أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبدالله تركماني - بشأن صهر ثقافات الأقليات














المزيد.....

بشأن صهر ثقافات الأقليات


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 3721 - 2012 / 5 / 8 - 08:51
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


في ظل الهجرات الكبيرة عبر الحدود لمجموعات بشرية تنتمي إلى ثقافات متمايزة، وفي زمن ثورة الاتصالات السريعة، أصبحت عملية صهر الأقليات والثقافات الدخيلة في بوتقة الثقافة الواحدة، إن في الدول المتقدمة أو النامية، مسألة صعبة أو شبه مستحيلة. حينئذ مطلوب حوار عبر الثقافات والحدود وداخل حدود الدولة وبين ثقافاتها، وبهذا تنتفي الحاجة إلى التركيز على رقابة الغريب لتُستبدل بالمواطنة المشتركة، أو على الأقل المعايشة المشتركة مع قاطنين أجانب هم في النهاية بشر ولهم حقوق إنسانية.
وتبرز الإشكالية خاصة حين يحرص الكل على تأكيد هويته وقيمه الثقافية، إذ مازالت العديد من استطلاعات الرأي تؤكد أنّ العديد من المجتمعات الأوروبية ترغب في تجنب التعايش مع الأقليات. ويُعتقد أنّ هذه المجتمعات مازالت لا تواكب حالة النمو والتطور في الأقلية المسلمة، وهو ما قد يظهرها غير متسامحة في كثير من الأحيان، فمسائل مثل بناء المساجد، وارتداء الحجاب، وبعض التقاليد الإسلامية، مازالت كلها قيما غير مُفكَّر فيها، ولم يستوعبها الوعي الجمعي الأوروبي. ولعل عدم الفهم والوعي بهذه الظاهرة الجديدة المتنامية، واستمرار الوقوف موقف اللامبالاة منها، نمّى اليوم ما يعرف بـ " الإسلاموفوبيا "، أو الخوف من الإسلام. وزاد من تغذية هذه الظاهرة إصرار أغلب المسلمين على أن يكونوا حاضرين بأجسامهم في الجغرافيا الأوروبية، مفارقين بقيمهم وهوياتهم المجتمع الأوروبي، وكأنهم مجتمع داخل المجتمع.
ومن المؤكد أنّ عدم تغيير أنماط التفكير، في الجانبين، من شأنه أن يحدث شروخاً تتبلور عبر تصارع الثقافات. ويبدو أنّ على المسلمين اتخاذ المزيد من التدابير للاندماج، واحترام قيم ومعايير المجتمعات التي يعيشون فيها، والكف عن تشكيل مجتمع موازٍ داخل الفضاء الأوروبي بغية تغيير أنماط حياة هذه المجتمعات، كما أنّ على المجتمعات الأوروبية أن توسّع من أفقها، للتعايش مع أقليات مختلفة ومتنوعة، وليس البحث عن مجرد تذويبها ضمن فضائها الأوروبي.
إنّ أخطر ما ينتج عن تلك الإشكالية هو مفهوم " الغزو الثقافي "، الذي " يعسكر العقل "، و " يعقلن الغزو "، في علاقة غير سوية تنتج في الخاتمة ثقافة غير سوية، تختزل العلاقة بين الثقافات البشرية إلى علاقة صراع وليس علاقة تلاقح أو تثاقف، كما هو حال التاريخ الفكري للإنسان، مما يعني ضمناً أنّ هنالك ثقافة أصيلة سائدة، مهددة بغزو ثقافة غريبة وافدة. ولو طبقنا هذا المفهوم على تاريخ العلاقة بين الثقافات الإنسانية المختلفة، لخرجنا بنتيجة مفادها أنّ الصراع بين الثقافات هو الأساس في التاريخ، وفي ذلك تشويه كبير لتاريخ العلاقة بين الثقافات.
ولو تبنت البشرية مثل هذا المفهوم، وما يتبعه من " غزو " فكري ونحوه، لما كان الإنسان قد تجاوز عصر الحجر حتى هذه اللحظة. فالأصالة النقية وهمٌ من الأوهام، بمثل القول بالعرق النقي. والمشكلة، في النهاية، ليست مشكلة غزو أو اختراق، بقدر ما أنها مشكلة عقليات غير قادرة على التخلّي عن أساطيرها وخوفها وتقوقعها على ذاتها، وهذا هو ما سيؤدي إلى التهميش في عالم لا ثابت فيه إلا التغيير، ونقطة البدء في كل ذلك هي التخلص من تلك المفاهيم المانعة لفعل المثاقفة والانخراط في ثقافة العصر.
إنّ حديث " الغزو الثقافي " والأصالة يقودنا إلى الحديث عن ذاك المفهوم الجامع لكل ذلك، ألا وهو حديث الهوية. فهل الهوية قالب ثابت محدد المعالم والأبعاد، لا يتغير وليس له أن يتغير، أم هي كينونة تاريخية متغيرة، وليس لها إلا أن تتغير إن كانت تروم البقاء والتطور ؟
فإن كانت الهوية هي ذاك القالب، فإنّ أي شيء وكل شيء يأتي من خارج ذلك القالب خطر عليها، أما إذا كانت كينونة ثقافية وتاريخية معينة، فإنّ المؤثرات الخارجية تثريها ولا تهدمها.
وفي حالات الضعف والخوف والأزمات التي نعيشها في عالمنا العربي نتحدث عن الهوية كثيراً، ولا ندري في النهاية عن أي شيء نتحدث حقيقة. فكلما جاء حديث الهوية، قيل العروبة والإسلام، ولكن من يحدد أية عروبة أو أي إسلام نتحدث عنه، في ظل تعدد التيارات والاتجاهات والاجتهادات الفكرية التي تحاول أن تجيّرهما لصالح منطلقاتها وما تدعو إليه.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول حق الشعب السوري في التدخل الإنساني
- الهويات الفرعية القاتلة
- نحو الاستقلال الثاني .. مستقبل سورية الجديدة يصنع اليوم
- المجتمع الدولي ما زال متحفظاً إزاء التدخل العسكري
- حق الشعوب في التنمية
- أبرز التحديات التي تواجه التحول الديمقراطي في العالم العربي
- إشكالية الدولة والتنمية في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر
- دروس بعض نماذج التحول الديمقراطي لمستقبل سورية
- دور المجلس التأسيسي التونسي في عملية التنمية السياسية
- أهم أعمدة المرحلة الانتقالية في سورية
- نطلب الحماية لشعبنا لمنع حرب -آل الأسد- الأهلية
- سورية الجديدة التي نحتاج إليها
- أسئلة الحداثة في ظل ربيع الثورات العربية
- مسيرة الثورة السورية وآفاقها
- مقدمات ربيع الثورات العربية
- نهاية الرهانات القديمة ... وضرورة وضوح الرؤية للمستقبل
- انتخابات تونس وتحديات التحول الديمقراطي
- تحديات المجلس الوطني السوري
- النظام السوري يعيش عزلة
- خطورة الانجرار إلى - فخ - عسكرة الثورة السورية


المزيد.....




- سوريا: -سوء التغذية الحاد- يحدق بأكثر من 400 ألف طفل جراء تع ...
- ماذا يحدث في الأردن؟ ومن هي الجماعة التي تلقت تدريبات في لبن ...
- إصابة ثلاثة أشخاص في غارة بمسيرة روسية على مدينة أوديسا الأو ...
- انقسام فريق ترامب حول إيران: الحوار أم الضربة العسكرية؟
- حريق يستهدف أحد السجون بجنوب فرنسا ووزير العدل يصف تصاعد اله ...
- المبادرة المصرية تحصل على رابع حكم بالتعويض من -تيتان للأسمن ...
- تصاعد الخلاف الفرنسي الجزائري مع تبادل طرد الدبلوماسيين.. فإ ...
- حادث مرسى مطروح: روايات متضاربة بين الأهالي والشرطة المصرية ...
- رشيد حموني : التحول الإيجابي في العلاقة المغربية الفرنسية خي ...
- ما وراء سحب الجيش الأمريكي بعض قواته من دير الزور السورية؟


المزيد.....

- الاقتصاد السياسي لمكافحة الهجرة / حميد كشكولي
- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبدالله تركماني - بشأن صهر ثقافات الأقليات