|
أسطورة الحميراء
عامر الأمير
الحوار المتمدن-العدد: 1092 - 2005 / 1 / 28 - 07:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثر الحديث عن الحميراء .. فمرة يقولون أن المسلمين يجب أن يأخذوا نصف دينهم منها ( خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء )و مرة يقولون أنها تسببت في معركة الجمل .. وما كان ينبغي لها أن تخرج للقتال وأن تقر في بيتها كما يأمرها القرآن .. فيما يرى آخرون أنها لم تخرج الا لتصلح بين فئتين من المسلمين !!! وتارة يعترض بعض الوسطيين الاسلامويين كالقرضاوي و أمثاله على ماجاء في كتب الأحاديث ويضعفون من أسنادها و متنها على أساس أن من غير المعقول أن يأخذ المسلمون نصف دينهم من الحميراء عائشة والنصف الآخر من القرآن والسنة و روايات الصحابة الآخرين !!! وقد أختلف المسلمون جميعا في الحميراء بالدرجة ذاتها التي أختلفوا فيها بما يعرف بحادثة السقيفة الشهيرة و الخلافة !! ترى من هي هذه الحميراء التي شغلت عقول المسلمين لأجيال وأجيال !!! هي عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة تزوجها النبي محمد وهي بنت 9 سنوات و هو يكبرها بأكثر من أربعين عاما و كانت تحته 8 نساء وهي تاسعتهم ثم مات عنها وهي بنت 18سنة وكانت العذراء الوحيدة بين زوجاته الأخريات ! ويقال أنها كانت أحب نسائه اليه .. يروى عن عائشة أنها قالت:" فضلت على نساء الرسول بعشر : كنت احب نسائه إليه .. وكان ابي احب رجاله اليه .. وتزوجني لسبع .. وبنى بي لتسع .. ونزل عذري من السماء ( حادثة الأفك ).. واستأذن نساءه كي يمرض في بيتي .. وكان آخر زاده ريقي .. ومات بين حجري ونحري .. ودفن في بيتي .. وكنت اكثر نسائه رواية لأحاديثه ." ... يروي أهل السنة 41 ألف حديث عن عائشة !؟؟ فيما يرى الشيعة ".. بوضعها للحديث على لسان النّبي ارضاء لمن تحبهم..خاصة في نشر فضائل لأبي بكر وعمر وطلحة وأمثالهم.. وكانت في نشر فضائل ذويها وأشياعهم أشد اهتماماً من غيرها. كونها ممّن يتبعون الهوى في الحالتين : المحبة والعداوة .. وهي بهذا لا ترتقي أبداً فوق مستوى الشبهات.. وتظل أحاديثها في مستوى الأخذ أو الرفض واعمال العقل.. ولهذا وبسبب الكم الكبير ممّا روت من الأحاديث في الصحاح يمكن أن تدرك مدى الضرر الّذي أحدثته، وفي تشويش ما هو منقول عن السنة النّبوية.. وذلك الكم من الشبهات الّتي اعتمدها الباحثون الأعداء للإسلام نقلاً عنها هي تحديداً ."!!! قرأت مؤخرا مقالة في أحد المواقع الأسلامية تمتدح عائشة و تمجدها بشكل مبالغ فيه وقد لقيت تلك المقالة الأسطورية استحسانا وتعظيما كبيرين من قبل زوار الموقع : "وكانت عائشة ، بكل صغرها عن رسول الله ، اكثر نساء العالم فقها وعلما ، وكانت كنزاَ في الادب ، وبحرا في الشعر ولم يعط الرسول شهادة لاحد في الفقه كما اعطاها لعائشة ( خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء ) وكان اصحاب رسول الله بمن فيهم والدها ابو بكر نفسه يعتبرونها مرجعاَ بعد وفاة النبي الاعظم ، فكان عندها ينتهي الجدل ويتوقف المتمارون ، كان ذكاؤها حادا وذاكرتها قوية.وكان نزول الوحي على الرسول وهو في بيتها من اسباب فقهها.فانها لم تترك آيه الا وسألت عنها النبي ولم تستشكل عليها كلمة الا واستفسرت عنها. وهي التي وضعت منهج تفسير القرآن بالقرآن.فما ان يسألها احد عن تفسير آية حتى تشرحها له بآية في سورة اخرى.. ووصف النبي حضورها المميز بين النساء في مقولته الشهيرة (فضلها على النساء كفضل الثريد على الطعام) وقال فيها ابن اختها عروة بن الزبير ( ما رأيت اعلم من عائشة في الفقه اوالطب او الشعر) " ... ويتسائل كاتب سوداني : "خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء؟ ألم تكن هذه الحميراء امراة تحيض فلا صلاة تقيمها ولا فرض تؤديه إلا إذا اغتسلت من نجاستها وصارت طاهر ؟ فمتى يمكننا أن نأخذ نصف ديننا منها؟ وأين يمكننا إيجاد النصف الثاني؟ أ هو ضائع أم عند أخرى؟ "... تميزت السيدة عائشة بعدائها للإمام علي بن أبي طالب بعد حادثة الافك.. وقد شنت عليه حرباً مشهورة بمعركة الجمل..يقول أحد الكتاب :".. وعندما هزمت و حلفاءها ظلّت تحرّض عليه حتّى رحل عن هذه الدّنيا.. وقد عاشت بعد ذلك على اعطيات الخلفاء الأمويين ولكنها لم تتدخل في السياسة لأنهم (أي الأمويون) وخاصّة معاوية كانوا أمكر من أن يتيحوا الفرصة لها لإثارة الشغب عليهم ، ولهذا غمروها بالاعطيات وعاشت معززة مكرمة راوية للحديث وزعيمة للمدينة المنورة حتّى وفاتها." !! يبدو أن السيدة عائشة كانت تبحث عن الزعامة والقيادة والمال معا فعندما وجدتهما عند معاوية سكتت عن معارضته كما عارضت من قبل عثمان الّذي قالت فيه:( اقتلوا نعثلاً فقد كفر )و علي الذي شنت عليه حرب الجمل!!!ولكن عائشة رغم ذلك العطاء الأموي عارضت أيضاً السلطة الأموية وحاولت التدخل لمنع اعدام حجر بن عدي في عهد معاوية وهاجمتهم بعنف بعد اغتيال أخويها عبدالرّحمن ومحمّد .. وكما يقول السيد العسكري :" أعلنت عليهم حرب الدعاية وبدأت بمروان أمير المدينة الغشوم ... وأخذت تحدث في هذا الدور بما سمعته عن رسول الله في فضل علي وفاطمة وأمها خديجة ارغاماً لبني أمية عامة، ولمعاوية خاصة، فإنه لم يكن أشد على معاوية من نشر فضائل علي وفاطمة ". و ربما كان من أخطر الأعمال التي قامت بها عائشة هي روايتها لذلك الكم الهائل من الأحاديث التي أثارت ولازالت تثير الجدل بين المسلمين ( سنة وشيعة !) .. وغير المسلمين أيضا أتخذو ا من تلك الأحاديث وسيلة للتهجم على الدين الأسلامي ورسوله و تشويه صورته ... ونستعرض هنا حديثا شهيرا روته عائشة أثار جدلا كبيرا بين (السنة والشيعة ) من جهة وبين (السنة والسنة )من جهة أخرى!! في مسند أحمد بن حنبل : " ... عن عائشة قالت أتت سهلة بنت سهيل بن عمرو وكانت تحت أبى حذيفة بن عتبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت ان سالما مولى أبى حذيفة يدخل علينا وانا فضل وانا كنا نراه ولدا وكان أبو حذيفة تبناه كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فانزل الله ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك ان ترضع سالما فارضعته خمس رضعات وكان بمنزلة ولدها من الرضاعة ( فبذلك كانت عائشة تأمر أخواتها وبنات أخواتها ان يرضعن من أحبت عائشة ان يراها ويدخل عليها وان كان كبيرا خمس رضعات ثم يدخل عليها ).." !!! وقد أصرت عائشة على العمل بآية رضاعة الكبير ..ورد في سنن ابن ماجة الجزء الأول ، كتاب النكاح ، باب رضاع الكبير : حَدَّثَنَا أبو سلمة يحيى بن خلف. حَدَّثَنَا عبد الأعلى عن مُحَمَّد بن إسحاق ، عن عبد اللَّه بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة.. وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه ، عن عائشة قالت : لقد نزلت آية الرجم ، ورضاعة الكبير عشرا ..ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رَسُول اللَّهِ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم وتشاغلنا بموته ، دخل داجن فأكلها !!! ولا نريد هنا أن ندخل في جدلية صحة أو عدم صحة نزول ( آية رضاعة الكبير )..أو ان أكلها داجن أم لا .. فلن يجدينا ذلك شيئا .. أو لن نصل الى نتيجة حاسمة !! ولكن مانريد قوله أن عائشة امرأة كغيرها من النساء وكونها أما للمؤمنين و زوجا للرسول لن يمنعنا ذلك من نزع الصورة الأسطورية عنها !!! فهي في نهاية المطاف بشر تصيب و تخطيء .. وقد يكون ما نقل عنها صحيحا أو مكذوبا !! أن ما يهمنا حقا هو أن لا نؤسطر التاريخ كما يفعل المسلمون وعلينا أن نعي أن البشر هم البشر سواء أكانوا صحابة أو أمهات مؤمنين يتصارعون على المال والسلطة والمنزلة الأجتماعية كما يتصارع كل البشر .. وتلك هي سنة الله أو الطبيعة أو الحياة !!!
#عامر_الأمير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بريجيت باردو .. ونحر الخراف الآدمية
-
سادية أعراب الصحراء في نحر الأبرياء والتعامل مع النساء
-
أحلام المسلمين المقدسة
-
الكبت الجنسي .. بين الجنة والأرهاب
-
الأمم الحية ... وأمة العرب ... مقارنة
-
الأخلاق الصحراوية المقدسة
-
هل المجتمعات الاسلامية مجتمعات متسامحة ؟
-
جذور نفور اهل السنة العمرية من الانتخابات
-
العقل العربي الأسلامي ونظرية المؤامرة
-
الزنداني ... والأيدز ... وجائزة نوبل
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|