أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - علي الأسدي - دروس من ثورتي أكتوبر 1917 وكومونة باريس عام 1871















المزيد.....

دروس من ثورتي أكتوبر 1917 وكومونة باريس عام 1871


علي الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 3719 - 2012 / 5 / 6 - 17:48
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



( بمناسية الذكرى الثانية والأربعون بعد المئة لميلاد فلاديمير لينين ، والواحد والأربعون بعد المائة لذكرى ثورة كومونة باريس )

كان الحدث الأهم بداية القرن العشرين، بل الحدث الأهم في التاريخ بعد الثورة الأمريكية والفرنسية هو الثورة الروسية بقيادة لينين في عام 1917. وكأي ثورة في التاريخ قامت الثورة الروسية ضد القهر الاقتصادي ومن اجل الديمقراطية. لكن روسيا على عكس دول أوربا الأخرى كانت بلدا محطما اقتصاديا ، خاضعا لديكتاتورية القيصرية التي مثلت حينها سلطة الاقطاع ، حيث الفقر والمعاناة من الجوع والبرد دون اي أمل في الخلاص. لم تكن روسيا ابدا بلدا ليبراليا كما كان الحال مع فرنسا مثلا التي كان لها نظامها الرأسمالي الليبرالي في حين ساد روسيا نظام القرون الوسطى.
لم يقم البلاشفة بالاطاحة بالقيصرية في روسيا مع انهم كانوا يسعون لذلك بالفعل ، وحينما أسقطت القيصرية من قبل حكومة كيرنسكي في شباط من عام 1917أيدها البلاشفة بأمل أن تقوم بوضع وتنفيذ برنامج للاصلاح الاقتصادي يخلص الفقراء الروس من الظلم القيصري. لم تقم حكومة كيرنسكي بالاصلاحات التي وعدت بها مما دفع البولشفيك للاطاحة بحكومة كيرنسكي البرجوازية في أكتوبر من نفس العام وأخذوا زمام المبادرة لانقاذ روسيا مما كانت تعانيه من فوضى بعد اسقاط الحكم القيصري ، وليقوموا هم بتنفيذ الاصلاحات لتحسين حياة الناس. لقد وضع البولشفيك في حساباتهم أن قيام الثورة في روسيا سيساعد على انتقال الثورة الاشتراكية الى كل أوربا بعد القضاء على السلطات البرجوازية في بلدانها. بعد ثورة أكتوبر مباشرة قام البولشفيك بالكشف عن الأرشيف القيصري بما فيه الاتفاقيات السرية التي عقدتها الحكومات القيصرية السابقة مع الدول اخرى ، وكان الغرض من ذلك القرار هو اناطة اللثام عن الفساد الذي كان سائدا في روسيا بنفس الوقت الذي يسلط الضوء على الفساد في الدول الأوربية الأخرى لمساعدة شعوبها والقوى الثورية فيها للانتفاض على حكوماتهم.
لقد ألبت هذه الخطوة حكومات الدول الأوربية والولايات المتحدة على النظام الجديد في روسيا ، وباشرت على الفور بحشد الدعم للمعارضة الروسية داخل وخارج روسيا ضد حكم البلاشفة. وبالفعل انفجرت الحرب الأهلية بين أنصار الثورة والمعارضة ممثلة بالقوزاق ، اضطرت للدفاع عن نفسها مستخدمة القوة لسحق المعارضة المسلحة التي تلقت الدعم المالي والعسكري من الدول الأوربية وأمريكا واليابان. وعلى اثر ذلك قام الرئيس الأمريكي وودرو ويلسن في عام 1918بارسال 12 الف عسكري ليحاربوا الى جانب ستة عشر جيشا آخر الى جانب فلول القيصر الروسي وأنصار الاقطاع والرأسمالية. روسيا التي كانت وحيدة ومعزولة عن العالم اضطرت لقبول التحدي دفاعا عن ثورتها. بنتيجة ذلك كثفت الحكومة الثورية من جهودها للاسراع بتاسيس الجيش الأحمر الذي لعبت وحداته العسكرية الأولى دورا محوريا في التصدي للعدوان الخارجي ومرتزقته في داخل روسيا. وخلال ثلاث سنوات من الصراع مع جيوش الدول الرأسمالية المعتدية تمكنت وحدات الجيش الأحمر في النهاية من تحقيق النصر ، ودحرت جيوش المعتدين واجبرتهم على الهروب. لقد أبدت جماهير الشعب الروسي وقوى الثورة المسلحة بسالة بالغة ونادرة في التصدي للقوات الأجنبية برغم تفوق الأخيرة ماليا وتقنيا في عتادها العسكري مكبدة القوات الأمريكية بشكل خاص خسائر فادحة. بنتيجة ذلك أحاط قائد العمليات العسكرية الأمريكية حكومته في واشنطن بأن أكثرية الشعب الروسي يتعاطف بقوة مع البولشفيك أكثرمن تعاطفه مع المعارضة القيصرية اتخذت الحكومة الأمريكية بناء عليه قرارها بالانسحاب من روسيا تحت ضغط ومقاومة الجيش الأحمر ، مسجلة بذلك اعترافا بهزيمة لم يحدث مثيلها في التاريخ الأمريكي. لقد وجه الاتهام الى قائد القوات الأمريكية حينها الميجر جنرال غرافيس بالتعاطف مع الجيش الأحمر بشكل مخزي ونحي من منصبه.

لقد افشلت روسيا العدوان الأجنبي الذي فرض عليها ، ولكن بعد أن دفعت في سبيل ذلك ثمنا باهضا من دماء أبنائها واقتصادها ، وبالأخص تدمير صناعاتها المحدودة وغير المتطورة أصلا. نجحت روسيا أيضا في دحر المعارضة المسلحة ضد نظامها ، لكنها بنفس الوقت خرجت أشد فقرا. ولاشك أن ذلك كان المحصلة التي ارادها لها الأعداء في حالة عجزهم عن اسقاط الحكومة الثورية في روسيا. لقد تعرض بسبب ذلك العدوان الملايين من الناس للمجاعة والعوز والمرض ، بعد أن أحرق المعتدون الحرث والزرع. لقد هبط الانتاج الصناعي في عام 1920 الى 13 % مستواه لعام 1913، وشحت كل المواد الغذائية على الاطلاق تفشت بسببه المجاعة في انحاء روسيا ، مما دفع بالبعض لأكل لحوم القطط والكلاب في بعض مناطق البلاد ، بينما نزح الكثير من الناس من مدنهم الى الريف طلبا للطعام بعد أن شح في المدن. وبنتيجة ذلك انخفض عدد نفوس مدينة بتروغراد وحدها ، وهي المدينة الأكثر تصنيعا من اثنين مليونا ونصف في عام 1917 الى 574 الف نسمة في عام 1920. وحتى أولئك المواطنين الذين بقوا في المدينة لم يكونوا من القوة والصحة لمواصلة أعمالهم ، حيث بلغ الغياب من العمل بسببه الى حوالي 30 % من عدد العمال في الصناعة. لقد تفشت الأمراض في البلاد جميعها ، فقد بنتيجتها حياتهم في الفترة 1918 – 1920 مليون ونصف المليون نسمة ، كان أكثرها بسبب انتشار أمراض التيفوس والاسهال والكوليرا ، هذا اضافة الى فقدان 350000 الف مواطن حياتهم اثناء المعارك التي كانت مازالت جارية بين الجيش الأحمر وفلول المعارضة من أنصار القيصرية والاقطاع والرأسمالية في أكثر من منطقة في روسيا. ( الفت نظر القارئ العزيز الى أن الأرقام المذكورة هنا قد جرى تحريفها بشكل متعمد عبر مقالات لم يخفي كتابها عدائهم للاشتراكية والشيوعية ، حيث اعتبرت بكونها أرقاما لضحايا النظام الاشتراكي تمت تصفيتهم في عهد لينين وستالين ، لهذا اقتضى التنويه).

بنفس الوقت لابد أن ننوه هنا بأن ما اقترن بثورة روسيا منذ قيامها من عنف لم يكن شذوذا عن كل الثورات التي حدثت في التاريخ وبخاصة الثورة الأمريكية والفرنسية والألمانية والانكليزية والاسبانية وغيرها. فلا ينبغي نسيان المجزرة التي قامت بها سلطات القمع القيصرية الروسية ضد ثورة السوفييتات في عام 1905 في مدينة سنت بطرسبيرغ الصناعية الروسية. أوما قامت به حكومة الاشتراكيين الديمقراطيين الألمان ضد ثورة العمال عام 1918- 1919، وهي نفس الحكومة التي دبرت مقتل الزعيمين العماليين روزا لوكسمبورغ ورفيقها كارل ليبنخت. أو ماقامت به الحكومة الايطالية بحق ثورة العمال في عام 1919 – 1920، وبنفس الطريقة والاساليب الدموية قمعت الثورة الاشتراكية في اسبانيا عام 1936- 1939، و ثورة عام 1958- 1963 في العراق التي أغرقت بالدماء من قبل الفاشية البعثية نيابة عن شركات النفط الأمريكية والبريطانية.أو المجازر التي ارتكبتها الطغمة العسكرية في اندونيسيا ضد الحزب الشيوعي الأندونيسي وجماهيره عام 1964، او الانقلاب الفاشي الذي نظمته الاستخبارات الأمريكية ونفذته عصابة بينوشيه العسكرية عام 1972 قي تشيلي. وما يزال صدى المجزرة التي اغتيل خلالها ثوار كومونة باريس عام 1871، أول ثورة اشتراكية في التاريخ ، فهل كانت ستفشل لو استخدم ثوارها العنف الثوري دفاعا عن ثورتهم ؟ بالطبع لا, يجيب أنجلس في رده على سؤال بهذا المعنى. لقد سحقت ثورة الكومونة من قبل مرتزقة البرجوازية الفرنسية ، لأنهم لم يضعوا في حساباتهم وحشية ودموية العدو الطبقي عندما تتهدد مصالحه للخطر. لقد واجهت الثورات العمالية الأوربية المصير نفسه الذي انتهت اليه ثورة وثوار كومونة باريس الخالدة.
لكن الوضع لم يكن كذلك في روسيا عام 1917، لقد استوعبت قيادة ثورة اكتوبر الدرس من ثورة الكومونة فتحقق لها النصر، ودخلت التاريخ كأول ثورة في التاريخ تطيح بالسلطة البرجوازية وتقيم على أنقاضها سلطة الطبقة العاملة.لقد كان الحزب الاشتراكي الروسي حزب البلاشفة حزبا جماهيريا ،أضفت قيادة لينين عليه بعد نظره وتصميمه وايمانه بقوة الطبقة العاملة الروسية التي كانت مستعدة للموت لحماية الثورة الاشتراكية. منذ 1902 ولينين يسعى بتصميم لبناء حزب العمال الثوري تحت تهديد الارهاب القيصري. وبخلاف الاشتراكيين الاصلاحيين الأوربيين المترفين والمشوشين كان الماركسيون الروس يزدادون قوة ، وتتجذر فيهم النظرة والتصميم الثوريان. ومع الأزمة التي حلت بالحركة الاشتراكية الأوربية عبر اندلاع الحرب العالمية الأولى أعاد لينين وطور منظور البولشفيك حول الدولة والثورة. فقد عاد لقراءة موقفي كارل ماركس و فريدريك أنجلس من كومونة باريس ، وخلص الى استنتاج كانت روزا لوكسمبرغ قد خلصت اليه سابقا ، وهو ، أن منظور ماركس حول الدولة والثورة العمالية قد تم تشويهه من قبل الاشتراكيين الاصلاحيين.وفي كراسه " الدولة والثورة " اعاد صياغة الموقف الماركسي القائل بأنه على الطبقة العاملة أن تطيح بالبيروقراطية ودولة الأقلية الرأسمالية واحلال دولة العمال الديمقراطية بدلها. وان تحرير الطبقة المقهورة مستحيل من دون تحطيم أجهزة الدولة المقامة من قبل الطبقة الحاكمة الرأسمالية.
لقد كانت الثورة الروسية رد فعل على الارهاب والتعسف الذي لحق بالجماهير الشعبية من قبل النظام القيصري ، وايضا للظروف القاسية التي فرضت عليها خلال الحرب العالمية الأولى والتي فقد خلالها حوالي المليون مواطن روسي ، يضاف الى ذلك مافقدته الثورة من أخلص أبنائها نتيجة الموت والمرض والهجرة من المدن الى الريف. لقد كان لهذا تأثيرا مباشرا على عدد ونوعية القيادات العمالية والحزبية التي بقت على قيد الحياة ، مما أثر سلبا على مستوى انتاجية العمل والتنمية الاقتصادية في تلك المرحلة الحرجة من تطور قوى الانتاج. وقد انعكس ذلك ايضا على تطور الديمقراطية العمالية ذاتها ، فقد تم في تلك الفترة الغاء الانتخابات في الكثير من مواقع العمل.لقد أظهر الوضع السائد في تلك الفترة وكأنه غير قابل للتغيير للأفضل ، والوصف المناسب لوضع روسيا حينها أن روسيا تموت ببطئ. لم يكن الوضع في حزب البلاشفة احسن حالا ، فقد واجه وضعا حرجا، فرغم كل التحديات التي واجهها تعرضت وحدته الى الانقسام في عام 1920 ، حيث شهد عدة انشقاقات بسبب الاختلاف حول الكيفية التي ستدار بها البلاد والاشتراكية. أثناء ذلك كان فلاديمير لينين قائد الثورة والحكومة يكافح مرضه بنتيجة محاولة اغتياله عام 1922، وهذا ما سيضع الثورة الروسية وبرنامجها الاشتراكي والسلطة العمالية أمام تحديات خطيرة جديدة.
لكن ذلك لم يضعف من تصميم السلطة الجديدة لبناء وتعزيز الاشتراكية في روسيا ، فالطريق لاستكمال مهام الثورة الاشتراكية ما زال طويلا وشاقا ، ولم يكن لقيادة الثورة أي تجربة عملية في اادارة الدولة ، فلا لينين ولا رفاقه في الحزب البلشفي قد مارس مسئوليات سياسية أو ادارية ، ولذا فان الخطأ في هذين المجالين يكون طبيعيا ان لم يكن أكيدا ، وقد يعرض المشروع الاشتراكي الى الفشل. ولن يكون بالامكان تقييم أداء القادة السياسيين الا من خلال العمل والتضحية ونكران الذات والكيفية والحكمة التي يتعاملون بها مع الأخطار الداخلية والخارجية ، والخطط التي يضعونها لانجاز ما تعهدوا به لجماهير الشغيلة الروسية التي قدمت وتحملت الكثير لانجاح ومن ثم تعزيز الثورة الاشتراكية. وفي نتيجة المطاف سيسجل تاريخ روسيا لأولئك القادة التقييم المنصف سلبا أو ايجابا.
ومع كل ماكتب من نقد أو تشويه أو ادانة للنظام الاشتراكي السابق فان هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها أو انكارها ، وهي أن تجربة اشتراكية واحدة ووحيدة في التاريخ قد حالفها النجاح في تحدي الرأسمالية ، واثبتت الطبقة العاملة الروسية لعمال العالم أن بالامكان بناء الاشتراكية في بلد واحد اذا ما توفرت القيادة المناسبة في المكان والزمان المناسبين. لقد توفر لقيادة ثورة أكتوبر القدرة والثقة بقدرات شعبها وقوى الطبقة العاملة على مقارعة الراسمالية والتفوق عليها في ميادين عدة في السلم والحرب ، وفي ضمان الحقوق الانسانية للطفولة والمرأة والعمال وجميع الكادحين ، واثبتت تفوقا في التنافس السلمي في علوم الفضاء والتحليق الكوني. كما وأثبتت أنها الأقدر في الدفاع عن حرية وحقوق وسلام الشعوب والبلدان الفقيرة ، وبأنها خير نصير لحرية الشعوب المضطهدة والمستعمرة ، وانها عملت ونجحت في تحريم التمييز العنصري والديني والطائفي ، وناصرت حق تقرير المصير وضمان الحقوق القومية والدينية للأقليات وحماية تاريخها وثقافتها ولغاتها القومية.

لقد كتب ماركس قليلا عن الاشتراكية في التطبيق مقارنة بكتاباته الغزيرة وتحليلاته للتاريخ ورأس المال والسياسة. كان ماركس أول مفكر بارز يطور المبدأ القائل بأن اقامة الاشتراكية يتم فقط من قبل الطبقة العاملة عبر تنظيمها الذاتي ، كشرط اساسي لتنفيذ البرنامج الاشتراكي. وكما كتب في بيان الأممية الشيوعية الأولى " بأنه فقط الطبقة العاملة المنظمة والحرة تستطيع أن تعطي الاذن بوضع البرنامج الاشتراكي موضع التنفيذ." لكن ذلك وحده لم يكن يكفي للقيام بالثورة ، وقد فشلت الكثير من الثورات التي قادتها الطبقة العاملة في العالم لعدم تمكنها من الالمام بمتطلبات الثورة الاشتراكية. لينين وحده بفكره الواسع مستندا الى منظور ماركس عن الثورة العمالية حقق النجاح وتمكن من اقامة أول دولة اشتراكية وسط محيط متلاطم من أشرس الأعداء. ما أثبتته التجربة الاشتراكية في روسيا ان بامكان الانسانية أن تنتصر على الرأسمالية وتحقق انعتاقها عبر الاشتراكية. كان لينين على علم أن لا ماركس ولا أنجلس قد قدما وصفة جاهزة لاقامة الاشتراكية ، وكان يعلم ايضا أنه لا يمكن بكل بساطة اقامة الاشتراكية في اليوم التالي للثورة العمالية. الاشتراكية والشيوعية في مفهوم ماركس هي صيرورة تاريخية تبدا أول ما تبدأ بهدم الدولة الرأسمالية بواسطة الثورة العمالية ، وهذا ما قامت به الطبقة العاملة الروسية بقيادة لينين ، لكن اكتمال المشروع الاشتراكي يظل بعيد المنال ما لم يتم القضاء على صراع الطبقات في المجتمع ، وهذا ما لم تنجزه ثورة روسيا خلال عمرها القصير.

لوكان ماركس قد عايش بناء الاشتراكية في روسيا لكان أثرى الفكر الماركسي بالتجارب الثرية التي خلفتها الاشتراكية حتى يوم أفولها ، ماركس لم يكن هناك حين قامت ثورة أكتوبر، وبدون شك سيكتب نيابة عنه رواد فكره الكثر في السنين والعقود القادمة عن التجربة اللينينية التي ستستنير بها كل الحركات الثورية الطامحة لبناء الاشتراكية في المستقبل. ومع كل كتابات ماركس عن موضوعات الاشتراكية ، لكنه تعامل معها بخطوط عريضة من دون التفاصيل. ولو صاغ خطوطا تفصيلية للكيفية التي تأخذ بيد رواد الاشتراكية في عصر لينين لجنب قادة ثورة روسيا الذين جائوا بعد لينين الكثير من الأخطاء والمصاعب.الجانب الأبرز في فكر ماركس انه كان واضحا في تمييزه لاشتراكيته العلمية عن الافكار الاشتراكية المثالية التي انتشرت حينها في بعض دول أوربا ممثلة بسنت سيمون وفوربير في فرنسا وروبرت اوين في انكلترا. الرواد الثلاثة وجلهم رجال أعمال لم تكن لهم رؤى اشتراكية بالمعنى السائد في أوساط الطبقة العاملة فلم يجيبوا على السؤال المهم ، لمن تؤول وسائل الانتاج ، وما دور الطبقة العاملة في التطور الاقتصادي والسياسي وسلطة الحكم الفعلية. الفكر في اي مرحلة من تطور المجتمع له مفهومه الطبقي ، فالاشتراكية المثالية مفهوم برجوازي عبر بحق عن منظور قاصر للعدالة والسلم الاجتماعي ، أما تحرير الطبقة العاملة كأداة لتفريخ رأس المال عبر فائض القيمة ، فلم يشغل حيزا من تفكير أو اهتمام ذلك الفكر.
كان ماركس قد حدد بوضوح تام حقيقة علمية وهي ، ان الاشتراكية تنشأ فقط نتيجة التناقض داخل الراسمالية وصراع الطبقات المحتدم دون توقف بين طبقة مالكي وسائل الانتاج والطبقة العاملة. أما متى تنجح الطبقة العاملة في ازاحة السلطة البرجوازية الحاكمة والحلول محلها تاريخيا فأمر مرهون بطبيعة الصراع الطبقي ، وبمستوى الوعي البروليتاري الذي عنده يكون العمال على معرفة تامة بالاهداف التي يناضلون ويسعون لآجلها.
علي ألأسدي



#علي_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار الشيوعي ... ورأسمالية الدولة والاشتراكية ....( الجزء ...
- اليسار الشيوعي .... ورأسمالية الدولة والاشتراكية ..(. الخامس ...
- اليسار الشيوعي ..... ورأسمالية الدولة والاشتراكية ..... (4)
- اليسار الشيوعي ... ورأسمالية الدولة والاشتراكية .....(3)
- اليسار الشيوعي .... ورأسمالية الدولة والاشتراكية .....(2)
- اليسار الشيوعي .. ورأسمالية الدولة والاشتراكية .. (1)..
- مهمة الرئيس جلال الطلباني .. و بيضة القبان .. ؛؛
- أين يكمن الفشل في النظام الرأسمالي .. (2) ..؟؟
- أين يكمن الفشل في النظام الرأسمالي ...؟؟
- السيد بايدن ... وأزمة العراق السياسية ..؟
- أضواء على الإبادة الجماعية للأرمن في عام 1915 ...
- الحرب غير المعلنة ... بين اليورو والدولار الأمريكي ....(الأخ ...
- الحرب غير المعلنة ... بين اليورو والدولار الأمريكي.... (2)
- الحرب غير المعلنة ... بين اليورو والدولار الأمريكي ...(1)
- ملاحظات حول مقال : - ليست الأخطاء هي التي أفشلت الاشتراكية
- كم من الحقيقة يشكله التهديد الايراني ... على الولايات المتحد ...
- كم من الحقيقة يشكله التهديد الايراني ... على أمريكا ... (1) ...
- ما الأخطاء التي أفشلت اشتراكية شرقي أوربا ... ؟ ..... (2)
- ما الأخطاء التي افشلت اشتراكية شرقي أوربا ... ؟.....(1)
- هل حققت ثورات الربيع العربي أهدافها ....؟؟


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - علي الأسدي - دروس من ثورتي أكتوبر 1917 وكومونة باريس عام 1871