|
نقد العقل السلفى
أمين حافظ السعدنى
الحوار المتمدن-العدد: 3711 - 2012 / 4 / 28 - 00:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لأسباب تتأرجح بين العوامل السياسية والاقتصادية، وكنتيجة لكثير من الإخفاقات والهزائم التى ألمت بالوجدان العربى المعاصر؛ فإن حالة من السيولة العقلية والتشوش الذهنى قد حاقت ببعض التوجهات الفكرية العربية، وأدت إلى جرها إلى الخلف، وتحويل نظرها إلى الوراء فيما يشبه الردة الثقافية، أو قل إن شئت (التقدم إلى الخلف) على ما فى العبارة من مغالطة لفظية مقصودة.
فنحن نشهد فى الفكر العربى المعاصر نزوعا ارتداديا، لاجترار أفكار الماضى واستحضار رموزه، وتضخيم مآثره، وتكريسها كمرجعية أولى وربما وحيدة، بشكل يشى بحالة من الإفلاس الفكرى، الذى يعد استجلاب القديم وإلباسه ثوبا عصريا من أبرز تجلياته، وكأن مستقبلنا مرهون بالنظر إليه من الماضى، أو أن العقل العربى لا يمكن أن يفكر إلا انطلاقا من (أصل) أو بتوجيه منه، أصل يحمل سلطة السلف إما فى لفظه أو فى معناه، وبآلية فى تحصيل المعرفة – ولا أقول فى إنتاجها – قائمة على مبدأ المماثلة أو المقاربة أو التجويز، كقانون شبه عام يرتكز على منهجية مأمونة هى (السلفية).
والسلفية - كما هو واضح من منطوقها – ليست مذهبا فكريا فى ذاتها، ولا تدور فى فلك معرفى نسقى محدد، له خارطة طريق علمية، وإنما هى طريقة أو منهج للتفكير من الوراء، يمكن تسميته بالمنهج الإنتكاسى أو الارتجاعى أو الارتدادى، وهو منهج تحتم وجوده حالة الشلل الإبداعى التى تصيب عقل أمة فى مرحلة تاريخية حضارية معينة؛ فيصبح التماس الماضى والتوسل بمخزونه الفكرى مخرجا اضطراريا للخروج من المأزق العقلى الراهن؛ ذلك أن العلاقة بين الحالتين عكسية تماما ؛ فكلما استشرى العقم الإبداعى وأفل نجم السرديات المواكبة لحركة العصر والمسايرة لاتجاه التاريخ؛ كلما ازدهر المنهج الارتدادى كآلية بديلة للبحث عن الذات فى أصول قديمة.
وعلى هذا النحو فإن السلفية هى لحمة هذه المنهجية وسداها فهى من أبرز الأعراض لمرض التكلس الفكرى الذى يوقف العقل عند مجموعة من أصول مغلقة على نفسها عقديا وحضاريا، و يرى فى الخروج عن سلطة القديم مروقا عن الأصل، وفى محاولة تجاوزه هتكا لأستار المقدس، باعتبار أن السلفية والأصولية صنوان بشكل أو بآخر، يتبادلان الاعتماد على بعضهما فى الغاية، ويتناوبان الدور فى جعل سلطة الماضى هى صاحبة القدح المعلى بين كل الأسس المرجعية. ولا شك أن الأصولية فى جملة الاتجاه الماضوى مفعول به، كتراث فكرى عتيق مضى زمانه، وأصبح لا حول لأفكاره ولا قوة إلا بمحاولة السلفيين نفخ الروح فى مواتها، وهنا تكون السلفية هى الفعل والفاعل فى جملة الماضوية، التى تمارس بها وعن طريقها عملية التعاطى مع النص القديم وتدين له بالولاء المطلق. بعبارة موجزة، يمكن القول أن الأصل أو النص القديم أو الموروث الأثير هو الهدف أو الغاية، بينما الاتجاه السلفى هو طريقة أو منهج أو أداة الوصول (أو الرجوع) إلي تلك الغاية، التى يراها أتباع ذلك النهج أصل الأصول.
والواقع أن (الأصولية) ليست حكرا على زمن معين ولا ديانة بعينها ولا شعب دون غيره؛ فهى تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ، وتتبدى ملامح ممارساتها فى اليهودية والمسيحية والإسلام، وفى كثير من الملل والنحل والأيديولوجيات، وتختلف تجلياتها العقدية باختلاف البنية الحضارية للأمم والشعوب، ومدى عمق الأزمة التى تدفعها إلى استجداء التاريخ والتعويل على أمثولاته. وربما كان قمع الأديان أو محاولة تأويل ثوابت نصوصها بشكل غرضى، يأتى على رأس الأسباب التى ساهمت فى تنامى الفكر الأصولى بصفة عامة، فاليهود يؤمنون بأصل التوراة ويختلفون حول تفاصيلها، والبروتستانت يؤمنون بالمسيح مثل الكاثوليك وليس لهم كتاب إلا الإنجيل، ولكنهم يختلفون عن الكاثوليك فيما عدا ذلك، والمسلمون لا يختلفون على أصل القرآن ولا على كثير من السنة النبوية، إلا أن الاختلاف فى تخريج الأصول من الفروع وإعمال القياس والاجتهاد، هو ما أدى إلى اختلافهم فرقا ومذاهب وجماعات. وعلى الرغم من عولمة الأصولية (إن صح التعبير) فإن جانبها الإسلامى العربى عموما، وتفريخه للاتجاه السلفى فى مصر على وجه الخصوص، لهو بيت القصيد فى مقالى هذا.
لقد كنت عازما فى الأصل على عنونة هذا المقال بعنوان زاعق هو (بدعة الأصولية) كتسمية مضادة لفلسفة الأصولية، ونهجها شبه التكفيرى لكثير من مستحدثات العصر، ولكنى تذكرت كتاب الدكتور/ زكى نجيب محمود (خرافة الميتافيزيقا) الذى أصدره فى منتصف القرن العشرين، منتقدا فيه – بشكل علمى - بعض منهجيات التفكير الفلسفى، ويبدو أن عنوان الكتاب قد جاء صادما للبعض، فأثار عاصفة شديدة من النقد، اختلطت فيها الفلسفة بالدين، ونحى فيها العلم جانبا، مما جعل الرجل يعيد نشر كتابه فى الطبعات اللاحقة تحت عنوان آخر هو (موقف من الميتافيزيقا) فوعيت أنا الدرس. وعلى الرغم من قناعاتى العلمية المجردة بأن الأصوليين يبتدعون للفكر بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، حينما يحاولون وقف العقل على العيش تحت أقبية الماضى، وحبسه فى سراديب التاريخ، وهى بدعة يناقضون بها نهجهم فى تحريم – ولا أقول تكفير – الابتداع، فأزعم أن قولى ببدعة الأصولية فى هذا الشأن لم يكن ليجافى الحقيقة، فليس أكثر سوءا فى الابتداع من الدعوة إلى تعطيل العقل وعرقلة بل و تكبيل ملكاته، وهى مخالفة صريحة لأوامر الله فى التعقل والتدبر والتبصر والتفكر والاعتبار، فضلا عن أنها تجىء من ألد خصوم ومناهضى الابتداع. غير أنه إيثارا للسلامة وتجنبا لمظنة المهاجمة أو حتى التحيز، فقد آثرت أن يكون عنوان مقالى أكثر نعومة وأقل وطأة (نقد العقل السلفى) وأظننى بذلك لا أبتدع، بل سرت على درب مدرستهم فى التقليد أو المحاكاة، وجاء تقليدى لأناس من أبناء جلدة تخصصى (الفلسفى أصلا) ثم السياسى فرعا، فقد وضع كانط من قبل (نقد العقل الخالص) ووضع كذلك (نقد العقل العملى) ووضع سارتر (نقد العقل الجدلى) ومن المفكرين العرب وعلى نفس الشاكلة، وضع محمد عابد الجابرى (نقد العقل العربى) كل ذلك فى سياقات تحليلية فاحصة لمسارات العقل، وكاشفة لمناحى الشطط والمغالاة فى اتجاهاته، وعلى ذات الدرب سأحاول المسير.
وإذا بدأنا بالأصل اللغوى لكلمة سلفية، نجد أنها مشتقة من كلمة ( سلف ) بفتح السين واللام، ويكشف عنها معجميا فى مادة (س ل ف) وتعنى – كما جاء فى لسان العرب – ما مضى وانقضى، وسلف الرجل هم آباؤه المتقدمون، ومفردها سالف، وهو كل من تقدمك من آبائك وذوى قرابتك فى السن أو الفضل. أما كلمة ( السلف الصالح ) فيقصد بها - اصطلاحيا - المسلمون الأوائل من الصحابة والتابعين وتابعى التابعين، الذين عاشوا فى القرون الثلاثة الأولى للإسلام، والذين أثنى عليهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى قوله: (خير الناس قرنى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتى بعد ذلك أناس يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويكون فيهم الكذب) صححه الألبانى. ويستثنى جمهور أهل السنة من ذلك بعض الفرق، مثل الخوارج والشيعة والمعتزلة والقدرية والجهمية وغيرها. والمذهب أو المعتقد السلفى هو ماكان عليه هؤلاء الصحابة وأتباعهم فى تلك الفترة ممن شهد له بالإمامة وعظم شأنه فى الدين، وتلقى الناس فكره خلفا عن سلف، ومن هؤلاء: الأئمة الأربعة المعروفون، وسفيان الثورى، والليث بن سعد، وابن المبارك، وإبراهيم النخعى، والبخارى، ومسلم، وكل أصحاب السنن. أما السلفيون، فهم الذين يعتقدون معتقد هذا السلف الصالح، وينتهجون نهجه فى فهم وتطبيق القرآن والسنة.
وترجع بداية السلفية إلى القرن الثالث الهجرى، كمدرسة للحديث والأثر برزت تحت قيادة أحمد بن حنبل لمواجهة المعتزلة فى العصر العباسى، حيث كان مفكرو المعتزلة ينتهجون نهجا عقليا خالصا فى قراءة النصوص وتأويلها، مسلحين بأصول منطقية ذات أصل إغريقى، عن طريق ما ترجم من اليونانية القديمة إلى العربية آنذاك، فرأى أهل الحديث فى هذه المناهج العقلية خطرا يهدد صفاء الإسلام ونقاءه، وينذر بتفكك الأمة وانهيارها. وقد تسبب ذلك فى محنة ابن حنبل المشهورة، فقد تم سجنه وتعذيبه والتنكيل بأتباعه من جانب ولاة أمر السلطة السياسية الحاكمة ، إلى أن تولى الخليفة المتوكل أمر الخلافة، فأطلق سراحه، وانتصر لمنهجه ومعتقده. ثم انتشرت الحنبلية إبان القرن الرابع الهجرى، واتخذت طريقتها الظاهرية فى فهم النصوص كمنهج رسمى للدولة العباسية فى عهد الخليفة القادر بالله، بناء على منشور (العقيدة القادرية) الذى كتبه الخليفة، وأخذ عليه توقيع العلماء والفقهاء، وأمر بتلاوته فى المساجد يوم الجمعة.
ثم شهدت السلفية انحسارا ملحوظا، شعبيا وسياسيا، بعد انقسام الفقهاء والمحدثين المسلمين إلى حنابلة وأشعريين، وقد قوى جانب الأشاعرة لفترة من الزمن واشتد عود مذهبهم، وتبنى بعض الحكام والأمراء فلسفتهم، إلى أن ظهر تقى الدين أحمد بن تيمية فى القرن السابع بالتزامن مع سقوط بغداد عاصمة الدولة العباسية على أيدى التتار، فعمل ابن تيمية خلال هذه المحنة وبدافع منها على إحياء المذهب السلفى، وشن حملة ضارية على من اعتبرهم مبتدعين، داعيا إلى التمسك بمذهب السلف، من أجل الخروج من نفق الأزمة وتحقيق النهضة المنشودة، وقد أثرت دعوته فى كثير من الأوساط الإسلامية آنئذ، واستجاب لها بعض أقرانه وطلابه مثل المزى والذهبى وابن القيم وغيرهم. ثم شهدت السلفية انحسارا مرة أخرى، ولكن لفترة طويلة هذه المرة، إذ لم تعاود الظهور إلا فى القرن الثامن عشر الميلادى (الثانى عشر من الهجرة) متمثلة فى دعوة محمد بن عبد الوهاب فى الجزيرة العربية، والتى واكبت عصر انحطاط دولة الخلافة العثمانية وصعود الاستعمار الغربى. وقد أثرت الوهابية – كمرجعية للسلفية المحدثة - على معظم الأقطار العربية، وأثارت لغطا مذهبيا كبيرا بين مؤيديها ومعارضيها منذ ذلك الحين ، خصوصا بعد ما عرف من تحالفاتها المشبوهة مع آل سعود، فى صفقة تسهيل وتمرير وتبرير سيادة الأسرة السعودية على الحجاز، مقابل إطلاق يد الوهابية فى نشر دعوتها، وكف يدها عن العمل السياسى.
فقد تحالف محمد بن سعود ، حاكم منطقة الدرعية والمؤسس الأول للدولة السعودية فى أواخر القرن الثامن عشر، مع محمد بن عبد الوهاب، الراعى الرئيسى للاتجاه السلفى آنذاك، تحالفا وجد فيه ابن سعود أن فى دعوة ابن عبد الوهاب غطاء شرعيا، يمكن من خلاله تحقيق حلمه بالسيطرة على الجزيرة العربية، فيكون حاكمها الأوحد، وقد كان. فبموجب هذا الاتفاق أغار ابن سعود بتوجيه من ابن عبد الوهاب على كثير من العرب، بدعوى أنهم مشركون كمشركى الجاهلية الأولى، فقتلوا من قبائل المنطقة أعدادا كبيرة، ونهبوا إبلهم وأغنامهم وأمتعتهم، وغزوا الطائف ومكة والمدينة ، وزحفوا إلى كربلاء وقتلوا أغلب أهلها فى الأسواق والبيوت، وكذلك فعلوا بالنجف والبصرة وعمان والكويت وغيرها من الحواضر العربية، واستولوا خلال ذلك على كل ما وقعت عليه أيديهم ،وقد دانت لهم معظم أقاليم شبه الجزيرة، وظل الأمر هكذا إلى أن أرسل محمد على والى مصر سنة 1812 – بإيعاز من الخليفة العثمانى – جيشا جرارا بقيادة ابنه إبراهيم، فقضى على الوهابية، ولاذ ابن سعود بالفرار، وبقى الجزء الذى سيطر عليه إبراهيم تحت السيادة المصرية، حتى تراجعت مصر عنه فى أواخر عهد محمد على، بعد الحرب بينه وبين العثمانيين، والتى انتهت بهزيمته رغم اقترابه من الأستانة، بسبب التدخل الأوربى لصالح الخلافة العثمانية، خشية امتداد نفوذ محمد على إلى القارة الأوربية وتوغل الجيش المصرى فى أوربا، أى والله ...! وفى بدايات القرن العشرين، استطاع عبد العزيز بن سعود من تأسيس الدولة السعودية الثانية وأعلنها مملكة، وتمكنت الوهابية مرة أخرى من تنظيمٍ نفسها وترتيب صفوفها.
وقد غلب على فكر وممارسات السلفيين الوهابيين بصفة عامة طابع العنف والتشدد فى الدين، وإلباسه ثوبا سياسيا، بشكل جعل البعض يطلق عليهم اسم (خوارج العصر). فمنذ نشأة الحركة وسهام النقد تنهال عليها من كل اتجاه ومذهب ومدرسة، ذلك أنهم أفرطوا فى تضليل وتفجير وتكفير كل من خالفهم الرأى والرؤية، فقد كفروا الشيعة الإمامية، وكثيرا من رجال الصوفية، وتعرضوا لأئمة وعلماء السنة بالتخطئة والتبديع، مثل ما فعلوا مع: الشوكانى، والشاطبى، والنووى، والسيوطى، والرازى، والباقلانى، والغزالى، وابن حجر الهيتمى، وابن حجر العسقلانى، وتاج الدين السبكى، ومن المتأخرين: محمد متولى الشعراوى، ومحمد الغزالى، ومحمد على الصابونى ...إلخ . وقد قاموا بتزوير بعض أمهات الكتب فى التراث الإسلامى، عندما قاموا بحذف وتغيير ما يخالف منهجهم فيها، مثل ما فعلوا بكتاب (الأذكار) للنووى ، وحاشية ابن عابدين الحنفى، وحاشية الصاوى على تفسير الجلالين، وحذف الجزء العاشر من كتاب (الفتاوى) لابن تيمية، وهو الجزء الخاص بالتصوف، الذى يمقتونه مقتهم للزندقة.
لذلك فقد شن علماء السنة على السلفية الوهابية حملة انتقادات بدأت مع بداياتهم، ولا تزال ضارية حتى اليوم، وكان على رأس منتقديها: سليمان بن عبد الوهاب الحنبلى، وهو شقيق محمد بن عبد الوهاب، وذلك فى كتابه (الصواعق الإلهية فى الرد على الوهابية) وأحمد زينى دحلان، مفتى المالكية فى مكة، فى كتابيه (فتنة الوهابية) و (الدرر السنية فى الرد على الوهابية) والصاوى المالكى، صاحب (الحاشية على تفسير الجلالين) ويوسف الرفاعى، فى كتابه (نصيحة لإخواننا علماء نجد) ومحمد سعيد البوطى، فى كتابه ( السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامى) بالإضافة إلى علماء آخرين كثر من مشايخ الأزهر والزيتونة والقرويين.
أما ثالثة الأسافى – كما يقولون – فهى نزعة الهمجية السلوكية، والتى لا غرابة فيها، لكونها التعبير العملى عن مخزونهم الفكرى، فكل امرىء سجين خبرته العقلية، ومن ثم فكل سلوك هو تفريغ أو توقيع للبناء الفوقى (العقل) على البناء التحتى (أرض الواقع) فما عسانا ننتظر من عقيدة تم نشرها بل إرغام الناس عليها بحد السيف، إلا أن يقوم دعاتها بالتخريب المجتمعى الممنهج؟ فدعك من أنهم لا يجادلون إلا بالتى هى أسوأ، وأنهم يستخدمون العصا فى الأمر بالمعروف، وهو ما يجعل النفس البشرية تتوق إلى مقارفة المنكر، ودعك من أنهم يحرمون كثيرا من المناسبات والاحتفاليات التى رسخت فى ضمير الأعراف والتقاليد الاجتماعية، و دعك من تركهم لعظائم الأساسيات وكبريات الأصول، وانشغالهم بتوافه الفرعيات والتفاصيل التى يكثر حولها الخلاف دون أن يفسد للود قضية، دعك من كل هذا، وانظر معى إلى القتل العمدى لشواهد التاريخ واغتيال الحضارة: لقد قاموا بهدم مكان ولادة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بمكة، وبيت الصحابى أبى أيوب الأنصارى، ومرقد الزبير بن العوام بالبصرة، وبستان سلمان الفارسى الذى كانت فيه نخلة كان النبى قد غرسها بيده، وردموا بئر العين الزرقاء، وبئر أريس (بئر الخاتم) ودكوا القباب والأضرحة وقبور الصحابة، فعلوا ذلك بلا تردد، ودون أن ترتجف لهم يد، على ما كان يمثله كل هذا من قيمة تاريخية وأثرية للمسلمين وغير المسلمين لا تقدر بثمن، فعلوا ذلك خشية الردة أو الافتتان. فهل يا ترى كان المسلمون يفكرون فى عبادة نخلة سلمان الفارسى؟! ثم هب أنهم كانوا بهذه الهشاشة الإيمانية، أسيكون مجديا معهم ردم الآبار وهدم الأضرحة؟!
لكل ما سبق عاش الفكر الوهابى فى جدلية صراع لم تنته ولن تنتهى، والواقع أن الصراع بين الوهابيين وأعداء حركتهم، وبين الوهابيين المتشددين وآل سعود، وبين آل سعود وخصومهم من القبائل التى كانت تنازعهم الحكم والسيطرة، كل ذلك قد حال دون انتشار الوهابية خارج حدود الجزيرة العربية لفترة طويلة، إلا أنها استطاعت بعد ذلك التوغل داخل أقطار عربية كثيرة، وكان لاكتشاف النفط فى المملكة واستقطاب العمل فى مجالاته لكثير من الطامحين إلى ريالاته ودولاراته، دور لا يستهان به فى تصدير هذه المنظومة الفكرية إلى خارج السعودية، ومن ثم أصبح للسلفية الوهابية داخل الأقطار التى صدرت إليها مندوبون ووكلاء حصريون، وكانت مصر - بطبيعة الحال - من أوائل الدول التى تسللت إليها هذه السلفية.
وكانت البداية بتمكن الوهابيين من استقطاب محب الدين الخطيب، الذى هرب من الشام إلى مصر خوفا من بطش العثمانيين، الذين اتهموه بالانضمام إلى جمعية (تركيا الفتاة) المناهضة للخلافة العثمانية، وقام الخطيب بتأسيس المطبعة السلفية ومكتبتها بمنطقة الروضة بالقاهرة، والتى تولت طباعة كتب ابن حنبل وابن تيمية وابن القيم، وغيرهم ممن تتماشى مؤلفاتهم مع الخط الوهابى. ثم تمكنت الوهابية من اجتذاب أحد رجالات الأزهر وهو الشيخ محمد حامد الفقى، الذى قام بتنظيم أول قاعدة وهابية منظمة فى مصر، وهى (جماعة أنصار السنة) التى كانت تدعوا للوهابيين من فوق المنابر، والتى أصدرت مجلة (الهدى النبوى) والتى تغير اسمها عام 1926 إلى (التوحيد) ولا زالت تصدر حتى اليوم. وفى العصر الملكى امتد التغلغل الوهابى إلى كثير من الأزهريين وبعض المثقفين، وألقى بظلاله على شباب حركة الإخوان المسلمين، الذين تشربوا مع كتابات (الإمام حسن البنا) كتابات أبى الأعلى المودودى وسيد قطب وغيرهم. وبعد ثورة 1952 توقف نشاط جماعة أنصار السنة بعد انقلاب عبد الناصر على الإخوان المسلمين إثر حادث المنشية 1956، وازداد العداء للمنبع السعودى للوهابية. ثم جاء السادات متبنيا فى هذا الشأن خطا معاكسا للاتجاه الناصرى؛ إذ فتح الباب على مصراعيه للمد الوهابى، كقوة ضاغطة على الاتجاهات اليسارية والقومية التى كانت تناصبه ويناصبها العداء، حيث تصور أن تنامى هذه الجماعات وإطلاق يدها وفكرها قد يطيل عمر سلطته، فإذا بهم يقتلوه. أما مبارك ، فلم يكن يعر السلفيين بالا من الأساس، وما كان ينبغى له؛ لأن الاتجاه السلفى دونا عن غيره من كل الفصائل الدينية فى مصر كان داجنا، فلم يكن يشكل خطرا سياسيا على النظام السياسى فى مصر مبارك، بل كثيرا ما استفاد نظام مبارك من هذا التدجين فى توطيد أركانه، وشرعنة سطوته، ومباركة جبروته.
لقد عاش التيار السلفى فى مصر طوال كل تاريخه تقريبا، قابعا فى المساجد قبوع القواقع فى أصدافها، مؤمنا بأن ساحة عمله (لا تستحب) إلا بين جدرانها، وأن إعمال فكره (لا يجوز) إلا بين صفحات كتب الفقهاء القدامى والمحدثين، وأن نشاطه (لا يحل) إلا بالعيش فى أضابير الماضى، والتدثر بغطاء السلف، والتشرنق داخل أفكار القرون الثلاثة الأولى للإسلام، كأردية تقي السلفيين شر الاجتهاد العقلى، وتجنبهم مزالق التجديد، ومغبة الاستنارة، ومخاطر التحديث، وذلك إعمالا لنقيصة اعتقادية وسلوكية شنعاء، مفادها (هذا ما وجدنا عليه آباءنا الأولون) ولعمرى ما عصى الله بأبشع من هذه القالة. وعاش السلفيون فى خلافات لا تنتهى حول أمور قد لا ترقى فى حكمها الشرعى إلى مستوى المندوبات، وتاه فى هذا الزحام ما كان يجب الاعتصام به، من حكمة التدرج وفقه الأولويات وفقه المقاصد والمصالح المرسلة، إلى غير ذلك من فرائض كنا أحوج ما نكون إلى إحيائها وتدبرها، لو كنا حريصين على الانتماء لمنهج السلف الصالح ٍالحقيقى، الذى استطاع توظيف فقه الواقع وتفعيله فى سياقه التاريخى المعاش. ولم يكن أجدر بهذه المهمة من المنهج السلفى (الصحيح) لأنه الذى يملك عصمة المرجع ، وينطلق من ثوابت وأصول راسخة، شكلتها آيات الوحى وأحاديثه، وجعلت منه الأصل المعصوم الذى لا يقبل الاحتواء المذهبى، ولا الإلغاز العقلى أو المحو التاريخى. كنا فى حاجة إلى سلفيين يعيدون صياغة الواقع وضبطه على القواعد الكلية لعلم أصول الفقه، أكثر من حاجتنا لمنغمسين إلى أذقانهم فى الفروع، يحللون – بناء عليها – ويحرمون، ويزندقون ويفجرون ويفسقون، بناء على نصوص يحفظونها ولا يفقهون لها فى الغالب دلالة ولا فلسفة.
إن تقزم أمتنا الإسلامية ورخاوتها بين الأمم، ليس كامنا فى عملقة الغير وصلابته، بقدر ما هو متمثل فى وهن الأنا وخور الذات، ومن ثم فإن قابليتنا شبه الإرادية للخروج من دائرة التاريخ تحتاج إلى عصف فكرى، يكشف عن الأسباب البينة والمسكوت عنها لاستعدادنا الفاضح لأن نحيا على هامش العصر، وأن نغرد منفردين خارج مسارات الزمن، راضين أن تنعق فى أوديتنا الفكرية كل غربان التخريب، وتضحك من جهلنا أمم كنا نعدها من المتخلفين، ونطلق عليها – تعاليا منا – اسم الأعاجم أو العلوج. فهل مشكلة المسلم العربى فى القرن الحادى والعشرين، والذى يتصور السلفيون أنهم حراس دينه وحماة عقيدته، يمكن اختزالها فى النقاشات العقيمة حول طول الجلباب، وهندسة اللحى والشوارب، وفقه دخول الخلاء، وأيديولوجية السواك، ومذهبية أوراد الصباح والمساء، وفلسفة الحجاب والنقاب، إلى غير ذلك من سفسطات فرعية سقيمة، أهدرت من وقتنا وجهدنا ما كان يمكن أن نسابق به الأمم فنسبقها؟. إن وقت المسلم أثمن من أن تلتهمه هذه الترهات وهذه السفاسف الهامشية التى لا تنتج قمحا ولا تصنع طائرة، بل تضيع بسببها أولويات هى من لوازم العصر ومقتضياته الحيوية، العصر الذى غيبنا الخدر الفكرى عن واقعه الحى المنظور والملموس، ففقدنا الإحساس بنبضه، واستمرأنا العيش داخل كهوف الماضى، نجتر منه ما عفا عليه الدهر وأصبح من مخلفات التاريخ.
أفلا يعلم المتفيقهون أن فقه الأولويات مقدم من الناحية الشرعية على ما يشغلون به أنفسهم من أساطير أنزلوها منازل التقديس؟ وأن التشدد والغلو والتنطع فى الفرعيات يأتى على حساب التساهل والتهاون والترخص فى فقه الأولويات؟ وكلا الأمرين – التشدد فى الفروع والتساهل فى الأصول – مذموم شرعا. أضف إلى ذلك أن خطر المغالين فى الدين أشد على الدين نفسه من خطر المفرطين فيه؛ ذلك أن المغالين يتدينون بحماس شديد وعلم قليل، فيحسن الناس الظن بهم، وقد يجعلون من الدين ما ليس فيه، ومع تكاثر الأتباع وحسن الظن بالمتبوع، يقع الناس –بحسن نية – فى المحظور. ثم إن التيسير على المسلمين فى أوقات معينة وفى أمور معينة مطلب شرعى له الأولوية على التشدد، من باب فقه الواقع وجريا على الروح العامة لجوهر الإسلام (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (وما جعل عليكم فى الدين من حرج) (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وكان (صلى الله عليه وسلم) يوصى الدعاة بقوله (بشروا ولا تنفروا، يسروا ولا تعسروا، إنما بعثتم مبشرين لا منفرين) وقال (إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى) وقال (لن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه) وقال (هلك المتنطعون، هلك المتنطعون) إلى غير ذلك مما يذخر به جوهر الإسلام من وسطية واعتدال وصفاء ونقاء وبهاء، لا يدع فى النفس البشرية مكانا لذعر أو تجهم أو عبوس أو اكفهرار، وحاشا للإسلامٍ أن يكون باعثا على الحزن. عاش السلفيون فى مصر داخل هذا الحجر الفكرى، إلى أن اندلعت ثورة يناير2011 فكانت بمثابة العاصفة التى أزالت ركام سنوات التقوقع، والانزواء القصدى عن تيارات الشارع السياسى وتقلبات أفكار المحدثين من ليبراليين وعلمانيين وغيرهم من (الدنيويين) فانفجر مع هذه الثورة بركان سلفى هادر، حيرت أعاصيره عقول المفكرين والباحثين وكل المحللين السياسيين. لقد خرج السلفيون إلى السطح واستنشقوا هواء الثورة، غير أنهم خرجوا مسلحين بكتبهم القديمة، مرتدين نفس عباءتهم الفكرية العتيقة ، فانفجروا مع الثورة، ولكن زلزال الثورة لم يحرك فى تصوراتهم ساكنا ولم يستطع هز أفكارهم. والحق أن السلفيين - قديمهم وحديثهم – يتميزون بعاطفة إيمانية جياشة وحس دينى متأجج، غير أنهم يفتقرون إجمالا إلى الرؤية السياسية، فبضاعتهم الإستراتيجية مزجاة، وسوقهم الأيديولوجية كاسدة، ولعل انعدام كلمة (ثورة) فى أدبياتهم التقليدية، وخلو قاموسهم العقدى من مفردات الديمقراطية، والدولة المدنية، والمواطنة، وحقوق الإنسان، وما على شاكلة هذه التعبيرات، هو الذى أفقرهم بشدة إلى الرشد السياسى، وورط بعض كهنتهم فى تقحم القرن الحادى والعشرين بمفردات القرن الأول الهجرى، عندما أطلق على نتيجة الاستفتاء الدستورى اسم (غزوة الصناديق) وورط البعض الآخر فى بعثرة الثورة عن طريق جرها إلى مسارات جانبية كادت أن تقل بركتها، مثل إحراق الكنائس، وإجلاء الاستعمار المسيحى عن أختنا عبير وأختنا كاميليا، واحتلال عدد من المساجد التابعة لوزارة الأوقاف، إلى غير ذلك من ممارسات جعلتهم محل الاتهام الأول فى كل الحوادث ذات البعد الطائفى، وهو ما كان يشكل خطرا جسيما على إمكانية نجاح الثورة.
ومن عقيدة التحريم وفلسفة المهادنة، قفز السلفيون فجأة وبدون سابق إنذار إلى براجماتية المزاحمة، فأولئك الذين كانوا إلى الأمس القريب يحرمون الخروج على الحاكم، ويرون أن الانتخابات رجس من عمل الديمقراطية؛ فإنهم سرعان ما انقلبوا على عقيدتهم، وأسسوا حزبا سياسيا فى غضون أيام، يوحى اسمه بأنه سيضىء ظلمة الحياة السياسية فى مصر، واندفعوا – فرادى وجماعات - إلى التبشير بمبادئه، وقد ساعد انحطاط مستوى الوعى السياسى لدى غالبية الشعب، واقتصاره على الفئة التى تدعى عبثا أنها الصفوة، وتدنى المستوى الاقتصادى والتعليمى لحوالى 40% من جملة أفراده، وتراخى مؤسسة الأزهر وتراجع دورها الإرشادى المفترض أنه القيم على العقيدة، وحالة الاحتراب الفكرى التى أوصلت كل الفصائل والأطياف إلى حرب أهلية باردة، ساعد كل ذلك على حصول السلفية على أكثر مقاعد البرلمان بغرفتيه (الشعب والشورى) بعد حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لأبناء عمومتهم فى المذهبية (الإخوان المسلمون) وقد تجلت حالة المراهقة السياسية لأدائهم النيابى منذ اليوم الأول الذى أدوا فيه القسم البرلمانى (بما لا يخالف شرع الله).
وفى ظل نشوة هذا النصر الانتخابى الذى لم يكن يتوقعه حتى الذين أحرزوه، ولم يكن بوسع العرافين أن يتكهنوا به، صار الدجل السياسى هو العلامة البارزة للممارسات الكارثية للسلفية، فبينما تصور البعض أنهم قد يتطرقون إلى مشكلات ناءت بحملها الأمة لسنوات، ورزحت تحت نيرها لعقود، منها: الفقر والبطالة والتعليم والصحة والزراعة والصناعة والطاقة والأمن المائى وتنمية سيناء والصعيد والظهير الصحراوى، ومشكلات تتعلق بالأمن القومى والعلاقات الخارجية ...إلخ، فإن أحد أعضاء حزب الأصالة (وهو حزب شقيق رضاعة لحزب النور) قد أقام الدنيا ولم يقعدها برفعه أذان العصر تحت قبة البرلمان أثناء قيام أعضائه بممارسة وظيفتهم النيابية، ناسيا أو متناسيا وفى الغالب جاهلا بمقولة الإمام مالك لابن عبد الحكم، حين قام من مجلس علمه لأداء فريضة الظهر: يا هذا، ما الذى قمت منه بأقل مما قمت إليه لو صدقت النية. ثم يشمر آخر عن ساعد الجد، بعد أن فكر وقدر، فقتل كيف قدر، وأفتى متطوعا بأن آفة هذه الأمة هى تعلمها للغة الإنجليزية، وقد قال صلى الله عليه وسلم (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم) وكان (السلف الصالح) يزن الترجمة بالذهب، ولم يدر بخلد (الأخ) أن من كبريات آفاتنا العلمية عدم تعلمنا للغات الأجنبية. فإذا أضفنا إلى ذلك مسألة الانشغال المفرط بموضوع المواقع الإباحية، والاهتمام المرضى بزى المرأة ومظهرها وعوار خروجها وعملها، واعتبارها بالجملة عورة اجتماعية، لشككنا فى أن الثورة قد قامت أساسا لتحقيق أهداف جنسية ...! أفلا يستحضر كل ذلك فى أذهاننا حديث رسول الله(صلى الله عليه وسلم) الذى قال فيه (سيأتى على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها المصدوق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال الرجل التافه يتكلم فى أمر العامة).
وأخيرا، فإن مقالى هذا لم يكن سوى مجرد استرعاء انتباه لبنية العقل السلفى، ولم أقترب فيه من الشق الحركى أو الجهادى لهذا الفصيل، أو ما يطلق عليه اسم (الإسلام السياسى) وتجليات ممارساته فى مصر والجزائر والسودان وأفغانستان وباكستان وغيرها، كذلك لم أتعرض فيه لعلاقة السلفية الجهادية بتنظيم القاعدة، وكل بؤر الإرهاب المتفرعة من هذا التنظيم والتى تعمل تحت وصايته، فربما أضطلع بعمل ذلك لو قدر لهذا المقال أن يتحول إلى كتاب.
#أمين_حافظ_السعدنى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
بزشكيان:العلاقات الطيبة بين البلدان الاسلامية تحبط مؤامرات ا
...
-
“ارسمي الفرحة على وجه البيبي الصغير” استقبل حالا تردد قناة ط
...
-
الرئيس بزشكيان: على الدول الاسلامي التعاون ووضع الخلافات جان
...
-
هل أحاديث النبي محمد عن الجيش المصري صحيحة؟.. الإفتاء ترد
-
المكتبة الخُتَنيّة.. دار للعلم والفقه بالمسجد الأقصى
-
“خلي أطفالك مبسوطين” شغّل المحتوي الخاص بالأولاد علي تردد قن
...
-
قوات جيش الاحتلال تقتحم مدينة سلفيت في الضفة الغربية
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|