كفاح كيال
الحوار المتمدن-العدد: 3723 - 2012 / 5 / 10 - 01:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تشن الأمعاء الخاوية لأحرار فلسطين داخل قلاع أسرهم معركة كرامة الأمة وعزة فلسطين بصيرورة ثبات وعزم تشبه جسارة القتال في جبهة بور سعيد وعبور قناة السويس وبرباطة جأش معركة الكرامة وحصار بيروت وإصرار الفدائي نحو تحقيق الانتصار .
ورغم أن هذه المعركة ليست الاولى ولكنها تحمل العديد من حيثياتها وإرهاصات انطلاقها نحو الأممية بديمومة اشتعال جذوة كفاحها ونبراس رياديتها وإيفاء رسالتها , فبعد سلسلة إضرابات فردية ملحمية مثل الإضراب التاريخي والنوعي للشيخ المجاهد خضر عدنان وعلى مستوى أممي تلاه اضراب بلال ذياب وثائر حلاحله وحسن الصفدي ومحمد تاج وسواهم من المناضلين والمجاهدين الذين خاضوا إضرابات جماعية وفردية أعادوا خلالها اعتبارية مدرسة الصمود والتصدي للجلاد الصهيوني إلى سابق عهدها من جهة وصفقة " الوفاء للأحرار " التي أجبرت العدو الانصياع لإرادة المقاومة داخل الأرض المحتلة من جهة أخرى فولذت إرادة الأسرى وأعادت صياغة موقف المواجهة داخل سجون العدو الصهيوني ,اضافة لتفاعلات أحرار الأمة العربية والعالم أيضا مع معركة الأمعاء الخاوية كمؤشر ايجابي نحو بداية تدويل قضية أسرى المقاومة الفلسطينية والعربية في سجون العدو الصهيوني.
ومع اتساع قطاع الاضراب تدريجيا وتصاعديا نحو الاضراب الشامل لكل الأسرى في خطوة نوعية تعبر عن حجم المجزرة الانسانية التي ينفذها الكيان الغاصب بحق الأسرى من عزل وتصفية جسدية وخاصة عبر الإهمال الطبي وغيره والصمت العربي والدولي حيال المجزرة التي أدت لإعلان المعركة الذي تزامن ويوم الأسير الفلسطيني وتستمر لليوم الثاني والعشرين ونيف ,يضعنا كأمة عربية أمام مسئوليتنا القومية والإنسانية حيال فدائيي المقاومة بكافة مشاربها وفصائلها ويطالبنا بخطوات جدية لإغلاق ملف الأسرى مرة وإلى الأبد .
فالعمل الممنهج والدءوب على مدار العام من روافع العمل والأجسام والهيئات الشعبية ضمن رؤيا وإستراتيجية تقتضي باعتبارهم أسرى حرب وتطبيق القانون الدولي بكل حيثيات وتفاصيل التعاطي مع قضيتهم ضمن منظومة وحدوية توحد الأمة العربية على محور الدفاع عن ضمير الأمة فدائيي المقاومة اللذين أوصلهم عملهم المقاوم للكيان الغاصب إلى السجون هو أحد المسارات المطلوب تفعيلها ,ولو استعرضنا تاريخيا هوية أسرى المقاومة منذ عام 1948 لوجدنا أن طليعة النضال العربي عامة والفلسطيني خاصة دخلت أتون الأسر , وغالبية الجنسيات العربية وحتى الأممية قد وصلت السجون الصهيونية من بوابة المقاومة الفلسطينية والعربية .
وخلال معركة الأمعاء الخاوية التي تجاوزت إثنىي وعشرين يوما للفوج الأعظم من الأسرى المضربين واليوم الثالث والسبعين لثائر حلاحله وبلال ذياب وحسن الصفدي سطرت جماهير الشعب العربي الفلسطيني بها مآثر عبر المواظبة والمتابعة والاعتصام والإضراب عن الطعام والتظاهر والمواجهات مع الاحتلال وخاصة مقابل معتقل عوفر , برزت أيضا مجموعة من القضايا والتداعيات تحتاج علاجا جذريا لنمضي قدما نحو حرية وكرامة أسرانا بخطى نوعية ومنها :
أولا : كثرة المؤسسات التي تعنى بقضايا الأسرى وقلة بركتها وجمود آليات عملها عند حد تقرر سلفا بسقف عملها الأنجيئوزي المحدود والتوظيفي لكادرات هنا وهناك والتفريخي المستمر فكل يوم تزيد المؤسسات عددا وتقل تفاعلاتها مع الشارع والأسرى فعليا , والأهم الارتهان لأجندات التمويل وشرعنة الاحتلال عبر تباطؤ عملها الذي يوحي بالتواطؤ مع أجندات سلطات السجون .
ثانيا : انحسار العمل الشعبي الحقيقي بسبب ضرب قواعده واحتواء أدواته وحصار فرسانه او اعتقالهم لإفراغ الميدان لحميدان المُأنجز ولرمتكول المرحلة الضبابية التي من مصلحة وأمن الاحتلال إطالتها لاستنزاف الشعب الفلسطيني وثواره .
ثالثا : انعدام الدور الدبلوماسي او للدقة انعدام تأثيره فمثلا رام الله مليئة بالسفارات والقنصليات ولم يزر خيم الاعتصامات إلا سفير جمهورية مصر العربية السفير ياسر عثمان مما يضع علامة استفهام حول جدوى وماهية وزارة الخارجية الفلسطينية ودورها الغائب تماما فوزير الخارجية يعقد أول اجتماع له مع القناصل بشأن الأسرى بعد عشرين يوما على الاضراب وبعد تهديد ناشطين باقتحام وزارته !!
رابعا : تم الإعلان عن عمل عربي ودولي مع حملة تفويع له , لم يطبق منها على الأرض إلا نذر بعض النشاطات الخجولة هنا وهناك ولم تلق أصداء كبيرة بل كان صوت زيارات الوفود التطبيعية لفلسطين أعلى فسمعنا جعجعة ولم نر طحينا فتصاعد الزيارات التطبيعية بالتزامن مع الاضراب لهو طعن بالظهر لفرسان الحرية .
خامسا : لم تتعامل الجهات الرسمية الفلسطينية على قدر كاف من المسئولية حيال إضراب الأسرى فالتنسيق الأمني مستمر والإتصالات مستمرة والتطنيش سيد الموقف فلو أخرجت السلطة كادرها الموظف للفعاليات لامتلأت شوارع فلسطين بالمتظاهرين مما يضع علامة استفهام وتعجب حول نوعية وانتماء كادر السلطة الوظيفي الذي برأيي يجب غربلته وإزاحة معظمه لأن من لم يشارك بمعركة الأسرى لا يستحق الراتب الذي يتقاضاه على حساب موروث المناضلين والثوار وعلى رأسهم الأسرى ؟
سادسا : الأداء الاعلامي الجهوي والمحدود والغير معبر عن حقيقة ما يجري وانتقائية التقارير واللقاءات المحتكرة لأصحاب المناصب والرواتب العاملين وظيفيا في "قطاع الأسرى " وكأنه جزء من قطاع الاستثمار من جهة وتجيير سياق الخبر او التقارير لأجندات الفضائيات الاقليمية العاملة في فلسطين .
سابعا : التلميع الاعلامي لحفنة من المرتزقة والجواسيس على حساب معركة الامعاء الخاوية دون رقيب او حسيب وسنفتح ملفات هؤلاء لاحقا.
ثامنا : احتكار النظام السوري لبعض المكونات المتابعة لقضية الأسرى عبر ماله وزعانفه وعملائه داخل مكونات المنظمات الفلسطينية , وتتجاهل هذه المكونات اعتقال النظام المستأسد على شعبه ثلة من الكتاب والمناضلين الفلسطينيين في السجون الأسدية وتعذيبهم وهي تعطي بهذا ذريعة للعدو الصهيوني للإجهاز على الأسرى العرب في السجون الصهيونية .
تاسعا : برز جليا التحالف الأمني الأمريكي الايراني على الأرض وعلى مرأى من السلطة الفلسطينية !!!
عاشرا : هشاشة الهياكل الواقفة شكلا في كل مضامير الحياة الفلسطينية والتي يصرف عليها أموال الشعب الفلسطيني مما يشعر بالا جدوى من كل هذه المكونات الورقية حتى وإن كانت مشرعة قانونيا مما يفتح النقاش والحساب حول آلية إدارة البلد ولصالح من !!
وإذ نتساءل وبصوت عال إلى متى سنبقى ندور في حلقة مفرغة من التضحيات الجسام والمنسوب الملحمي المتقدم عالميا من الكفاح من جهة والاستثمار والتوظيف السياسي ألاستخدامي الرخيص لنضالات الشعب الفلسطيني على يد قلة من الفاسدين وأباطرة المال والنفوذ في "كاديما فلسطين " من جهة أخرى !!
وهل يؤدي احتقان الشارع الفلسطيني ضد ممارسات الاحتلال وفساد رموز في السلطة والاضطهاد الاجتماعي والطبقي الذي يواجهه الفلسطيني الشريف المتعفف المترفع عن "استثمار " الدماء في فلسطين لانتفاضة شعبية أو شكل آخر من الانفجار ؟؟
ورغم كل المعانيات اللحظية للشارع الفلسطيني إلا أن طبول معركة الامعاء الخاوية كان أقوى من جرافات الاقتلاع وغطرسة الاستيطان وشظف العيش ,فمعركة الأسرى معركة ثورية بامتياز ومعركة قومية برسم الدم قد تعيد الصراع مع العدو لصراع وجود مفتوح على كل الاحتمالات والجبهات وقد تتفجر من ثناياه معركة الأمة العربية المنتظرة منذ عام 1973 .
وأي كان شكل الإسناد الجماهيري والكفاحي لمعركة الأمعاء الخاوية فهو لا يعبر عن مخزون الإسناد الوجداني والوطني والقومي والإنساني لشعب فلسطين والأمة العربية لفرسان الحرية رموز الفداء العربي بل أعتقد جازمة أن الخلل يكمن في أدوات وروافع العمل التي فقدت ثقة الجماهير وفقدت جدوى وجودها بفشلها فالجماهير لا زالت هي الإحتياط الثوري الذي لم يخرج للمعركة بعد إلا إذا أزاح رؤوس استثمار الدم واستعمار الأرض على حد سواء وستخوض الأمة معركتها جذريا لأن الفساد هو المؤسسة الأهم في شرعنة وإطالة عمر الاحتلال , والإفساد هو الحبل السري الذي يمتد خيطه " للشاباك" الصهيوني الذي يدير المؤسسات من تل الربيع في مدن العروبة .
ومهما كانت جلبة وضجيج ماكينة الفساد والتطويع والتطبيع والتتبيع عالي الوتيرة ومهما استطاعت وتمكنت من فرملة وتقنين حالة الانتفاض الشعبي للتلاحم مع فرسان الحرية ,ستصمت حال بدء عزف إرهاصات معركة الكرامة لاسترداد حقنا وحريتنا "فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة " عندما تقرع طبولها أيادي الثوار والفدائيين الأحرار .
#كفاح_كيال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟