أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامر خير احمد - تحنيط التراث: التراث باعتباره شاهداً ليس إلا














المزيد.....

تحنيط التراث: التراث باعتباره شاهداً ليس إلا


سامر خير احمد

الحوار المتمدن-العدد: 1091 - 2005 / 1 / 27 - 11:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يزال ضروريأ القول أن "العقل العربي" (إن جاز استعمال هذا المصطلح) مسحور بماضي الأجداد لدرجة أنه ينشغل به عن واقعه ومستقبله.
من "تقليعات" التعاطي مع تراث العرب والمسلمين، ما يذهب إليه "مفكرون" من البحث عن جذور لأفكارهم ووجهات نظرهم الجديدة من داخل التراث، أي البحث عن قول أو فكرة قال بها أحد العلماء السابقين (وهذا قد ينتمي إلى مرحلة تبعد عنا ألف سنة تزيد قليلاً أو تنقص) تشبه –نوعاً ما- الفكرة التي يقول بها هذا المفكر المعاصر، ليتخذ من ذلك دليلاً على أنه يمثل استمراراً وامتداداً للأفكار أو المذهب الذي كان يمثله ذلك التراثي، مكسباً بذلك فكرته الشرعية.
ولنا أن نلاحظ أن أكثر من يتخذ هذا المنهج في تبرير أفكاره، إنما يكون همه مطابقة الأفكار المعاصرة، خاصة الآتية من تجربة الحداثة الأوروبية- الغربية وما بعدها، مع الأفكار التراثية (المسماة أفكاراً إسلامية)، كمحاولة البحث عن جذور للعلمانية في "الإسلام" (أي في التراث)، أو للعقلانية أو لغيرهما، بحيث يصل إلى نتيجة مؤداهما أن تلك الأفكار لا تتعارض مع "الإسلام"!
وإذا كانت المشكلة الكبرى في هكذا نهج إنها تتعارض و"العلمية"، لأنها تنطلق من قناعة مسبقة وتبحث لها عن تبرير، بدل أن تبحث في المعطيات حتى تصل إلى النتيجة بحيادية، فإن "الخدعة الكبرى" لهذا النهج تتمثل في عدم فهم رواده لإمكانية تطور الفكر الإسلامي مع الزمن بشكل مستقل، بحيث يتواءم في كل مرحلة مع ظروف وأحوال وحاجات المسلمين دون أن يكون بحاجة للتطابق مع الأفكار السياسية- الاجتماعية- الاقتصادية السائدة عند الأمم المعاصرة الأخرى، والتي يسعى هؤلاء المفكرون لتبرير تطبيقها عندنا كما هي عند الأمم التي ابتكرتها.
لقد ابتكرت تلك الأمم هذه الأفكار بما يتناسب ومستوى تطورها من جهة وحاجاتها الموضوعية من جهة ثانية، وإذا كان من غير الضروري رفض تلك الأفكار لمجرد أنها قادمة من عند آخرين (في حالة أنها كانت مناسبة لكل من درجة تطورنا وحاجاتنا الموضوعية) فإنه ليس ضرورياً أيضاً إجهاد النفس في تبرير استخدامها كما هي، والبحث عن أصول لها "عندنا" أي في تراث أجدادنا وتجاربهم التاريخية!
أما لماذا لا يقبل أكثرنا الأفكار الجديدة إلا إذا كان لها "أصل" في تراث الأجداد، فذلك لأن تبعات الانحطاط الحضاري الذي نعيشه أوجدت في اللاوعي العربي اعتقاداً مفاده أن كل قديم هو زاهي وجميل و"منتصر" (لأن المسلمين قديماً كانوا منتصرين على كل تلك الأمم الأخرى) وكل جديد هو محدث ومبتدع و"مهزوم"، وهكذا فإن الأفكار لا تكون ذات شرعية في عرف ذلك اللاوعي إلا إذا كانت تراثية قال بها الأجداد، فالتراث هو مصدر الشرعية والمعاصرة هي مصدر الزيف والبدع، وبالتالي هي سبب الهزيمة أو سبب غضب الله وحرمانه إيانا النصر!
إن تطوير الفكر الإسلامي بشكل مستقل، بحيث يجمع ثنائية الإسلامية والمعاصرة (معاصرتنا نحن لا معاصرة تقليد الآخرين) يستوجب أولاً إبراز فكرة "تحنيط التراث" وتعزيز قيمتها كضرورة ملحة لمغادرة التخلف وللنهضة على أساس الإسلام الذي هو صالح لكل زمان ومكان كما هو معلوم للمسلمين. إن معنى تحنيط التراث ليس إلغاءه، وإنما تثبيته في زمانه والحيلولة دون أن تكون له الفاعلية واليد الطولى في زماننا المعاصر، وهي الفاعلية التي تجعله شرطاً للشرعية، فإذا تم تثبيته، صار قصصاً تروى وحكايات جميلة يُستمع إليها، فقط لا غير، دون أن يكون مصدراً للشرعية وأداة للتبرير.
وفي حالة البحث عن "أصل" للأفكار الجديدة في التراث، فإن ما في التراث قد يتطابق أو يتشابه فعلاً مع الأفكار الجديدة التي يقول بها الفكر الإسلامي الجديد أو التي تقول بها الأفكار المستمدة من الثقافات المعاصرة الأخرى، لكن ذلك لا يكون دليلاً على شرعية الأفكار الجديدة، وإنما مجرد شاهد على أن القدماء كانت لديهم أيضاً مثل أفكارنا، وأنهم كانوا يختلفون ويجددون أفكارهم، فيكون ذلك شاهداً ممتعاً وملفتاً.
وفي الأحوال كلها، فإن اختلاف السابقين فيما بينهم وتجديدهم للأفكار، أو عدم قيامهم بذلك، ليس شرطاً أو ضرورة لقيامنا بالعمل نفسه، فسواء فعلوه أم لا فإن علينا أن نقوم بما يناسبنا نحن ويخدم حاجاتنا. تحنيط التراث يحررنا مما لا يلزم، ويحوله من مصدر للشرعية يعطل نهضتنا، إلى شاهد على إمكانية التغيير (لا على مضمون التغيير) ليس إلا.



#سامر_خير_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تفتش عن المرأة !
- العرب وتحولات العالم
- الفكر الاسلامي بلغة علمانية
- لا ديناصورات ولا خائنون
- الاسلام بين التطهير والتغيير
- هل الديمقراطية ممكنة في العالم العربي؟
- عمرو خالد والنمذجة الاخرى
- ادفنوا هذه المنظمات
- عمرو خالد ونموذج التراث
- البرميليون العرب
- نادر فرجاني «وزمرته»!
- -الحُرة-.. وفكرة المركز والمحيط
- اختطاف العلمانية
- في هجاء القبيلة
- الهروب الى الحكم الاسرائيلي
- حفرة صدام
- أما الشعوب المأزومة ...
- العمل السياسي في الجامعات (ورقة بحث) - الأردن
- .. وخطباء المساجد ايضا!
- حزب الايادي البيضاء


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامر خير احمد - تحنيط التراث: التراث باعتباره شاهداً ليس إلا