أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - قالت: الحمد لله كلنا مسلمون














المزيد.....


قالت: الحمد لله كلنا مسلمون


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3709 - 2012 / 4 / 26 - 18:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عبارة عابرة قالتها سيدة مغربية لا أعرفها، سوى أن الصدفة جمعت بينها بمعية سيدتين أخريين وسيدين معهن، كلهم من المغرب، جمعتهم الصدفة معي وزوجتي أثناء جولة بحرية سياحية في باخرة على طاولة واحدة، ذلك أثناء سفرة سياحية لي وزوجتي لأسبوع إلى إسطنبول.
كانت المجموعة تتكلم فيما بينها تارة بالفرنسية وأخرى باللهجة المغربية، التي كان يصعب علينا فهم كل عباراتها، وحيث سمعتنا إحدى السيدات أنا وزوجتي نتكلم العربية بالهجة العراقية فيما بيننا، ابتسمت وأرادت أن تعرف من أين نحن، فأجابت زوجتي بأنها من إيران وأنا (زوجها) من العراق، فجاء جواب تلك السيدة بعبارة غريبة، ألا هي «الحمد لله، كلنا مسلمون». لا أدري فيما إذا كانت ستقول: «الحمد لله، كلنا مسلمون»، في حال عرفت أننا كلانا من العراق، إذ لا أستبعد أنها كانت ستحب أن تعرف منا ما إذا كنا سنة أم شيعة، كعادة الكثيرين من العرب، عندما يتعرفون على عراقي، وعندما يقول لهم «لا فرق نحن مسلمون»، سيعلمون منه أنه شيعي بالضرورة، لأن هذا هو جواب غالبية الشيعة العراقيين عندما يواجهون هذا السؤال، دون أن أستبعد أن بعض السنة يجيبون بمثله. أرجع إلى رد هذه السيدة، ولماذا أعتبره غريبا. أقول ماذا لو كنت من مسيحيي العراق، أو لو كنت صابئيا أو إيزيديا أو بهائيا أو يهوديا؟ أو لو كنت مسلما بالولادة مرتدا عن الإسلام باعتناق الإلحاد أو الإلهية اللادينية؟ ألا تعني هذه العبارة «الحمد لله، كلنا مسلمون» في نفس الوقت «الحمد لله، أننا لسنا مسيحيين» أو ما سواهم؟ ألا يعتبر هذا إهانة لأتباع الدينات الأخرى، لأن ما يستوجب شكر الله عليه من نعمة كون الإنسان مسلما، يعني بالضرورة أن غير المسلم محروم من نعمة تكريم الله إياه بنعمة الإسلام؟ ربما قالتها لأنها احتملت أننا من الشيعة، لكون زوجتي إيرانية، مما يستبعد عندها أن يكون زوجها من السنة، وكأنها تريد أن تقول «الحمد لله، كلنا نحن السنة وأنتم الشيعة مسلمون»، ولو إني لا أنتمي منذ 2007 لا إلى التشيع ولا إلى التسنن. ثم لو كانت قد قالت: «لا فرق، كلنا عرب» في حال قلنا أننا من العراق، وهذا متوقع جدا صدوره من أشخاص من منطقة الشعوب الناطقة بالعربية؛ أقول ألا يعلم هؤلاء إن بين هذه الشعوب أتباع قوميات أخرى كالكرد والتركمان والآشوريين عندنا في العراق مثلا، والبربر في الجزائر، والأمازيغ في ليبيا، والأرمن في أكثر من دولة عربية، وغيرهم؟ ماذا كان شعوري لو كنت كرديا، ويقول لي أحد الأشخاص من دولة عربية أخرى: «الحمد لله، كلنا عرب»؟ أفلا يمثل هذا نظرة دونية لغير العرب؟ أسيبقى المسلمون يفكرون أنهم «خير أمة أخرجت للناس»، وهل سيبقى العرب يفكرون أنهم سادة الشعوب، أو لا أقل أن قوميتهم هي سيدة القوميات في الدول الناطقة بالعربية؟ طبعا ليس العرب - ولا أعني التعمي - وحدهم مصابون بداء الاستعلاء القومي، فهكذا هم أيضا أكثر الفرس، والأتراك، بل وحتى الكرد. الغريب في الأمر أن هذه السيدة لم تبدُ عليها أيٌ من علامات التدين، ناهيك عن أن تكون إسلامية، فهي ليست فقط غير محجبة، كما يفترض بها لو كانت إسلامية، بل كانت ترتدي لباسا متحررا، مما يدل على الأرجح حتى على أنها ليست ملتزمة دينيا أصلا. فما الذي دعاها إذن أن تقول تلك العبارة؟ وإذا كانت مثل هذه السيدة ذات المظهر الأورپي تفكر بهذه الطريقة، فكيف يفكر المتدينون المتشددون في تدينهم، ثم كيف سيفكرون إذا كانوا إسلاميين؟ أسنبقى نريد أن نعرف عن الإنسان الذي نتعرف عليه ما إذا كان مسلما أو غير مسلم، بل ما إذا كان سنيا أو شيعيا، أو ما إذا كان عربيا أو من قومية أخرى، أو ما إذا كان مواطنا أصيلا أو قد نزح آباءه من بلد آخر مجاور أو بعيد؟ متى نقيّم الناس بالمعايير الإنسانية؟ متى يكون عقل الإنسان، أخلاقه، كفاءاته، إنسانيته، عقلانيته، خبراته، هي المهمة عندنا، وليس كونه من هذا أو ذاك الدين، من هذا أو ذاك المذهب، من هذه أو تلك القومية، من هذه أو تلك العشيرة، من هذا أو ذلك الأصل والمُنحدَر؟
نحن العلمانيين الحداثويين، سواء كنا ليبراليين أو يساريين، ندعو فيما يتعلق بالعراق إلى اعتماد المواطنة بالدرجة الأولى والأساس، بل أقول يجب أن تُعتمَد المواطنة أي (العراقية) حصرا عندما نمارس السياسة، وتبقى هوياتنا التفصيلية الصغيرة فيما عدى السياسة من ميادين الحياة الخاصة. لكن حتى عراقيتنا - كما مصرية المصريين وتونسية التونسيين - تتحول إلى صنم، وثن، إله، دين، إيديولوجيا، عصبية، إذا لم تنتم إلى الفضاء الأوسع للإنسانية، فعراقيتنا التي نؤكدها لا ينبغي أن تكون أكثر من تجسيد انتماءنا للمواطنة الكونية، من حيث النظر للعراق والعراقوية كمقطع مصغر لا أكثر لكوكب الأرض، موطننا الأكبر.
26/04/2012



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رئيس وزرائنا يعلن حربه الفكرية ضدنا نحن العلمانيين
- سيبقى العراق وطنا بلا عيد وطني
- الربيع العربي ومدى قدرته على إنتاج عملية ديمقراطية 2/2
- الربيع العربي ومدى قدرته على إنتاج عملية ديمقراطية 1/2
- الديمقراطية والإسلام .. متنافيان – إجابة على تعليقات القراء
- إجاباتي على أسئلة الحوار المتمدن
- الديمقراطية والإسلام .. متعايشان أم متنافيان 2/2
- الديمقراطية والإسلام .. متعايشان أم متنافيان 1/2
- لماذا تضامن العراق (الديمقراطي) مع ديكتاتوريات المنطقة
- دعوة تشكيل الأقاليم ما لها وما عليها
- هادي المهدي القتيل المنتصر
- الشرقية تسيء إليّ مرة أخرى بإظهاري محاضرا دينيا في تسجيل قدي ...
- حول التيار الديمقراطي العراقي مع رزكار عقراوي والمحاورين
- ليكن التنافس حصرا بين العلمانية والإسلام السياسي
- علاوي - المالكي - جزار التاجي - الخزاعي - ساحة التحرير
- عملية التحول الديكتاتوري والشباب الأربعة وهناء أدورد وساحة ا ...
- حكومتنا تتقن فن تصعيد غضبنا إلى السقف الأعلى
- ضياء الشكرجي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الإسلامي ...
- مصانع الإرهاب: الفقر، الجهل، الدين
- سنبقى خارج الإنسانية طالما لم نتفاعل إلا سنيا أو شيعيا


المزيد.....




- خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز ...
- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - قالت: الحمد لله كلنا مسلمون