانت «تضطر قاسم إلى الاستدانة المستمرة من أشخاص مختلفين من خارج الجيش، بينهم تجار يهود وآخرون لم تحدد هوياتهم، وأنه كان يعجز أحياناً عن تسديد ما بذمته من أموال، أو يرفض تسديدها لسبب غير مفهوم، فيضطر لمواجهة دعاواهم لتحصيل ديونهم) وهنا يجد المرء ان من الصعب عليه تقبل بعض الأمور حتى لو وردت في أي نص يتعارض مع الواقع وشهادات المقربين من الزعيم فهو لم يكن متزوجا وليس لديه التزامات اخرى ولم يكن من أصحاب حياه الليل او المسرفين وكان راتب الضباط يعد من الرواتب الجيدة آنذاك .
ان الوثائق في هذا الكتاب تكشف عن «الضائقة المالية المزمنة والمستديمة التي كانت تلاحق عبد الكريم قاسم، على الرغم من كونه ظل أعزبا طيلة حياته، وأنه كان يقيم في القسم الأول من حياته في دار الضباط، التي لم تكن تتطلب إلا أجوراً رمزية» فلماذا يضطر الزعيم إذن للاقتراض وهو ما لم يذكره أي من أصدقاءه المقربين في الجيش الذين يؤكدون ان ما كان بيد الزعيم من أموال كان يمنحه بسخاء لغيره حتى اخر لحظه من حياته حسب ما يرد من تفاصيل دقيقه عن حياه الزعيم الخاصة في مذكرات الرفيعي الذي كان مطلعا على ادق اسرارحياته.
ثم ما علاقته بالتجار اليهود (الذين يقيمون عليه الدعاوى في المحاكم )؟؟؟؟وكأننا لسنا إمام مشروع قائد عسكري يستعد بعد عودته من كفر قاسم عام 1948 وجرح خيانة النظام العربي للأرض ألمقدسه ينزف في ضميره لإسقاط النظام الملكي بل أمام شخصيه( تمرغت بالهموم والديون وأروقه المحاكم) وفي هذا ما يناقض الحقيقة ومواقف الزعيم وبطولاته حتى آخر لحظه وهو يواجه الإعدام والله اعلم .
يشير كتاب الدكتور رءوف الى موضوع اخر يعاكس تماما طبيعة الزعيم وما ذكره أصدقاءه من الضباط وهو( كثرة ما كان يحصل عليه الزعيم من إجازات مرضية من مستشفى الرشيد العسكري، ومن المستشفى الملكي أحياناً) لكنه في موضع أخر يشير الى أن الوثائق «لم تحدد أسباب طلب قاسم المتكرر منحه إجازات اعتيادية» وكما هو معروف فان عدد أيام الإجازات العسكرية محدد ولابد من كتابه مبررات لها فأين اختفت المبررات في هذه الطلبات؟؟؟ وبحسب ما عرف عن الزعيم فانه كان في حاله صحية جيده ولم يكن يعاني سوى من التهاب الجيوب الأنفية، و الأمر الغريب هنا أن هذه الوثائق تكشف ان الزعيم «لم يكن يقضي تلك الإجازات، التي كانت تمتد من يوم واحد إلى أربعة أشهر كاملة، وسط أسرته في الصورية إنما في بغداد والموصل، أو خارج العراق لاسيما في بريطانيا( !!!!
ان الانطباع الاول الذي توحي به هذه الوثيقة ان الزعيم كان مراوغا وغير منضبط ويسعى وراء الإجازات للتهرب من الواجب وان علاقته بوالديه وأشقاءه كانت شبه مقطوعة لأنه لا يعود لأسرته في فتره الاجازه كما هي العادة خاصة انه لم يتزوج حسب هذه الوثائق!!!! ثم لا ندري كيف لشخص يلاحقه الدائنون ان يجد المال الكافي ليقضي إجازاته بين بغداد والموصل ولندن؟ وفي هذا التناقض ما يثير الريبة ويكون مبعثا على الشك.

ولعل اخطر وثيقه يكشفها هذا الكتاب هي «اختفاء قاسم عن الأنظار خلال سفرته إلى بريطانيا في عام1947 بعد أربعة أشهر من انتهاء إجازته المفترض في الخامس من نيسان »، دون ان يبلغ السفارة العراقية ، أو الملحقة العسكرية في لندن ،اللتان نفتا علمهما بوصوله او مكان تواجده. وانه بعد اكثر من شهرين من ذلك التاريخ تقدم بعريضة يخبر من خلالها وزاره الدفاع أنه يرقد في إحدى مستشفيات لندن للعلاج على نفقته الخاصة، دون أن يحدد تاريخ دخوله المستشفى وما إذا كان العلاج يتطلب ذلك الوقت كله .
لا أظن ان أي كاتب عن سيره الزعيم قد تطرق الى هذا الأمر من قبل حسب اطلاعي فما الذي يعمله الضابط (المفلس) في لندن طوال ربعه أشهر في فتره كان الصراع العسكري فيها بين الجيوش العربية والاسرائياليين مدويا والكل يعلم حماس الزعيم وبطولته وتهوره في تلك الحرب هل يطرح الأمر احتمال اتصال جهاز المخابرات البريطاني بالزعيم وترتيب لقاءات سريه معه للتهيئة لمرحله قادمة في( ربيع الانقلابات) في المنطقة العربية الذي بدا بازاحه فاروق وتسلم الضباط الأحرار في مصر في 23 يوليو 1952 وفق ما يذكره مايلز في كتابه( لعبه الامم) الذي ينعته هيكل (بالنصاب الكاذب )خاصة وان لندن كانت تبحث عن بديل عن نوري السعيد من داخل المؤسسة العسكرية العراقية نفسها خشيه من وصول الشيوعيين حلفاء موسكو والصين للسلطة في العراق؟؟؟
الرفيعي في مذكراته يشير الى ان البريطانيين كانوا على علم بتنظيم الضباط الأحرار وحتى موعد تنفيذ حركه 14 تموز1958 ويذكر حادثه ذات أهميه كبيره يقول: كنت في نادي القوه الجوية في الحبانيه مع عارف عبد الرزاق وانظم ألينا احد الضبط البريطانيين وقال بدون مقدمات( ان نوري السعيد قد تقدم به العمر وهو غير محبوب من الشعب العراقي فهل لكما رأي فيمن يقوم مقامه لو مات او تم تغييره فقلنا له نحن ضباط في الجيش العراقي ولا يحق لنا العمل بالسياسة حينئذ قال ما رأيكما بان يحل محله قائد الفرقة الثالثة اللواء غازي الداغستاني ) ؟
ويشير المرحوم محسن ألرفيعي ان عارف عبد الرزاق اخبره لاحقا ان ضابط طيار بريطاني أخر أعاد عليه نفس السوال في قاعدة الحبانيه مشيرا الى ان الداغستاني وعند التحقيق معه بعد الرابع عشر من تموز 1958 ظهر انه كان يعمل ويخطط للاطاحه بالنظام الملكي ولديه مخطط متكامل لذلك فهل أراد البريطانيون إبعاد الأنظار عن الزعيم قاسم من خلال إشغال المخابرات الملكية بالداغستاني عبر تسريب مثل هذه المعلومة في صفوف ضباط الجيش؟؟؟

مذكرات المرحوم العقيد محسن ألرفيعي المليئة بالإسرار الشيقة عن علاقة الزعيم بعارف والشيوعيين والقوميين في العراق وانفراط حبل الود معهم و واسرار موقف رئيس وزراء أول جمهوريه في العراق من الأكراد وبملا مصطفى لبرزاني الذي لم يكن الزعيم يثق به وشرحه لأسباب فشل الثورة والعلاقات مع الكويت وإيران وسوريا وعبد الناصر تمثل متعه في القراءة وقيمه بحثيه لاتقل عن كتاب الدكتور عماد رءوف ويعدان أضافه متميزة لمكتبه الزعيم الشهيد قاسم لان ما جاء في صفحاتهما يخرج للضوء حقائق جديدة بغض النظر عن مواقفنا الشخصية وما ترسخ عن شخصيه الزعيم في اذهاننا من صوره نحن اليها لصوفيتها وإخلاصها وعفتها في زمن السقوط والفساد والنهب فدراسة التاريخ إنما تسعى دوما لكشف غوامض المقدمات والنتائج وتدفعنا دائما للبحث عن الأسباب حسب رؤية توم كريك.

بوخارست
[email protected]



#عزيز_الدفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ع.... (وأخواتها الخمس)
- اتهامات البزوني : خفايا الهروب من سجن كركوك!!!
- إغلاق مضيق هرمز: هل يشعل فتيل الحرب العالمية الثالثة؟
- صراع جبابرة )....أم تصحيح للديمقراطية المشوهة ؟؟؟
- ( الاوغلويه) ومسلسل( العشق الحرام )!!!
- لماذا يتم إقصاء المبدعين عن شبكه الإعلام العراقي ؟؟
- لماذا فجرت زيارة المالكي لواشنطن ( قنبلة) التوافق السياسي؟؟؟
- ربيع الاصوليه : الصلاة في باحة( البيت الأبيض)!!!
- (نهاية العراق) سيناريو ما بعد جلاء الاحتلال!!!
- سوريا:صراع الطائفية المموه بين انقره وطهران ؟؟؟
- لماذا يصر قاده (العالم الحر)على تصفيه (مستعبدينا) بوحشيه؟؟
- أسامه النجيفي: بورتريت( لبهلوان) سياسي
- الى دوله رئيس الوزراء: لا تنساه خلف القضبان مظلوما غريبا
- من يحاكم (عليا ).؟... من يسجن ( ذو الفقار)؟!!!
- هل يمنع الباب العالي تجزئه بلاد الرافدين ؟الجزء الثالث
- هل يمنع (الباب العالي) تجزئه بلاد الرافدين ؟؟لجزء 2
- هل يمنع الباب العالي تجزئه بلاد الرافدين؟
- لماذا يتحفظ خبراء القانون على مشروع قانون العفو العام
- قانون العفو العام :سقوط ألأقنعة ...... اغتصاب العدالة
- طبر السلطة.... صرع المخيلة المريضة.... تدنيس التاريخ


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عزيز الدفاعي - أنا والزعيم) و ( ألملفه الشخصية) إسرار خطيرة عن حياه زعيم الفقراء!!!