أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - التدليل الزائد














المزيد.....


التدليل الزائد


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3711 - 2012 / 4 / 28 - 16:36
المحور: المجتمع المدني
    


في المدرسة الابتدائية القريبة من بيتنا .. هنالك تلميذة صغيرة في الصف الثاني ، تجلُبها والدتها يومياً ، ثم تأتي لإصطحابها عند نهاية الدوام ... علماً ان منزل التلميذة لايبعد سوى مئة وخمسين متراً عن المدرسة ، والطالبة الصغيرة في صحةٍ جيدة ولا تشكو من شئ ، وان مئات التلاميذ الآخرين من نفس المحلة وبنفس الأعمار ، يتمشون ذهاباً وأياباً الى المدرسة مع أقرانهم ... لكن لأن التلميذة ، هي وحيدة أبَوَيها ، فأنها مُدّلَلة بشكلٍ مُبالَغ فيه .. بل ان والدتها ، قالتَ مرةً للمُديرة بينَ الجد والهزل ، ان زوجها هّددها بأنه سوف يقتلها إذا حدثَ مكروهٌ للطِفلة !!... ولهذا فأن الأم تحرص على مصاحبة إبنتها ولا تترك يدها الصغيرة ، إلا في حديقة المدرسة . ليسَ غريباً ان تكون تصرُفات الطفلة المسكينة ، لاتشبه تصرفات الأطفال الآخرين .. حيث انها تعودتْ مُعاملة خّاصة في كُل شئ في البيت ، وأبوَيها لايتركونها أبداً ، تختلط وحدها في المحلة مع أطفال الجيران أو تلعب معهم .. وعّودوها أن كُل ما يخطر في بالها ، سوف يتحقق ! .. وفوق ذلك ان مُستواها ضعيف ، مُقارنة مع معظم الطلبة الآخرين ... أتسألُ هنا : هل أن والِدَي هذه الطفلة البريئة ، يُفيدونها حقاً بهذه المُعاملة ؟ هل سيخلقون منها ، فتاة متوازنة وإمرأة قوية ، بهذا النوع من التربية ؟ ... أعتقدُ ، أنهم يؤذونها بطريقةٍ غير مُباشرة ، ويجعلون منها ، مهزوزة الثقة بنفسها ، إتكالية ، ضعيفة الشخصية ! .
أحد أقربائي .. كانتْ والدته تضع في جيبه عشرة دنانير " في منتصف السبعينيات " وكان حينها في الروضة ! .. علماً ان راتب المعلم لم يكن حينها ، يتجاوز الأربعين دينار شهرياً .. أتذكر ، ان مُعلمته جاءت مع الولد ، في نهاية الدوام .. وقالتْ لوالدته : أنها بهذا التصرُف ، تُفسد الطفل ، وتهين المدرسة والمعلمين ! .. طبعاً ، الأم إستاءتْ في قرارة نفسها ، من المعلمة ، ولم تستوعب الدرس ... وأعتقد ان جزءاً مهما من السلبيات التي يتصف بها ، قريبي هذا ، اليوم بعد أن أصبح رجُلاً.. هي من تداعيات ، هذا النوع من التعامل الخاطئ ، والتدليل الزائد في الصِغَر .
أنا نفسي ، لم أسلَم من هذه الظاهرة بدرجةٍ مُعينة ، لاسيما في فترة الطفولة .. وأعتقد ان هنالك الكثير من الامثلة المُشابهة في مجتمعنا .. حيث انني كُنتً الأصغر بين 11 من الأشقاء والشقيقات .. وفوق ذلك والأهم .. جئتُ بعد نصف درزنٍ من البنات ! .. وتلك من أبرز نواقص وسلبيات مجتمعنا .. حيثُ يُعامَل الولد مُعاملة مُختلفة عن البنت ، وتُوّفَر له مُستلزمات أفضل .. وحتى أحياناَ تكون حصته من الطعام أحسن ! ... ناهيك ، عن ان البنت تُعاقَب وتُعّنَف ، على أبسط الأشياء الطفولية الصغيرة .. بينما الولد الذي في عمرها او يصغرها .. لايُحاسبه احدٌ على ذلك ! .. حين اُفّكِر اليوم .. بِكَم الإزعاجات التي تّسببتُ فيها لشقيقاتي وأشقائي .. و " الإمتيازات " التي كنتُ أحصلُ عليها .. لمُجرَد كوني الأصغر عمراً بينهم جميعا .. ولكوني ولداً .. أخجلُ من نفسي حقاً .. لكنني ألوم والدِيّ .. الذَين دللاني بصورةٍ مُبالغة وخاطئة ، في الصغر ، تماشياً مع الأعراف والتقاليد المجتمعية البالية والبائسة ... " أعترفُ ان جزءاً من سلبياتي وطبائعي السيئة ، سببها تراكمات التدليل في فترة الطفولة والشباب المٌبكر .. التي لم أفلح في التخلُص من ترسباتها " .
ما يُعّزيني الى حَدٍ ما ... أنني لم اُدّلِل أي من أبنائي وبناتي الستة .. وعلى درب جعلهم رجالا ونساءاً ناجحين في الحياة ، إنسانيين ، صادقين ، معتمدين على انفسهم .. أخشى انني كنتُ وما أزال ، قاسياً بعض الشئ معهم .. لكنني أتوقع أنهم سوف يشكرونني بعد سنواتٍ ، على هذه " القسوة " !.



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مِن نكد الدُنيا علينا
- قوانيننا وقوانينهم
- الوضع العراقي : خمسة على خمسة !
- أمريكي .. يتحّدث مع نفسهِ
- وطنٌ مِنْ زُجاج
- أقليم كردستان : تغّيرات مُحتَمَلة في المشهد السياسي
- الى صديقي الإيزيدي : أعتذرُ منك وأطلبُ الصفح
- الكُتل السياسية .. والحساب بِدِقة
- بينَ زَمَنَين
- في الموصل ... خارطة سياسية جديدة
- الأمريكي ... الصديق المُحايِد
- حرب المخدات في بغداد في 27/4
- قبلَ عشرين سنة ... واليوم
- حكومة جديدة في أقليم كردستان
- تبقى رائحة النفط .. كريهة !
- الدوائر الامنية في العراق
- وأخيراً .. القَبض على - أيهم السامرائي - !
- المَجد للحزب الشيوعي العراقي
- قِمّة بغداد .. ذكورية بإمتياز
- تتشّرَفُ بغداد بك .. يا مُنصف المرزوقي !


المزيد.....




- إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و ...
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال ...
- مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - التدليل الزائد