|
قراءة في الفنجان اللبناني
محمد عبد الله الأحمد
الحوار المتمدن-العدد: 1092 - 2005 / 1 / 28 - 07:47
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
كل شيء في الحدث اللبناني يوحي بأن تطورات هامة ستتم في البلد الشقيق.لست ممن يصرون عند البحث في الشأن اللبناني ، وضع محور العلاقات مع سورية و دوران الأفكار حوله بغية محاولة ممارسة التنبؤ السياسي ، بل أجد أن مكونات الواقع اللبناني تدور حول مسألتين أساسيتين ليس الوجود السوري في لبنان جزء منهما و هما :
1- الاتفاق العام بين اللبنانيين على ضرورة تغيير الدستور و بنفس الوقت الخوف من هذا التغيير!!
2- تطور مؤسسة الجيش و الأمن في لبنان بحيث أنه لم يعد جائزاً اعتبار هذه المؤسسة ، مؤسسة ملحقة بإرادة الاقطاع السياسي التاريخي ، بقدر ما أن هذه المؤسسة أصبحت مدرسة وطنية تعلمت قبل أن (تُعلِّم) من درس الحرب الأهلية و أدركت أنه لابد دائماً من وجود صمام أمان وطني يحفظ لبنان من جرائر الاقطاع السياسي و هذه المؤسسة هي الجيش اللبناني....
ان الحوار الذي يتخذ شكل الضجيج العالي حول الوجود السوري في لبنان ماهو الاّ مقدمة لدخول لبنان في زمن جديد ، جديد نسبياً و قديم كلياً أي بمعنى أن الجدة فيه سوف تكون هي أن سورية سوف تنسحب حسبما أرى فعلاً من لبنان و ربما لا يتبقى لها إلا وجود تكتيكي و استطلاعي عسكري نابع من حاجات الجيش السوري الاستطلاعية لمراقبة اسرائيل كجزء من منظومة الدفاع ضد اسرائيل و هنا أي بعد انسحاب القوات السورية من لبنان..
سوف تشهد الساحة السياسية اللبنانية موجات من الفعل السياسي الداعي بالفعل لانهاء الطائفية السياسية و خلق دستور لبناني جديد ، حيث في المقابل ستوجد قوى تدعي أن هذا ليس في مصلحة لبنان و ستدعو لتحقيق نوع من التجميل السياسي ليس إلا للدستور اللبناني بدلاً من الغاء الطائفية السياسية ، و نتوقع أن يكون الجزء الأكبر من هذه القوى هي القول التي تمارس الضجيج السياسي العالي حول التواجد السوري في لبنان.
إذا ذهبت المنطقة كلها وهذا مستبعد إلى حل سلمي بين اسرائيل من جهة و لبنان وسورية من جهة أخرى فإن لبنان سيكسب كثيراً و سوف يضمن أن مستقبله القادم سيكون محوره التطور الاقتصادي بالدرجة الأولى و هذا في مصلحة لبنان و سورية أيضاً ، ولكن فيما لو بقيت الأوضاع على ماهو عليه –وهذا ما نتوقعه- فلابد للأخوة اللبنانيين الانتباه إلى أن أغلب عناصر الأزمة لازالت موجودة في نسيج الحياة السياسية اللبناني و هي :
1- الاقطاع السياسي
2- البنية الطائفية للحكم
3- مشكلة توطين الفلسطينيين
4- الأزمة الاقتصادية
قد يحب بعض اللبنانيين اضافة سورية كبند من بنود الأزمة و لكني هنا أتحدث بعد الانسحاب السوري و لكن أغلب هؤلاء سيبقي ادعاؤه بالبحث عن أصبع سوري مافي لبنان حتى بعد الانسحاب ، لأن ذلك يسهل عليه ايجاد اجابات تناسبه على أزمات لبنان المتعلقة بالنقاط الأربع التي ذكرت.
فيما قد يشبه قراءة الكف أو الفنجان اعتقد أن المؤسسة العسكرية اللبنانية لن تقف مكتوفة الأيدي طويلاً في حال استمرت الطبقة السياسية اللبنانية خلال بضعة السنين القادمة في ممارسة لعبة كشف الغطاء لفضح النظام الطائفي ثم اعادة تغطيته ثانية عندما يتذكر البعض بقاؤه في صورة الاقطاعي السياسي الأبدي له و في ذريته من بعده...
المؤسسة العسكرية اللبنانية تعتبر الأكثر حساسية تجاه القضية الأمنية الداخلية في المنطقة لأنها فشلت بالقيام بدورها في عام 1975 و هو القاضي عندها بالتدخل لاسكات الفرقاء و فرض ارادة الدولة و المجتمع و اعادة ترتيب مفردات الحياة السياسية و العسكرية بما يضمن أمن لبنان ، هذه المؤسسة لن تقبل أن تواجه نفس الفشل مرة أخرى وذلك لأنها تعلمت من مأساة لبنان السابقة و لأنها أيضاً قد خرجت من عباءة الاقطاع السياسي نفسه الذي كان في الماضي يسيطر أيضاً على البنيان الداخلي للجيش...
هل نتوقع انقلاباً عسكرياً؟
كل شيء وارد و ممكن الحدوث في هذا العالم من حيث المبدأ و عند قراءة محتويات الجعبة اللبنانية السياسية الممتلئة بالتناقض نرى أن التناقض الأكبر و الأساس في لبنان يتعلق أولاً و أخيراً بمسألة الصراع العربي الاسرائيلي ، حيث أنه كما قلنا سابقاً في حال حدوث تسوية سيضمن هذا للبنان هدوءاً أكبر لتجديد نفسه كبنيان سياسي و لكن مع وجود هذا التشبث الاسرائيلي بضرورة توطين الفلسطينيين في لبنان الأمر الذي يرفضه كل اللبنانيون من الصعب جداً الحديث عن خفض باروميتر التوتر السياسي اللبناني الداخلي ، المنعكس أصلاً من هذا الصراع...
عندها سيعود لبنان مرة أخرى لمرحلة الاختيار الأبدي الذي يوضع أمامه دائماً و هو خيار الانتماء لمحيطه العربي و العمل و النضال على هذا الأساس و الخيار الآخر الذي أودى سابقاً بوحدة اللبنانيين وصنع الحرب الأهلية و هو خيار عزل لبنان عن محيطه و محاولة لعب دور عدم المكترث بما يحصل و هنا ستكون العاقبة وخيمة...
على كل المحللين أن يقرؤوا الواقع اللبناني الجديد دون سورية على ضوء وجود مؤسسة عسكرية لبنانية قوية لطالما احتاجها لبنان في الماضي ، فعندما يعجز الساسة بسبب مصالحهم على الاتفاق على شيء فإن للعسكريين كلمتهم و هذا القانون ليس متسحضراً من المريخ ، بل من كل بلد في العالم حتى تلك (العريقة) بديموقراطيتها لكن الفرق دائماً أن عسكريي منطقتنا يستمرؤون اللعبة السياسية ولا يقومون كغيرهم بتسليمها لأصحابها بعد تهدئة الأوضاع وهذه هي الطامة الكبرى...
و هكذا فليس غريباً أن نشهد مستقبلاً لبنانياً أخر تماماً غير هذا الذي نعرفه،و هذا الأمر مرتبط بالفعل بقدرة الطبقة السياسية اللبنانية على التضحية بمصالحها الشخصية و العمل على خلق دولة ذات دستور غير طائفي و الغاء مفاهيم الطائفية و الاقطاع السياسي من مفردات حياة اللبنانيين! فاذا لم يفعلوا بعد الانسحاب السوري المحتمل فإن سيناريو التوتر مستمر و هذه المرة سيكون (الكاتاكليزم) عسكري!!
#محمد_عبد_الله_الأحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الآلة الحاسبة الروسية
-
إصلاح الاعلام السوري
-
حول فكرة العصيان المدني عند الدكتور برهان غليون
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|