|
الصّحوة الإسلاميّة
محمد طرزان العيق
الحوار المتمدن-العدد: 3712 - 2012 / 4 / 29 - 22:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الصّحوة الإسلاميّة انتابتْ عالمَنا العربيّ والإسلامي ،بشكلٍ خاصْ، والعالم عموماً موجةٌ من ما يسمُّونَه بالمدِّ أو الصّحوة الإسلاميّة والإسلامُ منها بَراءْ وكانَ الأجدرُ إن تُدعى بالنكوص والارتداد عن قيَّم ومبادئِ ديننا الإسلامي الحنيفْ، دينُ التسامحِ والمحبَّة ٠٠٠دين الدعوةِ بالتي هي أحسنُ ٠٠دينُ ; وجادِلهم بالتي هي أحسنْ ودينُ; تعالوا إلى كلمةٍ سواء دينُ ; لكم دينكمْ وليَ دينْ ودينُ ; إنَّكَ لا تهدي ولكنَّ الله يهدي منْ يشاء !!٠٠تحوَّلَ هذا الدينُ إلى دين الفرض و الإكراه ٠٠دينِ تعصبٍ وتحجُّر ودين ما يسمونَهم بهيئاتِ الأمرِ بالمعروف والنهْيِّ عن المنكرْ ، التي نصبت نفسَها كوصيٍ على العباد وتحْجُر على حريَاتِهم الشخصيّة وتجبرَهُم على أداء فروض الدين ..فإذا لمْ يستقرَ الإيمانُ في القلوب-عن قناعةٍ- فهل تأديّةُ بعضَ الطقوسِ والحركات الدينيةِ ، بالقوّةِ وخوفاً من السيَّاط ، يجعَلَهُمْ مسلمينْ!؟ ألم يخاطبُ القرآنُ الكريم نبينا محمداً بقوله[ ولَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَليظَاً لانْفضُّوا مِنْ حَوْلِكَ] ألم يتساءَل الفاروق عمر قائلاً٠٠ ( متى استعبَدْتُم النّاس وقد ولدتهم أمّهاتِهم أحراراً) هذا هو الدين القويم ; أن تعبُدَ اللهَ إيماناً وتؤدي فرائضه طواعيّة وتكونَ قدْوةً في الصدقِ والاستقامَةِ والتسامح والمحبَّة ! ألمْ يردُ في الأثَرِ بما معناه لا يُؤْمِنُ أحدنا إلاَّ أذا أحبَّ لغيْرِهِ ما يحِبُ لنَفْسِهْ وأنَّه لن يُتقَبَّلُ منَّا دينٌ إنْ نمْنَا شَبعى وجيراننا يتضَوَّرونَ جوعا!٠٠ ولم ينسَ الإسلامُ حتَّى الرِّفْقَ في الحيوان ٠٠٠ هذا هو جوْهَرُ الدين وليسَ هو في لبسٍ أوْ زيٍّ خاص أو مظهر ما ٠٠٠
لقد تحَوَّلَ دينُنَا بفضلِ أدعياء العلم والدين إلى دينِ جهلٍ وتخلفٍ٠٠٠ دينِ تعصُّبٍ وقسوة ٠٠٠دينِ سفاسفَ وخزعبلات ٠٠٠٠أليسَ هذا هو ما يرَوِّجَه الغربُ عن صورَةِ الإسلامْ ٠٠٠ أيوجَدُ أحسنُ من هكذا خدْمَةٍ للغربِ وأهدَافِه يقدِمَها بسخاءٍ وغباءْ ثلَّةٌ من أدعياء الدين ومفتيي السلاطين ٠٠٠ تَبَّاً لهُم وبما يقومونْ ٠ شغلوا العباد بقشورِ الدِّين وابتعَدوا عن الجوْهَرْ فأصبحت المسألةُ الأهمُّ كيف نرتدي ثيابنا وكيف نُعْفِي لِحَانَا ونُزيِّنَ الشواربْ! ٠٠٠على النساء لبسُ الجلبابِ وإرتداءِ النقاب- وليس الحجاب- وعليهِّنَ تطويلُ الثيابْ ، وأما الرجال فعليهم إطالةُ اللّحَى وتقْصِيرُ الثياب ويُستَحسنُ إرتداءَ الخشنِ منها٠٠٠اخشَوْشِنوا فإنَّ النِّعَمَ لا تدومْ ، ونسوْا أنَّ اللهَ يُحِبُّ أن يرى نعمَتَهُ على عباده وأنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجَمالْ٠٠٠ من قال أنَّ الإسلامَ قد فرَضَ التَّنَقب أي أنْ لا يُرى من المرأَةِ-بالكاد-سوى عيْنَيها وأنَّ المرأة كلُّها عوِرةٌ وهي فتنةٌ للرجالْ٠٠٠ أهذا هو الإسلامُ ؟
٠٠المرأةُ كانتْ تُوئَدُ في الجاهليَّةِ فجاءَ الإسلامُ فأنْصفَها وأعادَ لها اعتبارَها ويريدون في عصرِنا هذا ، منْ جديد، وَئْدها ودفنَها في الحياة! لقد نَسَوْا أو تناسوْا عن عَمْدٍ أنّ المرأةَ هي نصفُ المجتمَعِ وترَبِّي نِصفَهُ الآخرْ!!! فالمرأة- بِنَظرِ أدعياءِ الدين- ليست سوى وعاءً لتفريغِ الشحنات الجنسيَّة فيها وإرضاءِ الشهواتِ وليستْ أكثرُ من خادِمَةٍ مطيعةٍ له ولذريَّتِهٍ من بعدهْ ٠٠٠هكذا همْ يفهمونَ مبدأَ أنَّ الرجالَ قَوَّامُون على النساء ويريدون فرْضه على المجتمع بأكمله٠ وحريٌّ بمنْ يؤمنُ بذلكَ أنْ يذهبَ إلى أيِّ محلٍ للأدواتِ الجنسيَّة ويشتري بثمنٍ بخسٍ دميَّة بلاستيكيّة على شكلِ إمرأة تلبي وتشبِعَ حاجَاتِهِ دون اعتراض وفي أيِّ وقت ودون أدنى إلتزامْ أو واجباتٍ نحوَها وكفى اللهُ "المؤمنينَ" شَرَّ القِتَالْ٠٠ هكذا إذن يتناقشون ; هل تعملُ المرأة أم لا ، أمْ عليها أن تظلَّ قابعةَ في منزلها وفي رأيِّ البعضِ تخرُجُ المرأَة في حياتها مرتين : الأولى من بيتِ أبيها إلى بيتِ زوْجِها والثانية من بيتِ زوْجِها- والعياذ بالله -إلى قبرها! يتناقشون حول شرعيَّة أن تقود السيَّارة أم لا وأتساءَلُ هل كانَ على زمان نبيّنا سيَّارات وكيفَ تفتَّقتْ أذهانَهم العبقريّة على تحريم قيادَةَ "الحريم" للسيَّارات!! ٠٠٠أَنَسَوْا أن نساءَنا ،منذُ سالفِ الزمانِ وإلى الآنْ، قد ركبْنَ البعير والخيلَ والحمير فهل هذه الدوابُ أقلُّ خطراً على عفَّةِ المرأةِ وشرَفِها من السيَّارات ،حتى ولو كانت "فُلْ أُتومَاتيك" ومجهَزةً بكلِ وسائل الراحة٠٠٠ أمْ أنَّ السيّارةُ تحديداً -واللهُ أعلمُ-رجْسٌ من عملِ الشيطانِ فاجتًنِبُوه؟!٠ ومنهم منْ يحرّمُ التصوير على أنَّه تقليدٌ لِخلْقَةِ الخالِق وهذا شِركٌ وكفرْ فهل تستقيم حياتنا دون الصورة فكيف ستمتلكُ بطاقةً شخصية أو رخصَةَ قيادة خاصة بِكَ دون أن تكونَ صورتُكَ عليها واستدرك فوراً أن لا مشكِلَةً للنساءِ في ذلكَ فهنَّ أصلاً محروماتٍ من التَّنقلِ وركوب السيَّارات٠٠لا لا بلْ هيَّ لهنَّ أيضاً مشكلة! كيفَ ستتعلمُ الفتاةَ في المدرسَةِ دون هويَّة مدرسيّة وبدون صورتها ؟٠٠٠ أم يجب علينا أيضاً منعَهُنَّ من حق التعليم أنسينا أنَ [العلْمَ فريضَةٌ على كلِّ مسلمٍ ومسلِمةْ] والقوْل المأثور ; أطلبوا العلْمَ ولو في الصينْ !٠٠٠ نحن لا نطالبُ سوى بإرسال بناتنا إلى المدارسَ على الأقلِّ في أَمَاكنِ سُكْناهُم!٠٠٠ فهل هذا علينا بِكَثيرْ؟ ومن تحريم التصوير إلى تحريم صوت المرأة لأنَّه عوْرَةٌ وفِتْنة !!!٠ فبالله عليكم كيف سيتكلَّمُ شخصٌ ما دونَ أنْ يُسمَعُ صوتَهُ وكيفَ يكونُ التواصلُ بينَ البشر إن مُنعَتْ أبسطُ الحقوق ٠٠ وقد يقولُ قائِلٌ أنني أبالغُ ، لكنْ صَدِّقوني ومن تجربَةٍ شخصيَّة حدَثَتْ معي فأحدُ أقرَبُ أقربُ أصدقائي-رحمه الله- قدِ أصيبَ بعدوى التأسلُمِ والتَطّرف وعندما تقابلنا معاً بعدَ سنواتٍ عديدة وزوجتُه معه، وقد تَحجَّبَتْ ،/ وهذا بالطبع خيارُها وأحترِمَهُ/، لكن أنْ يصل الحدُّ أن يجيبُ زوجها نيابةً عنها عندما ألقيْتُ عليها التحيّة!!!!و الله على ما أقول شهيدْ ،أهلْ هذا من الإسلام في شيئْى٠٠٠جعلوه دين شَكٍّ وظنون ٠٠ لا مكان فيه للثقَةِ والوفاء والإنسانيّة ٠٠٠هل المسلمُ للمسلمِ عدواً وأنَّ المجتمعَ مجتمعُ وحوشٍ همجٍ تتحكَّمُ بهم غرائزهم الحيوانيّة ويقتنصونَ الفرص في الغدر والخيانة !٠ أين الدِّين من هذه الأمورْ؟ أين الأخلاقُ وأين المبادئ الجميلة ،الإنسانيّة والحضارية التي يحثُّ عليها دينُنَا الحنيف وهناكَ رهطٌ من "العلماء" ممَّنْ يحرِّمون حقَّ العملِ على نصف المجتمع بحجَّة التَّفرغ للمنزلِ وتربيّةِ الأطفال وبحجّةِ الاختلاط ،الذي بزعمِهِم هو سببُ المفسدة !٠٠ حَسَنٌ فليتركوا العبادَ ليتصرَّفوا كما يتناسبُ وحاجاتِهم و على كلِّ أسرَةٍ أن تقرِّرَ مصيرَها بنفسها ٠٠٠ التربيَّةُ هي الأساسْ وهي الضمانَةُ لمجتمعٍ سليم وكلَّما استقامَ الإيمانُ وطُبِّقَ جوهرُ الدِّين كلما كان المجتمعُ نظيفاً حضاريّاً مجتَمعٌ يسير إلى الأمام ،يحقِقُ العدل والمساواة والمحبَّة والتسامح بين أفراد المجتمع ويرسمُ صورةً بيضاء ناصعة عن دينِنا الحنيف ٠٠٠ الدِّين الحق يدعو إلى مكارم الأخلاق وهذا هو جوهر الإسلام !٠٠٠٠العباداتُ والفرائضُ هي أمورٌ شخصيَّة بين العبدِ وربِّه، والله بكلِّ شيئٍ عليمْ، أما المعامَلَةُ بين أفراد المجتمع فيما بينِهم فهي أهمُّ ما يدعو إليه دينَنَا الحنيف ولا خيرَ في عبادَاتٍ لا تنهي عن فحشاءَ أو منْكَرْ٠ وعودٌ على بِدْء فإنَّ ما يدعو إليه المتأَسلِمونَ والسلَفٌيُّون والمتطرفون ليس من الصحوة الإسلاميّة بشيئ بتاتاً وعلى العكس فهي رِدَّةٌ وهي نكوصٌ عن جوهر الدين وتسدي أكبرَ خِدمة لكلِّ من يرَوِّجُ لما يسموهُ بالفوبيّا من الإسلام وقيّمِهِ٠ الاسلامُ مرَّةً أُخرى دين التسامح ودين الحوار أمَ منَ الضرورةِ أنْ نذَكِّر بأنَّ المسلِمَ لا يكون مؤمنَاً إنْ لَمْ يؤمن بالأنبياء والرسلِ كلِّهم فلِم إذن نًكَّفِرَ أتباعِ الديّانات السماويّة الأخرى، بل والأنكى من ذلك للأسفِ الإنقسامُ في الإسلام نفسَهُ ٠٠٠إنظروا ما يكتبه أخوانُنا من الشيعة على أتباع السنة٠٠ وبالمقابلْ إنظروا أيضاً إلى ما يرَوِّجِهُ أهل السُنَّة عن أتباع الشيعة٠٠٠كمٌ هائلٌ منَ الخزعبلات والخرافات والأمور القذرة ، التي يندى لها الجبين ، تُنشرُ عن أتباعِ هذا المذهَبِ أو ذاك وكلُّها هُراءْ و لا تَسِرُّ إلا أعداء الإسلامْ ٠ وعندي كلا الفريقَيْنِ في ضلالٍ مبينْ والإسلام منْهُم بَراء! لمْ ولنْ ينتشرَ الاسلامُ بحَدِّ السيف وإنما بقوةِ المبدأ والإقناع وجمالِ الفكرةِ وصوابِ ومنطقيّةِ الإيمان٠ لايعقلُ في عصر الانترنت والعولمة أنْ نضيعُ وقتنا و وقت الآخرين بقضايا أكثر ما يمكنُ أن يقالُ عنها ، أنَّها قضايا محضُ شخصيّة ! لا مجال للتدخلِّ بها إطلاقاً وليسَ هناكَ وصايّةٌ من أحدٍ على أحدْ
#محمد_طرزان_العيق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصّحوة الإسلاميّة
المزيد.....
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|