أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن الشامي - تقرير التحول الديمقراطي في مصر عام 2011















المزيد.....



تقرير التحول الديمقراطي في مصر عام 2011


حسن الشامي

الحوار المتمدن-العدد: 3712 - 2012 / 4 / 29 - 15:32
المحور: المجتمع المدني
    


معلومات عن الدولة :
العاصمة (وأكبر مدينة) القاهرة
اللغة الرسمية العربية
تسمية السكان مصريون
نظام الحكم نصف رئاسي جمهوري
رئيس الجمهورية المجلس الأعلى للقوات المسلحة
رئيس المجلس العسكري محمد حسين طنطاوي
رئيس الوزراء د. كمال الجنزوري
السلطة التشريعية البرلمان المصري
المجلس الأعلى مجلس الشعب
المجلس الأدنى مجلس الشورى
المساحة 1,002,450 كم2 (30) ـ 387,048 ميل مربع
عدد السكان (تقددير2011 ) 82,537,000 (15) ـ إحصاء 2006 76,699,427
مؤشر التنمية البشرية : (2011) 0.644 متوسط (113)

تُعتبر ثورة مصر السلمية أحد أهم انجازات شعوب العالم العربي، حيث تمكّن الشعب المصري العظيم من إنهاء حقبة من الاستبداد والظلم. وقد تجلّت هذه الأخيرة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المصري وكذلك انعدام الحريات وأي مناخ ديمقراطي يسمح بنشر ثقافة حقوق الإنسان وهذا ما يجعل تحقيق أهداف الثورة المصرية، بالانتقال إلى نظام تعددي ديمقراطي قائم على الحرية والعدالة والمساواة، أمرا عسيرا.

إنّ هذا التحول الديمقراطي المرجو في مصر أمر محفوف بالمخاطر ولاسيما وأنّ النظام المصري السابق، كغيره من الأنظمة العربية، ساهم في غسل العقول خاصة عن طريق النظام التعليمي وتغييب ثقافة حقوق الإنسان وأخيرا وليس آخرا تغييب الحياة السياسية وهذا ما أدّى إلى نمو تيار ديني متطرف نجح بجذب شريحة شعبية مهمة، بدعم مباشر أو غير مباشر من نظام مبارك.

ومن المعروف أن المنطقة العربية ترزح منذ عقود تحت نير أنظمة تسلطية استبدادية أدّت إلى نهب ثروات الشعوب واغتيال العقل وكسر الأقلام والزج في السجون يكل من يتجرأ على معارضتها حتى بوسائل سلمية مكفولة بالقوانين، وهذا ما أدّى إلى غياب أية معارضة حقيقية أو مناخ ديمقراطي يسمح بالنقد البنّاء وبوضع حدّ لتسلط هذه الأنظمة.

إلا أنه يبدو أن قواعد اللعبة السياسية بدأت بالتغيير في الآونة الأخيرة ولاسيما بعد الأحداث المتتالية والسريعة التي يشهدها العالم العربي وخاصة الاحتجاجات الشعبية السلمية في كثير من الدول العربية وخاصة ثورتي تونس ومصر الشعبيتين اللتان أطاحتا بكل من الدكتاتور زين العابدين ونظيره مبارك.

وهنا لابدّ من الإشارة بأن التحولات الديمقراطية المرجوة محفوفة بالمخاطر ولاسيما وأنّ الأنظمة المذكورة قد نجحت في غسل العقول خاصة عن طريق النظام التعليمي وتغييب ثقافة حقوق الإنسان وأخيرا وليس آخرا تغييب الحياة السياسية وهذا ما أدّى إلى نمو تيار ديني متطرف نجح بجذب شريحة شعبية واسعة، بدعم مباشر أو غير مباشر من أنظمة الاستبداد.

الثورة المصرية في 25 يناير
وإذا كان للشعب المصري تاريخ عريق في انجاز الثورات، التي لا تستمر، فإن هذا الشعب يعتبر أكثر الشعوب معاناة من التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما يجعله أكثر قابلية للاستجابة لانجاز ثورته في مصر، التي لا يمكن أن تشبه ثورة تونس على مستوى الشكل، أما على مستوى المضمون، فان الشعارات تختلف، واختلافها نابع من اختلاف الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، عن الأوضاع في تونس. وهذا الاختلاف، لا يلغي القواسم المشتركة بين ثورة الشعب في مصر، وثورة الشعب في تونس.

وقد ابتدأت ثورة الشعب في مصر، مباشرة بعد تصاعد حدة ثورة الشعب في تونس، فووجهت بنفس القمع الذي ووجهت به ثورة الشعب في تونس، فكان الشهداء بالمئات، وكان الجرحى بالآلاف. وكل ذلك لم يزد الشعب العربي في مصر إلا صمودا، حتى تحقيق أهداف الثورة.

وقد سلكت ثورة الشعب في مصر، نفس مسار ثورة الشعب في تونس، حيث ابتدأت بطرح الشعارات المجسدة للمطالب الاقتصادية، والاجتماعية. إلا أن القمع الشرس الذي كانت تعرفه ثورة الشعب في مصر، لم تزد ثورة الشعب المصري إلا صمودا، مما جعل منها ثورة مثالا في كل بلد من البلاد العربية، وعاملا من عوامل التحريض ضد الحكام، الذين وقفوا وراء انتشار الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وضد كل أشكال الفساد المشار إليها، وضد نهب ثروات الشعب في كل بلد من البلاد العربية، وضد التخلف، وضد الحكومة المعينة التي لم تنبثق عن الأغلبية البرلمانية، في إطار انتخابات حرة، ونزيهة، وضد الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية المتبعة، ومن أجل تحقيق التغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والذي لا ينتهي إلا بتحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
وثورة الشعب في مصر، كما ثورة الشعب في تونس، وكما تسعى الى ذلك ثورات الشعوب في باقي البلاد العربية، تسعى إلى أن تحقق أهداف معينة على مستوى مصر، وعلى مستوى البلاد العربية، وعلى المستوى العالمي.

مبدان التحرير
ومن إجمالي 1,002,450 كيلومتر مربع هي كل مساحة مصر "المحروسة"، أصبح ميدان التحرير الذي تُقدر مساحته (كميدان دون الشوارع المحيطة) بنحو 40.000 الف متر مربع، والذي شهد خلال ثمانية عشر يوم ثورة 25 يناير أروع الثورات في تاريخ مصر والعالم.

وميدان التحرير ثالث ميادين القاهرة أهمية بعد ميدان رمسيس الذي تتركز فيه حركة النقل، وميدان العتبة التجاري، سمي في بداية إنشائه باسم ميدان الإسماعيلية، نسبة للخديوي إسماعيل، ثم تغير إلى أسمه الحالي "التحرير" نسبة إلى التحرر من الاستعمار في ثورة 1919 التي قادها الزعيم الوطني الراحل أحمد عرابي.
وأصبح ميدان التحرير رمزا للحرية والصمود بعد أن شهد عدة مواجهات بين محتجين وقوات أمنية منها أحداث 18 و19 يناير 1977، في فترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات وشهد ايضا ثورة 25 يناير 2011.
وتحول ميدان التحرير من مساحة تضم عددا من المصالح الحكومية، وميدان صنف كشريان مرور رئيسي للعاصمة المزدحمة، أصبح في ثمانية عشر يوما.. رمزا للحرية.. للأمل.. وللمستقبل.

مقدمات ثورة 25 يناير :
انطلقت ثورة شعبية سلمية يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 الموافق 21 صفر 1432 هـ.. ويوافق يوم 25 يناير عيد الشرطة الذي يوافق ذكرى مقاومة قوات الشرطة المصرية لجنود الاحتلال البريطاني في الاسماعيلية عام 1952.. وهذا اليوم حددته عدة جهات من المعارضة المصرية والمستقليين، من بينهم حركة شباب 6 أبريل والحركة المصرية من أجل النغيير "كفاية".. وكذلك مجموعات الشباب عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك ومنها مجموعة «كلنا خالد سعيد» و«شبكة رصد» وشباب الإخوان المسلمين برغم التصريحات الأولية التي أشارت إلى أن الجماعة لن تشارك كقوي سياسية أو هيئة سياسية لأن المشاركة تحتاج إلي تخطيط واتفاق بين كافة القوي السياسية قبل النزول إلي الشارع، كانت الجماعة قد حذرت إذا استمر الحال على ما هو عليه من حدوث ثورة شعبية، ولكن على حد وصفهم "ليست من صنعنا"، ولكن لا نستطيع أن نمنعها). جاءت الدعوة لها احتجاجًا على الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية السيئة وكذلك على ما اعتبر فسادًا في ظل حكم الرئيس محمد حسني مبارك.

وقبل 3 أعوام (في عام 2008) كانت إسراء عبد الفتاح قد دعت من خلال موقعها على الفيسبوك Face book إلى إضراب سلمي في 6 ‬ أبريل 2008، احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية، وسرعان ما لقيت دعوتها استجابة من حوالي 70 ألفا من عمال مصانع الغزل والنسيج بمدينة المحلة الكبرى. والنتيجة أن الإضراب نجح، وأطلق على إسراء في حينه لقب "فتاة الفيسبوك" و"القائدة الافتراضية".

بعد ذلك واصلت حركات المعارضة توعية أبناء المحافظات بعمل احتجاجات على سوء الأوضاع في مصر شاركت فيها حركة شباب 6 أبريل والحركة المصرية من أجل التغيير"كفاية"., وبعد حادثة مقتل خالد سعيد على أيدي قوات الشرطة بالأسكندرية في حادث بشع.. قام الناشط وائل غنيم والناشط السياسي عبد الرحمن منصور بإنشاء صفحة "كلنا خالد سعيد" على موقع "فيسبوك Face book " شارك فيها آلاف المصريين المتعاطفين.. بهجف التخلص من النظام ومواجهة سوء معاملة الشرطة للشعب.

حكاية 18 يوما لـ "الثورة الشعبية" التي اطاحت بمبارك
تمكن المصريون في 18 يوما من الاطاحة بحكم الرئيس المصري حسني مبارك واسقاط نظام أستمر 30 عاما، فضلا عن النجاح في تسجيل أول ثورة شعبية في التاريخ المصري الحديث.
وفيما يلي تسلسل للأحداث التي أدت إلى تنحي مبارك ونقل السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة لادارة البلاد حتى يتم اجراء انتخايات رئاسية نزيهة.

الثلاثاء 25 يناير
خرجت مظاهرات في انحاء مختلفة بالعاصمة للمطالبة بالحرية والغاء قانون الطوارئ واقالة الحكومة وحل مجلسي الشعب والشورى، وذلك بعد دعوات انتشرت على موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك" لتنظيم مظاهرات واحتجاجات تتزامن مع الاحتفال بأعياد الشرطة.

الاربعاء 26 يناير
في مشهد لم يسبق لها مثيل اشتبكت الشرطة مع الاف المحتجين الذين تحدوا تحذيرات وزارة الداخلية من التظاهر، ودعوا إلى اسقاط النظام المصري استلهاما من اسقاط نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14 يناير بعد انتفاضة شعبية، وقالت وزارة الداخلية ان قوات الامن القت القبض على زهاء 500 متظاهر على مدى اليومين.

الخميس 27 يناير
قامت السلطات المصرية بقطع خدمة الانترنت والاتصال عبر شبكات الهاتف المحمول منذ منتصف الليل، خوفا من تأثير ذلك على المظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي تطالب بإصلاحات سياسية واجتماعية، الى ان ذلك لم يمنع الاف المتظاهرين من الخروج لمواصلة الاحتجاج متحدين حظر التجوال، وأطلقت الشرطة طلقات الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيلة للدموع على الحشود.
وقال وزير الداخلية حينها حبيب العادلي إن مظاهرة ميدان التحرير لم تكن مفاجئة، مشيرا إلى أنها تمت تحت سمع وبصر وزارة الداخلية وهى التي سمحت بها وكان يمكن ألا تسمح بها.

الجمعة 28 يناير
دعا المتظاهرون لـ " جمعة غضب" في جميع انحاء الجمهورية للتنديد بنظام مبارك والدعوة لاسقاطه، وخرج المتظاهرون من المساجد الكبرى في العاصمة بعد صلاة الجمعة فيما حاولت الشرطة قمع التظاهرات باطلاق الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع والرصاص الحي احيانا على المتظاهرين مما تسبب في مقتل ما لا يقل عن 24 شهيدا بينهم 13 سقطوا في محافظة السويس التي شهدت اعنف اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في منطقة الاربعين بشارع الجيش، فضلا عن تجمع الالاف في منطقة القائد ابراهيم بمدينة الاسكندرية للمطالبة باسقاط النظام.
والمراقب للوضع في ذلك اليوم يجد ان الأمور خرجت عن سيطرة قوات الشرطة حيث ان عدد المتظاهرين كان في تزايد ورغم استخدام العنف لقمع التظاهرات الى ان ذلك لم يمنع المحتجين من مواصلة مسيرتهم الغاضبة الى ان وصلت الى ميدان التحرير وسط القاهرة لاعلان اعتصامهم حتى يسقط النظام.
وفي تمام الساعة السادسة فرض مبارك بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة والحاكم العسكري حظر التجوال في القاهرة والاسكندرية والسويس من السادسة مساء الى السابعة صباحا بالتوقيت المحلي على أن ينتشر الجيش مع قوات الشرطة لحفظ النظام والامن.
وعقب فرض حظر التجوال ونزول الجيش الى الشارع، انسحبت الشرطة بشكل مريب وحدث فراغ امني تسبب في حرق اقسام الشرطة ونهب المحلات التجارية وفتح السجون وهروب المعتقلين.
وأصدرت الخارجية الأمريكية تحذيرا لرعاياها بعدم السفر لمصر، وقال البيت الأبيض في أقوى رد فعل وقتها على ما يحدث، ان الولايات المتحدة ستراجع مساعداتها إلى مصر والتي تقدر بنحو 1.5 مليار دولار. وتحدث أوباما مع مبارك لمدة 30 دقيقة، وقال أوباما انه حث مبارك على اتخاذ إصلاحات شاملة.
وبعد حالة الفوضى العارمة التي تعرضت لها القاهرة من سلب ونهب للمتلكات العامة والخاصة فضلا عن حرق مقار الحزب الوطني الحاكم واقسام الشرطة، خرج علينا الرئيس حسني مبارك ليعلن في خطابه الأول منذ بدء الأزمة اقالة الحكومة.

السبت 29 يناير
قدمت حكومة الدكتور احمد نظيف استقالتها بناء على طلب الرئيس مبارك، وتم تكليف وزير الطيران المدني اللواء احمد شفيق بتشكيل الحكومة، فيما تم تعيين اللواء عمر سليمان في منصب نائب رئيس الجمهورية.
وشهدت تلك الليلة ظاهرة جديدة عكست شجاعة وتكاتف الشعب المصري في الأزمات ووقت الشدة، وهي ظاهرة "اللجان الشعبية" حيث قام الشباب والرجال في مختلف احياء القاهرة والمحافظات المختلفة بحماية ممتلكاتهم الخاصة، وتسلحوا بالعصى والشوم للوقوف امام العصابات التي انتشرت عقب الغياب الأمني وهروب السجناء.

الاحد 30 يناير
قررت السلطات المصرية إغلاق مكاتب شبكة "الجزيرة" في القاهرة وسحب بطاقات اعتماد مراسليها لاتهامها بتضخيم ما يحدث في مصر ونقل صورة غير حقيقية لما يجري.
واعلنت السلطات فرار عدة آلاف من السجناء من سجن وادي النطرون الذي يقع على طريق القاهرة الاسكندرية الصحراوي.فضلا عن فرار الالاف من سجن اسيوط، و5 آلاف آخرين من سجن الفيوم.

الاثنين 31 يناير
القوات المسلحة تعلن انها لن تستخدم القوة ضد المحتجين، وتقول ان حرية التعبير مكفولة لكل المواطنين الذين يستخدمون الوسائل السلمية. وأدت الحكومة الجديدة برئاسة أحمد شفيق اليمين الدستورية، فيما اعلن سليمان ان مبارك كلفه ببدء حوار مع كل القوى السياسية بشأن اصلاحات دستورية وتشريعية.
في هذة الاثناء، استمر الاف المحتجين في التوجه الى ميدان التحرير للاعتصام حتى تنحي مبارك واسقاط النظام.

الثلاثاء 1 فبراير
اعلن الرئيس مبارك في ثاني خطاب له منذ الاحتجاجات انه لن يرشح نفسه في الانتخابات الرئاسة المقررة في سبتمبر عندما تنتهي فترة رئاسته، وتعهد بإجراء عدد من الإصلاحات والتعديلات الدستورية تخفف من شروط الترشح للرئاسة، مع تعهده بالاستجابة لأحكام القضاء فيما يتعلق بمدى صحة عضوية أعضاء البرلمان الجديد. وجاء خطاب مبارك مؤثرا مشيرا فيه إلى انجازاته وتاريخه في خدمة الوطن واشارته إلى انه سيتوفى على أرض مصر.

الاربعاء 2 فبراير
انطلقت مظاهرات مؤيدة لمبارك وداعمة للاستقرار من امام مسجد مصطفى محمود وتوجهت إلى ميدان التحرير مما أدى إلى حدوث صدامات واندلاع اشتباكات بين المؤيدين والمعارضين، حيث قام أفراد من نزلة السمان من منطقة الهرم يمتطون جمال وخيول بشق صفوف المعتصمين مما تسبب في مقتل وإصابة العشرات فضلا عن ازدياد حالة الاحتقان عقب وعود حكومة شفيق وسليمان بتحقيق المطالب وبدء الحوار.
وخرج البيت الأبيض ليدين العنف في مصر، وقال ان الولايات المتحدة قلقة بشأن الهجوم على متظاهرين سلميين. ودعا المسئولون الأمريكيون الى انتقال فوري للسلطة قبل انتخابات الرئاسة المصرية المقررة في سبتمبر المقبل.
وشهد يوم الاربعاء عودة خدمة الانترنت في القاهرة بعد انقطاع دام خمسة ايام.

الخميس 3 فبراير
بدأ عمر سليمان نائب الرئيس المصري مشاوراته مع الاحزاب والقوى السياسية المعارضة في محاولة لانهاء الاحتجاجات التي استمرت 10 ايام، والتقي سليمان والفريق أحمد شفيق رئيس مجلس الوزراء بمقر مجلس الوزراء مع مجموعة من ممثلى ورؤساء الأحزاب المصرية، التى اتفقت على المشاركة فى الحوار الوطنى، فضلا عن عدد من الشباب الذين يمثلون المتظاهرين فى ميدان التحرير.

الجمعة 4 فبراير
تجمع آلاف المصريين في ميدان التحرير للضغط مرة أخرى لإنهاء حكم مبارك الممتد منذ 30 عاما في ما وصفوه "بجمعة الرحيل".

السبت 5 فبراير
استقال جمال مبارك نجل الرئيس من الهيئة العليا للحزب الوطني الحاكم، كما استقال صفوت الشريف الأمين العام للحزب ليتولى حسام بدراوي أمانة الحزب خلفا لصفوت الشريف، كما تسلم منصب أمين السياسات، خلفا لجمال مبارك، الذي كان البعض يرى أن تسلمه لهذا المنصب هو مقدمه لوصوله إلى الرئاسة المصرية خلفا لوالده في المستقبل.

الاحد 6 فبراير
أجرت جماعات المعارضة وبينها جماعة الاخوان المسلمين حوارا مع عمر سليمان نائب الرئيس. واتفق الجانبان على صياغة خريطة طريق للمحادثات وعلى تشكيل لجنة لدراسة التعديلات الدستورية، وأقام الاف في ميدان التحرير صلاة الغائب على روح "الشهداء" الذين قتلوا في الاحداث، كما أقام المسيحيين قداس على أرواح الشهداء.

الاثنين 7 فبراير
قررت الحكومة الجديدة زيادة رواتب الموظفين والمعاشات بنسبة 15 % بداية من الاول من ابريل وأكدت على تعهدها بتوفير فرص عمل للشباب، فيما افرجت السلطات المصرية عن وائل غنيم مدير التسويق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنتجات جوجل والذي أطلق جروب " كلنا خالد سعيد" الذي بدأ شرارة الدعوات إلى مظاهرات، وفور خروج وائل من محبسه اتجه الى موقع ميدان التحرير للانضمام الى المتظاهرين هناك واجرى عدد من اللقاءات التليفزيونية.

الثلاثاء 8 فبراير
أحتشد مئات آلاف من المتظاهرين في ميدان التحرير مطالبين مبارك بالتنحي في اضخم احتجاجات من نوعها منذ بداية الانتفاضة.
ومن جانبه، أصدر الرئيس حسنى مبارك قرارا جمهوريا بتشكيل لجنة لدراسة واقتراح تعديل بعض الأحكام الدستورية والتشريعية برئاسة المستشار سرى صيام رئيس محكمة النقض، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وعضوية 10 من كبار رجال القضاء والقانون، فيما اعلن سليمان عن خطة وجدول زمني لانتقال سلمي للسلطة، مؤكدا ان الحكومة لن تلاحق المحتجين الذين يطالبون الان بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك.

الاربعاء 9 فبراير
تصاعدت التظاهرات ضد مبارك في ميدان التحرير مع بدء اللجنة الدستورية أول اجتماعاتها لتعديل بعض مواد الدستور، وذلك بدار القضاء العالى داخل مكتب رئيس محكمة النقض المستشار سرى صيام.

الخميس 10 فبراير
القي الرئيس المصري ثالث بيان له منذ بدء الأزمة فوض فيه نائبه عمر سليمان في ممارسة صلاحياته وفقا للدستور، دون ان يعلن تنحيه ما اثار غضب المتظاهرين المصريين، ورفض مبارك الاملاءات الأجنبية والتدخل في شئون مصر، واعتبر هذا الخطاب هو الأسواء لانه احبط الجماهير عقب تسريبات تحدثت عن نية مبارك تنحيه.

الجمعة 11 فبراير (يوم التنحي)
استعد ملايين المصريين إلى جمعة "الزحف" او "التحدي" مطالبين مبارك بالتنحي رافضين قرار تفويض السلطة للنائب عمر سليمان واحتشد المتظاهرون في احتجاجات سلمية امام التليفزيون وفي ميدان التحرير وميادين الاسكندرية ومعظم الميادين في المحافظات المختلفة، وفي الساعة السادسة تقريبا القى النائب عمر سليمان بيانا اعلن فيه تخلي الرئيس محمد حسني مبارك عن منصبه وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة لادارة شئون البلاد لتنطلق جماهير الشعب المصري للاحتفال بانتهاء حكم 30 عاما وانتقال البلاد إلى حقبة تاريخية جديدة عقب نجاحها في جعل مبارك أول رئيس مصري يطلق عليه اسم "سابق".
أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة يصدر بيانه الرابع وانباء عن تكليف الفريق أحمد شفيق برئاسة حكومة انتقالية.
أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة السبت بيانه الرابع الذي اكد فيه على ضرورة الانتقال السلمي للسلطة.
وقال البيان : "إن القوات المسلحة ملتزمة بتنفيذ ما جاء في جميع البيانات السابقة التي صدرت عن القوات المسلحة". واضاف : "كما أننا من منطلق حرصنا على تسيير الأوضاع في البلاد فإننا ندعوا الى ضرورة تسير عجلة الاقتصاة بسواعد أبنائها". وطالب البيان الحكومة الحالية والمحافظين بتسيير أعمالهم حتى يعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالإعلان عن الحكومة الانتقالية خلال الفترة المقبلة. وشدد البيان على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة ملتزم بكافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية التي وقعتها مصر. ودعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الى ضرورة تعاون الشعب مع أبناء الشرطة، مشيرا الى ضرورة التزام الشرطة بروح شعارها "الشرطة في خدمة الشعب".
في غضون ذلك، ذكرت بوابة "الأهرام" الالكترونية أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة منعقد حاليا برئاسة المشير حسين طنطاوى ,وانه يدرس حاليا إعادة تكليف الفريق أحمد شفيق بتشكيل حكومة انتقالية.
واضافت البوابة "أن الاتجاه هو إقصاء جميع الوزراء القدامى الذين كانوا فى عهد الدكتور أحمد نظيف وهم وزراء" الإعلام ,والبترول ,والكهرباءوالتضامن الاجتماعى ,والخارجية ,والبيئة ,وشئون مجلس الشعب , فيما يتم التفكير فى الابقاء فقط على فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى , وسيد مشعل وزير الدولة للانتاج الحربى من الوزراء القدامى ,وباعتبار الأخير من المؤسسة العسكرية.
وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد اصدر يوم الجمعة 11 فبراير بيانه الثالث بعد اعلان الرئيس حسني مبارك تخليه عن منصبه، وأكد المجلس فيه ليس بديلا للشرعية التي يرتضيها الشعب.. وجاء في البيان "في هذ اللحظة الفارقة من تاريخ مصر وبعد قرار الرئيس مبارك بالتنحي وتكليف القوات المسلحة بإدارة شئون البلاد ونحن نعلن جميعا مدى جسامة الأمر أمام مطالب شعبنا العظيم لإحداث تغييرات جذرية، ما يحدث ليس بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب". وقدم المتحدث باسم القوات المسلحة التحية للرئيس مبارك فيما قدمه حربا وسلما كما قدم تحية مؤثرة جدا وهي تحية العسكرية عندما تحدث عن أرواح الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل بلدهم، واختتم قائلا :"ندرس اتخاذ خطوات لتحقيق طموحات الشعب".

19 مارس 2011
دخل الشعب المصرى، سنة أولى ديمقراطية، خلال الاستفتاء على تعديل أقل من ١٠ مواد من دستور ١٩٧١، وبعد إعلان النتيجة، بالموافقة على التعديلات بنسبة أكثر من ٧٧%، عاد دستور السادات، ثم مبارك إلى الحياة مرة أخرى، حتى فوجئ الجميع بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة يصدر الإعلان الدستورى رقم واحد، والذى ألغى عملياً نتيجة استفتاء شارك فيه أكثر من ١٨ مليون مصرى، وافق منهم ١٤.٦ مليون ناخب على «إحياء» الدستور القديم.

ونص الإعلان الدستورى لعام ٢٠١١، على وظائف البرلمان، وحسب المادة ٥٦، فإن البرلمان المنتخب يتولى سلطة التشريع، أى إصدار القوانين وتعديلها، وإقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها.

وخارج تلك الاختصاصات، تبقت ٨ سلطات حاسمة فى يد المجلس العسكرى، وهى تعيين الأعضاء غير المنتخبين فى مجلس الشعب، ودعوة البرلمان بمجلسيه للانعقاد فى الدورة العادية، وفضها والدعوة لاجتماع غير عادى وفضه، فضلا عن حق المجلس فى إصدار القوانين أو الاعتراض عليها، وتمثيل الدولة فى الداخل والخارج وإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية، واعتبارها جزءاً من النظام القانونى للدولة.

فضلاً عن ذلك، يحق للمجلس العسكرى، تعيين رئيس مجلس الوزراء، ونوابه والوزراء ونوابهم، وإعفاؤهم من مناصبهم، وكذلك تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم، والعفو عن العقوبة أو تخفيفها دون العفو الشامل، بالإضافة إلى «السلطات والاختصاصات الأخرى المقررة لرئيس الجمهورية بمقتضى القوانين واللوائح».

بهذه المادة، أصبح المجلس العسكرى، شريكاً فى «التشريع» مع المجلس النيابى، كما أصبح للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وحده، حق تشكيل الحكومات وعزلها، وتعيين الوزراء ونوابهم والموظفين والدبلوماسيين والعسكريين وعزلهم، وحتى إصدار عفو عن أشخاص أدينوا بجرائم، أو تخفيف تلك العقوبات، وأيضا أن بيده فض الدورة البرلمانية أصلاً.

ورغم أن الإعلان الدستورى صدر قبل انتخابات مجلس الشعب بشهور، إلا أن جميع الأحزاب السياسية، التى حذرت من تأجيل الانتخابات البرلمانية، لم تعترض ولو على بند واحد من بنود الإعلان الدستورى، ولم يرتفع صوت فوق صوت المجلس العسكرى، حين خص نفسه بسلطات كاسحة، هى بالضبط سلطات الرئيس المخلوع، كما لم يتحدث أحد عن الاستفتاء ونتيجته التى أعادت دستور ١٩٧١ للحياة.

هذا على مستوى التشريع، أما خارجياً فبمجرد توقيع المجلس العسكرى، أو من يمثله على أى اتفاقيات دولية، أو معاهدات مع دول أخرى، تصبح تلك النصوص جزءاً من النظام القانونى المصرى، وتعدل القوانين لتطابقها، حسب العرف القانونى المتبع، ولا يوجب الإعلان الدستورى على المجلس العسكرى، عرض الاتفاقيات على البرلمان من الأساس، ولا يعطى للبرلمان الحق فى الاعتراض على أى معاهدة يبرمها المجلس العسكرى، أو رفض أى قانون يصدره بحكم الإعلان الدستورى نفسه.
نتائج ثورة 25 يناير :
أدت ثورة 25 يناير (بعد ثمانية عشر يوما من الاحتجاجات والاعتصامات المتواصلة في كل ميادين مصر) إلى تنحي الرئيس حسني مبارك عن الحكم.. ففي السادسة من مساء الجمعة 11 فبراير 2011 أعلن نائب الرئيس عمر سليمان في بيان قصير عن تخلي الرئيس عن منصبه وأنه كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإدارة شؤون البلاد.. وأكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه ليس بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب، وأنه سيحدد لاحقا الخطوات والإجراءات والتدابير التي ستتبع بعد تنحي مبارك. وعمت أجواء فرحة عارمة أرجاء مصر بسقوط نظام مبارك الذي قهر مصر طوال ثلاثين عاما وأستباح ثرواتها وخيراتها.

بعد نجاح ثورة 25 يناير 2011 وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحكم إثر تخلي الرئيس حسني مبارك عن منصبه، قام المجلس بطرح تعديلات دستورية صاغتها لجنة مختصة برئاسة طارق البشري للاستفتاء العام في يوم 19 مارس 2011. وكانت نتيجة الاستفتاء موافقة 77.2 % من أكثر من 18.5 مليون ناخب شاركوا في هذا الاستفتاء. وهدفت هذه التعديلات إلى فتح الطريق لانتخابات تشريعية تليها انتخابات رئاسية بما يسمح للجيش بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة تقوم بصياغة دستور جديد للبلاد.
ومن ثم تكتسب انتخابات مجلسي الشعب والشوري لعامي 2011 و2012 أهميتها من قيام الأعضاء المنتخبين بالمجلسين بتشكيل لجنة من 100 عضو لكتابة دستور جديد للبلاد.

النظام الانتخابي الجديد :
أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانا دستوريا ينظم الانتخابات البرلمانية لتكون بنظام القوائم النسبية على ثلثين من المقاعد مقابل النظام الفردي على الثلث المتبقي. ثم عدله ليتيح لمرشحين الأحزاب التنافس على المقاعد الفردية بعد أن كانت مقتصرة على المستقلين فقط. وتقرر إقامة الانتخابات على ثلاثة مراحل تبدأ في 28 نوفمبر 2011 وتنتهي في 10 يناير 2011. تضم كل مرحلة 9 محافظات حيث تشمل الأولى القاهرة والإسكندرية، والثانية تشمل الشرقية والجيزة والثالثة تشمل المنيا والغربية. وتتم انتخابات مجلس الشورى بالنظام ذاته من 29 يناير 2011 حتى 11 مارس 2012.

وتعرض القانون الجديد للانتقاد من جانب بعض السياسيين. فطالب د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة بأن تتم الانتخابات بنظام القائمة النسبية على جميع مقاعد البرلمان، وطالب أيضا بإلغاء نسبة 50% عمال والفلاحين بمجلس الشعب. فيما اعترض المرشح لانتخابات الرئاسة، د. محمد سليم العوا، على المدة الطويلة التي تتم فيها الانتخابات. فيما أنتقد م. أحمد بهاء الدين شعبان، القيادي بحركة كفاية، قانون تقسيم الداوئر معتبرا أنه يخدم “ فلول النظام السابق”.

حل الحزب الوطني الديمقراطي :
صدر حكم قضائي بحل الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في 16 أبريل 2011 في أعقاب ثورة 25 يناير.. ولجأ منتسبو الحزب لإنشاء عدة أحزاب جديدة للمنافسة على مقاعد البرلمان الجديد وهو ما أثار قلق العديد من القوي السياسية المصرية لما اعتبروه محاولة لإعادة بناء النظام السابق. فنادى الكثير من الأحزاب والشخصيات
السياسية بتطبيق قانون العزل السياسي على من أفسدوا الحياة السياسية من رموز وقادة الحزب الوطني.

التحالفات الحزبية في الانتخابات :
أولا : التحالف الديمقراطي
تأسس التحالف الديمقراطي من أجل مصر في يونيو 2011 بدعوة من حزبي الوفد والحرية والعدالة، ويضم مجموعة من الأحزب من مختلف التيارات السياسية المصرية. يهدف التحالف لدعم التوافق الوطني عن طريق التنسيق السياسي والانتخابي بين أحزاب التحالف للوصول لبرلمان قوي خالي من “ فلول النظام السابق”.
قرر حزب الوفد الانسحاب من التحالف في 5 أكتوبر 2011 وخوض الانتخابات بقائمة منفردة معللا ذلك برغبته في طرح عدد من المرشحين أكبر مما يسمح به اتفاق التحالف، ولكنه أكد على استمرار التنسيق السياسي مع أحزاب التحالف. وكان حزب النور قد انسحب من التحالف في سبتمبر. ثم انسحبت عدة أحزاب في أكتوبر 2011 اعتراضا على نسب تمثيلهم في قائمة التحالف الانتخابية، منهم الحزب العربي الديمقراطي الناصري.
واستقر التحالف الديمقراطي أخيرا على 11 حزبا منها حزب الحرية والعدالة المنبثق من جماعة الإخوان المسلمين وحزب الكرامة الناصري وحزب غد الثورة الليبرالي (مؤسسه أيمن نور) وحزب العمل الإسلامي.
ثانيا : الكتلة المصرية :
أسس 15 حزب وحركة سياسية الكتلة المصرية في أغسطس 2011 من بينها حزب المصريين الأحرار الليبرالي والتجمع اليساري والمصري الديمقراطي الاجتماعي. من ضمن أهداف التحالف هو “ الدفاع عن الدولة المدنية”.
أدى ترشيح الكتلة عددا من أعضاء الحزب الوطني المنحل و” فلول النظام السابق “ للانتخابات على قوائمها لتفجر الأوضاع داخل الكتلة مما دفع مجموعة من أحزاب التحالف للانسحاب، وكان من بينها التحالف الشعبي الاشتراكي والحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي المصري. ثم تبعها حزب مصر الحرية للسبب ذاته. كما انسحب حزب الجبهة الديمقراطية الذي فضل خوض الانتخابات منفصلا.
ولم يتبق بالكتلة المصرية سوى ثلاثة أحزاب وهي التي شكلت قوائمه الانتخابية لمجلسي الشعب والشورى على النحو التالي : 50 % للمصريين الأحرار و40 % للمصري الديمقراطي الاجتماعي و10 % لحزب التجمع التقدمي الوحدوي بعد انسحاب باقي أحزاب الكتلة.
ثالثا : الكتلة الإسلامية :
الكتلة الإسلامية هو تحالف إسلامي أنشئ في ٢٣ أكتوبر ٢٠١١، ويضم أحزاب النور والأصالة والبناء والتنمية، والتي توصف بالسلفية. وقد أكد كل من حزب الأصالة وحزب البناء والتنمية أن «التحالف ليس موجهاً ضد أي تحالف آخر، ويهدف لتحقيق النهضة المصرية على أساس الهوية الإسلامية من خلال مشروع وطني يشارك فيه كل أبناء مصر».
رابعا : تحالفات أخرى :
أنشأ حزب العدل “ قائمه الطريق الثالث “ والذي يهدف أن تكون نواة ل “ التيار الوسطي المصري “ لمواجهة الاستقطاب السياسي بين التحالف الديمقراطي والكتلة المصرية.
فيما ضم «تحالف الثورة مستمرة» أحزاب مصر الحرية وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي وأحزاباً أخرى. وكانت مجموعة من الأحزاب اليسارية قد شكلت تحالف القوى الاشتراكية من أجل “ خلق قوة وهيمنة يسارية أكبر “ في مصر بعد الثورة.

الرقابة على الانتخابات
وتعد الرقابة على الانتخابات البرلمانية في مصر عملية اساسية لضمان نزاهة الانتخابات الا ان ذلك امرا جافي التجارب السابقة في ظل نظام الرئيس مبارك حيث هيمن رجال الامن والبلطجية تحت مظلة الحزب الوطنى الديمقراطي ومنعهم لحسن سير العملية الانتخابية وعدم تمكين المواطنين ليدلوا باصواتهم بحرية لذلك كان الامر بحاجة لاستعراض تجارب مراقبة العملية الانتخابية في السنوات السابقة..

في السابق كانت الانتخابات تشوبها العديد من نماذج التزوير والترويع والتأثير على الناخبين أثناء وجودهم في المقر الانتخابى.. وكانت شاهدا على العديد من انماط الانتهاكات لحقوق الناخبين والمراقبين ومندوبى المرشحين من المعارضة..

وتعتبر الانتخابات البرلمانية الأخيرة في عهد مبارك والتي تمت في نوفمبر وديسمبر 2010 بمثابة آخر مسمار دق في نعش النظام السابق.. بل ويعتبرها العديد من الخبراء والمحللين السياسيين من أهم دوافع أحد أهم أسباب ثورة 25 يناير 2011.. كا أن العديد من المراقبين لهذه الانتخابات تعرضوا للمنع والطرد من مقر اللجنة الانتخابية اثناء ممارسة عملهام كمراقبين على الانتخابات.. بالإضافة إلى تعرضهم للعديد من التعامل بغلظة من قبل رجال الحزب الوطنى المنحل وكذلك الانتهاك البدنى وطرد المندوبين من مقر اللجنة الانتخابية.. كذلك منع الامن السيدات المتنقبات من دخول المقر الانتخابي وعدم السماح للتيار الدينى ان يمارس الانتخابات بصفة عامة.. كا تم انتهاك حقوق عدد من النساء المراقبات وضربهن بالعصا المكهربة من قبل رجال الامن المركزي.. وكانت انتخابات البرلمان 2010 حافلة بكل المخالفات الاخلاقية والسياسية.

وهناك العديد من الصور الاخري للانتهاكات ابرزها مصادرة الكاميرات من المراقبين وعدم السماح للمراقبين من المجتمع المدنى بالمرقبة خارج او داخل اللجنة وعدم الالتزام بالمعايير الدولية في ذلك.. كذلك سمحت قوات الشرطة للبلطجة من مساعدي الحزب الوطنى المنحل بترويع وتهديد الناخبين والاعتداء على مندوبى المرشحين من المعارضة بالاضافة الي الضغط على القضاء لرفض الطعون المرفوعة من مرشحي المعارضة كي ينال الحزب الوطنى حق مطلق في السيطرة على مقدرات البرلمان.
فعلى مستوى مصر، سعت ثورة الشعب في مصر إلى تحقيق الأهداف الآتية:
1) إسقاط النظام في مصر، بكل مؤسساته القائمة، ومحاسبة المسؤولين، ومحاكمتهم عن نهب ثروات الشعب، وعن الماسي التي عاشها الشعب بسبب عملية النهب تلك.
2) حل الحزب الحاكم، ومحاسبة المسؤولين من أعضائه، عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها أعضاؤه، الذين يحاسبون، بدورهم، عن أفعالهم في حق الشعب المصري.
3) إسقاط الحكومة، ومحاسبة مسؤوليها عن الجرائم السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، المرتكبة في حق الشعب المصري، في عهد تحملها للمسؤولية، وعن قيام أعضائها بنهب ثروات الشعب المصري.
4) حل البرلمان، ومحاسبة أعضائه، عن مساهمتهم في التشريعات الصادرة عنه.
5) إيجاد حكومة مؤقتة، لتدبير الشأن الوطني، إلى حين إجراء الانتخاب المترتبة عن إسقاط الحكومة وحل البرلمان.
6) إيجاد دستور ديمقراطي / شعبي، بعد انتخاب مجلس تأسيسي، يقوم بوضعه، انطلاقا من المطالب الملحة للشعب المصري، والتي وقفت وراء قيام ثورة الشعب في مصر، والتي قامت بإسقاط النظام السابق.
7) إجراءات انتخابات حرة، ونزيهة، انطلاقا من قوانين انتخابية، تضمن حرية، ونزاهة الانتخابات، وتحت إشراف جهة مستقلة، ومحايدة، لإيجاد مؤسسات محلية، وإقليمية، وجهوية، ووطنية، تعكس احترام، وإرادة الشعب المصري.
8) إيجاد حكومة من الأغلبية البرلمانية، التي تقوم بمهمة أجراة البرنامج الانتخابي، الذي صوتت عليه الجماهير الشعبية الكادحة، ومن أجل صيرورة ذلك البرنامج، ومن خلال البرنامج الحكومي، في خدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحةن حتى يتأتى لها استرجاع كرامتهان التي داسها الحكامن الذين يتم إسقاط نظامهم.
9) تشغيل العاطلين، والمعطلينن، من خلال اعتماد برنامج شامل للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، قادر على استيعاب كل القادرين على العمل، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية: الإنتاجية، والخدماتية.
10) العمل على تمتيع جميع أفراد الشعب المصري، بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، احتراما لكرامتهم، وتحقيقا لإنسانيتهم.
11) إعادة النظر في القوانين المعمول بها، من أجل ملاءمتها مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى تصير في خدمة تمتيع جميع أفراد الشعب، بجميع الحقوق.
12) إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وحبر الضرر، الذي لحق بكل المتضررين من ممارسات النظام السابق.
13) تطهير مؤسسات الدولة، ومؤسسات الجماعات المحلية، من الفساد، والمفسدين، حتى تصير في خدمة مصالح المواطنين في مصر، على أساس المساواة فيما بينهم، ومن أجل أن تصير جميع المؤسسات المصرية، مؤسسات للحق، والقانون.. وهذه المؤسسات، عندما تصير كذلك، تساهم في إعطاء وجه آخر لدولة الشعب في مصر، والتي جاءت نتيجة لقيام ثورة الشعب.

الأخوان المسلمون
رغم نشأة جماعة الإخوان المسلمين فى ١٩٢٨، بمدينة الإسماعيلية، إلا أن الجماعة فشلت فى الوصول إلى أى منصب برلمانى، حتى ١٩٧٦، أى بعد نشأتها بنحو ٤٨ عاماً، حيث بدأت تجربة الإخوان مع الانتخابات البرلمانية، عام ١٩٣٨ بترشح مؤسسها حسن البنا، كمرشح وحيد للجماعة، إلا أن الإخوان انسحبت وقتها، وفى ١٩٤١، ترشح البنا للمرة الثانية، إلا أنه سقط فى الانتخابات، وظلت الجماعة بعيدة عن «القبة»، حتى نجح مرشح وحيد منها هو الشيخ الأزهرى صلاح أبوإسماعيل عام ١٩٧٩.
وفى عهد مبارك، خاضت الجماعة انتخابات البرلمان ٦ مرات، وتحالفت مع الوفد «١٩٨٤» ثم العمل والأحرار «١٩٨٩»، ثم قدمت مرشحيها بعد ذلك كمستقلين، حتى تأسس حزب الحرية والعدالة بعد الثورة فى ٢٠١١، الذى حصد ٢٢٣ مقعداً فى البرلمان، بنسبة نحو ٤٣.٨% من مقاعد البرلمان.
وحصد الإخوان فى انتخابات المجلس الداخلية، منصب رئيس المجلس، ورئاسة ٨ لجان، أبرزها الدفاع، التى يرأسها لواء جيش متقاعد، رشحته الجماعة على رأس قوائمها فى الشرقية، والشؤون الخارجية، التى يتولاها نائب رئيس الحزب د. عصام العريان، ولجنة الشباب التى يديرها القيادى الإخوانى أسامة ياسين، فضلا عن اللجنة التشريعية، التى يرأسها المستشار محمود الخضيرى المرشح للمرة الأولى فى حياته، بدعم الإخوان فى الإسكندرية.

السلفيون
فور إعلان النتائج الرسمية للانتخابات، أسرع نواب من حزب النور السلفى، إلى قاعة المجلس الفارغة، ليلتقطوا صوراً تذكارية، وهم يجلسون تباعاً على كرسى رئيس المجلس، كان هذا هو المشهد الأبرز فى «يوم الكارنيهات»، قبل البداية الرسمية لجلسات مجلس الشعب.
وشغلت آراء ومقترحات وتصريحات، نواب حزب النور الساحة السياسية فى مصر، وأثارت فى جانب منها تحفظات، أدت بالحزب لأن يعتذر أكثر من مرة عن أداء نوابه «تحت القبة»، ويصف بعض تصرفاتهم بـ«غير اللائقة».
ووسط المناقشات الساخنة للأحداث فى محيط وزارة الداخلية، التى واكبت «مجزرة بورسعيد»، خرج النائب رزق حسان، ليقول فى المجلس «المتظاهرين دول بياخدوا ٢٠٠ جنيه وشريط ترامادول»، ليضطر الحزب للاعتذار عن تصريحات نائبه بحق المتظاهرين الذين كانت دماء إصاباتهم لا تزال تسيل.
ولم تمر سوى أيام على قضية «الترامادول»، حتى خرج النائب محمود عبد المرضى، مطالباً بحجب موقع آخر، هذه المرة هو «فيس بوك»، الذى شهد ميلاد الثورة، وبرر النائب طلبه بأن الكاتب السعودى حمزة الكاشجرى كتب على صفحته بالموقع «عبارات مسيئة للإسلام»، حيث اعتبر النائب المصرى أن ما كتبه السعودى «سبب يحتم غلق هذا الموقع لأنه نشر إساءات للإسلام وكفراً صريحاً بالدين».

مجلس الشعب الجديد
منذ عهد حكومات الأقلية، فى العصر الملكى، لم تشهد ساحات المجلس النيابى المصرى، أى نزاعات بين الحكومة والنواب، فدائما، كانت السلطتان «التشريعية والتنفيذية»، متفقتين. ففى عصر حكومات الأغلبية، كان الوفد هو البرلمان، والوفد أيضاً هو الحكومة، أما فى عصور عبد الناصر والسادات ومبارك، فالحكومة هى الحزب الحاكم، والبرلمان هو الوجه الآخر للعملة، ولا فرق سوى أن تحت القبة «سيادة النائب»، وفى مجلس الوزراء «معالى الوزير».

فى برلمان الثورة، بدا الأمر مختلفاً للغاية، فالحكومة «الجديدة»، لا تزال منزعجة من «هؤلاء» الذين انتقلوا فجأة من مقاعد قليلة للمعارضة، إلى «اكتساح» برلمانى، يتأكد بطلبات إحاطة وأسئلة عاجلة، ولهجة حادة فى التعامل، ومناقشات عصبية، هذه المرة ليست فى الغرف المغلقة «كالعادة»، لكنها على الهواء مباشرة، فى قناة مخصصة لمثل هذا «الظرف التاريخى».

فى تاريخ جمهورية مصر العربية، لم ينجح برلمان واحد طيلة ٦٠ عاماً، فى تغيير حكومة أو إقالة وزير أو محاسبة مسؤول بشكل يطيح به من موقعه، لكن ومنذ الثورة فى ٢٥ يناير ٢٠١١، نجح ميدان التحرير، دون قائد، فى إزاحة ٤ حكومات متتالية، الأولى حكومة أحمد نظيف، التى دخل نجومها البارزون السجون، والثانية حكومة الفريق أحمد شفيق، التى عينها المخلوع، فى محاولة أخيرة لتفادى الإطاحة به، لكن الحكومة سقطت بانتفاضة شعبية فى ٩ مارس ٢٠١١، ليأتى د.عصام شرف، مؤيداً من «الميدان»، ثم يضطر لإجراء تغيير وزارى واسع، بضغط من الميدان أيضا، وبعدها يضطر للرحيل عقب أحداث محمد محمود الدامية، ليأتى د. كمال الجنزورى، الذى لا يستطيع حتى الآن أن يمارس عمله بانتظام فى مكتبه الرسمى، ويلجأ فى أغلب الأحيان إلى «المقر المؤقت» فى مدينة نصر، لأن ميدان التحرير يرفض وجوده.

أحداث ماسبيرو
أحداث ماسبيرو أو مذبحة ماسبيرو كما أسمتها بعض الأوساط الصحفية، وتعرف أيضًا باسم أحداث الأحد الدامي أو الأحد الأسود عبارة عن تظاهرة انطلقت من شبرا باتجاه مبنى الإذاعة والتلفزيون المعروف باسم « ماسبيرو » ضمن فعاليات يوم الغضب القبطي، ردًا على قيام سكان من قرية المريناب بمحافظة أسوان بهدم كنيسة قالوا أنها غير مرخصة، وتصريحات لمحافظ أسوان اعتبرت مسيئة بحق الأقباط. وتحولت إلى مواجهات بين المتظاهرين وقوات من الشرطة العسكرية والأمن المركزي، وأفضت إلى مقتل بين 24 إلى 35 شخصًا أغلبهم من الأقباط.
علمًا أنه وبحسب الصحفي المصري محمد فوزي، فإن أعدادًا غير قليلة من المتظاهرين كانوا من المسلمين

مجريات الأحداث
منذ ثورة 25 يناير نظمّ شبان أقباط وتعاون معهم في كثير من الأحوال شبان مسلمون، عدد من الوقفات الاحتجاجية والمسيرات التي تؤكد وحدة الشعب المصري، وكذلك حال مظاهرة ماسبيرو التي انطلقت من شبرا أحد أحياء القاهرة ذو الكثافة المسيحية وتوجهت نحو مقر الإذاعة والتلفزيون المصري الواقع في منطقة ماسبيرو بالقرب من ميدان التحرير الذي احتضن ثورة 25 يناير؛ أما السبب المباشر لمظاهرة شبرا فهو المطالبة بإقالة محافظ أسوان والرد على هدم بناء يعتقد أنه كنيسة في المدينة. علمًا أن البناء متواجد من منتصف منتصف الثمانينات ولم تقم السلطات المصريّة بهدمه بل من هدمه ثلّة من سكان القرية، لم يتعامل معه المحافظ ما أدى إلى تفاقم «كراهية» المحافظ.
وقد أعلن آلاف الأقباط اعتصامهم مساء الرابع من أكتوبر أمام مبنى ماسبيرو احتجاجاً على أحداث الماريناب والمطالبة بتقديم الجناة للمحاسبة، ودعا الأنبا فلوباتير والأنبا متياس المتظاهرين للإعتصام، فيما انسحبت حركات اتحاد شباب ماسبيرو وحركة اقباط بلا قيود وقال المتحدث الرسمي لأقباط بلا قيود انهم يرفضون وجود الجلابية السوداء في إشارة إلى الكهنة، وفي مساء 4 أكتوبر 2011، قامت قوات الشرطة العسكرية بفض اعتصام الأقباط بالقوة، عقب قيام قوات من الأمن المركزي بضرب المتظاهرين وتعقبهم حتى ميدان التحرير ثم انسحبت لتحل محلها قوات الشرطة العسكرية التي طالبت الأقباط بإنهاء إعتصامهم، وعندما رفض المعتصمون ما طلب منهم، فضت اعتصامهم بالقوة وقامت بإطلاق أعيرة نارية أصابت 6 معتصمين.

كما أظهرت لقطات مصورة على موقع اليوتيوب قيام جنود من الشرطة العسكرية بالضرب المبرح لأحد المتظاهرين وهو الشاب رائف فهيم الذي أعلن اتحاد شباب ماسبيرو عن تنظيم احتفالية لتكريمه في مطرانية شبرا الخيمة، والتي دعا فيها القس فلوباتير جميل عضو الاتحاد وكاهن كنيسة العذراء، جموع الأقباط لتكريم الشاب بالمشاركة في أكبر مسيرة للأقباط تشهدها مصر «على حد قوله» يوم الأحد 9 أكتوبر، والذي عرف إعلامياً بيوم الغضب القبطي حيث تظاهر آلاف الأقباط في مسيرات بست محافظات مصرية، أهمها تلك التي ذهبت إلى مبنى ماسبيرو.

توجد روايتان متناقضتان تمامًا للأحداث :
رواية الإعلام المصري الرسمي التي وبحسب صحيفة الأخبار اللبنانية أعادت إلى أذهان المصريين صورة الإعلام الرسمي خلال ثورة 25 يناير، حين كان يتهم المتظاهرين بقتل رجال الأمن، حيث تركزت تغطيته للأحداث على أن الأقباط تعدوا على قوات من الجيش ورجال الشرطة العسكرية «بالسيوف والخناجر والأسلحة النارية» ما أدى إلى مقتل ثلاثة من رجال الجيش بطلقات نارية، وفق ما ذكرته جريدة اليوم السابع المستقلة نقلاً عن مصادر طبية.
والرواية الثانية هي رواية المشاركين في التظاهرة، ومعهم وسائل إعلام مستقلة، إذ كشفت رويترز عن ناشطين، أن المحتجين كانوا يسيرون سلميًا، وحين بدأت الوقفة أمام ماسبيرو قام الجيش بإطلاق النار في الهواء بقصد تفريق التظاهرة، وقالت الوكالة أن «مركبات الجيش دهست المحتجين»، وهو ما أكدته الصور التي بثتها القنوات الفضائية، ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية أن غالبية الإصابات وقعت بسبب عمليات الدهس.
رواية محمد فوزي للأحداث أن الجيش حالما وصل المتظاهرون إلى أمام ماسبيرو، قام بإطلاق القنابل المسيلة للدموع بهدف تفريقهم بعد أن تردد أنهم ينوون الاعتصام المفتوح أمام المبنى، حينها بادر المتظاهرون لخلع أجزاء من أعمدة حديد الجسر لتشكيل ما يشبه الدرع، غير أن مصفحات الجيش بدأت تسير نحو تجمعات المتظاهرين، بقصد تفريقهم، ما أدى إلى وقوع عمليات دهس، وسقط القتيل الأول على إثرها.

شهود عيان أيضًا بحسب رواية الأخبار، نقلوا أنه لدى مرور المسيرة بمنطقة كوبري السبتية في القاهرة، قام البعض برشقهم بالحجارة والزجاجات الفارغة في محاولة لتفريق التظاهرة، التي نجحت في الوصول إلى غايتها أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون حيث تم إحراق صورة لمحافظ أسوان مصطفى السيد، احتجاجًا على تصريحاته بشأن أحداث قرية المريناب.
وبحسب ما كشفته صحيفة التحرير أن الجيش أطلق النار في الهواء بهدف تفريق التظاهرة ما أدى إلى انتشار حالة من الفوضى، إذ أقدم المتظاهرون على إحراق أربع سيارات بينها سيارة للشرطة وحافلتان صغيرتان وسيارة خاصة، كما خلعوا الأعمدة الحديدية على جانبي الجسر بهدف استخدامها كدروع في مواجهة الجيش، وبثت بعض القنوات الإعلامية أخبار عن وجود بلطجية ومندسين وفلول الحزب الوطني بهدف إشعال المكان وتأجيج العنف، فضلاً عن إطلاق نار مجهول المصدر.علمًا أن المسيرة، التي بدأت قبطية، انضم لها عدد من الجهات المناوئة لسياسة المجلس العسكري في مصر، ولم تقتصر على الأقباط فقط.
بعد نجاح الجيش في ضرب طوق أمني حول مبنى ماسبيرو وتراجع المتظاهرين إلى كورنيش النيل أمام المبنى، ظهر مجولين يستقلون دراجات بخارية ودخلوا في حماية الشرطة العسكرية واعتدوا على المتظاهرين بالجنازير.
في الوقت نفسه، توجه العشرات من الشباب المسلمين والمسيحيين إلى ميدان التحرير هاتفين بسقوط الحكم العسكري، ومنددين بالتعامل العنفي للأمن، ولم يفلحوا في الوصول إلى ماسبيرو لكشف «الحقيقة»، وسرعان ما تمكنت قوات الأمن من السيطرة على الوضع داخل ميدان التحرير، وتم إلقاء القبض على العشرات، وتقهقر بقيتهم إلى خارج الميدان. كما وصل بعد ذلك عدد من السلفيين إلى منطقة ماسبيرو مرددين هتافات «إسلامية إسلامية»، وقاموا بإشعال النيران في سيارتين، ومنعوا رجال الدفاع المدنى من إطفائهما، كما نقل موقع اليوم السابع. الذي قال أيضًا أن الاشتباكات انتقلت إلى شارع رمسيس، ما دفع إلى إعلان حظر التجول في وسط القاهرة من الثانية فجرًا وحتى السابعة صباحًا.

تغطية التلفزيون الحكومي
انتقدت قوى سياسية عديدة ونشطاء من المجتمع المدني المصري التغطية التي قام بها التلفزيون المصري للأحداث، إذ أخذت تصريحاته منحى قيام الأقباط بقتل الجيش ولم يذكر عن سقوط أي قتيل من صفوف المتظاهرين أنفسهم، كما لم يقم ببث أي صور لمدرعات الجيش وهي تدهس المتظاهرين، بل اكتفى ببث صور لسيارتي الجيش المحروقتين، إلى جانب ذلك أخذ باستقبال مكالمات هاتفية تحث المواطنين على إدانة المتظاهرين «والنزول لحماية الجيش من الأعيرة النارية التي يطلقها المتظاهرون». وقال عمرو حمزاوي (أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة) أن تغطية التلفزيون الحكومي المصري «مخزية وتحريضية»، بل إن بعض العاملين داخل التلفزيون نفسه من أمثال محمود يوسف ودينا رسمي وتغريد الدسوقي أعلنوا «تبرأهم» من تغطية التلفزيون المصري للأحداث. كما نظمت حملة على تويتر لمقاطعة البرامج الإخبارية في التلفزة الحكومية، كما دعت عدد من الفعاليات إلى استقالة وزير الإعلام أسامة هيكل، بعد محاولته تبرير التغطية بأنها «انفعال مذيعين». خلال تغطية الأحداث، قامت قوات من الشرطة العسكرية باقتحام مقر قناة مصر 25 لمصادرة فيديوهات مصوّرة عن الأحداث من مبنى القناة الواقع بالقرب من ساحة الاشتباك بهدف التغطية على ما حدث، أيضًا قامت قوات من الشرطة العسكرية باقتحام مكتب قناة الحرة، ومنها إلى غرفة البث حيث قوطع المذيع.

علاقة فلول الحزب الوطني بالأحداث
على أرض الواقع، فإن عددًا كبيرًا من المحللين والإعلاميين المصريين وجدوا أن بلاطجة كان يديرهم حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، إلى جانب عدد من فلول الحزب الوطني الذي حلّ في أعقاب نجاح الثورة، له اليد الطولى في إشعال الأحداث، من بينهم جورجيت قليني واللواء رفعت عبد الحميد خلال مداخلة مع هالة سرحان. والمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وإبراهيم عيسى، وسواهم. بل إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية نفسه، نفى أن يكون قد أطلق النار على المتظاهرين أو دهسهم، وأشار في مؤتمر صحفي عقد لغاية التعليق على أحداث ماسبيرو، بشكل واضح إلى «جهات معينة تود زرع الفتنة»، غير أنه لم يذكر علاقة الحزب الوطني بالأحداث. كما أن بيان المجمع المقدس للكنيسة القبطية قال بوجود «مندسين» في أوساط المتظاهرين الأقباط أيضًا.

ردود فعل
قام رئيس الوزراء د. عصام شرف بدعوة مجموعة من الوزراء للاجتماع ودعا إلى ضبط النفس، وقال: «إن المستفيد الوحيد هم أعداء الثورة وأعداء الشعب المصري من مسلميه ومسيحييه». وقال أيضًا: «ما يحدث الان ليس مواجهات بين مسلمين ومسيحيين، بل هو محاولات لإحداث فوضى واشعال الفتنة بما لا يليق بأبناء الوطن الذين كانوا وسيظلون يداً واحدة ضد قوى التخريب والشطط والتطرف». كما دعا لجنة العدالة الوطنية التابعة لرئاسة مجلس الوزراء لاجتماع طارئ في 10 أكتوبر بهدف معالجة القضية بحضور ممثلي الأزهر والكنيسة، غير أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لم ترسل ممثلين عنها في الاجتماع. أيضًا، فقد انعقد مجلس الوزراء المصري بكامل أعضاءه صباح 10 أكتوبر وبدأ الجلسة بدقيقة صمت حدادًا على «شهداء ماسبيرو». من جانبه قام المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصريّة، بطلب تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق حول الأحداث.
بابا الإسكندرية شنودة الثالث دعا إلى اجتماع طارئ عقد في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية صباح 10 أكتوبر للتباحث في القضية، وخلص الاجتماع إلى دعوة الأقباط حول العالم للصوم والصلاة ثلاث أيام «ليحلّ الرب سلامه في أرض مصر». كما أصدرت الكنائس الإنجيلية في مصر بيانًا استنكروا فيه الاعتداءات المظاهر الطائفية والعنفية، التي تكررت غير مرة في الآونة الأخيرة.

أما تحالف ثوار مصر فوجدوا أن ما حصل هو محاولة غربية لفرض وصاية أجنبية على مصر، وقالوا أن هناك مخطط لتقسيم مصر إلى مصران، إسلامية ومسيحية، كما قالوا أن بعض الجهات من مصلحتها حدوث مثل هذه الفتن بهدف تأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، والذي تتخوف بعض الجهات من سيطرة الإسلاميين عليها. دون أن يكشفوا عن مصادرهم. كما جابت طنطا مسيرة داعمة للوحدة الوطنية.

أما على الصعيد الخارجي، فإن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قرروا عقد اجتماع في لوكسمبورغ لمناقشة الأوضاع في مصر، واعتبروا الأحداث انعطافة خطيرة. كما قالت هيلاري كلينتون وزيرة خارجية الولايات المتحدة أنه من واجب الحكومة حماية دور العبادة المسيحية في مصر، وأن بلادها مستعدة لإرسال قوات لحماية هذه الأماكن، ما استدعى استنكارًا قبطيًا وإسلاميًا وليبراليًا، وهو ما ثبت عدم صحته بعد ذلك. أما لاحقًا فقد دعا باراك أوباما لاحترام «حقوق الأقليات» وقال أن بلاده تقف مع مصر في هذا الموقف الصعب والمؤلم.
أما ردود أفعال الشخصيات القبطية، فقد تباينت بدورها، إذ قال المحامي ممدوح رمزي أن الأقباط سيلجؤون إلى الأمم المتحدة لمواجهة «إرهاب الدولة الذي يمارس بحق الأقباط»،

أما المستشار نجيب جبرائيل رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان، قال أن الكنيسة المصرية وأقباط مصر لن يدولوا القضية ونفى استعمال الأقباط للعنف، مؤكدًا أنه أصيب خلال التظاهرة بطلق ناري في رجله. أما وكيل مطرانية السويس للأقباط الأرثوذكس فقال أن «مندسين» هم من أشعلوا أحداث ماسبيرو، وأن هدفهم «الوقيعة بين الجيش وكل المصريين». سلفيّو مصر، نظموا مسيرات مناهضة للأقباط كما حفلت مواقع إلكترونية تابعة لهم باتهمات للأقباط « بلطجة » و«ضرب الجيش»، غير أن عدد من القيادات السلفية من أمثال ياسر برهامي ومحمد حسان، دعت جموع السلفيين لالتزام الهدوء وعدم تنظيم أي مسيرات. مرشحو الرئاسة المصريّة، كانت لهم ردود فعل أيضًا: محمد سليم العوا الذي صرّح العام الماضي بأن «الأقباط يخبأون داخل الأديرة أسلحة» قال أن لديه «أدلة دامغة أن الجيش هو من بدأ وليس المتظاهرين»، حازم صلاح أبو إسماعيل دعا الجميع لالتزام المنازل ولوّح إلى مؤامرة بهدف تأجيل الانتخابات. أما شيخ الأزهر أحمد الطيب اتصل مع البابا شنودة وطالب اجتماع «بيت العائلة» الذي ترأسه بوضع قانون منظم لبناء الكنائس.

على الصعيد الاقتصادي، فقد فقدت البورصة المصرية 10,2 مليار جنيه، في الجلسة الأولى من التداولات بعد وقوع الأحداث.

جنازة الضحايا
تمت جنازة الضحايا في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وهي أكبر كنيسة في مصر ومقر البابا، وقد ترأسها البابا شنودة الثالث نفسه، بمعاونة لفيف من المطارنة والأساقفة والكهنة. وقد انتشرت وحدات من الجيش المصري حول الكاتدرائية بهدف حمايتها، علمًا أن أربعة ضحايا فقط تمّ تشييعهم وذلك يعود لرفض الأهالي إخراج ذويهم من القتلى دون تعرض الجثث لعملية تشريح بقصد التعرف عن أسباب الحادث، فيما يشبه المظاهرة شارك بها عدد من الناشطين منهم كريمة الحفناوي، وقد ترددت من الشعارات: «بالإنجيل والقرآن فليسقط الطغيان»، «واحد اتنين دم الشهداء فين » و«الشعب يريد إسقاط المشير ». كما رافق الجثامين الأربعة التي تمّ الصلاة عليها، جمهرة من آلاف الأقباط وذلك بين المستشفى القبطي والكاتدرائية المرقسية، كما انطلقت بعد صلاة الجنازة مظاهرة من حوالي 3,000 مشارك نحو ماسبيرو تنديدًا وقد رشقت المسيرة من قبل مجهولين بالحجارة والزجاجات الفارغة عند منطقة غمرة أثناء عودتهم من مقر الكاتدرائية إلى ميدان رمسيس.
وقد رافق صلاة الجنازة مسيرة في الإسكندرية، وكذلك في بور سعيد، في حين ألغت محافظة الغربية احتفالات عيدها الوطني في أعقاب الأحداث. مساء 10 أكتوبر تم تشييع 17 جثمان في الكاتدرائية المرقسية أيضًا، وقد رافقت الجنازة مسيرة حاشدة بين المشفى القبطي والكاتدرائية. واعتبروا في عُرف الكنيسة «شهداء» وهي رتبة متفوقة على رتبة قديس وفق العقائد المسيحية، وقد بلغ عدد المشيعين أكثر من 100,000 مشيّع حسب موقع الأقباط المتحدون. كما تمّ في 11 أكتوبر تشييع جثمان أحد القتلى المسلمين وذلك في منطقة المهندسين.

المرأة المصرية
لا تركز حركات الإصلاح السياسي العربية ضمن أهدافها على إصلاح وضع المرأة ولا يمكن أن ينتظر منها النجاح في تحقيق أحلام الشعوب بالتقدم، حتى لو استطاعت الوصول للحكم ورفع صورة ديمقراطية، لأن المجتمعات الإنسانية التي سبقت المجتمع العربي بالنهضة الوطنية، كانت قد برهنت تاريخيا على الدرس الثابت بأن لا ديمقراطية سياسية ستنجح إلا بإصلاح وضع المرأة.
والمرأة تمثل التعددية كبعد جوهري للديمقراطية، لأنها تعد أكبر أقلية من حيث ضعف وضعها القانوني، وتحرير المرأة لا ينفصل عن تحرير الشعوب، سواء تحررها من الاستعمار الأجنبي ماضيا، أو من السلطة الديكتاتورية في الحاضر، إن تحسين أوضاع المرأة العربية والمصرية شرط أساسي لنجاح أي حركة إصلاح سياسي.

ورغم أن المرأة المصرية شاركت بقوة في الثورة، وقدمت تضحيات متعددة، إلا أنها لم تحظَ بأية مميزات خلال المرحلة الإنتقالية، وتقلص عدد المقاعد الوزارية التي كانت تشغلها قبل الثورة، وكذلك المقاعد البرلمانية. وتزايدت الدعوات التي تريد الرجوع بالمرأة عشرات بل مئات السنين إلى الخلف وانتزاع كل حقوقها وأصبحت نصلاً محموماً مسلطاً على رقاب النساء.

لقد واجهت المرأة المصرية إقصاء شديداً ليس فقط من المشهد السياسي، ولكن من المشهد المصري بشكل عام، فكان إقصاء المرأة من المناصب القيادية هو الأبرز على المستوى السياسي، أما على المستوى الإجتماعي قد تم شن حملات تستهدف تغيير قانون الأحوال الشخصية، والذي حملت بعض مواده انصافاً للمرأة المصرية، إلى جانب مطالبات التيارات الأصولية التي تصاعدت بسرعة بعد الثورة، بعودة المرأة إلى المنزل وتقليص مشاركتها في المجتمع، بل الإنكار التام لوجودها كإنسان، والتعامل معها بإعتبارها عورة يجب إخفاؤها وإخراس صوتها، يأتي هذا في ظل تجاهل أو جهل بإسهام ‏ ‏المرأة‏ ‏في الإقتصاد، حيث أن 32% ‏من‏ ‏الأسر‏ ‏المصرية‏ ‏تعولها امرأة‏.

ووفقاً لآخر إحصائيات القوى العاملة، فإنها ‏تمثل‏ 23.2 % ‏من‏ قوة ‏العمل في القطاع الرسمي، و70 % في القطاع غير الرسمي، كما تم إلغاء تخصيص 64 مقعداً في البرلمان للمرأة في قانون الانتخابات وقانون مجلسي الشعب والشورى، والتي ساهمت في أن تصل مشاركة المرأة في البرلمان إلى 12% في برلمان 2010، بعد أن كانت 2% في برلمان 2005، هذا على الرغم من الإبقاء على كوتة العمال والفلاحين التي لا تقل عن 50 %. وقد نص مرسوم تعديل أحكام القانون 38 والقانون 120 المتعلقين بمجلسي الشعب والشورى، على أن يكون انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب، بنظام القوائم الحزبية المغلقة، والثلث الآخر بالنظام الفردي، وفي جميع الأحوال يجب أن تتضمن كل قائمة مرشحًا من النساء على الأقل..وذلك من دون أن يحدد ترتيب المرأة في القائمة مما يعطي حرية للأحزاب في وضع ترتيب المرأة، وهو ما يعني عدم فوزها في حال وضعها في مرتبة متأخرة في القائمة، وكانت النتيجة تراجع مشاركتها الى أقل من 2% لتكون مصر أقل دولة عربية في ما يتعلق بمشاركة المرأة في البرلمان. ففي السودان تصل إلى 36% وفي المغرب 10% وفي اللجنة التأسيسية في تونس وصلت إلى 28%.

وتعاني المرأة بشدة لاسيما وأن التيار الإسلامي يعتبرها إحدى آليات السيطرة على المجتمع ودائماً ما يفكر في السيطرة عليها، أيضاً تقدم له حلولاً شكلية ساذجة لمشكلات معقدة مثل التخيل أن الغاء الخلع وتحويل النساء لعبيد في علاقات زوجية غير متوازنة سيؤدي إلى استقرار الأسرة دون البحث عن المشكلات الحقيقية التي تعاني منها تلك الأسرة.

ورغم حصول المرأة المصرية على مكاسب عدة في العهد البائد، فإن التيار الإسلامي ذو الأغلبية البرلمانية يحاول إعادة النظر في العديد من القوانين الخاصة بها، ومنها قانون الحضانة، وقانون الطفل، وقانون الخلع، بحجة أنها غير متوائمة مع الشريعة الإسلامية بهدف سحب المجتمع المصري عن مناقشة قضاياه الجدية وتستهدف كذلك استمرار العمل للسيطرة على المجتمع المصري من خلال المرأة، يحدث هذا في الوقت الذي تعد أوضاع المرأة في مصر شديدة السوء، حيث تحتل المركز رقم 15 بين الدول العربية في ما يتعلق بحقوق المرأة، والغريب أن وضع النساء في فلسطين تحت الإحتلال أفضل من وضع المرأة المصرية على المستوى التعليمي فلا توجد أمية بين النساء في فلسطين، في حين تصل الأمية بين النساء في مصر الى حوالي النصف.

والأغرب مما سبق أن التيار الإسلامي يترك هذا كله ليركز على قانون الأحوال الشخصية الظالم للمرأة بالأساس، فلا توجد مقارنة بينه وبين القانون المغربي الذي يحمل ملكها لقب خليفة المسلمين.
هذا الأمر لا يمكن فصله عن محاولة هذا التيار إجراء تعديلات شكلية سريعة وأيضًا تغيير هوية المجتمع المصري، أي القضايا كانت أولى بالنقاش الغاء الخلع الذي لا يتعدى 3% من اجمالي حالات الطلاق في مصر أم العمل على توفير سكن لائق لتزويج حوالي 9 ملايين شاب وفتاة تقدم بهم سن الزواج، ويرغبون في بناء أسرة.

ومن الضروري محاولة كشف الحقائق وتوعية النساء والمجتمع عامة حول حقوقهم، والحث على ضرورة الحل الجذري للمشكلات التي تعاني منها النساء، بالإضافة إلى إبداء الرأي في مشروعات القوانين والقرارات المتعلقة بالمرأة بطريق مباشر أو غير مباشر قبل عرضها على السلطة المختصة.

وتحديث البيئة التشريعية المتعلقة بالمرأة وتطوير القوانين واقتراح الجديد منها، والعمل على إدماج المرأة في خطة الدولة الاجتماعية والاقتصادية ومراجعة السياسات العامة للتأكد من توافر منظور تكافؤ الفرص، والعمل على تعزيز المشاركة السياسية للمرأة في كل المؤسسات المنتخبة ورفع كفاءتها.

أن كل ما تم كان نتيجة نضال الحركة الحقوقية والنسائية المصرية، ومن المهم تقوية الحركة النسائية وحركات التغيير الإجتماعي لتعمل معًا من أجل النهوض بالمرأة كشرط للنهوض بمصر. وإذا قارنا بين مصر والدول العربية والإسلامية، نجد أننا نعاني من تراجع حاد على كل الأصعدة بسبب غياب رؤية تنموية وحقوقية للمرأة المصرية واهمال حكومي وصل الى حد الجريمة، فنسبة الأمية بين النساء وصلت الى حوالي 40 %.

وتعد المرأة في الجوهر من مشروع التيارات الإسلامية السياسية لفرض السيطرة على المجتمعات. لأنها تمثل نصف المجتمع ومسؤولة عن تربية النصف الآخر، فكلما كانت المرأة ضعيفة ومهمشة كلما يسهل اقتيادها والسيطرة على المجتمع، كما أن أي تغيير شكلي له علاقة بالمرأة يسهل فرضه كرمز وجود.

جرائم صارخة للمجلس العسكري ضد المتظاهرين في احداث القصر العيني
حتى نهاية ديسمبر2011 ما زال مسلسل القتل والسحل والتعذيب والقبض التعسفي مستمرا ضد المتظاهرين والمعتصمين في مصر على يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يمارس انتهاكات صارخة ضد حقوق الإنسان أكبر بكثير مما كان يحدث في عهد مبارك بما يرقى بها لأن تكون جرائم ضد الإنسانية. الأمر الذي ينذر بتصاعد أكبر لأحداث العنف ويطرح الكثير من الشكوك المشروعة حول نوايا المجلس العسكري الحقيقية في إحداث تحول ديمقراطي حقيقي في مصر.

ففي تصاعد غير مبرر للأحداث قامت قوات الشرطة العسكرية والصاعقة التابعة للجيش المصري يوم الجمعة 16 ديسمبر 2011 بمحاولة فض اعتصام مجلس الوزراء بالقوة مما أسفر حتى الآن عن مقتل عشرة أفراد وإصابة المئات من المعتصمين والمتظاهرين. وقد امتد هذا العنف المفرط إلى الشيوخ والسيدات والأطفال دون تمييز.

وقد قامت قوات الجيش بااقتحام المستشفى الميداني في منطقة القصر العيني والقبض على عدد من الأطباء الذين يقدمون الإسعافات للمصابين ثم هدم المستشفى، كما قامت باقتحام ميدان التحرير وإخلائه أيضا من المتظاهرين بالقوة وإحراق خيام وأغراض المعتصمين فيه، ومازالت المناوشات بين الجانبين مستمرة حتى الآن.

وقد تم استخدم الرصاص الحي من قبل قوات الشرطة العسكرية والصاعقة إلى جانب الضرب والسحل وقذف الحجارة من فوق مبنى مجلس الوزراء ضد المعتصمين والمتظاهرين. مما أسفر عن عدد القتلى والمصابين الذين سبق ذكرهم. كما قاموا أيضا بالاستيلاء على كاميرات بعض القنوات الفضائية وتحطيمها لمنعها من تغطية الأحداث.

وكعادة المجلس العسكري الدائمة، فقد أصدر المجلس بيانا يلقي فيه بمسئولية تلك الأحداث على المعتصمين السلميين، والإشارة مرة أخرى لوجود طرف ثالث في الأحداث كما يدعى دائما منذ أحداث إمبابة مرورا بأحداث ماسبيرو ومحمد محمود وانتهاءً بأحداث مجلس الوزراء. في حين أن المشاهد كانت واضحة ودون أي شك في أن من قام بالضرب والسحل وقذف الحجارة وضرب الرصاص الحي هم أفراد من الجيش المصري – بعضهم كان بزيه العسكري – وليس أي طرف ثالث.

ومازال المجلس العسكري وحكومته برئاسة د. كمال الجنزورى يصرون على وصف المعتصمين بالبلطجية المأجورين في حين أن من بين الشهداء الذين تم التعرف عليهم حتى الآن واحداً من شيوخ الأزهر الأجلاء، وطالباً بالسنة الخامسة بكلية الطب، ومهندساً. مما يدحض هذا الإدعاء الكاذب من قبل المجلس وحكومته.

إن ما يقوم به المجلس العسكري في مصر يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك نوايا المجلس العسكري في القضاء على الثورة والاحتفاظ بالسلطة وليس تسليمها إلى مدنيين كما يدعى ويتضح ذلك من القتل والقبض على الثوار، مرورا بتهديد مؤسسات المجتمع المدني وخاصة مؤسسات حقوق الإنسان باتهامهم بالخيانة والعمالة، وانتهاءً بالتصريحات التي أدلى بها أحد أعضاء هذا المجلس بأن الصلاحيات الممنوحة لمجلس الشعب الذي يتم انتخابه الآن هي صلاحيات محدودة.

كما أن المجلس الاستشاري الذي عينه المجلس العسكري لكي يكون معاوناً له في إدارة المرحلة الانتقالية هو أيضا مجرد مجلس استشاري يصدر توصيات لا قرارات!!.

كذلك التصريح الذي أدلى به اللواء حسن الروينى أحد أعضاء المجلس العسكري بأن سلطات رئيس الجمهورية القادم الذي سيتم انتخابه هي سلطات محدودة.. ويجعل السلطة المطلقة في نهاية المطاف في يد المجلس العسكري ويجعل من كل مؤسسات الدولة مؤسسات تابعة له رغم فشله الذريع في إدارة المرحلة الانتقالية. وكل هذه مؤشرات تدل على رغبة المجلس العسكري في القضاء على الثورة والاحتفاظ بالسلطة وعدم تسليمها للمدنيين.

لقد أثبت المجلس العسكري بأنه فشل فشلا ذريعاً في إدارة المرحلة الانتقالية، وأنه غير راغب في إحداث تحول ديمقراطي حقيقي في البلاد بحسبان أن طبيعته العسكرية تحول دون ذلك ولا تؤهله لإحداث التحول الديمقراطي المنشود.

إن التحدي الأول الذي يواجه مصر في المرحلة الانتقالية الجالية من التحول الديمقراطي هو بروز النظام السابق بكلِّ مكوناته والذي لم يغادر مكانه، وسعيه إلى الدخول في الساحة الفكرية والإعلامية والسياسية والبرلمانية، وساعده على ذلك تراخي المحاكمات، وتردد الحكومة في إجراء عزل سياسي واضح بقرارات حازمة، رغم أنها اتهمت فلول النظام أكثر من مرة بأنها ضالعة في المؤامرات وتكدير الأمن العام، وإطلاق البلطجية وزعزعة الطريق إلى المستقبل.

وهذا التحدي هو العقبة الأساسية، ويبدو أن المجلس العسكري ليس مقتنعًا بتصفية النظام السابق؛ خاصة أن شريحة من هذه التصفية تتضمن عزلهم، ومحاكمة من أجرم منهم ومصادرة سرقاتهم وفتح عقود هذه السرقات في الأرض والمال والمزيد من إذلالهم، وهم يرون صرحًا جديدًا لمصر السعيدة يرتفع بإرادة الشعب التي تهددهم.

إن تردد المجلس العسكري في تصفية النظام السابق سوف يؤدي إلى استحالة الجمع بين القديم والجديد؛ لأن القديم حكم مصر ثلاثين عامًا وأدرك أبعاد جرائمه، فلما وجد رخاوة في مواجهته كبر عليه أن يخضع لثورة بلا أسنان ولا أنياب وطمع في عطف المجلس العسكري، ويحاول النظام القديم الظهور بكلِّ فجور، وكأنه يطلب منا اعتذارًا لما أحدثته الثورة فيه من اضطراب.

أما التحدي الثاني عالذي يواجه عملية التحول الديمقراطي فهو الدعوة لتقديم وتسريع الانتخابات الرئاسية قبل إقرار الدستور.. فإن أي باحث موضوعي دارس للقانون يعلم جيدا أن “البرلمان” بمجلسيه (الشعب والشورى)، يُمكن أن يتعرض للحل، عقب إقرار الدستور المنتظر، لأن البرلمان منتخب في ظل الإعلان الدستوري الحالي والصادر بمرسوم عسكري في 30 مارس الماضي، كما أنه لا يجوز للبرلمان أن يستمر حال “ميلاد” الدستور المنتظر، إذ أن هذا الميلاد يعنى وفى نفس اللحظة إعلاناً بـ ”وفاة” الإعلان الدستوري الحالي، الذي هو بطبيعته “إنتقالي”، ويكون البرلمان المنتخب على أساسه إنتقاليا أيضا، وإذا تم الأخذ بهذه الدعوة وتم انتخاب الرئيس قبل الدستور، فإن الرئيس يمكن أن يصدر قرارا بحل البرلمان، لأن الرئيس المنتخب أقسم فور انتخابه على احترام الإعلان الدستوري الحالي (الانتقالي)، بينما هو سيعمل في ظل دستور جديد مختلف تماما ودائم، وهو لم يُقسِم على احترامه، ناهيك عن الاختصاصات الموكولة للرئيس في الدستور المُنتَظر، لابد وإنها تختلف عن الانتقالي القائم حاليا.
والسؤال الجوهري هو :
أليس من الأفضل أن نكتفي بما يمكن أن يواجهنا من مأزق دستوري حول “شرعية البرلمان”، ويكون لدينا رئيس منتخب قبل نهاية يونيو المقبل، في ظل الدستور الجديد والدائم ؟،
أم نسير وراء البرادعي و البشرى وقوى الميدان، وبعد أشهر قليلة، نجد أنفسنا مع ميلاد الدستور الجديد في حالة فراغ رئاسي وبرلماني؟
وبذلك نبدأ من الصفر مجدداً، وندخل في دوامات الانقسامات والصراعات، نتيجة سقوط الشرعية عن البرلمان والرئيس؟
غير أنه لا يفوتنا أن الأمور إذا سارت على هذا النحو المقترح، فإن هذا يعنى تسليم مصر باباً وشباكاً ومفتاحاً، للإخوان المسلمين، وربما يشركون معهم السلفيين في ملكية مصر.

تحديات التحول الديمقراطي في مصر
تُعتبر ثورة مصر السلمية أحد أهم انجازات شعوب العالم العربي، حيث تمكّن الشعب المصري العظيم من إنهاء حقبة من الاستبداد والظلم. وقد تجلّت هذه الأخيرة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المصري وكذلك انعدام الحريات وأي مناخ ديمقراطي يسمح بنشر ثقافة حقوق الإنسان وهذا ما يجعل تحقيق أهداف الثورة المصرية، بالانتقال إلى نظام تعددي ديمقراطي قائم على الحرية والعدالة والمساواة، أمرا عسيرا.

إنّ هذا التحول الديمقراطي المرجو في مصر أمر محفوف بالمخاطر ولاسيما وأنّ النظام المصري السابق، كغيره من الأنظمة العربية، ساهم في غسل العقول خاصة عن طريق النظام التعليمي وتغييب ثقافة حقوق الإنسان وأخيرا وليس آخرا تغييب الحياة السياسية وهذا ما أدّى إلى نمو تيار ديني متطرف نجح بجذب شريحة شعبية مهمة، بدعم مباشر أو غير مباشر من نظام مبارك. حيث لم يكف هذا الأخير من التشدق بعبارة "إمّا نحن أو الإسلاميون".

ومنذ 25 يناير 2011، دخلت مصر مرحلة جديدة ومجيدة من تطورها السياسي بعد ثورتها التي كانت طليعتها الشباب وكان شعارها المطالبة بالحرية وإسقاط النظام. الذي كان الاستبداد والفساد سمته الرئيسية.. ورغم سقوط رأس النظام فلا تزال تحديات التحول الديمقراطي صعبة وعسيرة في مصر. فنحن إزاء نظام يتسم بالمركزية الشديدة التي كانت تقبض على سلطات هائلة، ولا تزال السلطة التنفيذية تتمتع بالعديد من السلطات والقوانين”غير الديمقراطية”، كما أن الحزب الذي ظل مهيمنا بصورة أحادية على الحياة الحزبية المصرية كان يحمل مشروعية وشرعية وشكل التنظيمات الشمولية السابقة عليه (الاتحاد الاشتراكي العربي) كحزب مهيمن ومسيطر ومقاره ورثها عنه.

وهناك عائق شديد الخطورة أمام التحول الديمقراطي يأتي من طبيعة تركيب هيكل جهاز السلطة في مصر طوال ثلاثين عاما حيث اختيار القيادات على أساس التوارث الداخلي من قلب الجهاز أو على أساس الولاء السياسي والشخصي المضمون مما أدى إلى تفريخ قيادات متواضعة المستوى وينذر أن يتواجد منهم من هو على فهم مطالب الثورة الديمقراطية المصرية التواقة إلى الحرية والعدالة الاجتماعية هذا إذا كانت تلك القيادات مؤمنة أصلا بالديمقراطية.
كما أن أساس العلاقة بين جهاز الدولة والتجربة الديمقراطية هو أساس واهن للغاية. ومن ثم فان الحاجة لدستور ديمقراطي جديد تغدو ضرورة ملحة لان الدستور الحالي هو دستور – مهما جرى ترقيعه – هو دستور مجتمع سياسي أحادي حشرت فيه حشرا بعض المواد الديمقراطية وهو ليس مصاغا لتنظيم علاقات القوى في مجتمع تعددي. ويشهد على ذلك الصلاحيات الواسعة جدا لرئيس الجمهورية. حتى أن وسائل الإعلام الحكومية قد أعطت انطباعا بان النظام الديمقراطي المزعوم موجود كله بناء على”توجيهات الرئيس” لا على” إرادة الأمة” أو”طبقا للدستور” وهو ما أوحى باستمرار الروح الفرعونية في النظر للنظام السياسي الحديث.

ويجعل الدستور من رئيس الدولة حاكما إلها فوق الدستور والقانون، وتلك هي البيئة النفسية التي تحاصر رؤساء الدول في مصر فتضعف من ميولهم الديمقراطية وتقوي من ميولهم الأوتوقراطية. وبالتالي فهو دستور يكرس مجتمعا سياسيا أحاديا. أما بقية النظام القانوني للدولة ما دون الدستور فهو أيضا يلائم مجتمعا سياسيا أحاديا ويعبر عن عقلية اوتوقراطية غير راغبة بشدة في أي تحول ديمقراطي حقيقي.

كما أن جهاز الدولة المصري يعرف سطوة كبيرة للسلطة التنفيذية على حساب السلطتين التشريعية والقضائية. وهاتان سلطتا رقابة لا غنى عنهما لأي تجربة ديمقراطية منهما. إن سطوة السلطة التنفيذية تؤثر على مقدار أداء هاتين السلطتين لمهامهما الرقابية. وقد أنتج التدخل الفاضح في تركيبة البرلمان من خلال التدخل في العملية الانتخابية برلمانا لا يعرفه الشغب وليس معبرا عنه ناهيك عن المستوى المتواضع لأغلب أعضائه القادرين على تمثيل مصالحهم الخاصة بأكثر بكثير عن تمثيل المصالح الاجتماعية الوطنية. وتعاني السلطة القضائية -رغم تراثها الجليل في الانتصار للحق والحرية -الضغوط الكبيرة الغير مباشرة من قبل السلطة التنفيذية والتي تضعف قدرات القضاء في حراسة التجربة الديمقراطية.

ومن معوقات التحول الديمقراطي في مصر نوعية النخبة السياسية المصرية، فلئن كانت نخبة العهد المباركي عبر ممارساتها قد توترت علاقتها بالديمقراطية فكرا وممارسة، فان النخبة المعارضة في ذلك العهد لها معايبها المؤثرة سلبا على عملية التحول الديمقراطي، حيث يغلب على تلك النخبة طابع السلفية والانجرار إلى الماضي، سواء في قوالبها الإيديولوجية أم في معاركها السياسية والتي يدور جزء منها حول التاريخ. والكثير من قياداتها يعبر عن عقلية قديمة وإن بأطر جديدة بعيدة كل البعد عن عقلية مصر الجديدة ومصر المستقبلية.

كما أن اللغة التي تطرح بها شعاراتها وتتناول بها قضايا المجتمع هي لغة غوغائية لا تعبر عن وعي بمشكلات مصر وطرائق حلها. وهي نخبة قليلا ما تمارس داخل أحزابها الديمقراطية التي تنادي بها المجتمع كله قبل وأثناء وبعد ثورة 25 يناير. وفيما بين أطراف النخبة المعارضة ما صنع الحداد. حيث نادرا ما يجتمعون على موقف واحد ولو سار ثوار 25 يناير على هديهم ما نجحت الثورة!

ويكاد يختفي لدى هذه النخبة المعارضة الإحساس بمسئولية البحث عن الاستقرار السياسي كضمانة لاستمرار التجربة الديمقراطية نفسها، وقطع الطريق على الراغبين في تدميرها. إن النخبة السياسية المعارضة غير الناضجة سياسيا يمكنها أن تعرض التحول الديمقراطي للخطر.

إن التحول الديمقراطي المصري يرتبط نجاحه بدخول اللاعبين الجدد من الشباب الذين قادوا ثورة 25 يناير لأنهم سيكونون الفيصل في الحسم النهائي للصراع بين قوى الديمقراطية والأوتوقراطية في مصر وجني ثمار الثورة الديمقراطية المصرية... والقضية الثانية هي كيف يمكن أن يحدث ”التحول الديمقراطي” دون استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي مما يعرض الأمن القومي للخطر؟

إن مصر ليست أول دولة تمر بتلك المرحلة بعد اندلاع ثورات ديمقراطية.. كما أن التحول الديمقراطي إلى جانب انه يؤدي إلى مشاركة واسعة للجماهير ويساعد على التعددية الفكرية والتعددية الاقتصادية إلا انه يفجر – كما رأينا – مطالب طال كبتها، وتعجز الموارد الاقتصادية المتاحة عن التعامل معها مما يؤدي إلى استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي الذي يحد في النهاية من إمكانيات التنمية الاقتصادية.

إن الطريق لوضع دستور جديد لمصر في المرحلة القادمة أمامه تحدان هما :
التحدي الأول : يتمثل في كيفية التغلب على الفصل ما بين الحاكم والدولة بمؤسساتها بشكل يخالف ما هو كان متبع ومتجسد في نظام الحكم في مصر على مدار المائتين سنة الماضية، والتي كان فيها الحاكم الفرد هو الدستور والقانون والمؤسسات…
والتحدي الثاني : يتعلق بالقوى السياسية، بأن يضمن الدستور الجديد المبادئ والإطار الذي يعلي من قيم الدولة كمؤسسات وكيان عام عن أيدلوجية هذه القوى مهما كانت أغلبيتها في المجالس النيابية التي بحكم طبيعتها هي متغيرة بالانتخابات، وبالتالي حالة المنافسة فيما بينها على الحكم تكون من خلال هذا الإطار العام لشكل الدولة وليس وفقا لأيدلوجية سياسية أو دينية قد تنعكس في شكل كتابة الدستور..

والمعادلة الصعبة إذن هي كيف يستمر التطور الديمقراطي المتسارع في مصر حتى تصل مصر إلى الديمقراطية الكاملة في الوقت الذي نحقق فيه الاستقرار السياسي؟

ومن المهم دراسة التجارب العالمية للتحول الديمقراطي، واستخلاص الدروس للاستفادة منها، مع استمرار كفاح الشعوب العربية لتصل إلى ما تصبو إليه. وأوضح أن الديمقراطية تحد صعب، ولكن البلدان والشعوب العربية أدركت أنها هي التي ستصنع مستقبلها، وأن الطريق إلى الديمقراطية يستحق الكثير من التضحيات، حتى تجنى ثماره.

حسن الشامي
رئيس تحرير مجلة (المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي)
الصادر عن مركز ابن خلدون للدراسات الديمقراطية
[email protected]



#حسن_الشامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير التحول الديمقراطي في موريتانيا عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في المغرب عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في جنوب السودان عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في شمال السودان عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في الجزائر عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في سوريا عام 2011
- من أجل تعزيز دور الإعلام الجماهيري في الدعوة لتطبيق اللامركز ...
- سعد الدين ابراهيم : في كل دول العالم يطبقون نظاما لحماية الأ ...
- قصيدة إلى مرشحي الرئاسة
- الخبراء يتساءلون : اللجنة التأسيسية للدستور.. نعمة أم نقمة ع ...
- مؤتمر استقلال القضاء بين الحماية الدستورية وقانون السلطة الق ...
- وفاة البابا شنودة خسارة كبيرة للمصريين
- إطلاق شبكة المساءلة الاجتماعية فى العالم العربى
- مؤتمر -الربيع العربي والأزمة السودانية- بالقاهرة
- منظمات المجتمع المدني : لن نرضخ لبيادة العسكر أو لعباءة الإخ ...
- مؤتمر - رؤية لدستور مصري يحمى ويفعل الحقوق والحريات -
- نداء الألف للتضامن مع شركاء الوطن
- مؤتمر -الربيع العربي ومستقبل التحولات الراهنة-
- أثر ربيع الثورات العربية على القضية الفلسطينية
- المجتمع المدنى والتحول الديمقراطى العربى


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
- أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
- معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية ...
- البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني ...
- الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات ...
- الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن ...
- وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ ...
- قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟ ...
- أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن الشامي - تقرير التحول الديمقراطي في مصر عام 2011