|
فتوى الشيخ عبدالله الداخل برجال الدين!
عبدالله الداخل
الحوار المتمدن-العدد: 3710 - 2012 / 4 / 27 - 20:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إذا أسفرت العملية الديمقراطية وكل الأحاديث الجميلة التي نسمعها عن الديمقراطية عن قيام "مجلس" منبثق عن تلك العملية بـ"انتخاب" رجل دين لرئاسة مجتمعٍ ما، فمعنى هذا ان الديمقراطية في ذلك المجتمع ليست بخير! مريضة بكل تأكيد! لماذا؟ لأن رجل الدين ينبغي أن يكون مستشاراً دينياً لمجلس لا يضم رجال دين (لاستشارته فيما يتعلق بشؤون الدين فقط)، مجلس مدني غير ديني يتولى رئاسة الكوميُـنِـتي، لا أن يتولاها رجل دين! مجلس ذو مسؤولية جَمْعية ويتخذ كافة قراراته بالاجماع بعيداً عن تأثيرات رجال الدين التقليديين، لأن هذه الرئاسة يجب ألا تـُعهَد إلى فرد، ولا الى رجل دين بكل تأكيد.
لكن إذا كان "لا بُـدَّ" من "انتخاب" رجل دين كمسؤول من نوع ما فربما يكون مفيداً جداً للمجتمع التعرف على رأي كاتب غير متديّن (مثلي) وأن نعرف أن رجل الدين، أي دين، هو في الحقيقة أحد إثنين:
إما أن يكون أميناً أو أن يكون غير أمين!
إما أن يكون زاهداً حقيقياً، أو كاذباً حقيقياً.
فليس هنالك في كل العالم رجل دين وسط !
ليس ثمة رجل دين أمين لكنه يؤمن بنصف "وصايا الله"! ناهيكم عن عصيانها جميعاً!
ليس من رجل دين يؤمن بنصف الله! بل يبدو عملياً وسلوكياً ان هناك رجال دين متأكدون جداً من عدم وجود الله!
وإلاّ لماذا عندما يقول الله للإنسان البسيط: لا تقتل، لا تسرق، لا تزن ِ، لا تش ِ، لا ترتش، ولاءات ناهية أخرى غفيرة العدد، تجد رجال دين من مختلف الأديان يقتلون ويسرقون ويزنون ويشون ويرتشون ويكونون عملاء وجواسيس وقتلة ويقومون بكل ما تنهى السماءُ عنه؟!
فرجل الدين إما أن يكون مؤمناً بتعاليم دينه فعلاً، أو لا يكون مؤمناً بشيءٍ منها بالمرة، أبداً وعلى الاطلاق!
رجل الدين الأمين يكون قليل الكلام (أو الكتابة) إلاّ بما تقتضيه الضرورة، وأحياناً الضرورة القصوى، وإذا تكلم أو كتب فستجد أنك أمام رجل صادق، بل تستطيع أن تلمس صدقه لمس اليد، فهو مستقيم في جميع أعماله وأقواله دون استثناء، إلاّ في حالات الخطأ غير المقصود وهذا نادر، كما أنه يمتاز بالحكمة، بالاضافة الى عمله الجاد مع الكومْـيُـنِتي ومن أجل الكومينتي، مهما كان اتجاه قادة الكومينتي المنتخـَبين، فتجده منهمكاً في الأعمال الانسانية، الأعمال التي تعود بالخير على المجموعة البشرية التي ينتمي لها، كقضايا اللاجئين، لا أن يعمل ضد هذه المنظمة أو تلك بأساليب خبيثة أو ملتوية، ولا يستغل مثل هذه القضايا لأغراض الإثراء الشخصي أو الكسب السياسي البائس بالتفاهم مع المشبوهين من خلف ظهر المجتمع، ولا يقوم بالدعاية المستقلة والكاذبة من أجل أهدافه الفردية.
ولا تجده يعمل ضد المنظمات المنتخبة من قبل مجتمعه.
كما أنك لا تجده ثرياً، إلاّ في الإرث. فمن أين يأتي رجل الدين الثري بثرائه في بيئة الغاب ومجتمع الثعالب والذئاب؟ من أين؟
ولا يكون رجل الدين المؤمن عصبياً! لماذا يكون عصبياً؟ لم لا يمتاز بالهدوء إنْ كان مؤمناً؟ ألا توصي الأديان جميعاً بالصبر؟ لذا ترى رجل الدين المؤمن حافظاً للوصايا التي تتصف بالديمقراطية والتي تقول بالتريث واحترام الآخرين والاستماع الى كل ذي رأي.
رجل الدين الصادق في ايمانه لا يكذب. ولا يطبـّل لأعماله، ولا يتحدث عما قام به من أعمال نافعة في الماضي، ناهيكم عن تأملات المستقبل ووعوده!
رجل الدين الصادق يكون رجل دين وليس رجل أعمال. * والسبب بسيط: ان رجل الأعمال تضطره كثيرٌ من الظروف المالية أو النفسية وغيرها إلى قول غير الحقيقة، أو الى كثير من السلوك الذي يتنافى مع أول وأبسط وأوضح التعاليم الدينية.
رجل الدين المؤمن بتعاليم دينه لا يسرق من مجتمعه، ولا يسرق من مجموعة صغيرة، ولا يسرق من فرد واحد، ولا فلس واحد، ولا ذرة من أية مادة، بأي شكل، لأن السرقة هي جريمة واحدة، كبيرة كانت أم صغيرة، رغم أن الجريمة قد تكون أكبر كلما كبرت الجهة المجنى عليها.
رجل الدين المؤمن لا يستغل مركزه (إنْ مُنِحَ هذا المركز) لعقد الصفقات التجارية من وراء ظهر الكومينتي، أو التفكير في خلق صفقات مشبوهة، صفقات تؤول إليه هو أولاً بالربح الشخصي على حساب الكومينتي.
ورجل الدين المخلص لا يفكر باستغلال مكانته الدينية أو الرسمية من أجل الاساءة الى غيره، مهما كان، وبأي شكل من الاشكال.
رجل الدين المؤمن بتعاليم دينه لا يحاول شق وحدة مجموعته وتخريب مثلها الاجتماعية أو الوطنية (نعم، الوطنية)، وهو يعلم حق العلم أنه إنما يرتكب خطأ ًاجتماعياً ودينياً وسياسياً (مجافاة الديمقراطية) وأخلاقياً وتربوياً وتأريخياً.
ورجل الدين الأمين لا يمكن أن يعقد اتفاقاً من أي نوع، تحريرياً أو شفوياً أو ضمنياً، مع أية جهة من أي نوع أو بأية مسؤولية دون الاتفاق مع الكوميونتي التي تأتمنه على مستقبلها ومصيرها.
رجل الدين الأمين ذو الأخلاق الحميدة لا يشتم غيره، ناهيك عن شتم أفضل الناس وأفضل قادة مجتمعه، ولا يردد شتائم غيره أو يباركها، ولا مرة واحدة ناهيك عن عدة مرات، كما نرى ونسمع!
رجل الدين الحريص يساهم بتواضع مع منظمات مجتمعه في تطويرها وتطوير العمل ومواجهة المشاكل الكبيرة التي تعترض الكومينتي، لا أن يزيد المشاكل ويضاعف المصاعب وذلك بإجراء تحالفات من وراء الكواليس ضد مجتمعه في بلده وضد مجتمعه الكبير وضد وطنه.
رجل الدين الأمين يحاول كسب احترام رجال الدين الآخرين له وذلك باحترامهم وليس بترويعهم أو ازعاجهم أو الاساءة الى شخصياتهم بتزوير تواقيعهم (على سبيل المثال لا الحصر!)
رجل الدين الأمين في عمله لا يعمل له "شلـّة"، أو مجموعة أو عصابة من الرجال من أمثاله أو المخدوعين به وبمعسول كلامه.
ولا يكون سياسياً متأثراً بشكل من الاشكال بدعاية أي حزب سياسي، أو بكلام أصدقائه من أعضاء أي حزب، خاصة إذا كان هذا الحزب يمينياً أو فاشياً أو عميلاً للأجنبي قد ارتكب أكبر وأغرب وأحط أنواع الجرائم في كل تاريخ وطنه.
رجل الدين الأمين لا يحاول أن يقوم بعمليات الابتزاز المشينة، بل لا يمكن ان تخطر في باله بأي شكل، ضد أي شخص كان ومن أي مستوى، أما اذا مارس هذا الابتزاز ضد أي كان وفي أي مستوى، في وطنه أو مجموعته، فإنه إنما يمارس إحدى أنواع الجرائم التي يعاقب عليها القانون بشدة وبلا أية رحمة.
رجل الدين الأمين يكون رقيق القلب مع كل الناس، خاصة أعضاء مجتمعه، وبشكل أخص أولئك الذين يحتاجون مساعدته كرجل دين بأن يمد يده للم شتاتهم، لا أن يحرّض الآخرين على إبعاد بعض أعضاء المجتمع بخشونة، بل يحاول إيجاد التفسيرات من كتب الدين والتراث منطلقاً من إنسانيته ومن تقاليد حضارية وإنسانية يمارسها عالمُنا، حيث يجب أن يكون هدفه لم الشمل وتقوية العائلة وتعزيز روابط المجتمع، وليس تطبيق العكس بالتسقيط والتحريم والتكفير واعتبار بعض أفراد المجتمع النافعين جداً، بل مَن هم في قمة مجتمعه، مارقين، أو، ربما، كإصابات يجب أن تـُترَك على قارعة الطريق. رجل الدين الأمين لا يكون بهذه النذالة، وعندما لا يكون نذلاً فهو لا يكون أحمقاً فإن نـُبله وكرمَه سيجعلانه مفكراً فيحاول التوفيق بين الضرورات والمتطلبات الانسانية والحضارية في مجتمعه وعالمه وبين بعض التعاليم الدينية التي تبدو متعارضة مع تلك المتطلبات فيحاول أنْ يفهم أنّ هذا التعارض هو في الحقيقة ليس بسبب تلك المتطلبات لأن التعاليم الدينية نفسها، إنْ كانت قد نزلتْ من إلسماء ولم تكن قد طوّرها البشر في ظروف متباينة، كانت قد جاءت بسبب متطلبات تأريخية سابقة لظهور الدين ولمجيء تلك التعاليم ومشابهة للمتطلبات الجديدة في وظيفتها، أليس كذلك؟! لذا تكون القسوة مرافقة للنذالة، والتحجر صنوّاً للتعصب وكلها وليدة الجهل، وكلها هشة وسهلة الكسر أمام العلم الحديث والقيم الانسانية الحديثة.
رجل الدين الأمين لا يقوم بتهديد أحد، خاصة ضد أفراد مجتمعه، أو قادة مجتمعه المنتخـَبين ديمقراطياً، أو اي فرد من أي مستوى.
رجل الدين الأمين لا يحمل سلاحاً ولا ينبغي أن يكون قد سبق له وأن حمل سلاحاً أو تظاهر بحمل السلاح في أية ظروف ولأي غرض، وإلاّ فإن صفة "رجل دين" ستزول عنه.
وأخيراً كلمة لا بد منها لرجال الدين الشرقيين في المهجر:
السلطات الغربية لا تراقب الأفراد كما تفعل سلطات الشرق أحياناً، ومنع الجرائم العادية لا يتم بالتجسس على المجتمع بل بأنواع ودرجات من التحذير، وربما التوجيه، وبأنواع من التربية، لذا فالفرد الذي يرتكب جريمة من نوع ما سوف تنزل عليه السلطات مثل طن من الطابوق كما يقولون وذلك لجعله (كقولنا بالعربية) "عبرة لمن يعتبر"، فهذا النوع من العقوبات له ميزات طبقية وتأريخية، فهو "أرخص" طريقة لتعليم "النظام". لذا فرجل الدين الذي يبدو مرشحاً لارتكاب جريمة من نوع ما، "خفيفة" كانت أم "ثقيلة"، سوف لا ينفعه دينـُه عند إلقاء القبض عليه، كما سوف لا يفيده بأي شكل توسلـُه الى كل الآلهة والملائكة بإنقاذه. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *مرة أخرى: كثيرٌ من التعاليم الدينية النبيلة ينتهكها كبار رجال الأعمال، وكثيرٌ من رجال الدين، فالدين يقول: لا تسرقْ، لا تخزُنْ، لا تش ِ، لا ترتش ِ، لا تزْن ِ، لا تغتـَبْ، لا تكذبْ.
ولو توقع الدين عند نشوئه ان يكون هناك رجال أعمال هم كتاب، أيضاً، كتابٌ كاذبون، لأضاف: لا تكتبْ! فالأديان في جذورها الأولى، الأساسية، كانت ضد الاستغلال والانحراف والجريمة بأنواعها والسلوك الأعوج والخداع.
#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كامل الشوك
-
مقدمة جدية في تحليل جذور شخصية ابراهيم عرب - 2
-
ملاحظات في اللغة - 2
-
ملاحظات في اللغة -1-
-
مقدمة جدية في تحليل جذور شخصية ابراهيم عرب
-
الدين والجنون - 4 المدينة - 2
-
هل صحيح أن الخطر على القطيع يأتي منه وليس من الذئاب حوله؟
-
مختارات من -الوصايا-
-
أسماك الزينة - إلى كتّاب الإنترنت
-
لماذا وقعت زوجة القس في حب ملحد (قصة مملة!)
-
مقدمة في -سودونية- أحمد شوقي
-
ملاحظات في العلمزيف 2 Notes on Pseudoscience
-
القصيدة
-
أربع كلمات غير قابلة للقراءة
-
ملاحظات في العلمزيف Notes on Pseudoscience
-
التفتيش
-
الدين والجنون 3- زفاف الغراب - نسخة عادية للإستهلاك المحلي
-
-قدر- الشعب العربي
-
ومَضاتٌ في ظلام الذاكرة
-
الدجل في نقد الدجل
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|