|
دراسة ظاهرة الارهاب الاسلامي وعلاقة الدين في العلاقات الدوليه
تيسير خروب
كاتب وباحث
(Taiseer Khroob)
الحوار المتمدن-العدد: 1092 - 2005 / 1 / 28 - 08:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كان اول صدام مباشر بين الاسلام والغرب المسيحي بصورة واضحة للعيان وقضيه بارزه في العلاقات الدوليه بين الدول جميعا هو نجاح الثوره الايرانيه(1978_1979م) حيث اصبحت قضية الاسلام وتحديه المفترض للغرب شاغلا دوليا مستمرا وهو هاجس شارك فيه ساسة الدول الغربيه وعدد من القيادات الاسلاميه التي عملت الاخيره على ايجاد قوه اسلاميه لفرض برنامج سياسي مستمد من الدين على مجتمعاتهم مع العلم ان معظم المسلمين في العالم ليسوا انصارا لهذه الحركات الاسلاميه ولا مع تطبيق برامجها0 فمنذ 14 قرن من التاريخ الاسلامي ومع تنوع التفسيرات المختلفه للدين الموجودة في عالم اليوم تبين ان التطبيق الصارم لمجموعة الشرائع والمباديء القديمه على الحياه السياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه ليس امرا مشتركا بين كل المسلمين 0 فعندما جاء التحدي الايراني من الجمهوريه الاسلاميه والتي تشغل مكانا استراتيجيا في غرب آسيا مع ثروتها البشريه المتزايده لتعلن هدفها في تصدير الثوره الى مناطق الجوار اولا واعلان حالة العداء التام لامريكا والغرب الاوروبي عندما بدأتها بأحتجاز الر هائن الامريكيين واتهامهم بالتجسس على ايران ومحاولة افشال نجاح الثوره الاسلاميه التي صورها قادة الثوره على انها مؤامره ضد الاسلام والمسلمين0 وعندما نشبت الحرب الايرانيه العراقيه (1980_1988م) وما رافقها من مناورات سياسيه وتداعيات فقد لفتت ايضا انظار امريكا والغرب الى منطقة الشرق الادنى لتشارك بهذا الصراع بعقد اتفاقيات مع طرف ضد الطرف الاخر 00وفي النهايه امداد كلا طرفي النزاع بالاسلحه والتكنولوجيا لتسعير حالة الحرب وتحقيق مكاسب باتجاهين:الاول تجارة الموت ( تجارة السلاح) عبر شركات غير حكوميه او وسطاء دول او اشخاص0 واتجاه آخر لمعرفة ورصد ما يحدث في المنطقه وما يمليه ذلك على سياسة الغرب تجاه منطقة الشرق الادنى0 وهناك راي آخر لتفسير ظاهرة العداء بين الاسلام والغرب وهو انتهاء الحرب البارده بين المعسكر الراسمالي الغربي والشيوعي قد استدعى خلق او بعث نزاع قديم والمفترض وجوده اصلا بين العالم الاسلامي والعالم المسيحي ليبقى العالم ضمن دائرة صارع لا ينتهي تكون الولايات المتحده الامريكيه العنصر الفاعل والمؤثر فيه0 فالحركات الاسلاميه ترفض قيم الغرب العلمانيه مثلما ترفض قيم الالحاد الشيوعيه وترفض الديمقراطيه الجديده لكلا المعسكرين وحكم القانون المدني والمساواه بين الرجل والمرأه وبين المسلمين وغير المسلمين مما جعلهم يعتنقون تعميمات عصريه عن الغرب والشرق غير المسلمين حتى انهم لم يفرقوا بين من يعادي الغرب كالهندوس مثلا الذين يلتزمون بصراع طويل مع الغرب لعقد تحالفات او صداقات لابراز اهدافهم والحركه بمرونه اكثر ومراجعة برامجهم في تحويل العالم كله الى الاسلام عن طريق الجهاد0 واولى التهم التي واجهت الاسلام منذ عقود هو انه يسوغ الارهاب ويشجع عليه من خلال ما تقوم به الجماعات الاسلاميه بتوجيه ضرباتها الى غير المسلمين خصوصا ضد امريكا والعالم الاوروبي من خلال اختطاف الرهائن والطائرات والقيام باعمال تفجيريه في الاسواق والشوارع العامه او الاغتيالات00اما للفت الانظار اليهم او لاعتبار ان هذه الاعمال ستؤدي بالنهايه الى فرض سيطرتهم وتحقيق مكاسب سياسيه وفرض الهيمنه للحصول على مطالبهم0 ليقودنا ذلك الى ان هناك اسلامين منفصلين كلا عن الاخر: هناك اسلام مسالم ومتسامح ومنفتح على العالم ومستعد للحوار والتعايش السلمي مع غير المسلمين00واسلام آخر اصولي متطرف ذو ميول نضاليه تدعو الى الجهاد وتصوير العالم على انه مؤمن وآخر كافر0 ودليلهم على ذلك من النصوص القرآنيه التي تحمل كلا التفسيرين او ان هناك تأويلات للنصوص القرآنيه حسب سياسة وايديولوجية الحركه واهدافها0 وبالنظر الى الماضي نجد انه ليست هناك علاقه تاريخيه بين السياسه والارهاب والهويه الاسلاميه وحين ظهر اصطلاح الارهاب بمعناه المعاصر لم يكن المسلمون هم اول من مارسه فهناك الكثير من الارهاب في العالم 00في ايرلندا الشماليه مثلا00فلم يكن العالم الاسلامي هو الذي نظم مذابح اليهود في محارق هتلر اثناء الحرب العالميه 2 ولا هو من طرد وشرد اليهود السيفارديم من اسبانيا0 ومفهوم الخطر الاسلامي والحديث عن النزاع عبر تاريخ طويل بين العالم الاسلامي والعالم المسيحي الغربي قد انتهى بأنتهاء الامبراطوريه العثمانيه الاسلاميه فمجموع قوى العالم الاسلامي اليوم تقل كثيرا عن الغرب وغير المسلمين00حتى لو افترضنا ان كل دول العالم الاسلامي شكلت تحالفا للعمل الموحد ضد الغرب وامتلكت دوله مسلمه سلاحا نوويا او دولتين فأن أي استخدام كهذا سيكون قليلا وغير مؤثر بالمقارنه بما يمكن لخصومه ان يلحقوه به0 فالاسلام لا يقدم شيئا عن الظروف التي ينبغي فيها معارضة الدوله والخروج على الحاكم00او تاييدها وما اذا كان ينبغي ان توجد دوله اسلاميه واحده (خلافه) او دول اسلاميه كثيره وما اذا كان على المسلمين ان يعتنقوا الحداثه او التقليد00ورغم ان الكثير من المعارضين للدوله الاسلاميه من غير المسلمين يرون ان الاسلام والحضاره الغربيه الديمقراطيه لا يمكن التوفيق بينهما وفي المقابل نجد في العالم الاسلامي نفسه من يؤيد هذا الطرح كالعربيه السعوديه التي يرى حكامها ان الحضاره الغربيه وما حققته من انجازات ومكاسب شيء جميل وجدير بالاحترام والتقدير لكنه لا يصلح للسعوديين0 وايران المسلمه تطرح الشعار نفسه وهم يصرون على ربط السياسه بالدين ورفض الديمقراطيه في بلدانهم لانها تفترض العلمانيه وتدعو الدوله الى ان تعمل وفقا لحكم القانون واحترام حقوق الفرد والتسامح الديني وتعددية الافكار والنظم السياسيه0 وللتاريخ والحق نقول ان مشكلة الدين والسياسه ليست خاصه بالعالم الاسلامي وحده دون سواه فكثير من النزعات القوميه الاوروبيه مثل الصوره الايرلنديه يحكمها الدين كذلك النزعات القوميه المسيحيه اليونانيه والصربيه والقبرصيه اليونانيه والروسيه والهندوسيه في الهند0 لكن بلدا مثل تركيا حكمت كخلافه اسلاميه لاكثر من 500سنه وبسطت عباءتها الدينيه على مساحات واسعه من العالم سواء في الشرق الادنى العربي او في دول اوروبيه اخرى استطاعت في سنوات قليله ان تفصل الدين عن الدوله وتصبح دوله علمانيه تسير على خطى العالم الاوروبي بكل اتجاهاته والسير نحو التحضر السريع والمنافسه على مراكز التعلم واجراء التغييرات الثقافيه والاجتماعيه والاقتصاديه للانظمام للاتحاد الاوروبي0 وفي الختام نستطيع القول ان العلاقات الدوليه بين العالم الاسلامي والعالم الغربي ستستمر بين مد وجزر حسب الظروف والاحداث الاقليميه المحركه للقوى العظمى والتدخل في شؤونها0 وستظل الحركات الاسلاميه متنوعه ومختلفه يحددها واقع دول بعينها وتتاثر بمصالح الدوله وستبقى اقرب الى التنازع فيما بينها كما هي في حالة ايران والعراق/ والجزائر والمغرب / وليبيا مصر من ان تتحد ضد الغرب ولا يمكن ان يكون هناك تحدي اسلامي كبير ضد الغرب لا لان الدول الاسلاميه اضعف كثيرا من الدول الغربيه فحسب بل لانها لا تمثل تحالفا اسلاميا متماسكا دوليا00وستظل معظم هذه الحركات الاسلاميه معنيه بما يجري داخل العالم الاسلامي والتنافس فيما بينها والصدام احيانا اكثر منها اهتماما بالعالم الخارجي والتركيز على التصريحات والبلاغات الخطابيه وابراز الشعارارت المعاديه للغرب واتهامه بالعداء للعالم الاسلامي .ن
#تيسير_خروب (هاشتاغ)
Taiseer_Khroob#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعقيب على مقالة الاستاذ غسان علي غسان00مؤامرات الحميراء
-
صدام حسين ومحاولة استغلال الدين في تعبئة الرأي العام الاسلام
...
-
اميره عربيه تتخلى عن الدين وحياة القصور في سبيل الحب
-
القياده الفسطينيه .. ومرحلة السلام القادمه
-
امريكا وسياسة عقد الصفقات
-
تطور الحياه الدينيه عند العرب قبل الاسلام
-
كوبا000 آخر المعاقل الشيوعيه
-
القياده الفلسطينيه الجديده والخيارات الجديده
-
مساعدات امريكيه مشبوهه ومواقف عربيه اخرى مشبوهه في قضية تسون
...
-
التجربه الناصريه وتحدي الغرب
-
النزعات الفكريه في الفلسفه العربيه في العصر الوسيط
-
عرب اثرياء000ومسلمين فقراء00
-
المؤسسه العسكريه وتغير انظمة الحكم
-
السوبر مان الانجليزي00لورنس العرب
-
الدين والدوله في اسرائيل
-
الفكر الاسلامي والنظام الاقتصادي في صدر الدولة الاسلامية
-
الطغيان والشرق العربي
-
قرآءه في فكر طه حسين
-
الهويه اللبنانيه عبر التاريخ
-
فلسطين في الاعلام العربي
المزيد.....
-
تسفي كوغان: الإمارات تقبض على 3 أوزبكيين بتهمة قتل الحاخام ا
...
-
في رحلة لعالم الروحانيات.. وزان المغربية تستضيف الملتقى الدو
...
-
ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب
...
-
اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا
...
-
الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
-
المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|