|
ملف المتغيرات في تركيب الطبقة العاملة.
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 3709 - 2012 / 4 / 26 - 21:12
المحور:
ملف - المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة ودورها، والعلاقة مع الأحزاب اليسارية - - بمناسبة 1 ايار- ماي عيد العمال العالمي 2012
* لاشك أن الثورة العلمية التكنولوجية احدثت متغيرات في تركيب الطبقة العاملة، فاذا كانت الثورة الصناعية الأولي استندت علي طاقة البخار، والثورة الصناعية الثانية اعتمدت علي النفط والكهرباء ، فالثورة الصناعية الثالثة ارتبطت بالطاقة النووية والاتمتة والالكترونيك وثورة الاتصالات( الموبايل، الانترنت،..). واصبحت الاكتشافات العلمية تجد طريقها السريع للتطبيق بهدف تحقيق ارباح عالية للشركات الرأسمالية، وتطبيق العلم علي الانتاج ايضا بهدف الربح. كما اصبحت الدول الرأسمالية المتطورة تهتم بزيادة النفقات علي البحث العلمي، علي سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية بلغ الانفاق علي البحث العلمي 5 مليار دولار عام 1953م، ارتفع الرقم الي 12 مليار عام 1970 وهكذا دواليك. وارتفع عدد العلماء مع ارتباط العلم بالانتاج علي سبيل المثال في امريكا ارتفع عدد العلماء من 78 الف عام 1941م الي 500 الف عام 1970م. ودخلت الثورة العلمية التكنولوجية في سيرورة نمط الانتاج الرأسمالي الهادف الي تراكم رأس المال وتحقيق اعلي قدر من الارباح. مع تطور الثورة العلمية التكنلوجية زادت قوي العمل الماهرة التي تتطلب تدريبا وتعليما عاليا، كماهو واضح من زيادة عدد الطلاب في جامعات الدول الرأسمالية، وتوسعت فئات العلماء والمهندسين ومبرمجي الكمبيوتر والاقتصاديين وموظفي التسويق والمديرين...الخ، ورغم المرتبات العالية لهذه الفئات، الا أنها اصبحت تبيع قوة عملها الذهني وتتعرض للاستغلال الرأسمالي. وقوة العمل الماهرة هذه احدثت تطورا نوعيا في تركيب الطبقة العاملة من حيث زيادة التأهيل وتراكم المعارف الهائلة. كما أنها اضافت بعدا جديدا للطبقة العاملة، يسهم في نضال الطبقة العاملة ضد الاستغلال الرأسمالي. وحسب ماكان يشير ماركس أنه مع تطور ارتباط العلم بالانتاج الرأسمالي سوف يزداد وزن قوي العمل الماهرة التي تنال تدريبا وتعليما عاليا. وحسب تعريف ماركس أيضا لقوة العمل بأنها مجموع القدرات الذهنية والعضلية للعاملين، وبالتالي فأنه مع تطور الثورة العلمية والتحام العلم بالانتاج تزداد قوة العمل الماهرة التي تنتج فائض القيمة وتتعرض للاستغلال الرأسمالي. وبالتالي ، فان قوة العمل الماهرة احدثت متغيرات في تركيب الطبقة العاملة واضافت وعيا جديدا لها يستند علي العلم والمعرفة مما يساعد علي تسريع سقوط نمط الانتاج الرأسمالي. *يتفاوت تركيب الطبقة العاملة حسب تطورها العضوي والنوعي ودرجة مهارتها وتدريبها وتعليمها، ومهما يكن التناسب بين العاملين اليدويين والذهنيين الا أن مايوحد الطبقة العاملة هو نضالها من أجل تحسين اوضاعها المعيشية والاجتماعية والثقافية، وتحسين بيئة وشروط عملها، فهدف الرأسمالية تحقيق اكبر قدر من فائض القيمة المطلق من تمديد ساعات العمل، وفائض القيمة النسبي من زيادة التركيب العضوي لرأسمال المال بادخال العلم التكولوجيا وبالتالي زيادة قوي العمل الماهرة التي تتعرض لاستغلال ذهني أفظع من استغلال العاملين اليدويين. وبالتالي يتواصل نضال العاملين ضد الاستغلال الرأسمالي بدرجاته المتفاوتة والبطالة، وبالتالي، لايمكن الفصل الميكانيكي بين العاملين التقليديين والماهرين، فاختلاف درجات الاستغلال هو اختلاف مقدار. * فيما يختص بالثورات التي حدثت في المنطقة العربية( تونس، مصر،...الخ)، فانها قامت ضد انظمة ديكتاتورية شمولية صادرت كل الحقوق والحريات الأساسية وافقرت الغالبية العظمي من الكادحين، واصبحت قلة من الفئات الرأسمالية الطفيلية هي التي تحتكر السلطة والثروة اضافة الي الفساد غير المسبوق. وكانت هذه الأنظمة في حالة عداء مستمر للتنظيمات المستقلة للطبقة العاملة وصادرت حقها في التنظيم النقابي، من خلال قوانين للنقابات جعلت من النقابات تابعة للدولة وعلي رأسها قيادات ربطت نفسها بالسلطة الحاكمة لامصالح العاملين ، كما قمعت السلطة بعنف الأحزاب اليسارية. وبالتالي عندما قامت هذه الثورات لم تكن الطبقة العاملة في مستوي متقدم من التنظيم والوعي يجعلها في طليعة تلك الثورات. رغم ذلك فقد لعبت الطبقة العاملة دورا حاسما في التراكم النضالي اليومي من أجل تحسين اوضاعها المعيشية حتي لحظة الانفجار الشامل التي ادت الي سقوط تلك الأنظمة عندما دخلت في الاضراب السياسي العام والعصيان المدني الذي شل الحياة والانتاج مما عجل بسقوط تلك الأنظمة كما حدث في مصر ، وتونس..الخ. *للاحزاب الشيوعية واليسارية ارتباط يقوي ويضعف بالطبقة العاملة ومنظماتها ونقاباتها حسب ظروف المد والجذر في الاوضاع السياسية في كل بلد عربي. علي سبيل المثال ساهم الحزب الشيوعي السوداني في تأسيس نقابات العمال واتحاد نقابات عمال السودان الذي لعب دورا مهما في النضال من أجل قوانين ديمقراطية للنقابات واستقلالية الحركة النقابية وتحسين أوضاع العاملين المعيشية والثقافية، ولكن الأنظمة الديكتاتورية التي مرّت بها البلاد مثل ( نظام عيود، ونميري، والبشير ) صادرت حرية العمل النقابي واعدم النميري الشهيد الشفيع أحمد الشيخ سكرتير اتحاد عمال السودان، واصبحت النقابات تابعة للدولة كما في نظام الانقاذ الحالي، يتم فرض قيادات من المؤتمر الوطني الحاكم بالتزوير والقمع ومصادرة حرية وديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، عن طريق مايسمي ب"نقابة المنشأة".اضافة لتشريد الالاف من العاملين نتيجة لخصخصة السكة الحديد والنقل النهري، ومشروع الجزيرة، واغلاق عدد كبير من مصانع النسيج والزيوت وحتي المصانع الباقية تعمل بنسبة متدنية من طاقتها...الخ، كل ذلك كان له الأثر السلبي علي حركة الطبقة العاملة والحركة النقابية، حيث تم تشريد اعداد كبيرة من النقابيين المتمرسين وهجرتهم الي خارج السودان. وكلما ارتبطت الأحزاب الشيوعية بالطبقة العاملة ودفعت بقيادات عمالية في صفوفها ، كلما ساعد ذلك في تقوية نضال الطبقة العاملة وانتزاع نقابات عمالية مستقلة.
#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لابد من اعلاء صوت العقل وان طال السفر..
-
ضرورة وقف الحرب والعودة للتفاوض
-
السكرتير السياسي وبئس الاعلام الكاذب.
-
تجربة الاسلام السياسي في النهب وتركيز الثروة.
-
دلالات التشييع المهيب للاستاذ نقد
-
وداعا الاستاذ محمد ابراهيم نقد
-
كيف ارتبطت الماركسية بالواقع السوداني؟ (2).
-
حول التجربة الظلامية للاسلام السياسي.
-
المسكنات لاتجدي في حل الأزمة
-
آفاق المرأة العربية والحركة النسوية بعد الثورات العربية
-
وداعا الفنان محمد وردي( 1932- 2012م).
-
الأزمة ومخاطر تجدد الحرب مع دولة الجنوب.
-
حرب التكفير وخطر ايقاظ الفتنة النائمة
-
الأزمة العامة للرأسمالية ومراحل تطورها.
-
تجربة الصراع بين الحزب الشيوعي وانقلاب مايو 1969م
-
تفاقم أزمة النظام الرأسمالي
-
الأزمة الوطنية العامة: جذورها والبديل
-
كيف ارتبطت الماركسية بالواقع السوداني؟
-
الذكري ال 56 للاستقلال ومآل السودان.
-
ثم ماذا بعد مقتل د. خليل ابراهيم
المزيد.....
-
فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار
...
-
دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن
...
-
لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
-
لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
-
قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا
...
-
التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو
...
-
Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
-
اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
-
طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح
...
-
إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-
المزيد.....
-
هكذا تكلم محمد ابراهيم نقد
/ عادل الامين
المزيد.....
|