|
رسالة مفتوحة إلى القوى الديمقراطية
حزب العمال التونسي
الحوار المتمدن-العدد: 1090 - 2005 / 1 / 26 - 22:21
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
تصفّحوا البديل موقع حزب العمال الشيوعي التونسي للمراسلة [email protected]
رسالة مفتوحة إلى القوى الديمقراطية انتهت المهزلة الانتخابية ليوم 24 أكتوبر 2004 كما كان متوقعا. فالتزوير الشامل والمنهجي الذي شمل العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها والذي تجسم خاصة في التلاعب بالدستور لإقامة رئاسة مدى الحياة وإقصاء المعارضة الديمقراطية من المنافسة وقمع حرية التعبير والاجتماع والتنظم والتلاعب بقائمات الناخبين وانعدام حياد الإدارة واستقلالية القضاء، قد أدى إلى بقاء بن علي في الحكم لولاية رابعة وضَمِنَ لحزبه "التجمع الدستوري"، مواصلة الهيمنة على المؤسسة التشريعية وعلى الحياة العامة ومكّن الأحزاب الإدارية من تقاسم فتات المقاعد المخصصة لها سلفا في البرلمان في شكل رشوة سياسية حتى تواصل القيام بدور الديكور الموكول إليها سلفا.
وإذا كان لما حصل من مغزى فهو إمعان نظام بن علي في الاستهتار بإرادة الشعب التونسي ودوس حقه في ممارسة سيادته وبالتالي حرمانه من اختيار من يحكمه في مناخ من الحرية والطمأنينة. وما من شك في أن صاحب المصلحة الوحيد من حالة الدكتاتورية هذه هو الأقلية الفاسدة والنهابة من أصحاب رأس المال المحليين والأجانب الذين يجدون فيها، أي في الدكتاتورية، خير خادم لمصالحهم القريبة والبعيدة. وهو ما يجعلهم يعملون على الحفاظ عليها بكل الوسائل بما فيها التزوير والتزييف الانتخابي خوفا من أي تغيير من شأنه أن يهدد تلك المصالح ويفتح باب المحاسبة على كل ما اُقترف من جرائم سياسية واقتصادية علـى حساب الشعب والبلاد.
وينبغي الإقرار بأن تشتت القوى الديمقراطية في مواجهـة مهزلة 24 أكتوبر الماضي كان من بين العوامل التي سهّلت على نظام بن علي الاستمرار في انتهاك الإرادة الشعبية. فلقد اختلفت هذه القوى في تحديد الموقف الواجب اتخاذه من المهزلة. فانقسمت إلى مقاطع ومشارك، رغم الاتفاق سلفا على انعدام الشروط الدنيا لانتخابات حرة ونزيهة. كما عجز أصحاب الموقف الواحد من هذا الشق أو ذاك عن الاتفاق على سلوك موحّد من البداية إلى النهاية خلال فترة الحملة الانتخابية. وكانت النتيجة أن تأثير القوى الديمقراطية في مجرى الأحداث كان محدودا رغم أن غالبية الشعب التونسي عزفت عن المشاركة في تلك المهزلة وهو عامل كان من الممكن استثماره لفائدة المعركة الديمقراطية.
واليوم وقد انتهت المهزلة بات من الضروري التفكير في المستقبل، وهو ما يقتضي التحلي بدرجة كبيرة من المسؤولية حتى لا تستمر الأوضاع على ما هي عليه فتكون الدكتاتورية هي المنتفع مرة أخرى من تشتت صفوف القوى الديمقراطية. إن وحدة هذه القوى تمثل في الظرف الحالي شرطا أساسيا من شروط التقدم بالنضال الديمقراطي في بلادنا وتعبئة الرأي العام الشعبي حوله. كما أنها تمثل استجابة لرغبـة مشروعة لدى أعداد كبيرة من المناضلات والمناضلين في مختلف القطاعات الاجتماعية وميادين النشاط ســواء كانوا منتظمين في أحزاب أو غير منتظمين، أحبطهم التشتت والنزعات الفئوية التي يعتبرونها، وهم على حق، مضيعة للوقت.
ومن البديهي أن الوحدة ليست هدفا في حد ذاتها بل هي وسيلة لتحقيق مهمة أو مهمات مشتركة تستجيب لمقتضيات المرحلة التي يمر بها الصراع بين القوى الديمقراطية من جهة والدكتاتورية من جهة ثانية. وإذا كانت كل القوى الديمقراطية تقر في خطابها أن انتخابات 24 أكتوبر الماضي مزورة وبالتالي لا تعكس في شيء إرادة الشعب التونسي، فنحن نعتقد أن المهمة المركزية التي يمكن أن تتوحد حولها الحركة ينبغي استخلاصها من هذا الموقف بالذات.
إن الاستنتاج المنطقي الذي يمكن الخروج به من التوصيف السابق الذكر لمهزلة 24 أكتوبـر 2004 هو أن السلطة الناجمة عن التزوير هي سلطة غير شرعية. فلا رئاسة بن علي المؤسسة على استفتاء صوري وانتخابات مزورة شرعية. ولا المؤسسات التي عين أو أنه سيعين أعضاءها شرعية. ولا مجلس النواب المؤسس على انتخابات مزورة شرعي. وفي كلمة فإن المؤسسات التي لا تعكس إرادة الشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة، هي مؤسسات غير شرعية.
على هذا الأساس فإن المهمة المركزية للحركة الديمقراطية في المرحلة القادمة تصبح واضحـة وهي تتمثل في النضال من أجل إقامـة سلطة شرعية وديمقراطية نابعة من صندوق الاقتراع أي مـن انتخابات حرة ونزيهة. وهذه الانتخابات لها شروطها الدنيا وهي حرية التعبير والتنظّم والاجتماع وحرية الترشّح والانتخاب وحياد الإدارة واستقلالية القضاء فضلا على الإشراف المستقل على العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها.
وبطبيعة الحال فإن تحقيق هذا الهدف المرحلي، لأننا لا نزعم أنه مطروح للإنجاز "الآن وهنا"، يمر عبر نضال يومي مباشر من أجل مطالب واضحة يتم حولها تكتيل أوسع القوى الديمقراطية، للتدرج نحو خلق ميزان القوى الضروري لبلوغ ذلك الهدف وفرض شروط تحقيقه. وهذه المطالب المباشرة تشمل في جانبها السياسي العفو التشريعي العام وإلغاء كل ما يبيح الرئاسة مدى الحياة وكل ما يحصّن رئيس الدولة من المحاسبة القضائية ويمنع حرية الترشح للرئاسة. كما تشمل إلغاء ترسانة القوانين القمعية وضمان حرية الفكر والتعبير والتنظّم والاجتماع وإقرار المساواة بين الجنسين وإلغاء المجلة الانتخابية الحالية ووضـع أخرى جديدة تضمن حرية الترشح والانتخاب وتنص على نظام انتخابي جديد كفيل بإفراز مؤسسات ممثلة لإرادة الشعب (التمثيل النسبي، القائمات الاسمية..) كما يشمل أيضا استقلالية القضاء وفصل الإدارة عن الحزب الحاكم إلخ…
أما الجانب الاقتصادي والاجتماعي من تلك المطالب فيمكن أن يشمل حق الشعب في ممارسة سيادته على خيرات البلاد وثرواتها كحق أفراده في الشغل والعلاج والتعليم والسكن وفي خدمات راقية وبأسعار رمزية (نقل، كهرباء وغاز وماء، اتصالات إلخ…). وهو ما يستوجب مقاومة الفساد وتبديد ثروات البلاد ونهبها باسم "الخوصصة" والنضال ضد البطالة والتهميش وتدهور المقدرة الشرائية للكادحين وتخريب الخدمات العمومية والاجتماعية والثقافية وتعميق الفوارق الاجتماعية والجهوية.
وفي الثقافي ضمان حرية الإبداع وتوفير الشروط المادية لممارسة هذه الحرية.
وفي السياسة الخارجية، مساندة القضايا العادلة للشعوب العربية وفي مقدمتها الشعبان الفلسطيني والعراقي ومقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني والتصدي للمشاريع الهيمنية الأمريكية في المنطقة في إطار ما يسمى بـ"مشروع الشرق الأوسط الكبير"، ومناصرة كل القضايا العادلة في العالم ومقاومة الهيمنة والاستعمار والحرب.
إن هذا التمشي هام لأنه مدخل أساسي للنضال ضد الدكتاتورية ومن أجل إقامة نظام ديمقراطي. وهو تمشّ يرتقي بالحركة الديمقراطية إلى مستوى طرح مسألة السلطة محورا لنضالها. كما يسلّح جماهير الشعب بهدف واضح وشعار مركزي تتعبأ حوله. إن اختلال موازين القوى في الظرف الراهن لا يمنع حركة ديمقراطية جديرة بهذا الاسم من رسم مهمة أساسية مرحلية تشكل محورا لدعايتها ومصبّا لكافة نضالاتها اليومية التي تخوضها على مختلف الواجهات. وبعبارة أخرى فإن اختلال موازين القوى الحالي لا ينبغي أن يكون مبررا للقبول بالأمر الواقع وحصر النضال الديمقراطي في مطالب وتحركات جزئية معزولة عن هدف مرحلي واضح. إن هذا التمشي محدود الأفق خبرته الساحة السياسية في تونس وهو لم يؤدّ ولن يؤدي إلا إلى إطالة عمر الدكتاتورية.
إن الاتفاق على المهمة المرحلية المذكورة وما يقتضيه إنجازها من نضال على مختلف الواجهات يمكن أن يشكل قاعدة لقيام جبهة ديمقراطية واسعة تقضي على تشتت الحركة الديمقراطية وتحقق لها استقلاليتها إزاء النظام القائم وإزاء كل القوى الرجعية الأخرى المعادية للحرية والديمقراطية. ومن هذا المنطلق فإن حزب العمال يدعّم فكرة عقد ندوة وطنية للقوى الديمقراطية تتطارح فيها هذه القضايا وتسعى إلى الخروج منها ببرنامج عمل موحد لمواجهة المرحلة القادمة. حزب العمال الشيوعي التونسي
10 جانفي 2005 ملاحظة: تجدون نص الرسالةالمفتوحة في شكل ملف pdf مرفق لهذا البريد الالكتروني
Ci-joint le texte de la lettre ouverte au format pdf
#حزب_العمال_التونسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشروع وثيقة من أجل بديل ديمقراطي وشعبي
-
إنتخابات المجالس العلمية
-
1 نوفمبر 1994 – 1 نوفمبر 2004: الذكرى العاشرة لأحداث القيروا
...
-
مهزلة 24 أكتوبر تعمق أزمة شرعية النظام
-
إثر إطلاق سراح عدد من المساجين السياسيين المحاكمين في قضايا
...
-
بــيـــــــان
-
لا للدكتاتورية مدى الحياة!
-
بيــان - حول الاعتداء الذي تعرّض له السّيد حمّة الهمّامي الن
...
-
اليوم الأول من حملة انتخابية باهتة: كفى تزويرا! كفى اغتصابا
...
-
بيان على هامش أيّام قرطاج السينمائية:ضد التصحّر الثقافي، ضد
...
-
الانتخابات في المنظمات الجماهيرية
-
الدكتاتورية تشدد حملتها على الحريات قبل مهزلة أكتوبر القادم
-
البيروقراطية تزج بالاتحاد العام التونسي للشغل في مستنقع جديد
...
-
حزب العمال يجدد نداءه بمقاطعة المهزلة الانتخابية
-
ما لم يُنشر حول اعتصام وإضراب الجوع لعمال -صوطاباكس- بسوسة
-
الحركة الديمقراطية تدعو إلى تحويل الانتخابات القادمة إلى معر
...
-
بين -حماية الأخلاق- و-مكافحة الإرهاب- ضاعت حقوق الناس!
-
المعارضة الديمقراطية قادرة على أن تكون فاعلة
-
بيان
-
انتفاضة الخبز 3 جانفي 1984: الوقائع والاستتباعات
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|