أحمد عوني بعلوشة
الحوار المتمدن-العدد: 3715 - 2012 / 5 / 2 - 01:34
المحور:
سيرة ذاتية
ومرورُ الوقتِ يجعلُ من الوجوهِ والأسماءِ أشكالاً كثيرة, لا يفصِلُني عن رؤيةِ بائعِ "الترمس" الذي كان يتجوَّلُ في المخيَّم وتوفي بعد ذلك سوى عددٌ قصيرٌ من السنين, كيفَ مرَّ الوقتُ لأنسى أنَّ بائعَ البُقُولِ وجارتَنا القديمة وجدتيَّ قد غادروا, تبدَّلت وجوههم لأرى وجوهاً جديدة, هل كان الزمنُ وزميله التاريخ يعرفان أنَّنا لا نستطيعُ التعاملَ مع أعدادٍ هائلة من الشخوص,الأصدقاء, والأقارب !,كلُّ الأشياء تحوَّلت وتبدَّلت, والماءُ لا زال ينزلُ من صنبوره بنفس الطريقة وبذات الخرير, ما الأمر الذي يجعلُني أعيشُ كثيراً من الأيامِ وأنا أؤجِّلُ حياةً كاملة , تقفُ على ناصيةٍ من الأمنيات والأشياء التي كنت أحلم بها منذ طفولتي و"خشونة أظافري", لم أشعر البتَّة أنَّني عشتُ فصلاً من الحياةِ بشكله الاعتيادي, كنت أحلمُ بأن أصبح في سن الشباب , وما لبثت حتى أصبحت شاباً مُشورباً يطوي فوق نفسه كثيراً من المعضلات التي قمت بتأجيلها تباعاً, حتى تكدَّست أشيائي وأحلامي الباهتة لأضعها جانباً, وأفكِّر بأمرٍ اعتياديِّ حتى أعيش هذه اللحظة بكلِّ مقتنياتها ومجرياتها وما تحمله من تفاصيلَ ليست بالمهمة, أذكرُ حين كنتُ طفلاً -لا يجيدُ اللعب في الحواري الضيِّقة- أن أبي كان يرفض فكرة الركض "حافيا" , كيف أصبحتُ حافياً الآن من كلِّ آثار الطفولة, مجردٌ من الحسِّ الذي انتاب الناس في طفولتهم, وكبرتُ عليَّ فجأةً, من كان في العاشرة , ولديه أخٌ يفوقه سنًّا بثلاث سنوات, كان يتمنى أن يصلَ إلى الثالثة عشر, ووجد نفسهُ بعد كلِّ ذلك في العشرين وأصبح يخافُ الثلاثينات من العمر, يا الله .. كيف تسير هذه السنوات على الخطِّ السريع, لا يشوبها شائبة ولا تقفُ عند خطِّ المُشاة, لو تجمَّعت أعمارُ الناس جميعاً, ووضعت في قلب رجلٍ واحدٍ , هل كان ليشعر أنه شاخ فجأة !
#أحمد_عوني_بعلوشة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟