أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - رياض درار - المجتمع المدني : مبادئ وتوافقات















المزيد.....


المجتمع المدني : مبادئ وتوافقات


رياض درار

الحوار المتمدن-العدد: 1091 - 2005 / 1 / 27 - 10:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ــ 1 ــ
ظهر مفهوم ( المجتمع المدني ) بوحي من فلسفة القرن السابع عشر السياسية في اوربا، ثم غاب حيناً وتكرر غيابه مع ظهور تسميات غطت عليه ، وما لبث أن عاد إلى الحياة ليطرح على الساحة السياسية بعد أحداث بولندا في نهاية السبعينات ، ثم في سياق التحرك الشعبي في اوربا الشرقية بأكملها منذ عام 1989م .
ومع إعادة إحياء مفهوم المجتمع المدني ، فقد شهد نقاشاً لا ينقطع حول أبعاده النظرية، ونتائجه العملية، حتى تحول إلى صناعة نظرية كاملة يصعب الإحاطة بجميع جوانبها من مراكز أبحاث ودوريات ومؤتمرات .
باختصار شديد يمكن القول أن الليبرالية الغربية التي شكلت القرون الثلاثة الماضية هي التي دفعت بمفهوم المجتمع المدني إلى السطح انطلاقاً من اعتبار الحرية هي المبدأ وهي الغاية .
ومع بروز نزعة المبادرة الفردية الخلاقة والمبدعة ، إضافة إلى مبدأ عدم التدخل النابع عن الحرية الخاصة بالأفراد ، مع التركيز على دور الفرد والذات وتحليل مفهوم الإنسان باعتباره صاحب الاختيار والمبادرة ، إضافة إلى ظهور علمين مهمين: علم السياسة النظرية المؤسس على العقلانية والعلمانية ، وعلم الاقتصاد السياسي العقلاني ضد الاقتصاد الإقطاعي المفكك .
في كل تلك المظاهر وجد المجتمع المدني أساسه الإديولوجي في تفاعل ثلاثة نظم من القيم والمعتقدات .
أولها الليبرالية وثانيها الرأسمالية وثالثها العلمانية ، وهذه القيم والمعتقدات بجوانبها السياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية
خلقت نضالاً خاضته طلائع البرجوازية الأوربية للفصل بين المدني والكنسي خاصة في وقت وفي عديد من الحالات كانت السلطة الزمنية والسلطة الدينية تتركزان في يد واحدة .
مع بروز مصطلح المجتمع المدني في أدبيات ومراجعات مابعد أحداث بولندة برزت معضلة المرجعية التي تصطدم في بلادنا بقيم الأكثرية الساحقة من أبناء المجتمع المسلم ما دعا النخب العربيةإلى الدعوة إلى قطيعة مع هذ1 المفهوم الذي تراه مفهوماً نشأ في سياق تاريخي خاص محصور بالمجتمعات الغربية ومن ثم فهي تستدعي استعداء مجتمعاتها لهذا المفهوم وتعميق الشرخ بينه وبين الشعب العربي المسلم.
ومع ذلك خرج في الأمة من يقول بأن المجتمع المدني ليس غريباً على الأمة في مسار التاريخ ، وأن التاريخ بما أنه حركية متواصلة ومتداخلة ونسبية ، فليس من المقبول تثبيت مصطلح فيه تثبيتاً أبدياً كتعريف صالح لكل زمان ومكان .
وفي مفهوم المجتمع المدني سواء أراد المثقف النخبوي ذلك أم لم يرد – وسواء انسجم هذا التحول مع مفهومه الذي اقتبسه عن آباء المجتمع المدني من روسو إلى غرامشي أم لم ينسجم , فمفاهيم المجتمع المدني التي نشأت في حالة نقض للطابع الديني للدولة والسياسة لم تعد كما نشأت ، وفي الغرب نفسه ,ثم في أوربا الشرقبة والاتحاد السوفياتي السابق لعب الدين دوراً أساسياً في حركية المجتمع، في مناهضته سلطان الدولة وأجهزتها البيروقراطية والحزبية , حيث اتخذ المجتمع المدني طابعاً صراعياً ضد البيروقراطية – الحزبية اللادينية – متحولاً عن أصل نشأته التي اتخذت طابعاً صراعياً مع التيوقراطية الدينية .
وقد ساهم المجتمع الذي تحرك من ضمن العودة إلى الديني المقدس في النشاط المدني دون أن يفقد صفته الدينية ، ولا يحق أن ننفي عنه صفة المدني لمجرد عودته إلى الكنيسة التي رفعت في أدبياتها إدانة التمييز العنصري وساهمت في تحرك المجتمع باتجاهات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان ، والتصدي للقهر الاجتماعي والطبقي ولها اهتمام بمشاكل العالم الثالث ، ووضعيات الحضارة الصناعية .. دون أن يؤثر ذلك في مسيحيتها ، أو يصادر علاقتها بما هو ديني .
فإذا كان الغرب قد تصدى لمسائل المجتمع المدني بروحه الجديدة فإن المجتمع العربي لن يكون معزولاً عن إسلامه وهو يتصدى لذات المسائل .

إن الصيرورة التاريخية تهيب بالمتصدي لمسائل المجتمع المدني أن لا يتوقفوا عند المصطلح على أنه ثابت لايتغير وهذا يدعو :
1- إلى تجاوز المفهوم الذي يحصر المجتمع المدني في قالب الفلسفة الليبرالية ، أو المادية المعادية للدين ، والتي تدعو إلى فصله عن السياسة المدنية , لأنها بذلك تهدم المجتمع والسياسة المدنية ، وتثبت الحكم الفئوي للسلطة بصورتها العسكرية أو الاستبدادية الشمولية .
2- إلى تجاوز النظرة الضيقة لبعض الحركات الإسلامية ، والموقف الدمجي الذي يدعو لتماهي المجتمع في الدولة تحت شعار الحاكمية الإلهية ، أو ولاية الفقيه أو حتى الخلافة .
ففي نسبية التاريخ تجاه هذه الأطروحات نجد أن لا حقيقة مطلقة وثابتة وأبدية في المسائل التاريخية ، وأن مانعتقده حقائق هو ظواهر ينبغي وضعها في السياق التاريخي ، وداخل التاريخ الذي هو حركة وتحولات لاتتكرر ولا تأسره تطورات حتمية إلزامية .
ومن هنا فإن استيعاب تجربة الغرب برمتها لا في تجميدها في جزء منها أو مرحلة من مراحلها . وإذا كان لابد من الرجوع إلى الغرب ، فلننظر إليه في مساره المتكامل ، وفي إنجازاته كلها ، وفي أحدث ماابتدعه من مناهج وطرائق ونظريات .
وفي الواقع فإن هذا ما فعله رواد النهضة حين اغترفوا من معين العلوم الغربية ، ووضعوا معالم مشروع نهضوي مبنية على فهم عميق للعصر الذي عاشوا فيه ، واستشراف للمستقبل من خلال رؤية علمية دقيقة مدركة لصيرورة تواريخ الشعوب ، دون أن يتخلوا عن أصالتهم ولا عن دينهم ، بل لعلهم واكبوا عصرهم ولم ينهاروا أمام نهضة الغرب ، بل واجهوه بأحكام شريعتهم ومصطلحاتها الشرعية .
إن القول بعدم تثبيت مفهوم نهائي للمجتمع المدني ، أو حتى وضع تعريف محدد له ، نابع من كونه ظاهرة . وبما أنه ظاهرة فإن له صفة التطور ، فلا يجوز أن نضع محددات قاطعة نهائية له ، بمعنى إذا فقدت هذه المحددات انعدم المجتمع المدني . وإنما يجوز القول بوجود أساسات للمجتمع المدني تتمثل بالديمقراطية ، والتعددية ، والتداول السلمي للسلطة ، ووجود المؤسسات . فوجود المؤسسات المستقلة والتي تعمل بكامل الحرية يفترض التعددية التي هي أحد المداخل الرئيسة إلى المجتمع المدني .
ولأن التعددية غير قابلة للتحقق إلا في إطار من الاستقلالية النسبية لكل العناصر المكونة لهذه التعددية فلا بد من الإقرار بالتداول السلمي للسلطة . والتداول السلمي يفترض الديمقراطية بما هي تعبير عن أن الحقيقة لا يمكن أن يملكها فريق واحد ، وإنما هي قاسم مشترك بين الجميع ، فلا يزعم فريق أنه صاحب القرار النهائي .
وبالتالي فإن المجتمع المدني لا يرفض الإيديولوجية ولكنه يرفض السلطة المؤدلجة ، فالتعددية التي هي من مقتضيات المجتمع المدني تقوم على رفض الإيديولوجية الشمولية ، لكنها لا ترفض التعددية الإيديولوجية والسياسية . وعلى الجميع أن يلتزم بنواظم يتفق عليها الجميع ، وهي نواظم ممثلة بالدستور والقوانين الأساسية ، ويمكن للإيديولوجية بهذا المعنى أن تثري الدستور والقوانين بما يتفق عليه الجميع .
ــ 2 ــ
مر على سورية حين من الدهر كان التكوين (الانتلجنسوي) النمطي للنخب السورية محكوماً بعقلية سياسية انقلابية ، لم يكن خلالها لمفهوم المجتمع المدني أي حضور وسيطرت أفكار الشرعية الثورية و مبررات حمايتها في وجه الأعداء و المؤامرات وحيث سيطر النمط الشمولي و عقلية التسلط أبعد المثقف المستقل و الديمقرِاطي وعِوض بأهل الثقة وباعة الأقلام .
و حين ظهر’’ اتحاد الكتاب ‘‘ / 1969/ وهو منظمة يفترض أن تعتد باستقلاليتها أعيدت صياغته كباقي المنظمات الشعبية وفق النموذج السوفيتي لتنميط المجتمع وفق ما ترتئيه النظرية الثورية أو فلسفة الحزب القائد ...
و قد عبر وزير الإعلام آنذاك بما معناه :(( من لم يمش معنا من المثقفين اليوم فسوف ننشئ جيلاً جديداً يتعاطف معنا و يتفهمنا أكثر .. )) و هذا يعني أن يسايرهم المثقف أو أن يقضى عليه إذا لم يغادر أو ينفى .. أو يعتزل .
على أرضية التفكير الشمولي أو الانقلابي برزت التيارات التي حاورت النظام السابق بنفس اللغة .. و شاركت و إياه في النزاع الذي دفع ثمنه الشعب العربي السوري بكل فئاته قمعاً وتشريداً وبطشاً .. و زاد من القبضة الأمنية شدةً و قسوة .
صمت المثقف السوري كما صمتت قوى عديدة اعتبرت من الصمت موقفاً من الاستبداد و القبضة الحديدية الباطشة – و مع تضخم الدولة الأمنية ، و في حالة الطوارئ المستديمة ، وانهيار الطبقة الوسطى – و تحول مشاريع التنمية الاشتراكية إلى مشاريع نهب ثروات الأمة .. أصبح كثير من المثقفين على حافة التسول ، و اضطر كثيرون من اتخاذ التقية وسيلة عندما تعذر الصمت .
لكن سورية كغيرها من البلدان لم تعد تستطيع البقاء بعيدة عن روح العصر و بدأت تتطلع نحو التغيير مع أواخر عهد الرئيس الراحل حافظ أسد حيث شاعت مشاريع الإصلاح ، و الحديث عن غياب الشعب ، و عن الحاجة لأخذ الرأي الآخر .. والتحول من رعايا إلى مواطنين . و المضي في طريق التحول الديمقراطي .. وكانت رياح التغير التي هبت من الغرب مع تفكك الاتحاد السوفياتي و سقوط الأنظمة الشمولية في أوربا الشرقية دافعاً لتناول هذه القضايا بخجل أحياناً ، لا يفارقه بقايا الرعب المتمثل في النقد الخجول .
في هذه الأثناء كانت جمعية العلوم الاقتصادية في ندواتها الأسبوعية في دمشق تفتح الباب لنقد مستمر لسياسات حكومة الاقتصادية ..ما دعا هذه الحكومة لفصل(عارف دليلة) من عمله الأكاديمي في الجامعة بعد انتقادات شهيرة تناول فيها هذه السياسات، ما لبثت هذه الانتقادات تتكامل دافعة بعض المثقفين السوريين للتحاور فيما يجب فعله ، وتركزت الحوارات على ضرورة استعادة المجتمع السوري دوره ، و العمل على إرساء حياته على أسس حديثة و ديمقراطية . و كانت جمعية ( أصدقاء المجتمع المدني ) أول نتيجة لهذا الحوار الثقافي .. ثم ظهرت مجموعة من المثقفين أصدرت بيان /99/ تركزت مطالبهم على التحول الديمقراطي و إلغاء حالة الطوارئ ، و العفو عن المعتقلين السياسيين و إطلاق الحريات العامة و الإصلاح السياسي .
وكان هذا أول كسر لحاجز الخوف .. ثم كان(( منتدى الحوار الوطني)) الذي استضافه النائب المستقل رياض سيف .. وأصبح مركز حوار للناشطين والمثقفين وكان المجتمع المدني كمفهوم مدخلاً للمطالبة بالتحول الديمقراطي .. حتى صار هذا المدخل عنواناً لتحرك واسع من خلال المنتديات التي بدأت تتشكل على أرضية حقوق الإنسان .. ونصرة الإنتفاضة ، ومقاطعة البضائع الأمريكية، وفك الحصار عن العراق، وتطور مشروع أصدقاء المجتمع المدني إلى مشروع إحياء المجتمع المدني.. الذي صدرت وثيقته الأساسية في9/1/2001 وسميت اختصاراً بيان الألف ..
لقد كانت الوثيقة الأساسية بيانأً سياسياً يدعو الى اطلاق حوار وطني شامل واصلاح سياسي ودستوري تقوم مقدماته على الغاء كل القيود على الحريات الديمقراطية .من حالة الطوارىء، إلى السجن السياسي، إلى القيود على حرية التعبير والعمل السياسي، مع المطالبة باستقلال القضاء وإلغاء التمييز ضد المرأة وأتبعتها التوافقات الوطنية التي دعت إلى عقد اجتماعي وطني في سورية يقوم على اعتبار المواطنين ذوات حرة الأساس في وجودهم والتعامل معهم هو ضمان حريتهم و حقوقهم دستورياً وقانونياً وعملياً . وأن الشعب السوري هو شعب واحد من مواطنين أحرار ، ليسو فرقاً ولا مللاً مذهبية أو طائفية أو طبقية .. وأن الحوار الوطني الصريح لجميع القوى على قدم المساواة يعزز وحدة الشعب وضرورة قيامه على تعاقدات وطنية تؤلف عقداً اجتماعياً سياسياً وأخلاقياً .. وأنه لا وصاية على الشعب ولا على المواطنين باعتبارهم ذوات راشدة مسؤولة يجب تمكينهم من ممارسة حقهم في اختيار من يناسبهم ويمثلهم في جميع المستويات ..
ودعت إلى نبذ العنف بجميع أشكاله و صوره . ونبذ القمع والإكراه وأنه لا عودة ببلدنا إلى الفوضى والإنقلابات العسكرية .. والطريق المنشود هو مزيد من الديمقراطية وتحرير المجتمع المدني من ربقة الاحتكار السياسي والايديولوجي ..
لقد جاءت الوثائق تعبيراً عن رؤية ليبرالية قام بها مثقفون مستقلون هم أقرب إلى ايديولوجية اليسار السائدة . وانتهى دور الهيئة التأسيسية إلى شكل سياسي صرف ما لبث أن قاد بعض أعضائها لمراجعات في العمل والتوجه، كما قاد البعض الآخر إلى تراجعات عن الهدف والمشروع .
ولقد كان مفتاح حركة التغيير في خطاب القسم الذي اطلقه الرئيس بشار الاسد واعلن في مقابلة له لصحيفة الشرق الاوسط انه( أول من طرح هذه ا الافكار في خطاب القسم وقد طرحها كمنهاج ولم يطرحها كشعارات استهلاكية).
وقد كان للبعض من المتعجلين دور في تراجع التحرك فيما سمي بربيع دمشق .. لقد تحرك البعض بهدف الإنتقام من السلطة وتصفية الحسابات معها، وركب البعض مركب الوهم وهو يعتقد بأن السلطة من الضعف بحيث سترضخ لمطالب المعارضين وسعت جماعات للتغيير العاجل مراهنة على تيار إصلاحي داخل السلطة مقابل الحرس القديم وكانت الهيئة التأسيسية في مرحلة اندفاع جعلها تقدم البيان بصيغة نخبوية حداثوية علمانية وبلغة تصعيدية جعلت البعض يصفها بأنها متاهة أثارت الضجيج من حولها أكثر ما جمعت من أصوات بجانبها، وكانت وثيقة التوافقات صيغة ترشيد للحركة بعدما نالتها من سهام الحاملين عليها. ولإنجاح المسعى نحو التغيير والإصلاح الهادىء.
لقد كانت لغة الوثيقة الاولى ساخطة تشهيرية لا تتناسب ولغة الحوار الحقة ، كما أنها اتخذت منحى علمانياً صرفاً بتسويغات حداثية لا تناسب هوية الشعب العربي السوري بأكثريته المسلمة، والتي تبحث عن دور وتعبير باسمها من خلال الطريق الديمقراطي وأساليب الحوار والإصلاح..
إن العلمانية تبدو سبيلاً مفتوحاً لإنقاذ المجتمع من تفتيته وتخلفه ، والمجتمع المدني وسيلة يمكنها المساعدة على التحول نحو الديمقراطية .. لكن هذه المفردات لا يمكن أن تتحول إلى إيديولوجيا أو دينًٍ جديد. فالعلمانية نظام سياسي لا اجتماعي والقول بأنها سبب أعظم الإنجازات التي حققتها الشعوب هو قول ينتهي إلى أنه ليس هناك مجتمع مدني إن لم يكن علمانياً!!..
مع أن آلاف الجمعيات والنوادي الخيرية والدينية والتبشيرية القائمة في الدول الغربية لم تمنع من تحقق المجتمع المدني .
وإذا كان( المجتمع المدني هو فئة العلمانيين فحسب) على رأي بو علي ياسين: فإن هذا الشعار يحفر قبر المجتمع المدني والعلمانية بآن في مجتمع أرضيته الإسلام .. وفيه من يرغب على أرضية الإسلام أن يقيم مجتمعه المدني الذي لا يدعي أنه يتناقض مع العلمانية ، وإنما يتجاوزها في ادعاءات الانفتاح والمساواة والايجابية ، مجتمع التضامن والتسامح والحوار والاعتراف بالآخر واحترام الرأي الآخر .. بل مجتمع لا يخاصم الدولة لأنه وإياها في دائرة المصالح المشتركة ، وإنما يخاصم السلطة المؤدلجة والتي فرضت الوصاية على المجتمع .. بشموليتها وتسلطها .
إن الأصوات العلمانية ذاتها تفردت في وثائق جديدة فراحت تفرج عن حقيقة توجهاتها في التوافقات التالية .. والتي عبرت عن إدانتها لكل عون مادي من أية جهة كانت ، وعبرت عن عدم الحاجة لأي دعم تدريبي من أية جهة خارجية ، في نفس السياق عبرت عن المدخل الذي تنطلق منه وهو مدخل ثقافي نقدي لا يحتاج إلى حزب سياسي ، أو تيار ، أو جماعة ضغط معارضة مما يستدعي إعادة الاعتبار للثقافة الوطنية الديمقراطية ، وبناء الحقل الثقافي الوطني على أسس : (عقلانية وعلمانية وديمقراطية) . هذه العلمانية التي هي في مقابل التيوقراطية وحاكمية السماء !! .
في هذه الوثيقة لا يظهر صدى المجتمع المدني ودور الهيئة في السعي لإحياء لجانه التي تعتمد على الدورات التدريبية ، والتي تحتاج للدعم المادي كما تحتاج للتعلم من تجارب الآخرين ، وكان الأولى أن تحدد كيفية قبول الدعم ، وكيفية تبادل الخبرات والاستفادة من منجزات الثقافة الإنسانية المعاصرة ، وتجارب المجتمعات الحرة ، من غير تشنج أو تصفية للمحاورين في هذا الجانب .
إن كثافة السياسي في خطاب الهيئة التأسيسية للجان إحياء المجتمع المدني غطت على الدور الإحيائي المدني للجان تنشط وتتفاعل في كافة المواقع ، وبين جميع المواطنين .
إن لجان إحياء المجتمع المدني وهي تدعو للديمقراطية ، وإنهاء الاحتكار السياسي لايجب أن تقبل هذا الاحتكار فيما بينها مع أعضائها .. فالتعددية والتفاعل الداخل والتواصل مع المحافظات ، وحفز المبادرات ، وبناء المشتركات ، وإنتاج التوافقات هو هدفها ، وليس الإقصاء للمخالفين ، فالديمقراطية والإقصاء لا يلتقيان .
والإقصاء هو فقط للمعادين للوطن ، وإن ادعوا الوطنية . الإقصاء لمن يخدم أعداء الأمة بمشاركته بوضع توقيعه على أوراق تدمغ المقاومين للمحتل بالإرهاب ، وتخلط بين الصحوة الإسلامية الحق ، وبين جماعات التطرف والحركات الظلامية !! .
إن الدعوة إلى مجتمع مدني يقوم على تنشيط الحياة العامة ، واستعادة المواطنين إلى حقل العمل العام ، والمشاركة الإيجابية ، وإلى إعادة إنتاج السياسة والثقافة في المجتمع ، وإرساء الوحدة الوطنية ، والحوار الديمقراطي ، والدفاع عن الحريات الأساسية لاسيما حرية الفكر والضمير ، وحرية الرأي والتعبير .... إن هذه الدعوة تتعارض مع تيارات تتقدم في المجتمع لتفرض الضغوط الخارجية أو تمالئ هذه الضغوط .
أول هذه التيارات : أصحاب المصالح الذين تمركزوا في السلطة وهم على استعداد للانقلاب على جميع الشعارات التي يرفعونها ، وعلى أقرب المقربين حماية لتلك المصالح .
وثاني هذه التيارات الأقليات العصبية والشعوبية التي تسعى للانفصال عن جسم الوطن ، وتدعوا للتحالف مع المعارضة الديمقراطية تقيَّةً بغية خلط مائها بطاحونة المعارضة إلى حين .
وثالث هذه التيارات أولئك المثقفون الذين شبعوا من قمح الوطن دون أن يتشبعوا قيمه ، فراحوا يروجون للتغريب صراحة ويتهمون ثقافة الأمة بأنها ظلامية أو أصولية متخلفة ، ثم يشنون حرباً على المقاومة ويقاربون بينهم وبين أعداء الأمة حين يصمونها بالإرهاب ويسمونها بالأصولية ويسفهون أفعالها الجهادية بدعوى أنها ( فلوجية ) وكأن ما يجري في الفلوجة إثم يرتكبه المقاومون .. وهم بعد ذلك يدعون القوى الخارحية لمعاقبة أصحاب الفكر والرأي المقاوم : بل محاكمة دعاة ثقافة المقاومة والجهاد . ناسين أن هذه الدعاوى هي أعلى وسائل الإرهاب التي لايتشرف أحد يؤمن بالحرية والديمقراطية ، ويؤمن بحماية التراب الوطني والدفاع عن إرادة الوطن ضد العدو الخارجي ، بالانتساب إليها .. أو القبول بحامليها في صفوفه .
إن القوى الديمقراطية عليها أن تبرأ من هؤلاء المتأمركين ، وأولى بنا ونحن ندعو إلى مجتمع مدني صالح ، أن نحصنه من هؤلاء المروجين لأعداء الأمة فكرا وممارسة .
دير الزور



#رياض_درار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ماذا نعرف عن طالب عبد المحسن المشتبه به في عملية الدهس في أل ...
- منفذ هجوم ماغديبورغ -يكره كل من لا يشاركه كراهية المسلمين-
- الحوثيون: أفشلنا هجوما أمريكيا بريطانيا على اليمن باستهداف ح ...
- قطر ترفع علمها فوق مبنى سفارتها في دمشق
- السوداني من نينوى: العراق استعاد دوره الريادي في المنطقة
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك
- هجوم ماغديبورغ يضع الحكومة الألمانية تحت ضغط وانتقادات متزاي ...
- القسام تقتل جنودا إسرائيليين بجباليا والغارات توقع عشرات الش ...
- معاريف: إسرائيل تواجه صعوبات استخباراتية في تحديد مستودعات ص ...
- ما أسباب المسام الكبيرة؟ وكيف تتمتعين ببشرة ناعمة ومثالية؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - رياض درار - المجتمع المدني : مبادئ وتوافقات