|
الجيزاوى (( شو )) .. وحدود الحرية
قم محمد عبد الجواد
الحوار المتمدن-العدد: 3712 - 2012 / 4 / 29 - 20:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أجد نفسى ميالا لتأييد تصريح السفير السعودى أحمد القطان الذى أطلقه بالأمس من أن المصريين يشعرون بعد الثورة أنهم فوق القانون الرجل معه كل الحق فيما يقول لأن الغالبية العظمى من المصريين يفهون مناخ الحرية بشكل خاطئ جدا للأسف الشديد وهم ليس لهم عذرا فى هذا .. هل الحرية تعنى من وجهة نظر البعض أن يفعل ما يشاء بلا محاسبة أو مساءلة ... الإجابة بالطبع لا لأن الحرية إن لم تقترن بالمسئولية الكاملة عما نفعل سيتحول الأمر إلى فوضى وسيعيش الجميع وكأننا فى غابة يفترس فيها القوى الضعيف .. ونحن بالفعل بعد الثورة أشعر أننا وصلنا إلى هذه الحالة وبكل أسف وإذا كانت الأمور داخل مصر فيها نوع من الميوعة والاستهبال والتراخى فى تطبيق القانون على المخالفين فهل بالضرورة أننا نجبر باقى دول العالم على تحملنا بكل ما بنا من عيوب ؟..
أى إنسان عاقل سيجيب بالنفى لأن أهم فرق واختلاف بيننا وبين كافة الدول المتقدمة هو سيادة القانون .. فلا يمكن بأى حال من الأحوال ان نفرض منطقنا على الجميع أينما رحلنا لأن القوانين فى جميع بلدان العالم تطبق بلا رحمة ولا هوادة وكل مخالف يحصل على العقوبة التى يستحقها ..
فعلينا ان نحترم القوانين المطبقة فى أى دولة نرحل إليها وإذا كنا سنفعل ذلك بالخارج فمن باب أولى ان نفعل ذلك فى وطننا أولا لأننا سنعكس صورة هذا الوطن أمام جميع الناس بالخارج ..
قضية أحمد الجيزاوى أو لنقل فتنة أحمد الجيزاوى المحامى المصرى المحتجز بالسعودية بتهمة جلب حبوب مخدرة للمملكة هى انعكاس لما آلت إليه الأوضاع فى مصر من تبجح ولامبالاة واستهتار فبمجرد ان تم الاعلان عن القبض على المحامى الذى صار حديث العالم ويهدد علاقة دولتين عربيتين سارع الجميع بلا أدنى حد من المعرفة ليدلو بدلوه فى القضية فمنهم من قال انه صادر ضده حكم بالجلد والحبس لاهانة الذات الملكية هكذا بدأت القصة ولكن المسئولين السعوديين سارعوا إلى نفى هذه الرواية جملة وتفصيلا وأكدوا انه تم ضبطه وبحوزته 21 ألف و380 حبة مخدرة من عقار زاماكس ونفس الكلام اكده السفير المصرى لدى المملكة محمود عوف فى تصريح على الشاشات المصرية ..
وعلى الرغم من اننى غضبت جدا من تصريحات السفير عوف واعتبرتها أغبى تصريح من أغبى دبلوماسى مصرى لأنه كان يتعين عليه ألا يصرح بهذا ويتحرك للتأكد من حقيقة القضية والعمل على حلها بكافة الطرق والوسائل الدبلوماسية إن كان هناك خطأ من قبل السلطات السعودية أو تاكيد الاتهام فى حالة التأكد من صحة الواقعة ..
إلا ان تجار الإعلام فى مصر والمهوسون بالشهرة والشو الإعلامى وحالة تضخم الذات اللاإرادى سارعوا إلى التأكيد بأن القضية ملفقة وان السعودية تستعرض عضلاتها لإذلال المصريين دون ان يكلف أى منهم نفسه عناء التأكد مما يقول ودون ان يلتفت إلى أن إسهال التصريحات التى يطلقها قد تكون هى الشرارة الأولى التى يندلع منها حريق هائل تصعب السيطرة عليه وبالفعل حدث ما لا تحمد عقباه فالألاف من الشباب المدمن للشو الإعلامى والمنتفعون من بيزنس الثورة والفاشلون فى اللحاق بسباق الرئاسة أقصد أنصار حازم ابو إسماعيل سارعوا إلى التظاهر أمام السفارة السعودية وللأسف خرج منهم عن حدود الذوق والأدب عدد كبير فمنهم من سب السعودية ومنهم من رفع الأحذية ومنهم من تطاول دون ان يفهم أو يعى أبعاد القضية التى يزعم انه يناصرها ويتظاهر من أجلها وحاولوا اقتحام السفارة . ألا يدركون ان الاعتداء على سفارة دولة أجنبية فى مصر يعتبر بمثابة اعتداء على الدولة ذاتها ويخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية المعمول بها فى الحياة الدبلوماسية .
و استمرار لحلقات قلة الأدب سارع الكثيرون من النواب وتجار الشنطة ممن يحملون مهنة ناشط حقوقى أو ناشط سياسى وهو اللقب الذى ابتلى به شعب مصر إلى توجيه السباب والشتائم لكل من هب ودب وذلك من منطلق أن المصريين بعد الثورة فوق القانون ولا يستطيع احد محاسبتهم
أين العقل؟ وأين السادة مرشحو الرئاسة المبجلون الذين يتصارعون على كرسى حكم مصر من هذه المهزلة ؟.. وحتى تكتمل فصول المأساة تبارى السادة المرشحون فى إطلاق التصريحات العنترية فالسيد حمدين صباحى صعد على صهوة الجواد الناصرى ليقول لو كنت رئيسا لمصر لأرسلت وزير الخارجية بطائرة لإحضار الجيزاوى والكل سارع ليكيل الاتهامات لنظام حسنى مبارك بأنه هو الذى أوصل مصر لهذه الحالة من الخنوع والاستكانة (( الله يحرق مبارك ونظامه )) وأن مصر بعد الثورة لابد ان تعامل بطريقة أخرى ..
عن أى طريقة تتحدثون هل هى مبارة فى كرة القدم فنلعب بطريقة 4-4-2 او نلعب بطريقة المعلم حسن شحاتة 5-3-1-1 او نلعب بطريقة الجوهرى الشهيرة ندافع جميعا حتى الموت وإذا احرزنا هدفا فخير وبركة أم هى مباراة فى كرة اليد فنلعب بطريقة 6 صفر أو بطريقة 5-1 أو بطريقة الدفاع المتقدم ..
بالله عليكم ألا تستحون ألم تشعروا بالخزى والعار من هذه التصريحات التى تدل على حالة من التخلف والترهل الفكرى والبلاهة الإنسانية ..
هل يمكن ان تحل مشكلة فى العلاقات الدولية بالتصريحات العنترية أم ان الأمر يتطلب تحكيم العقل والتعرف على كل مفردات وملابسات القضية حتى يتسنى الحكم على الشخص المتهم أو المدان مع قناعتى الشديدة أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته وخيرا فعل سامح عاشور نقيب المحامين عندما قال سنتحرى الأمر حول كل ملابسات القضية فإن كان الجيزاوى بريئا سندافع عنه حتى انتزاع براءته وان كان مدانا سنطبق قانون النقابة عليه ..
ما هو موقفكم أيها الأشاوس المحترمون إذا تأكدتم بعد كل هذه التصريحات أن الجيزاوى رجل القانون مدان ولم يحترم القانون هل ستعتذرون للشعب عن استخفافكم به ولعبكم على مشاعره وهل ستعتذرون للسعودية عن الاهانات التى وجهتموها لها أم أنكم ستتجاهلون الأمر برمته من منطلق أن الشعب نساى وإذا نسى الشعب هل سينسى من أجرم البعض فى حقهم من السعوديين ..كلامى ليس فيه مجاملة للسعودية ولكنه المنطق العقلانى الذى يجب ان يؤسس عليه أى عاقل ..
واستمرار لتفشى فيروس الجهل والهبل خرج علينا محاميا قال أنه محامى احمد الجيزاوى ليفبرك قصة من وحى خياله مفادها أن احد المحبوسين مع الجيزاوى أكد له أنه يعذب وتم تعليقه فى سقف الغرفة المحبوس فيها .. كيف وصلت يا رجل القانون إلى هذا الشاهد وما مدى قناعتك بصدق روايته فى الوقت الذى قالت فيه شاهيناز فتحى زوجة الجيزاوى ان زوجها كان متواجدا لمدة 6 أيام فى مكان غير معلوم .. فمن نصدق ؟
إذا كنا نريد التقدم فلابد ان يفعل القانون ويطبق على كل من يرتكب جريمة لأن استمرارنا على هذه الحالة من التشنج واللامبالاة بحجة أننا شعب قام بثورة يعتبر قمة المآساة والملهاة فى نفس الوقت إذا أخطأ الجيزاوى فليطبق عليه القانون السعودى بحذافيره حتى لو كانت العقوبة تصل إلى الإعدام حتى يكون عبرة لغيره لأنه رجل قانون وعليه احترامه وإن كان بريئا فسأكون أول المدافعين عنه حتى لو فقدت حياتى فى سبيل ذلك ..
وعلى الجميع التوقف عن العزف على الأوتار الممزقة وتأجيج نار الثورية والعنجهية لدى البعض لأننى أرى أننا اقتربنا من الوصول إلى حالة الهوس وجنون العظمة الذى أصاب الألمان فى عشرينيات القرن الماضى من أنهم أرقى الأجناس البشرية على الأرض والذى بسببه دمرت ألمانيا تماما فى الحرب العالمية الثانية ..
توقفوا عن تناول كل اشكال الفياجرا السياسية التى اصابتكم بحالة هياج ذهنى ولوثة عقلية وانتصاب الأعصاب وكونوا على وعى كامل ان الافراط فى تناول هذه الجرعة من الفياجرا السياسية ستؤدى فى النهاية إلى ضمور فى المخ وتبلد فى المشاعر الوطنية وتصلب فى شرايين الإحساس بالواجب وفى النهاية موت إكلينيكى فى سرير الوهم الثورى.
يا سادة اعقلوا الأمور وتريثوا فى إطلاق التصريحات النارية ولا تأخذكم العزة بالإثم لأن الأوطان يبنيها المثابرون والصابرون ويهدمها الحمقى والجهلاء والفاشلون .. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد
#قم_محمد_عبد_الجواد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|