|
هل وقع الروس في شرك مقلب أممي؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3713 - 2012 / 4 / 30 - 09:18
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
من الواضح، تماماً، أن القرار 2043 جاء نتيجة لتوافق روسي-أمريكي، نص في بنده الأساس على استقدام 300 مراقب دولي إلى سوريا، كـ"تخريجة" مناسبة لتورط بعض أطراف الصراع في سوريا، بعد المعركة الفاصلة في بابا عمرو، معقل الاستخبارات الأطلسي التركي العربي، الذي شكل سقوطه نقطة التحول الهامة باتجاه حل دبلوماسي يحفظ ماء الوجه كثيرين بعد تيقنت أطراف العدوان من استحالة حسم الصراع عسكرياً وبعدما وصل إليه صراع الإرادات والقوى الكبرى وتقاسم النفوذ وحروب الطاقة ذروتها مجتمعة على الأرض السورية، وعلى أن يترافق ذلك، وباتفاق "الجنتلمان" مع تهدئة على الأرض ترعاها واشنطن من خلال الضغط على "مخدوميها"، أو وكلائها الإقليميين الذين يغذون الصراع ويعمدون على تأجيجه من خلال دعم الجماعات الإرهابية المسلحة، أو توفير الملاذ الآمن، والمخابئ لهم بعد تنفيذ عملياتهم الإجرامية على الأرض السورية. لكن لوحظ، وكما أن الهدنة كانت زمناً فاصلاً ووقتاً مستقطعاً، ومناسبة لإدخال مزيد من المسلحين والسلاح وتعزيز مكانتهم على الأرض، وإعطاء جرعة من الدفع المعنوي لهم، تجلى في هذا الاضطراد المتسارع والمتصاعد في أعمال العنف والتفجيرات التي قامت بها الجماعات المتطرفة، منذ بدء تنفيذ الهدنة، والتي بلغ عددها - أي الخروقات- 1400 خرقاً، كما ورد بالأمس القريب، على لسان وزير الإعلام السوري السيد عدنان محمود.
ومن الملاحظ أيضاً، ومن دون أية مواربة، أن الملف السوري تم تلزيمه، وبـ"التراضي"، إلى وزارة الخارجية الروسية، اتي باتت شبه ناطق رسمي باسم سوريا، على مدار الأشهر الأخيرة الماضية، فيما التزم الوزير وليد المعلم الصمت المطبق، وصارت الرياح تصفر في جدران الخارجية السورية، بعد أن عهدت القيام بذلك إلى المقاول الدبلوماسي المحترف، سيرجي لافروف.
ولقد أقلح الروس، والحق يقال، بالتحالف مع التنين الصيني الصاعد بقوة على الحلبة الدولية، في درء الكثير من الأهوال والمخاطر الأطلسية العسكرية التي منعت من افتراس اللاعب السوري، وإمكانية إخراجه بالبطاقة الحمراء، أو بالضربة القاضية على الطريقة الليبية. هذا الأمر عزز الثقة المتبادلة بين الجانبين الروسي والسوري، فاتحاً المجال نحو مديات أوسع، وآفاق لا محدودة من التعاون الثنائي بن الجانبين، مع وجود مصالح استراتيجية عميقة بينهما. وقد زاد أيضاً، بالمقابل، من ثقة الحليف الروسي، واندفاعاته الدبلوماسية، القدرات القتالية الخارقة، والتكتيكية العالية التي أظهرها الجيش الوطني السوري النظامي في مواجهة واحدة من أشرس حروب العصابات في التاريخ التي تشرف عليها وتديرها قوى إقليمية ودولية لا يستهان بها مادياً، وعسكرياً، ولوجستياً، واستخباراتياً.
ومع التزام الروس بضمان تنفيذ حليفهم السوري لبنود خطة المبعوث الأممي عنان، لاسيما فيما يتعلق بالبند الثاتي القاضي بسحب قوات الجيش، والآليات الثقيلة، من بؤر التسخين اللاهبة التي يتواجد فيها المسلحون، لم تقم الولايات المتحدة، على ما يبدو، بإلزام وكلائها، وأدواتها المحلية والإقليمية، بالالتزام بهدنة الثاني عشر من الشهر الجاري، وحدث أسوأ التوقعات وهي عودة سيناريو المراقيبن العرب الذي كان حضورهم مدعاة، بمثابة إنقاذاً للمسلحين بعد أن حوصروا ووجهت لهم ضربات قاصمة نزعت منهم أية قوة تفاوضية أو قدرة على فرض أية شروط أو نيل أية مكاسب سياسية على الأرض. وها هو المشهد يتكرر ثانية، ويزداد دموية وعنفاُ بعدما لاح أن المسلحين قد أخذوا "روحاُ" ومتنفساً مع قدوم المراقبين، حيث يحاول الجانب السوري، ولو ظاهرياُ، إبداء التزام مطلق بتنفيذ بنود الهدنة لاسيما البند الثاني القاضي بسحب قوات الجيش من المدن، وفي هذه الأثناء، فالماكينات الإعلامية الجبارة جاهزة لاتهام "النظام" بأي خرق لوقف إطلاق النار، وهي التي كانت هي المصدر الرئيس على الدوام لبلورة التصورات، حتى الخاطئة منها، عن الوضع في سوريا والبناء عليه.
يتراءى لي أن الروس قد وقعوا في شرك مصيدة دبلوماسية كبرى، وغدر مع هذا التصعيد العسكري غير المسبوق من قبل الجماعات المسلحة التي يبدو أنها لا تفعل ذلك إلا بالتنسيق مع قوى خارج الحدود، وهي خسارة معنوية ودبلوماسية للروس لا يستهان بها، ولا يمكن الجزم بأن الروس لا يعون هذه الحقيقة فقد أظهروا قدراً كبيراً من الحنق والغيظ لهذا الانقلاب و"الغدر" الأمريكي لهم إذ دعا لافروف وبالفم الملآن وعلانية السوريين للرد بقوة على الإرهابيين والجماعات المسلحة، لكن ما لا يعيه الجميع، ولا يمكن التنبؤ به في المدى المنظور هو طبيعة الرد واالانتقام الروسي، وزمانه، وقد تسبب ذلك لهم بإحراج كبير أمام حليفهم السوري الذي يبدو اليوم بين نارين، نار إرضاء، والالتزام مع الحليف الروسي والظهور بمظهر الاحترام للشرعية والإرادة الدولية، ونار المسلحين التي تصيب بلظاها، وتدمي المشهد السوري الجريح.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انشقاقات وسقوط الجزيرة
-
مهلكة الظلمات الوهابية والتورط بالدم السوري
-
حان وقت الحساب
-
جنون البشر
-
ولادة المثقف المسطول
-
من سيسقط النظام؟
-
أين عدالتكم الانتخابية؟
-
خطة عنان الإنقاذية
-
نضال نعيسة: هذا هو برنامجي الانتخابي
-
اغتيال مجلس غليون
-
كلينتون تستبدل إسقاط النظام بالدرع الصاروخي الخليجي
-
الفرنسيون وتكرار الحماقة الأمريكية
-
قمة الكبار وقمة الصغار
-
كرم أخلاق أمريكي
-
قل للفضيحة بالمجلس الوطني....ماذا فعلت بمعارض متسعود؟
-
حماس: سبحان مغير الأحوال
-
متى انتصرت أمريكا؟
-
دروس بابا عمرو
-
انتحار حماس
-
سفاه الشيخ: القرضاوي يقرّع حكام الإمارات
المزيد.....
-
رئيس بوليفيا يدعو لاعتراف الأمم المتحدة بالهجرة كحق أساسي من
...
-
فريق الخبراء المعني بليبيا التابع للأمم المتحدة: نفوذ غير مس
...
-
اعتقال اثنين من قادة المعارضة في جورجيا خلال مظاهرة مناهضة ل
...
-
اعتقال -خفاش- النظام السوري السابق.. متهم بارتكاب جرائم بشعة
...
-
حمدان: العدو الإسرائيلي يماطل في قضية الإغاثة والإيواء لسكان
...
-
مادورو: قضية احترام حقوق المهاجرين وكرامتهم ستكون أولوية الق
...
-
الجزائر: منع سفر تعسفي ضد المنتقدين وفق هيومن رايتس ووتش
-
بوليتيكو: واشنطن تنسحب من مجلس حقوق الإنسان وتوقف تمويل الأو
...
-
حماس: الوسطاء أبلغونا بخطوات ستلزم الاحتلال بما تم الاتفاق ع
...
-
الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: الوضع الإنساني في غزة رغم كارثي
...
المزيد.....
-
الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق
/ رابطة المرأة العراقية
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|