التيار اليساري الوطني العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 3721 - 2012 / 5 / 8 - 14:10
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي : وقفة ختامية وتمنيات رفاقية -اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة*
الموضوع : المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي – رد
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=274059
رابط مهمة: المؤتمر التاسع :انقاذ الحزب الشيوعي أم فقدان فرصة الوقت الضائع؟
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=272676
الموقع الفرعي للتيار اليساري الوطني العراقي
http://www.ahewar.org/m.asp?i=3397
رد 1-2- 3-4-5-6-8-9
نجدد شكرنا للاخوة والرفاق الذي قدموا الاراء والمقترحات والتساؤلات الهامة ونعتذر إن لم نتمكن من ايفاء جميع المحاور حقها
التعاون بين القوى اليسارية والديمقراطية
تأتي المبادرة الراهنة من أجل التنسيق بين القوى اليسارية العراقية في سياق الجهد المتواصل على مدى سنوات الاحتلال , الجديد فيها هو انطلاقها من الكفاح المشترك على الارض , تستند المبادرة الى ورقة برنامجية بالخطوط العامة التي تشكل قاعدة سياسية مشتركة , على أمل اغناؤها في الحوارات الجارية , ومن اسباب عدم نشر المبادرة وتفاصيلها هو تجنب الحساسيات وخصوصا لناحية ترك االباب مفتوحا لكل القوى اليسارية والديمقراطية , احزاباً ومنظمات وشخصيات للمساهمة فيها , فالاعلان المبكر قد يضع حاجز بين الجهات المبادرة وتلك المدعوة للانحراط فيها في المرحلة الراهنة او اللاحقة.
في الإطار العام نقول:
1 ـ إن أي جهد لتوحيد اليسار أو على الأقل خلق حالة بسيطة من التضامن على أساس سليم هو فعل إيجابي ويخدم ولا يضر بل هو مفيد في كل الأحوال.
2 ـ ينصب الجهد الأساسي في مجال التعاون بين القوى اليسارية والديمقراطية على تلك الأطراف التي لم تتلوث من خلال التواطؤ مع الإحتلال أو مع عمليته السياسية، والذين تورطوا في هذا المنحى يقع عليهم واجب إظهار الندم أمام الشعب أولاً، لأنه الوحيد صاحب الحق في هذا المجال. ولا نرى آفاقاً واضحة على صعيد المراجعة من أطراف العملية السياسية، وإن جزءً أساسياً من إصرارهم على مواصلة الخداع المكشوف إنما يأتي بسبب أنهم يعرفون جيداً مساحة تورطهم. وبقدر ما تبدو بعض القضايا غائمة الآن أو قبل بضع سنوات فإنها من الزاوية التاريخية ستكون في غاية الوضوح في المستقبل، وربما المستقبل القريب. وحتى الأبرياء الذين إنساقوا وراء بعض المواقف غير الوطنية لأسباب خاصة أحياناً وبدائية للغاية في الغالب، هؤلاء هم أنفسهم منْ سوف يشعرون بالندم، ويصل ندمهم حد محاسبة الأخرين من سياسيي المحاصصة في حكومة الإحتلال. إن غرق بعض القوى السياسية في همومها ومصالحها اليومية، وليس هموم ومصالح الشعب، غالباً ما يفقدها ذلك القدرة على تقدير نبض الشارع، وهذا ما ظهرت نتائجه واضحة مؤخراً في معظم البلاد العربية.
3 ـ بالوقت الذي نجري فيه عملية تعرية لا هوادة فيها لكل المواقف غير الوطنية لأحزاب "العمليةالسياسية" نقوم بذات الهمة والحماس الدفاع عن حقيقة وطنية الشيوعيين واليساريين العراقيين بصفة عامة، ولا يُمكن إختزال الحركة اليسارية والشيوعية الواسعة والتاريخية بنفر من المهادنين والمتورطين والانتهازيين.
4 ـ المنطلق الأساس في نضالنا الراهن، كما نرى، ينبغي أن ينطلق من أن المحتل هو المجرم الأول، وينبغي أن يتحمل كل ما يترتب على جريمته في إحتلال العراق وتدمير شعبه ووحدته الوطنية وبنية الإجماعية وتسوق وتنفيذ الإجراءات التدميرية. ولا لبقاء المحتل حتى ولو ليوم واحد. هل يُعقل البقاء للمحتل المعتدي تحت لافتة تدريب الجيش العراقي!!؟. ولا حظ في هذا الموقف لمحاولة التذاكي وكأن الناس بدون ذاكرة ولا تعرف من كان مع الإحتلال ومن ضده قولاً وعملاً. أما بصدد المتواطئين فينبغي موضوعياً تركيز الإهتمام بصددهم بقدر قوتهم السياسية الفعلية على الأرض ومدى إندفاعهم في تسويق الإحتلال.
إن جميع القوى اليسارية بغض النظر عن مواقف بعض القيادات المتورطة في النظام الاحتلالي المحاصصاتي الطائقي الاثني الفاسد هي قوى مخلصة للشعب والوطن والحريات والحقوق العامة، ومن الحكمة أن تمدّ الجسور فيما بينها. وفي المعادلة العامة فإن خطر اليمين الرجعي الآن هو الأشد والأخطر أكثر من أي وقت مضى، لذلك يجب أن يكونوا هم في الصف الأمامي الذي يوجه الجهد الفعال ضده للحد من خطرهم وضررهم
الاحتلال والديمقراطية
فيما يتعلق بموقفنا من الديمقراطية , فالفقرة ادناه واضحة ووافية وبعيدا عن الدخول في التفصيل بتعريف الديمقراطية وعلاقتها بالحرية..الخ فمن نافل القول اته لايمكن لقيام دولة مدنية دون ديمقراطية ولا دولة حديثة متطورة دون الديمقراطية ولكنها ليست الليبرالية بأي حال من الاحوال اذ ان الاخيرة تفضي الى التوحش والاستتغلال لا الى العدالة الاجتماعية:
ثالثا:تأسيس الدولة العراقية المدنية الحديثة القادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية
اما عن ديمقراطية الاحتلال فلدينا الف اعتراض على تسميتها ديمقراطية ,لكننا نكتفي هنا بنتائج ديمقراطيتهم المعلنة رسميا :
فلم تعد اخبار التزوير والنهب تثير اي استغراب او حتى اهتمام المواطن العراقي , فالطبقة الفاسدة الحاكمة بأمرة المحتل قد تعرت حتى من ورقة التوت التي سترت عورة خيانتها الوطنية , فهي تعلن اليوم جهارا نهارا توسلها المحتل بابقاء قواته على ارض العراق , بعد ان كذبت على مدى ثلاثة اعوام , منذ لحظة توقيع الاتفاقية الامنية الاسترقاقية عام 2008 بأن يوم31/12/2011 هو موعد نهائي لمغادرة قوات الاحتلال , وهو تأريخ مقدس حسب زعم حيتان الاحتلال غير قابل للتغيير بتاتا , وبما أن ورقة التوت هذه قد سقطت , فلم تعد الطبقة الطفيلية تستحي من اقرار قانون في "برلمان" المنطقة الخضراء بالعفو عن المزورين الذي يحتلون مراكز حكومية متقدمة , وهاهي المعلومات المتسربة الجدية تكشف عن عدم حصول رئيس مفوضية الانتخابات على شهادة دراسية جامعية , اي ان من نظم ورعى الانتخابات مزورا محترفا
ولعل من اكثر الاجراءات استخفافا بالشعب العراقي , هو تعيين خضير الخزاعي نائبا للرئيس , فالنتائج الانتاخبية الرسمية تقول بأن " نائب رئيس"جمهورية المنطقة الخضراء لم يحصل سوى على 34 صوتا , تصوروا فالسيد لم يحصل حتى على اصوات عائلته ومرافقيه وحراسه.... اما البرلمان فحدث ولا حرج , فأكثر ما يثير السخرية والاستغراب , ان 309 عضو برلماني من مجموع الاعضاء ال 325 لم يحصلوا على الاصوات المؤهلة لعضوية البرلمان , ولا يتحرج هؤلاء من الظهور ليلاً نهاراً على الفضائيات ليتبجحوا بلقب عضو" برلمان" .. ادناه صورة احصائية عن عدد الاصوات لابرز وجوه الطبقة السياسية الفاسدة :
فقد هُربت شلة من الفاشلين في انتخابات 7آذار 2010 الى البرلمان الطائفي العنصري الفرهودي , شلة لم يحصل اعضائها سوى عشرات الاصوات , فقد بلغ احتقار الشعب العراقي لهذه الاسماء المهربة حد حصول احدهم 55 صوتا فقط , ونقصد به فؤاد معصوم , ومن جهتها حيتان الاحتلال فقد وصل بها الاستخفاف بارادة الشعب العراقي حدا ينبئ بقرب هزيمتها ,فعلى السبيل المثال لا الحصر , أن يعلن عنصر طائفي عدواني متخلف مثل جلال الدين الصغير والحاصل على 201 صوت فقط , يعلن بأن انضمامه للبرلمان التحاصصي جاء نزولا منه عند رغبة ارادة المرجعية !.. اما اعضاء من امثال (همام حمودي 188صوت - خضير الخزاعي 34 صوت - عبد القادر العبيدي 261 صوت - موفق الربيعي 44 صوت - محمود المشهداني 160 صوت - حاجم الحسني 78 صوت- قاسم داوود 97 صوت - سامي العسكري 123- عزت الشابندر 123 صوت - صادق المالكي 29 صوت - علي بن حسين 55 صوت -- ياسين مجيد 34 صوت - عامر عبد الجبار 34 صوت - عبد الصمد رحمن 76صوت ) فبينهم الوزير والمتحدث الرسمي والعسكري والامني من جميع الكتل المتخاصمة على مدى شهور ,المتحاصصة حتما في نهاية المطاف برعاية سيدها المحتل .
ان الأمر ليس بالمستغرب على الاطلاق , فجل هؤلاء مارس مهنة التهريب على الحدود الشمالية العراقية - الحدود الايرانية , بل تقاتل بعضهم ليسقط الألاف من الضحايا في صراع التهريب , وها هم يمارسون اليوم مهنة تهريب النفط العراقي من الشمال والوسط والجنوب .. فهل يصعب عليم تهريب شلة حرامية الى برلمانهم .
اما نحن فنقول لهم نعم يمكنكم تهريب كل شئ , النفط والاموال والأثار ودمى البرلمان , اما ارادة الشعب العراقي فيستحيل عليكم تهريبها او تزييفها , الارادة التي ستنتصر للعراق المحرر المطهر من ازلام الاحتلال على مختلف عناوينهم ورتبهم الطائفية العنصرية الفاشية
السياسة الاصلاحية ودور الكوادر والقواعد الثورية
سقطت سهوا كلمة فأختل معنى الفقرة المعنية التي يجب ات تقرأ كالأتي:
السياسة الاصلاحية ومسألة الكفاح المسلح
ان اشارتنا الى الكفاح المسلح واضحة وبدقة في الفقرة التالية :
!!. ومن الجدير بالذكر هنا هو ما تميزت به قواعد وكوادر الحزب الشيوعي العراقي من ميزة المحافظة على الحزب كحزب شيوعي ثوري مستقل واجبارها القيادات الاصلاحية على تبني سياسات ثورية في المنعطفات التي تفلس فيه سياسات هذه القيادات الاصلاحية
ان وثائق الحزب قد وثقت هذا النهج الاصلاحي بدءاً بالانقلاب على قيادة الشهيد سلام عادل مرورا بخط آب 1964 التصفوي وانشقاق 17 ايلول 1967 على خلقية الصراع حول هذا النهج الاصلاحي , عن الجبهة الذيلية مع حزب البعث التي غقدت على دمءا خيرة قادة الحزب وكوادره الذين رفضوا هذا التحالف الذيلي حيث شنت حملة شرسة من الاغتيالات والتصفيات والاعتقالات تمهيدا لعقد جبهة 1973, ناهيكم عن التحالفات مع القوى الاقطاعية الكردية ابان الثمانينيات والتسعينيات معروفة النتائج الكارثية والتي من اكثرها دمار هي شق الحزب على اساس اثني... ان العودة الى وثائق الحزب وكتاب الرفيق ثمينة ناجي يوسف وكتاب حنا بطاطو ... ضرورية للاطلاع على الوثائق الرسمية التي توثق لحقيقة ان الحزب الشيوعي العراقي قد تحول الى حزب اصلاحي منذ انقلاب 8شباط 1963 البعثي الفاشي الاسود...من جهتنا فقد كتبنا كثيرا في هذا المجال , ولم نرغب في العودة الى ما قبل 9 تيسان2003 عند ابداء وجهة نظرنا في ما مطلوب من المؤتمر الوطني التاسع , فهمنا اليوم هو ان ينجح المؤتمر من انقاذ الحزيب من كارثة الانخراط في العملية السياسية الاحتلالية .. ومن ثم خوض الكفاح الطبقي والوطني كحزب شيوعي ثوري دون تحالفات ذيلية وصفقات كارثية على شاكلة صفقة كمجلس الحكم سيئ الصيت.
حذرنا من امكانية النكوص عن نهج التجديد في المؤتمر الخامس
( طرحت في العدد السابق وجهة نظري حول ما ينبغي ان تلتزم به من مواقف ضمن توجهاتها الجديدة, وأكدت على ضرورة ان تصبح " منبراً حراً ليس فقط للشيوعيين وأنما لكل ذي رأي يحترم ثقافة الحوار, ولك شيوعي وجد نفسه بين ليلة وضحاها, خارج صفوف الحزب جراء الممارسات البيروقراطية والأوامرية والأمزجة الشخصية, لكي يسهم في تجسيد النداءات الداعية الى وحدة الحزب".
وقبل بضعة ايام, وبالذات في اللحظات التي كنت أبحث خلالها, ضمن عدة خيارات,عن الموضوع الأنسب لهذه الزاوية, تسلمت, عبر الفاكس, من بلد آخر, رسالة مقتضبة مؤرخة في 28/12/1994, مرفقة ببيان حزبي, حررني من مهمة البحث عن الموضوع أنف الذكر.جاء في الرسالة :
الرفيق المحترم
تحية رفاقية
اطلعت على مقالكم في العدد الأول من < رسالة العراق>,ومساهمة مني في الاجابة عن سؤال أثرتموه < لماذا انت خارج الحزب...أيها الرفيق؟.ارسل لكم بيان < منظمة سلام عادل > الصادر في 27/12/1993, آملا نشره.
مع تمنياتي لرسالة العراق بالنجاح الحقيقي في خطها الجديد.
رفيقكم
أ.ذ
توقفت ملياً عند هذه الرسالة, وقرأت بإمعان البيان < القرار> المرفق الذي لم يسبق لي الاطلاع عليه والمعنون < قرار حل منظمة سلام عادل في الحزب الشيوعي العراقي>. وقد حمل في ثناياه هموما وجراحات وغصات وكلمات غاضبة على سياسات حزبية خاطئة..الخ ومما جاء فيه < لقد طالبت منظمة سلام عادل بوجوب عقد المؤتمر الخامس, وحددت شروط نجاحه,إذ اعلنت في البيان الصادر بتأريخ 2/12/1989:< ان على المؤتمر الخامس أن يضع الحزب في موقف يتجاوز فيه حالة الصراع الداخلي القائمة اليوم, وينطلق كحزب شيوعي ثوري موحد ,ليأخذ زمام المبادرة في معركة شعبنا ضد الفاشية, والقيام بدروه القومي عربياً, وواجبه الأممي عالمياً. أما إذا تركت خيوط الصراع لعواهنها وعفويتها, فإن تعقيد الخلافات سيكون نتيجة حتمية ستؤدي الى انشقاق الحزب الشيوعي العراقي طولاً وعرضاً.وأضاف البيان: < ان قيادة منظمة سلام عادل ايماناً منها بوجوب دعم القيادة الجديدة" بعد المؤتمر الخامس" ولتسهيل مهمتها التأريخية تعلن عن حل المنظمة ليشكل ذلك خاتمة خاتمة لمهمة نبيلة قد انجزتو ويقترن قرار الحل بالأتي :
أولا : إيقاف كامل نشاطات المنظمة على الصعيد التنظيمي , النشر , العلاقات, وكل المجالات الاخرى.
ثانيا : يحق لكل عضو من اعضاء المنظمة في خط المنظمة/ خارج الحزب في إتخاذ القرار الشخصي في عودته او عدمها الى صفوف الحزب.
ثالثاً : قطع جميع العلاقات التنظيمية بين رفاق خط المنظمة/ داخل الحزب والإندماج في منظماتهم الحزبية .
رابعاً : لا يحق الا للرفيق نفسه تقديم معلومات عنه شخصياً للحزب بعض النظر عن مستواه التنظيمي في منظمة سلام عادل او مستواه الحزبي في أطار الحزب, ولا يحق لأي رفيق أن يقدم معلومات عن أي رفيق آخر بغض النظر عن العودة أو عدمها الى الحزب.
خامساً : ابلاغ جميع القوى والأوساط الشقيقة والصديقة بهذا القرار وحثها على دعم القيادة الجديدة لحزبنا.
سادسا : يستثنى من قرار النشر كراس معد للنشؤ تحت عنوان < وثائق منظمة سلام عادل في الحزب الشيوعي العراقي : البيان الأول1979- أزمة الكويت >.1
لا أكتم سراً أنني حاولت معرفة خلفيات وموقف هذه المنظمة انطلاقاً من اهتمامي بمتابعة ورصد مواقف الرفاق والتنظيمات المعارضة للقيادات الحزبية المسؤولة عن ايصال الحزب الى حالته الماساوية التي سبقت المؤتمر الخامس : حالة التشرذم والإغتراب وو...الخ.2
ولكنني لم أحاول البحث عن <الكم> في هذه المنظمة بقدر اهتمامي بموقفها السليم الذي اتخذته, على النقيض من مواقف العديد من القادة والكوادر الذين اسهموا بشكل مباشر في , تشويه الوجه الناصع للحزب, وادعوا "الخلاف" معه لاسباب شخصية بعيدة عن المبادئ, بل وتحول البعض منهم الى اعداء لدودين وارتموا في احضان السلطة.
أن الشيوعيين العراقيين واصدقاءهم الذين اعتبروا المؤتمر الخامس منعطفاً هاما في مسار حزبهم ويأملون ان تجد قراراته وتوجهاته تطبيقاً حياً في الواقع العملي مدعوون للمشاركة الفعالة في تنفيذ هذه المهمة التأريخية, فالصراع بين القديم والجديد ما زال وسيبقى قائماً..ما دامت هناك أفكار وممارسات مشدودة للماضي.. القريب البعيد على حد سواء!.)3
1- المصدر : بلا رتوش- رسالة وبيان – سعود الناصري- رسالة العراق : العدد 2 كانون الثاني 1995.
2- لقد تعرض الرفيق الراحل سعود الناصري الى محاسبة شديدة بسبب نشره هذه المادة, وعند لقاؤنا به عقب ذلك في لندن , ابلغنا بأنه اضطر لانكاره معرفته بمنظمة سلام عادل والا سيتهم بأنه عضوا قياديا سريا في منظمة سلام عادل.
3- ما لم ينشر من البيان فقرة هامة مضمونها ان في اساس قرار حل منظمة سلام عادل هو الهدف المعلن من تأسيسها في بغداد بتأريخ 8 تموز 1979 , والا هو التصدي للحملة البعثية الفاشية ومحاسبة قيادة عزيز محمد الهاربة في مؤتمر شرعي , وهي منظمة ضغط من داخل الحزب وخارجه لتحقيق هذا الهدف , وكان لصعود عدد من الرفاق الى عضوية اللجنة المركزية والمكتب السياسي , من الذين نعرف تأريخهم وموقفهم الثوري دورا هاما في اتخاذ القرار , وما دام الشئ بالشيئ يذكر فقد انسحب هؤلاء من الترشيح للقيادة مجددا في المؤتمر السابع احتجاجا على تجاوز مقررات المؤتمر الخامس التي لا تسمح بانتخاب سكرتير الحزب لدورة ثالثة... كما حذرنا في بيان الحل من مخاطر النكوص عن مقررات المؤتمر لخامس كما جرى مع مقررات المؤتمر الوطني الثالي , هذا ناهيكم على تحفظنا الخاص بشخصية سكرتير الحزب الذي اعتبرنا حلوله بديلا عن السكرتير سابقا خيارا غير مناسبا على امل ان يعالح في المؤتمر السادس .. ولغل الاستشهاد ادناه من رأي البروفيسور كاظم حبيب القيادي الشيوعي المخضرم من شهادته حول اوضاع الحزب لناحية تقييم دور
عزيز محمد ولاحقا وراهنا حميد مجيد , استشهاد ذو دلالة في اللحظة التأريخة الراهنة كاظم حبيب :
** كان عزيز محمد عضواً في المكتب السياسي حين تعرض الحزب لضربة 1963, وكان في حينها لا يزال في كردستان العراق. وفي اجتماع اللجنة المركزية في العام 1965 انتخب سكرتيراً للحزب. كان الرفاق الذين انتخبوه يدركون أنه ليس بالنظري المتضلع بالفكر الماركسي, ولكنه كان مناضلاً جيداً وتحمل الكثير من عذابات السجون وآلامها وأطلق سراحه بعد انتصار ثورة تموز 1958, وكان سياسياً محترفاً في الحزب ودرس في المدرسة الحزبية السوفييتية. فكان الرجل مخلصاً لحزبه ووطنه, كما كان مخلصاً للحزب الشيوعي السوفييتي والاتحاد السوفييتي باعتبارهما حصن السلام وقلعة الشيوعية والفكر الماركسي-اللينيني.
لقد كانت قيادة عزيز محمد للحزب في فترة عصيبة مليئة بالصراعات الداخلية والخلافات الفكرية والسياسية ولم يكن في مقدوره أن يلعب دوراً أكبر مما لعبه حينذاك. وكان الوضع في الحزب يساعد على استمرار قيادته للجنة المركزية والمكتب السياسي وعدم تغييره. إن هذا لا يعني أن لم يكن هناك من هو أفضل منه نظرياً, بل كان هناك فعلاً من هو أكثر منه وعياً واستيعاباً للنظرية مثل عامر عبد الله أو غيره, ولكن كانت تنقصهم جوانب أخرى في العمل الحزبي, وكان, كما يبدو, أكثرهم قدرة على إدارة الصراع الداخلي وعلى تأمين توزان لصالحه, كما أن الحزب الشيوعي السوفييتي وجد فيه شخصية متفانية في حبها للحزب الشيوعي السوفييتي ومخلصة لحزبها الشيوعي. وبالتالي استمر فترة طويلة في قيادة الحزب.
لم يستطع عزيز محمد ولا قيادة الحزب كلها أن تلعب دوراً كبيراً في تحقيق الانتصارات, بل ارتكبت أخطاء فادحة وتحملت الكثير من النكسات, وكنت أنا واحداً من تلك القيادة التي أخطأت كثيراً, سواء بالتحالف مع البعث أم في مسائل سياسية أخرى. وحصلت كوارث فعلية في الحزب لم يكن وحده مسؤولاً عنها, ومن الخطأ تحميله كلها. كما من الخطأ القول أن الحزب خرج معافى, بل خرج الحزب وقد خسر مئات الكوادر الحزبية والمثقفة والنقابية وحملة الشهادات العالية والمناضلين الجيدين, سواء عبر استشهادهم على أيدي حزب البعث والحكم الدكتاتوري الفاشي أم في معارك بشت أشان أم في معارك أخرى في كردستان العراق.
ليس هناك إنسان كامل السلوك والسيرة أو من لم يرتكب أخطاءً, أنا وأنت كنا في هذا الحزب وكنا وفق مواقعنا مسؤولين بهذا القدر أو ذاك عن أخطاء الحزب أيضاً. ولكن كان على عزيز محمد وهو في مركز الرجل الأول في الحزب أن:
* يتخلى عن مسؤولية قيادة الحزب بعد نكسة 1978/1979, ويفسح في المجال لرفيق آخر يأخذ على عاتقه قيادة الحزب.
* أن يسعى لتغيير طاقم اللجنة المركزية ومكتبها السياسي, فمن غير المعقول أن يمارس الرفاق قادة التحالف مع حزب البعث, مسؤولية وقيادة الصراع ضد البعث.
* أن يخفف أو يقطع الطريق على الحزب الشيوعي السوفييتي ممارسة تأثيره على سياسة ومواقف الحزب الشيوعي العراقي.
* يبتعد عن بعض المسائل والتصرفات الشخصية في بغداد ودمشق التي عرضت شخصه والحزب إلى إساءات كان يمكن ويجب تجنبها.
لا أجد ما يبرر الخوض في السلوك الشخصي لهذا الرجل الحزبي أو ذاك, بل الأهم من كل ذلك هو تأثيرات ذلك الرجل على حياة وسياسة الحزب.
لدي القناعة بأن عزيز محمد, إذا كان مناسباً خلال السنوات الأولى من انتخابه سكرتيراً أولاً للجنة المركزية للحزب, فإنه لم يكن الرجل المناسب لقيادة الحزب تلك السنوات الطويلة اللاحقة التي بلغت 27 عاماً دون بروز قدرة على التغيير والتجديد والإبداع. بل كان الأفضل له وللحزب تغييره بعد فترة من الزمن ليأتي غيره ويساهم في تجديد الحزب. وهذه المسألة لا تقتصر على الحزب الشيوعي العراقي حينذاك, بل هي لا تزال فاعلة إلى الوقت الحاضر. كما إنها علة كل الأحزاب السياسية في الدول العربية, فمن يصل منهم إلى سدة المسؤولية لا يريد أن يتركها لغيره وقبل موته يريد أن يورثها لأحد أبنائه. والأحزاب الشيوعية هي الأخرى مبتلاة بهذه العلة إلى الآن. والوضع الراهن في العراق يدلل على ذلك أيضاً في تعامل سياسيي الأحزاب المختلفة مع المناصب الحزبية والحكومية.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=262126
ولعل من اهم المواقف القيادية الجريئة المستندة الى رؤية تأريخية ومعرفية , هو موقف الدكتور سامي خالد عضو المكتب السياسي ( المؤتمر الخامس – المؤتمر السابع حيث قرر عدم الترشيح لعضوية اللجنة المركزية جنباً الى جنب مع مع عدد من الشخصيات القيادية)
رؤية تدلل ان تحذيرنا المبكر من خطورة النكوص عن مقررات المؤتمر الخامس قد كان في محله :نورد الاستشهادات الوافية التالية من هذه الرؤية التأريخية المعرفية الجريئة كخاتمة لهذه المادة عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي , الذي يحدونا الأمل في أرادة مندوبيه وقدرتهم على وضع الحزب على سكة العمل الثوري مجددا , على طريق الشعب , طريق حزب فهد وسلام عادل وحسن سريع وخالد احمد زكي ومحمد الخصري وعلي جبار وام علي وستار غانم ووضاح حسن.. حزب الشهداء .. حزب الطبقات الكادحة وأملها في انقاذ العراق وطنا وشعبا من الاحتلال والقوى الطبقية الطائفية الاثنية الفاسدة , فلنوحد قوانا اليسارية والديمقراطية والوطنية من اجل وطن حر وشعب سعيد:
(انطلق المؤتمر الخامس من قناعة بضرورة وأهمية الديمقراطية والتجديد في حياة الحزب الداخلية وفي مجمل نشاطه. والنظرة السريعة للوثائق الصادرة عن المؤتمر كافية لتأكيد ذلك, حيث جاء في البلاغ: ( سادت مداولات المؤتمر الذي حمل اسم مؤتمر الديمقراطية والتجديد أجواء من الحرية التامة والصراحة، واتسمت المناقشات بالعمق والبحث الجاد، والسعي للوصول الى أجوبة معللة للأوضاع التي يواجهها العراق، مما جعله مؤتمراً نوعياً وخطوة هامة على طريق التجديد وترسيخ الديمقراطية).
وبذات الوقت، أقر المؤتمر التباينات في وجهات النظر, حيث جاء في بيان اللجنة المركزية للحزب الصادر بعد اختتام أعمال المؤتمر الخامس النص التالي المتوفر الآن على موقع الحزب في الانترنت :- (أظهرت مناقشات المؤتمر ومداولاته التي جرت في جو من الديمقراطية والمكاشفة الرفاقية الجريئة وجود تباينات في الرؤية, والاجتهاد إزاء مختلف مفاصل الحزب وسياسته الى جانب الحرص الشديد على وحدة الحزب، وتعزيز مكانته وتطوير نضاله).
هذا التشخيص الدقيق لوضع الحزب في تلك المرحلة، يعبر عن المدخل الصحيح لعملية الديمقراطية والتجديد، التي بدأت بتحليل الأوضاع وتشخيص مواطن القوة والضعف، ثم التحديد الملموس للمعالجات. فالبداية جاءت من القناعة بضرورة التجديد، وأكد ذلك التقرير السياسي والتنظيمي للمؤتمر الخامس الذي جاء فيه: (أن حزبنا لا يستطيع العيش على أمجاده النضالية فقط وهو مطالب بان يجدد نفسه انطلاقا من كون التجديد حاجة موضوعية ملحّة).
وقد ترجمت عملية الديمقراطية والتجديد في جملة من القضايا من بينها:
- نشر الوثائق في وسائل الإعلام.
- الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية.
- مشاركة القاعدة الحزبية في رسم السياسة العامة.
- علنية الفكر والسياسة .
- ضمان حق الأقلية في الاحتفاظ برأيها والدفاع عنها ونشرها في الصحافة الحزبية.
هذه القضايا وغيرها وجدت تطبيقها العلمي رغم المعوقات التي واجهتها. وكانت وثائق المؤتمر الخامس دقيقة حينما أشارت الى الصعوبات التي تعترض عملية الديمقراطية والتجديد ومن بينها:
- الانشداد الى الماضي وممارساته الخاطئة.
- حكم العادات المترسخة في سلوك الرفاق القياديين والكوادر والأعضاء والتي يشكل التخلص منها مهمة شاقة.
إذن يمكننا القول أن المؤتمر الخامس أرسى بداية صحيحة وناجحة لعملية الديمقراطية والتجديد في الحزب وعموم نشاطه.. لكن الى أي مدى استمرت هذه العملية على مستوى التنظير والتطبيق؟
عملية الديمقراطية والتجديد في المؤتمرات اللاحقة( السادس، السابع، الثامن)
واصل الحزب التأكيد على الديمقراطية والتجديد في مؤتمراته اللاحقة، ولكن بدرجة اقل وبحماس اضعف وبتطبيق مقيد.
فعلى الصعيد النظري الوثائقي نجد المؤتمر السادس (1997) الذي انعقد بعد (4) سنوات من المؤتمر الخامس وقف عند المنجز من هذه العملية وقيمّه إيجاباَ، وأشار الى أن الجدل قائم داخل الحزب حول الموضوع، وحدد ثلاثة اتجاهات وهي:
1. الاتجاه المحافظ المتسم بالركود والأنشداد للماضي.
2. الاتجاه ألعدمي المتسم بالليبرالية والتحلل من الالتزامات السياسية.
3. الاتجاه التجديدي الذي يسعى باستمرار للاقتراب من الواقع والتعامل بموضوعية مع الظواهر.
وجاء في وثائق المؤتمر السادس( ومن بين هذه الاتجاهات العامة الثلاث هناك وسط لم يتبلور موقفه بعد, يظهر في حالات التأييد العفوي وفق اعتبارات آنية لهذه الوجهة أو تلك. غير أن هناك حقيقة واضحة وهي أن الرأي العام الحزبي الغالب هو مع عملية التجديد والتطوير بالمنظور الذي يسعى إليه الحزب).
الملاحظ هنا، أن المؤتمر السادس لم يقم بتحقيق دفعة الى الأمام على هذا الصعيد، ثم لم تثبت الحياة دقة استنتاجاته بخصوص الاتجاهات الثلاث المذكورة، وإذا وجدت، فهي اقل من ميول متناثرة غير واضحة المعالم والتأثير بما في ذلك الاتجاه التجديدي. وأخيرا نجد أن المؤتمر في الوقت الذي أكد أن التجديد ( مهمة الحزب كله وليس شأناً يخص القيادة وحدها) حذر بذات الوقت من مخاطر على العملية حيث جاء في وثائقه: (أكدت تجربتنا كم هي خطرة على عملية التجديد المعايير الذاتية والانتقائية التي تنطلق من مواقف مخلة بموضوعية هذه العملية واظهر ذلك مدى حاجتنا الى الواقعية في رصد الظواهر في حياتنا الحزبية) دون أن تحدد الوثيقة الحزبية ما هي المعايير الذاتية المذكورة وما هي المواقف المخلة. إلا أن ذلك يوضح مواقف الحزب التي تميزت بمخاوف من استمرارية عملية التجديد رغم أن الوثيقة (وثائق المؤتمر السادس)أكدت على (أن البعض يعبر عن قلقه وشكوكه في قدرة الحزب على مواصلة نهجه التجديدي وخشيته من التراجع عن هذا المسار) ويبدو لي اليوم بعد أكثر من عقد من الزمن أن هذا القلق كان في محله.
ولو انتقلنا الى المؤتمر السابع للحزب(2001) فسنجد علامات التراجع أخذت وضوحاً اكبر وبدلا من السير باتجاه تعميق الديمقراطية والتجديد نجد إبراز المخاوف ووضع القيود, حيث أكدت وثائق المؤتمر السابع (أن مواصلة عملية التجديد لا تنسجم مع الفوضى والعفوية، فهذه العملية ليست تهويمات وقفزاً في المجهول ولا سعياً الى صراعات لا أساس لها في الواقع).
ومع أن الحزب لم يعلن تراجعه عن هذه العملية إلا إننا نجد على مستوى التطبيق البطء في التجديد بذريعة الصعوبات من جهة وبروز حالات من الفوضى من جهة أخرى.
أما في المؤتمر الثامن(2007) وهو أول مؤتمر بعد سقوط النظام الدكتاتوري في 2003 - الذي انعقد في بغداد فأقر المؤتمر الوثيقة الفكرية المعنونة(خيارنا الاشتراكي:دروس من بعض التجارب الاشتراكية) والتي توقفت عند موضوعة الديمقراطية والتجديد.
وركزت الوثيقة على المخاوف حين أشارت( أن بعض التجاوزات أو مظاهر الخروج عما هو نظامي في مجال إبداء الرأي يجب أن لا تدفع الحزب للتخلي عن الاتجاه الصحي السليم الذي اتبعه).
وأكدت الوثيقة على مسألة مهمة وهي: ( أن عملية التجديد والدمقرطة داخل الحزب الشيوعي العراقي عملية ضرورية وحاجة موضوعية حقيقية لتشخيص نواقصنا وأخطائنا وسبل معالجتها). وسردت الوثيقة مجموعة من الجوانب الايجابية من بينها انتظام عقد الاجتماعات ... وأشارت الى عوائق موضوعية وذاتية تواجه عملية التجديد ومنها:
- الحالة السياسية في البلد.
- الثقافة السياسية السائدة.
- ضعف التقاليد الديمقراطية.
- التخلف الاقتصادي والاجتماعي.
- المفاهيم والتقاليد البالية.
- الموروث الفكري الذي لم يعد يواكب الحياة.
- صعوبة تغيير النفس وتبني الجديد.
- القراءة الخاطئة للواقع ومتغيراته.
- النظرات القاصرة والتفسيرات اللاموضوعية للظواهر.
- التطبيق غير السليم للتوجهات الجديدة.
ورغم أهمية هذه القضايا التي شخصتها الوثيقة، إلا إنها أغفلت جوانب أخرى لا تقل أهمية الموضوعية منها و المتعلقة بالتغيرات في العراق بفعل الحرب، والاحتلال، والصراعات السياسية من جهة، والذاتية المتعلقة بالحزب وطرق عمله و دور القيادة الحزبية في التجديد من جهة أخرى.. اخذين بالاعتبار أن الحزب انطلق من فكرة أن الديمقراطية في حياته الحزبية هي المدخل للديمقراطية في المجتمع وهي فكرة بالغة الأهمية وتشكل الفهم الصحيح للديمقراطية والتجديد.. فالوثيقة لم تشر الى مسؤولية القيادة الحزبية في الجانب الذاتي ومسؤوليتها في تحديد آليات العلاج. ووجدت هنا أن العوائق التي ذكرها الحزب اقرب الى التبرير من التفسير.
الإشكاليات والمعالجات
في ضوء ما مرّ ذكره، نجد جملة من الإشكاليات، بل والتحديات التي تواجه عملية الديمقراطية والتجديد التي أطلقها المؤتمر الخامس عام 1993 ومن بين هذه الإشكاليات:
1. عدم السير التصاعدي في العملية بل والتراجع والبطء في مسارها.
2. لم تصبح هذه العملية مهمة الحزب كله، بل لم تصبح مهمة القيادة كلها وظل التفكير المحافظ والمتردد هو السائد، والذي ينطلق من الخوف من السير عميقا في العملية خشية من تداعياتها المحتملة واحتمال عدم إمكانية ضبط إيقاعها.
3. إن الأزمة السياسية الراهنة في البلد، والناتجة عن المرحلة الانتقالية وما رافقها من تداعيات بفعل نهج المحاصصة الطائفية/القومية وتغليب المصالح والولاءات الضيقة على المصالح الوطنية، انعكست سلباً على الحزب ونشاطه، حيث لم يتناسب نفوذ الحزب مع حجم العمل والتضحيات، وتكمن وراء ذلك أسباب موضوعية وذاتية:
الموضوعية، تتمثل في انه لم يتح للمجتمع استيعاب قيم الديمقراطية في شموليتها، كون ذلك يتطلب مستوى معرفياً عالياً ولذلك حدثت أزمة داخل المجتمع تنعكس بدورها على الحزب. وأكدت انتخابات 2005 الأولى والثانية على سيطرة الو لاءات الضيقة على الناخبين( حسب تقديرات منظمات محايدة فإن 10% من الناخبين صوتوا لصالح البرامج والقوى العابرة للتقسيمات الطائفية والقومية تلك القوى الحاملة للمشروع الوطني والديمقراطي). ويواجه العراق اليوم تحدي التشظي بين التركيبات المكونة للمجتمع (الدينية والمذهبية والقومية والمناطقية) وبروز قوة الهويات الفرعية التي تطالب بحقوقها الدينية والرمزية والتمثيلية داخل تركيبة النظام السياسي الحاكم والنخب الحاكمة التي تتسم بالجمود والركود السياسي وتحتاج الى إصلاحات سياسية, كل ذلك ينعكس بصورة مختلفة على الأحزاب السياسية ومنها الحزب الشيوعي.
أما الأسباب الذاتية، فتكمن في طرائق التفكير وآليات العمل التي اعتمدها الحزب بعد 2003 تلك الطرائق التي غلب عليها طابع الاستمرارية من الماضي أكثر من اعتماد الأساليب الجديدة والمتنوعة.
وإذا نذكر كل ذلك لا نغفل التعقيدات والصعوبات التي واجهت الحزب وحملة العداء ضده وان مجرد وجوده وعمله الجديد في المحافظات يمثل كلفة عالية تطلبت التضحيات.
4. ضعف التيارات الديمقراطية عموما، واليسارية خصوصا، وتشتت قواه وضعف التنسيق بين مكوناته. ويعود ذلك الى ذات الأسباب الموضوعية والذاتية، التي جرت الإشارة الى البعض منها ورغم محاولات الحزب الشيوعي الدؤوبة في معالجة هذه الإشكالية إلا أنها لا تزال قائمة وتبدو صعبة الحل, خاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار تزايد الميل الشعبي المعبر عن فكرة ضعف الثقة بالأحزاب السياسية.
وهذه الإشكاليات والتحديات تقودنا بدورها الى مجموعة استنتاجات تتعلق بموضوعة الديمقراطية والتجديد وهي :
1. مثلما كانت هناك عوامل وأسباب موضوعية وذاتية أدت الى إطلاق عملية الديمقراطية والتجديد,هناك عوامل وأسباب موضوعية وذاتية أدت الى تعثرها.
2.عملية التغيير في الطاقم القيادي التي شهدتها المؤتمرات الحزبية الأربعة الأخيرة لم تقترن بتغيير وتطوير فكري ، بمعنى أن التجديد في الكادر لم يترافق مع التجديد في الفكر.
3. الكثير من التشخيصات الهامة التي توصلت إليها المؤتمرات الحزبية وثبتت في الوثائق بقيت محصورة في إطار التوثيق ولم تترجم بآليات عمل مناسبة, وان تراكم الخبرة والدروس لم يجد صداه في تطور يقود الى نتائج ملموسة على صعيد نفوذ الحزب. وأصبحت المؤتمرات الحزبية ما بعد المؤتمر الخامس ليست أكثر من استحقاقات حزبية.
4. اللهاث وراء المتغير السياسي اليومي الضاغط، أدى الى إهمال التفكير بالخطط والبرامج ولم يفلح الحزب معالجة التناقض بين الشكل والمضمون في فكره وعمله..حيث جرت بعض التغيرات في سياسته و مواقفه ولكنه ظل متمسكا بقضايا شكلية.
5. الفرصة التي أتيحت للحزب خلال السنوات 2003- 2008 من العمل العلني المفتوح لم تترجم بنشاط فكري إعلامي سياسي ينسجم مع تجربته وخبرة وتاريخ الحزب. ويرتبط ذلك بضعف الإستراتيجية المؤسسية.
وانطلاقا من ما مرّ ذكره من ظواهر وأسباب واستنتاجات، تتعلق بعملية الديمقراطية والتجديد وأثرها على الحزب ومستقبله, أضع المعالجات التالية:
1. يحتاج الحزب اليوم الى عملية تجديد جديدة أو للدقة عملية إصلاح في مجمل عمله لكي ينهض ويلعب الدور اللائق به، لا ليكتفي بما هو عليه الآن. والتجديد أو الإصلاح يشمل:
- المجال التنظيمي: آليات العمل والقيادة.
- المجال السياسي: صناعة وإدارة السياسة الحزبية.
- المجال الفكري:إشاعة الحوار والتفكير النقدي.
والإصلاح، ليس الخروج من التاريخ بل الحوار مع الحاضر، بالاستفادة من الماضي ودروسه عبر فحص التجربة وتصويب مسارها. هذا يؤدي بدوره الى تنفيذ السياسة العامة بعد إصلاحها وتحويلها من حالتها الإعلانية كقرار، الى حالتها الميدانية كعمل تنفيذي. وان الإصلاح والتجديد والتحليل النقدي هو الذي يصوب الخطأ في الفكر وهو الذي يصوب الخطأ في الممارسة. وضرورة الإصلاح تأتي من وجود خلل بين واقع معاش وبين وعي بتأخر هذا الواقع وتطلع الى تغييره.
2. صياغة وإعداد برامج وآليات عمل تقوم على ربط الفكر بالممارسة والتفكير بالسياسة، على مستوى الحزب ومستوى المجتمع. أن قوة الفكر، لا تنبع من الوصفات السحرية التي يقدمها ولكن من الآفاق التي يفتحها والحوافز التي ينتجها لبعث التفكير عند أعضاء الحزب، ثم أعضاء المجتمع وحث الآخرين على المشاركة فيه وبالتالي تحقيق القدرة على التفكير والمشاركة والتفاعل. وكل هذا يؤدي الى دفع الناس للتفكير في واقعهم واخذ مصيرهم بيدهم, خاصة، وأننا نعيش في واقع تبحث فيه الجماعات عن فرصة إعادة بناء هوياتها حسب معايير الحقبة الراهنة ومؤشراتها (في أوربا اليوم يتحدثون عن هوية أوربية تتجاوز الهويات الوطنية في حين دفعت أزمة الهوية عندنا صوب التناحر والاقتتال والتراجع عن الهوية الوطنية لصالح الهويات الفرعية و الولاءات الضيقة مما يحول دون تحقيق المشروع الوطني الذي يطرحه الحزب).
3. لا تنفصل موضوعة الإصلاح والتجديد عن موضوعة الديمقراطية وقد أكد الحزب هذا الارتباط العضوي بينهما. ولكن هذا الجانب بحاجة الى أغناء وتفعيل. فالديمقراطية عملية تراكمية لكي ترسخ مؤسساتها وآلياتها وثقافتها وتصبح متأصلة في العقليات والممارسات، سواء تعلق الأمر بالحزب أم بالمجتمع. وضمن توجه الحزب لتحقيق الإصلاح يبرز السؤال: كيف يمكن انجاز تراكمين متكاملين مترابطين: تراكم اقتصادي لإرساء الديمقراطية على قاعدة اقتصادية, وتراكم سياسي وديمقراطي لكي تصبح الديمقراطية بنية النظام الاجتماعي والسياسي؟. وبهذا نحول دون إخفاق حركة الإصلاح في الحزب وفي المجتمع.
4. إيلاء المزيد من الاهتمام للفكر والثقافة والتخلص من صيغ التلقين واستبدالها بثقافة مناقشة الأفكار والرؤى والمشاريع وتشجيع المبادرات الفكرية الخلاقة القادرة على تقوية الحزب وانتشاره وفتح فضاء للحوار حول وضع الحزب وعلاقته بالواقع العراقي من جهة والمعارف الكونية من جهة أخرى. ولا يكون موضوع الحوار التبشير بالحقائق المطلقة بل البحث والتفكير النقدي. نحن بحاجة الى اختبار قدراتنا على الفهم والعمل , اختبار قدراتنا على الإقناع من خلال الحوار.
5. دلّت التجربة الملموسة في الحزب على أن القيادة تلعب دوراً رئيسياً في عملية التجديد (دافعاً أم كابحاً) سلباً أم إيجابا.. وان التلقي هو السمة الغالبة للقاعدة الحزبية أكثر من المشاركة الفاعلة ارتباطا بالتنشئة السياسية والحزبية والضوابط ونظام الطاعة في بنية الحزب التنظيمية. لذا تقع على القيادة ( القيادات) الحزبية العليا والوسطية مهمة المبادرة في عملية الإصلاح وتحضير القاعدة الحزبية لممارسة دور اكبر في رسم وتنفيذ السياسة وعدم الاكتفاء بدور المراقب أو المنفذ الشكلي لتلك السياسة .
إن اتساع قاعدة المشاركة في الإصلاح والتجديد ضمانة أساسية لنجاحهما,وكل ذلك يساعد في الانتقال من اللغة الوعظية الى اللغة العلمية.
وأخيرا وليس آخرا، أن التجديد ضرورة موضوعية, والإصلاح آلية مناسبة لتحقيقه.. وان التأخر في انجاز هذه المهمة نظريا وعمليا يلحق الضرر بالحزب والمجتمع.
وإذ بات واضحاً أن هذه العملية عسيرة ومعقدة, ينبغي ألتأكيد على أن إدارة التجديد تأتي في إطار الاستمرارية..أي أن بقاء الحزب واستمراريته وتطور نشاطه يشكل أسبقية الأسبقيات. فالتجديد لا يعني النيل من الحزب ووحدته بل الارتقاء بدوره، وان المفهوم العقلاني للحزب السياسي بالمعنى الحديث يقوم على برنامجه السياسي , ويعني البرنامج وحدة الأهداف والوسائل المؤدية الى تحقيقها عبر دينامية تقوم على تكييف آليات العمل بالارتباط مع تغير الظروف. وهنا يتحقق الربط بين عملية التجديد على صعيد الحزب وأشاعة الديمقراطية في المجتمع. ويكون التجديد دافعا لتغيير الواقع نحو الأفضل عبر التحكم في عامل الزمن لتدبير هذا التغيير.
وبذلك يكون الحزب الشيوعي العراقي حقا ًحزباً واقعياً وعصرياً ومتجدداً ورافضاً للجمود الفكري , وبذلك أيضا نحول دون إخفاق حركة التجديد والاصلاح والديمقراطية. فالحزب يمتلك خبرة طويلة متراكمة ومنهج جدلي وفكري علمي، إضافة الى رصيد اجتماعي وسياسي. وكل ذلك يجعله جديرا بالتطور والنجاح والاستجابة الناجحة للتحديات .. إنها أسئلة التجديد المنطلقة من جدل الفكر والممارسة.
أن ألـ (15) سنة المنصرمة من عمر عملية الديمقراطية والتجديد، تشكل تجربة غنية(بنجاحاتها وإخفاقاتها) ومصدرا لا غنى عنه، من اجل الانتقال صوب التطبيق الأفضل لبرامج وتوجهات الحزب والتحقيق الانجح لأهدافه وغاياته.
كل ما ذكرناه يؤكد أن التجديد سيرورة معقدة ومتشعبة وذات خطوط متعددة يساهم بها جميع الذين يهمهم حاضر الحزب ومستقبله, عبر عمل يومي ومراس ذاتي وجهد حثيث, وكلها نشاطات تتراكم لتؤدي الى تحقيق الهدف المطلوب.)- الدكتور سامي خالد الحوار المتمدن - العدد: 2579 - 2009 / 3 / 8-
في ختام موادنا عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي نجدد ايماننا المطلق بتأريخ شعبنا الوطني التحرري , واذا كانت ثقتنا بحتمية انتفاضة الشعب العراقي موضع شك لدى < المتلبرلليين الجدد> قبل النهوض الشعبي العربي الثوري , فأن الثورات الشعبية العربية المنتصرة ستساعد موضوعيا على انهاض الشعب العراقي من كبوته ليحلق طائراً على اجنحة الثورة الشعبية الأتية حتما و الثورات التي اطاحت بديمقراطية الاحتلال مرة واحدة والى الابد.
فالأنتفاضة الشعبية هي طريق الشعب العراقي نحو التحريروإقامة الدولة الوطنية الديمقراطية , إذ لم يتعرض ايا من بلدان وشعوب المنطقة الى ما تعرض ويتعرض له العراق وطنا وشعبا ، من حيث حجم الظلم والاضطهاد والتقتيل، حتى بات ينافس الشعب الفلسطيني في حجم المآساة. فبعد اربعة عقود من الحكم البعثي الفاشي التدميري ، يعيش العراق سنوات مرعبة وحملة تقتيل وتهجير تحت الاحتلال الاحتلال الامبريالي المباشر وحكوماته التي تستهدف العراق وطنا وشعبا.
ان الصراع المحتدم بين حيتان الاحتلال يستهدف بالدرجة الاولى الوصول الى نقطة اللاعودة للوحدة الوطنية العراقية ومن ثم تحقيق حلم القوى الاقطاعية والرجعية في تقسيم البلاد الى اقطاعيات طائفية عنصرية
ان الشعب العراقي هو وحده القادر على افشال مخططات المحتل وحكوماته الصنيعة ، عبر تصعيد كفاحه الاحتجاجي الدائر اليوم الى اعلى درجاته، باعلان العصيان المدني والانتفاضة الشعبية لقطع الطريق على تنفيذ هذا المخطط الاستعماري ، ومن ثم قبره، وتشكيل الحكومة الوطنية الانتقالية القادرة على حل المشاكل الكبرى التي يعانيها الشعب ، ومن ثم الوصول بالشعب والوطن الى بر الأمان.
نتمنى لمندوبي المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي النجاح في تبني برنامج وطني تحرري يعيد الحزب الى ماضيه الثوري المجيد ,ليقوم بدوره التأريخي الراهني, ونتعهد للشهداء بأننا عن الدرب الذي ساروا لن نحيد حتى تحقيق شعار وطن حر وشعب سعيد
التيار اليساري الوطني العراقي – المكتب الاعلامي
العراق المحتل
08/09/2011
يرجى ملاحظة ان الكتاب يعد للنشر من قبل دار سلام عادل للنشر والتوزيع, ضمن .. وينشر على موقع الحوار المتمدن قبل صدوره .. لتعميم الفائدة وللحفاظ على تواصل الذاكرة بين الاجيال اليسارية , اضافة الى خلق ارضية للتعاون بين القوى اليسارية العراقية من اجل استكمال تحرير العراق وبناء الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية .. فاقتضى التنويه
مع التقدير
المكتب الاعلامي
مكتبة اليسار - فصول من كتاب يُعد للنشر*
عنوان الكتاب : اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة
(1921-2011)
الكاتب : صباح زيارة الموسوي
الجزء الاول : سقوط النظام البعثي الفاشي واحتلال العراق 9 نيسان 2003 - خروج قوات الاحتلال 31/12/2011
الجزء الثاني : انقلاب 8 شباط 1963 البعثي الفاشي الاسود - احتلال العراق 9 نيسان 2003
الجزء الثالث : تأسيس الدول العراقية 1921- ثورة 14 تموز 1958 الخالدة
تاريخ نشر المادة : 08/09/2011
#التيار_اليساري_الوطني_العراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟