|
مصر في المزاد ...
جوري الخيام
الحوار المتمدن-العدد: 3717 - 2012 / 5 / 4 - 04:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كنا نتمنى نحن العرب الصامتون التائهون في هذا المهرجان السياسي الصاخب المتدين السخيف أن تعطينا مصر المثال وتحترم مقامها ووزنها في المنطقة وتتصرف بمراعاة لتاريخ لازال يغري الجميع ،كنا نتمنى أن تأخدنا الغيرة من القفزة التاريخية المفترضة بعد 25 يناير 2011 ،لكن ليس كل ما تمناه القلوب تلقاه لذلك تظل الثورة المصرية حدثاً مفترضاً وحكماً ينتظر النفيذ أو الإلغاء .
في عهد مبارك كان باب الترشيح يقفل قبل أن يفتح، و من سولت له نفسه أن يقفز من الصور تنهشه الكلاب .لذلك فالترشح كان يحتاج رجولة وشجاعة بالإضافة إلى الثقافة والمؤهلات الأخرى المصادق عليها و التي المفروض أن يبحث عنها كل مواطن في مرشحه إذا كان يريد الخير لنفسه ولبلده وللأجيال القادمة . أما هذه المرة فالأمر يختلف وهي أول مرة سننتظر العالم النتيجة دون أن نقول "99 %" ونضحك ...لأن كثرة ألهم تضحك ،وهذه المرة ،تجد كل من هب ودب تقدم لسحب أوراق الترشح ،و منهم سعد الصغير الذي غنى لحب الحمار لأنه لم يجد من يسمعه من الناس وعندما سئم من الحمير أو سئمت الحمير منه ،تدين وأراد أن يكمل دينه فقرر أن يدخل بالسياسة فسحب أراد أن يترشح لكرسي الرئاسة... لم أتابع تلك المهزلة... كنت متأكدة أنه لن يفلح !!! ربما لو أطلق ذقنة لكان الأمر إختلف لكني رغم ذلك استصعبت أن يحب المصريون أن يكون رئيسهم مغرماً بالحمار وغنى له هو رمز من رموز الغباء في بلادنا العزيزة .....ولست أدري لماذا فالمفروض أن نتعاطف معه لأن حاله من حالنا !
وسط الحل والربط ،إستبعاد المرشحين والتعصب لهم و تصاعد أصوات تخاف الا تجرى الإنتخابات في وقتها أو أن يكتب الدستور في هذا الوقت غير المناسب...لكن المجلس العسكري يؤكد أنه سوف يتخلى عن السلطة في الوقت المحدد أي يونيو / حزيران ..و تبقى مصر والثورة أكبر ضحية لكل هذا التشردم والتنافس الدموي بن الجيش وسلطة الدين .... ويبقى المواطن المصري الأعزل هو الدافع الوحيد لفاتورات كل مكسرته وستكسره القلوب الطامعة والأيادي المتآمرة الملوثة بدم الوطن و كرامة ابنائه.....هذا المصري المنهوك الذي خلعت نخاعة كل القوى الوطنية ،الأجنبية ،الإستعمارية والعربية..... هذا المصري الأعزل الذي لم يترك تلك اللحظة الحاسمة من تاريخ 2011 تفوته دون أن يتمسك بحقه في صناعة تاريخ لنفسه.... ليس في جعبته سوى ميدان التحرير والدعوة إلى مليونية أخرى لإيصال الثورة أو ما تبقى من أوراق ربيعه المغتصب إلى بر الأمان....
أنا لا أحس بالإنتماء للمغرب فقط بل أحس أنني مواطنة عربية و اتمنى السلم و الحرية لكل الأوطان والسلامة لكم جميعاً ...ولكني لا أؤمن بالوحدة إلا في اللغة والأدب والفن والأكل والأزياء التقليدية، و هذا ليس كل شئ فنحن المواطنون العرب يجمعنا إحساس بالظلم والحرمان و يوحدنا شعور تحسه مسجونة يغتصبها حارسها كل ليلة، وفي نهاية الأسبوع يتاجر بها و يقبض ...إحساس بالمهانة وقلة الحيلة . وأقلية منا يجمعها الحزن لأن العبودية عندنا مقبولة ولأن حتى من ثاروا منا لم ينتخبوا الحرية والعدالة الإنسانية بل انتخبوا الدين و لا زال بعضهم يطالب أن يخرج من بنهم نبياً.
كما لاحظنا (وتلك ليست فقط ملاحظات بل دماء أريقت ولازلت تهدر أمام عيوننا ) الثورات كلها تندلع لنفس الأسباب ولكن كلاً منها يسلك طريقه المستقل، ويكون للنظام ورأسه الكلمة الأخيرة في تقرير الوجهة التي ستأخذها البلد و هناك بلدان كانت للثوار فيها الكلمة الأخيرة وكان للحية في البرلمانات مقاعد غير مستحقة وكثيرة،و هناك بلدان أخرى لازلت تتمخض مع أنها تعدت تاريخ الولادة بكثير... والآن صرنا نخشى أن يتشوه الجنين فيها كسوريا مثلاً التي تدينت ثورتها و أسماء جمعاتها من قبل أن تصل إلى البرلمان . لكن الأكيد لدينا هو أن السعار الديني سيضرب كل برلمانات المنطقة من صغيرها إلى كبيرها... ولعل خالد سعيد وكل الضحايا يتساءلون " أين حقي ؟" أين مبادئ ومطالب الثورة ؟أين ميدان التحرير الموحد ؟أين شباب 25 يناير أين الثوار من الانتخابات ؟ متى تجني مصر ثمار ما زرعته ؟ متى تنشف الدماء؟ متى يحب المصريون بعضهم بلا شروط وبعيداً عن الدين والإنتماء السياسي ....
نسي العالم الأهرامات ويوسف شاهين ونجيب محفوظ وعظمة أرض الكنانة، وفتح عيونه على بلد تغزى فيها المظاهرات بالأحصنة و الجمال ويولد فيه الهوليجنز hooligans من جديد ويقتل المشجع الرياضي لأغراض سياسية. لم تعد مصر تصنع السينما وتقدر الإبداع بل دشنت مشروع إعدام الحريات و تصفية الحسابات مع أهله الذين تجرؤوا في تعبيرهم قليلاً خلال الثلاثة عقود الفائتة وجرحوا مشاعر الإخوان. وأول ضحايا المشروع هو عادل إمام ،فهدية من الإخوان الجبناء والسخفاء الدينيين له ثلاثة شهور نافذة، في إنتظار التنفيذ، لإزدراء الإسلام،وما لاحظته هو أن البعض يرى فيه عدواً للثورة لا مواطناً تغتصب من خلاله كل مبادئ الحرية والثورة، يستحق الشماتة لا المساعدة .يبدو أن هذه القضية ما هي إلا بداية مقدمة لكتاب أسود آخر بدأت مصر في كتابته منذ تعلق الإسلاميون بأذيال الثورة ولازلت ستكتب ونحن سنرى والتاريخ سيدون ماذا سيفعلون حين يستلموا السلطة؟...
لم تعد مصر تصدر القطن الفاخر والدراما في رمضان بل غدت مصنعاً لأخطر الأحداث بدأً من أحداث ماسبيرو مروراً بأحداث بورسعيد ووصولاً إلى أحداث العباسيةوما يحدث الآن أمام وزارة الدفاع وبين كل حدث ضخم وحدث كبير تجد " بلاوي " من الأحداث الصغيرة لكل منها عنوان يصغر عنق الحضارة....أذكر منها: " كشف العذرية" ، "الانتقال من سحل المواطن وتعديبه سراً إلى سحل المرأة علنا " تعريتها ورفس الجيش لها بالأقدام أمام الملأ، "غادة عبد الرزق تحتشم" وتغير رأيها في آخر لحظة وتصوت لإخوانها في الله وتعلن سلفيتها الداخلية ...كأنها تختار ملابسها الداخلية لتغري أحداً " تلبسي أيه يا غادة؟ أحمر ولا أبيض ؟ خليه أحمر ..." و في أخر لحظة قررت انها تلبس الأسود وهكذا حدث أمام صندوق الإقتراع ...ربما !!! هذا كله خوف ؟ وتجنباً لمصير عادل إمام صار بعد الفنانين يطلبون الرضا من المتشددين بكل للوسائل ويتأسلمون وهناك منهم من صار يمنع الإختلاط الجنسين في حفلاته كمحمد منير ...." حلو" وأتساءل إذا كان محمد منير سوف يرتل منير القرأن أم أنه سيرتكب ماهو حرام ؟ عجيب كيف يلبسون الدين على مقاسهم....
" وخارج الموضوع أعترف أني رأيت الكثير من الوقاحات الدينية ولم أسمع أوقح من صالون المحجبات الذي تملكه حنان ترك ...في الأول لم أصدق أن تكون العنصرية شيئاً مقبولاً و عادياً في المجتمع المصري ولا أتصور أنا شيئاً هذا قد يرحب به في بلد كتونس ولا أحد يعلم... إن شعوبنا تفاجئني كثيراً ، دعوني فقط اتأكد أني فهمت ، يعني عندما كانت سافرة تمثل فكر المفتقد يوسف شاهين كانت تحتاج المعجبات السافرات الكافرات أما اليوم فهي تمنعهن من الدخول إلى صالونها... إمرأة ذات مبادئ هذه الحنونة ....تقتلني الدهشة عندما اسمعها تتحدث عن توبتها ...ضاعت حنان ترك بين تلك الملابس التي لا شكل لها وصارت تغرق في أحاديث لا معنى لها فقط لتقول أنها صارت عالمة بأمور الدين ... أو ربما لتشحت برنامج...لست أدري ربما تحاول أن تبني صورة جديدة لنفسها ... "
أعود لسرد بعض الأحداث التي تحضرني الآن : "ظهور المذهب الحازمي" أنصار أبو إسماعيل كونوا طائفة وصاروا يتشابكون مع كل الناس ويعتصمون لنصرة الحبيب.. يسمون نفسهم "الحازميون حتى الموت" أنا اسميهم الأبوسماعينيون أو شبيحة أسد الانتخابات الذي لا يريد أن يقبل بالأمر الواقع ...ولا يريد أن يعترف بمركنة والدته ...ورغم سعدت بخروجه والشاطر من السباق إلا أرى ذلك من الإجحاف في حق أي كان ... "غياب البرادعي عن سباق الرئاسة" و هذا في حد ذاته خسارة فادحة للثورة ولمصر ، وفي الحقيقة يبدو أن البرادعي فهم أنها خسرانة خسرانة فلم يضيع مياهه في سقي رمال لن تزهر .... "كذب الإخوان " رجوعهم في كلامهم ومساندتهم للشاطر ....قبل أن يعزل من السباق ... "تشكيل لجنة صياغة الدستور" لا تمت للشعب بصلة.... "طنطاوي "أطول إمتداد لحسني مبارك و نظامه ...لست أدري لم يذكرني بالسادات... "رحيل الساخر العظيم "جلال عامر " ...أصيب بأزمة قلبية في مظاهرة الإسكندرية ،توفي في المستشفى ... "بقاء المنافق عمر أديب" وفلول النظام من الاعلاميين المنافقين المظللين في واجهة الشاشات بكل وقاحة ، كأن شيئاً لم يكن ... "رجوع صورة" الحبيب العدلي إلى حائط أكاديمية الشرطة "ظهور اللائحة السوداء" ....وإضطهاد سماح أنور واضطرارها للرحيل من وطنها ...إلى الكويت "ترشح عمر موسى وأحمد شفيق"....كذلك فلول النظام السابق بإمتياز ....
المشكلة عندنا في المواطنين أنفسهم لا في المرشحين....لأننا نحن شعوب لا تعرف قيمتها ولاتريد أن تصدق ،حتى بعد ثورتها ،أنها مقدسة ... إذا قارنت بين تصرفات المرشحين للرئاسة في فرنسا وفي مصر تجد الفرق شاسعاً حيث أن ساركوزي وكل المرشحين يعملون جاهدين على استثارة إحترام المواطنين لشخصهم وعقولهم وثقافتهم وتجربتهم وكل ما يمكن أن يقدمه للوطن، ويعرقون كثيراً لكسب أصوات الناس ويتكلمون لهم عن برامجهم ومخططاتهم بوضوح وإذا لم تكن تعالج ما يؤلم المواطن في تلك الفترة فإلى المزبلة، في فرنسا في العالم الآخر ينتمي الناس للأحزاب لا يعبدونها و يجري مرشحوها وراء إعجاب الناس و يلهثون لأجل كسب احترامهم... وإذا كذب احدهم "فيطلع برا من غير مطرود " بعد الإعتذار طبعاً ، وانصاره يتنكرون له لأنه استصغر عقولهم ،ولأنهم لا يقدسونه بل يقدسون الوطن ...ولا يقتلون بعضهم لأجل الإشتراكية أو اليمينية فقد ولت تلك الحقبة إلى غير عودة، وإذا حدث ذلك فتكون حالة شاذة. لذلك أنا أقول أنه ربما يجب أن نتعلم كيف نحترم إنتماء وإختلاف بعضنا من الكفار ويجب أن نتعلم كيف نفرض إحترام عقولنا على الأخرين.
نرجع إلى الترشح في مصر،هناك المهم هو أي حزب يدعمك؟ إذا كان قادراً على الدفع ولديه سلطة عسكرية أو دينية فإنك وصلت ....و العيب كما قلت ليس في المرشحين و لا في من يدعمهم بل في المواطنين أنفسهم الذين حطوا مصر في المزاد العلني ، يريدون بيع الوطن لإرادة تجار الدين و لمرشد جماعة ارهابية تحتضن أباطرة الإجرام وتسويق الفكر الأسود أو للعسكر و تجد مبارك يقول للحبيب العدلي " أهو لو ده حصل!!!! يبقى ما فيش حاجة حصلت يا واد يا حبيب )
سيفتح المزاد الرسمي في 23 من مايو /ايار المقبل .. !!!!! مين حيدفع أكثر ؟ ستباع مصر برلماناً وشعباً ولن يتوقف الفساد و قمع الحريات ...لكن كل شيء سيكون غير مألوف ومع اننا نشك شكاً مريباً يقترب من اليقين أن الكرسي سيلتحي وأن الدستور قد يحمي الصلاة ويعطيها حق تعطيل العمل ، فإننا نتمنى مفاجأةً ساره من النوع الذي لا يحدث في بلادنا العربية .... مثل تأسيس الدكتور البرادعي ، لحزب الدستور ....ربما الانتخابات القادمة يكون الجهل قد تلقن درساً ...ويكون المواطن المصري قد فهم معنى المواطنة وما معنى أن الرئيس يجلس فوق الكرسي للسهر على راحته وسلامة الوطن و أنه من الخطأ فادح أن يقدس ويصير إلهاً ....
#جوري_الخيام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا إمرأة ...لم تعد تهتم !
-
-لويس ميغيل- آخر ما حدث قبل أن اعتزل !
-
مهدور دم الله ...
-
يا صديقي لا تسألني...
-
دعوة من الله
-
سجود في معبد الوطن
-
لازلت كالأخريات ،لكن كل شيء آخر قد تغير ...
-
- أنشرها ولك الأجر -
-
أنا الشيخ -أبو سبحة عبد لحيته- .
-
بدنا نحب و نجيب ولاد...
-
اعلامنا -العرة -
-
لوحة دينية
-
الأنثى و سيف الرجولة
-
نساء المغرب : إغتصاب و جزر
-
تعرية ذاتية... -جهادي -
-
أمينة الفيلالي لن تموت.
-
في مصانع الرجال ...
-
قليل إعدام الأسد
-
زنگة زنگة على نغمات مغربية.
-
أنوثة محنطة.
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|