|
الأمس (أرضعنا حليب الدكتاتورية حد الفطام)!!
سالم اسماعيل نوركه
الحوار المتمدن-العدد: 3722 - 2012 / 5 / 9 - 23:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الفطامإن الذين لا يهتدون إلى طريق الصواب إلا بعد أن يجربوا جميع الطرق الخاطئة ومنها تلك التي جربت بالأمس وأثبتت التجارب المريرة فشلها لا يستفيدون من تجاربهم الماضية و حتى من تجارب الآخرين ،ومحاولتهم تحرك سياسيا في مناخ جغرافي بدون مظلة التاريخ ووقائعه وبدون الألمام بالحقائق والإقرار بها أو تجاهلها ل(غاية في نفس يعقوب)لن يستطيعوا الإهتداء للصواب كما لن يستطيعوا فرض حلول على أهوائهم بالضد من الحقائق وهذا يعني إضافة مزيد من التعقيدات للتعقيدات القائمة ومزيد من الرفض للوضع القائم المرفوض والنظام السابق قدم أمثلة عديدة لسوء الحل ؛ حل مشكلة داخلية بتنازلات خارجية و دخول وغزو دولة الكويت بعد الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 ظنا منه بأنه بهذا الغزو سيحل مشاكله المتراكمة داخليا وخارجيا وقمعه لإنتفاضة الشعب بدلا من الرضوخ لمطالب الشعب. أما أولائك الذين يخطئون بحسن نية نتيجة لقلة الخبرة قد يهتدون للصواب بعد الخسائر الناتجة عن طول فترة الإهتداء بعكس أولاءك الذين يريدون تمرير الحلول الخاطئة على إنها الصواب فمثل هؤلاء لا يستطيعون إلا تقديم المزيد من الخسائر بالحلول الخاطئة ولا يستطيعون جلب الإستقرار بفعلهم هذا. سقت هذه المقدمة لأني أرى الأستقرار مبني على الأسس السليمة ورسم ملامح الدولة الجديدة منال بعيد للآن مع الأسف أما أولائك الذين يرون غير ما نرى نتمنى أن تكون رؤيتهم أدق وأوضح منا لأننا نتمنى ذلك . بعد الحرب العالمية الأولى 1914-1918 وطرد العثمانيين من المنطقة التي حكموها لأكثر من أربع قرون من قبل الحلفاء لم يستقر الكيان العراقي ولا حتى المنطقة لسوء إدارة العثمانيين ولسوء ترتيبات ما بعد الحرب فحصل ما حصل من أحداث في العراق من حروب داخلية وخارجية وهي عديدة خلفت خسائر بشرية ومادية جسيمة وتبعات لليوم نحن جميعا نعاني من ويلاتها وآثارها القائمة مع الأسف حتى أصبحنا في وضع إقتصادي سيء ولا كأننا دولة نفطية عملاقة بثرواتها لأننا بالحلول الخاطئة والإنقلابات وبحكم القائد الأوحد إتخذنا قرارات قاتلة كلفتنا الكثير،فالسياسة إن كانت خاطئة تدمر حتى الدول ذات الأقتصاديات العملاقة ولكم في الدول الغنية ذات الأقتصاد القوي والسياسة العرجاء دليل دون ذكر أمثلة . قالت أمريكا بأنني سأجعل العراق نقطة إنطلاق في الديمقراطية في المنطقة بعد الإطاحة بدكتاتور العراق وتصريحها هذا أضرتنا أكثر مما نفعتنا فتكالبت قوى الدكتاتورية القريبة والبعيدة منا جغرافيا علينا خشية على نظامها الخاوي إلا من الأباطيل والأضاليل الإعلامية من خلال(مؤسساتها الإعلامية ذات نفس أكذب ثم أكذب حتى تصدق نفسك وإن لم يصدقك الآخرين). إختلفنا بيننا على رسم مستقبلنا والمضي نحو الأمام فالبعض يريد إنتاج الماضي وبعث الروح فيه بمعونة خارجية والآخر يحلم بشيء جديد مختلف عن الأمس بكثير من التفاصيل شريطة أن يأتي منسجمة مع تطلعاته وقلة من السياسيين يريد عراقا فدراليا إتحاديا كما جاء في الدستور والبعض الآخر أصلا لا يعلم ماذا يريد !والبعض الآخر همه كنز المال طالما لا يجوز أن نسأله من أين لك هذا ؟!ربما يحلم ببناء وطن له ولأحفاده خارج البلد إنطلاقا من باب(الفقر في الوطن غربة والمال في الغربة وطن). أستبشرنا خيرا حين وضعنا دستورنا الفدرالي ،وأستبشرنا خيرا حين مسك زمام الأمور مناضلي الأمس وإن أندس بينهم ممن يؤمن بخطوات الأمس سوى كان يعلم أو لايعلم وإن لم يكن في يوم ما محسوبا على الأمس ،قلنا إنها فترة إنتقالية والأمور ستمضي على خير وبأننا مسكنا أول الخيط بإتجاه الحلول السليمة لم نكن نعلم إن الأمس بعمقه التاريخي والجغرافي قد(أرضعنا حليب الدكتاتورية حد الفطام)أنا هنا لا أعني شخصا بعينه ولا يهمني سعي البعض للتوجه نحو الدكتاتورية فبين أكثر المجتمعات أفراد جاهزون ليكونوا هتلر زمانهم ولكن الكثير من تلك المجتمعات نتيجة للتراكم الثقافة والممارسة الطويلة والأيجابية والوعي لا تسمح لدكتاتور أن يرفع رأسه أو يعلن عن ما في داخله من أفكار مريضة لماذا أسيبشرنا خيرا حين وضعنا دستورنا الفدرالي الإتحادي؟ لأن الفدرالية نظام المشاركة الفاعلة والحقيقية في الحياة السياسية ديمقراطيا وبشكل عادل وبتعددية وبعيدة عن التفرد بالحكم وحكر السلطات بيد شخص أو مجموعة تنتهك القانون وتهدر الحقوق وجل الدول الفدرالية في العالم مستقرة وتحقق النجاحات وبكل أشكال الفدراليات وحسب تكوين مجتمعاتها من المتجانسة وغير المتجانسة من حيث تواجد المكونات كما إن الدستور في النظام الفدرالي لا يمكن تعديله من قبل الحكومة الإتحادية بمفردها بمعزل عن أقليمها أو أقاليمها وفي الفدراليات* ذات التكوينات المتعددة السليمة تنشأ شعور بالهوية العامة والهوية الخاصة بالأقليم وفي الفدراليات توجد مستتوين من الحكومة واحدة للدولة الإتحادية بمساهمة الجميع فيها وواحدة للأقليم والفدرالية تمنع التهميش والأقصاء والخطاب الواحد وفي الفدراليات تؤخذ القرارات من القاعدة إلى القمة وتدار الصراع والخلافات بشكل سلمي بعكس الدول المركزية التي غالبا تصدر القرارات من القمة إلى القاعدة والأطراف وفي الفدراليات تنشأ روح المنافسة المسؤولة بين الحكومات المحلية لتقديم الأفضل من الخدمات لخدمة الصالح العام . والفدرالية رابطة طوعية بعكس المركزية التي غالبا تكون ذا رابطة قسرية وقد تدنو نحو الدكتاتورية إن لم تتحول بالفعل إلى الدكتاتورية بمرور الزمن،والفدرالية نظام يقوم على قواعد دستوريةواضحة تحقق العيش المشترك لمختلف القوميات والأديان والمذاهب والأطياف ضمن دولة واحدة تديرها المؤسسات الدستورية. لا يمكن قيادة العراق من قبل شخص واحد ولا الحزب الواحد ولا المكون الواحد ومن السياسيين من يقر بذلك وهو إقرار حسن بل حتى الولايات المتحدة الأمريكية لا تقاد بالشخص الواحد ،إنما الرئيس هناك من كبار الموظفين ولكنه ليس القائد الأوحد ولا الضرورة ولا أمريكا تسير على توجيهاته فقط وليس هناك دولة في العالم تقاد من قبل شخص واحد سوى الدول الدكتاتورية التي يتساقط دكتاتورياتها الواحد تلو الآخر . نحن أمام فرصة تاريخية لبناء دولة من خلال تفكيك أساليب الأمس وإتخاذ أساليب عصرية في بناء الدولة بعيدة عن المركزية والتسلط وعلينا أن نختلف ليس من أجل الأختلاف بل لنتفق على خطوات جديدة لبناء العراق وعلينا أن نهدم (البناء القديم )وأن نخرج من نفق الماضي لا أن نسير فيه . وهذه الفرصة لو أغلقناها بأيدينا أو سمحنا للآخرين بأغلاقها قد لا تتكرر مثيلها و سنعود للماضي بكل مآسيه وويلاته وندخل مثل الأمس في حروب عبثية في الداخل والخارج وهذه المرة ربما لا تسلم (الجرة)والكل سيكون خاسرا وأعتقد إننا ما نسينا كيف كان بالأمس قرار أمة كاملة كان بيد فرد واحد إن زعل علينا أن نزعل معه وإن أعلن حربا حتى وإن في ساعات الليل المتأخرة علينا أن ننفذ ثم نناقش وأخشى أن يأتي يوم يطلب منا أن ننفذ دون أن نناقش. -------------------------- *أهم الدول الفدرالية(الولايات المتحدة الأمريكية-المانيا-نمسا-سويسرا-كندا-استراليا-برازيل-الأرجنتين-جنوب أفريقيا،وهناك في العالم 128 دولة فدرالية)
#سالم_اسماعيل_نوركه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المادة 140 من الدستور وعلبة المعلبات!
-
المادة140 وعلبة معلبات!
-
إنتهى زمن التخدير...
-
متورطة بانهياري...
-
أنا الجاني...
-
فراشة الربيع...
-
زيديني عشقا ..زيديني ..أنا أقدم عاصمة للحزن..!!
-
tفي كف قلبي عطر عشق وقلادة
-
الكورد الفيلييون..أصالة وتاريخ وحضارة.
-
شيء طبيعي أن يدرس المرء تاريخ الآخرين..ولكن!
-
مضيق هرمز وأحتمالات الإغلاق والحرب!
-
علينا أن لا نصدق(بأنبياء اليوم)؟!
-
بائعوا الأمل ...والشباب.
-
الكورد ...ورحلة الشتاء والصيف!!
-
من مفارقات الحرب العالمية الأولى عودة بولندا إلى الخارطة الس
...
-
بماعون(قيمر)أمتطى القائد صهوة حصانه!!
-
(بغداد تتكلم بلغة من قالوا عنها...)
-
(فواكه ما نكدر نشتري..)يا ماري أنطوانيت!!
-
لا شيء أجمل في بلادي من سواها!!
-
قلوب منكسرة وكلمات مندحرة...
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|