|
اميره عربيه تتخلى عن الدين وحياة القصور في سبيل الحب
تيسير خروب
كاتب وباحث
(Taiseer Khroob)
الحوار المتمدن-العدد: 1089 - 2005 / 1 / 25 - 12:11
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
امرأة شرقيه ولدت في اسرة عربيه حاكمه لمسقط وزنجبار في شرق افريقيا00لغز عامض ومحير لم يكشف النقاب عنه كثيرا لمعرفة اسراره وبيان كواشفه 00انها الاميره سالمه بنت سعيد بن سلطان احد سلاطين مسقط وزنجبار سلطان عمان (1804_1856) خرجت على تقاليد العائله والدين عندما تزوجت شابا المانيا من غير ديانتها كان يعمل في التجاره في زنجبار عاصمة ملك والدها لتهجر من اجله وطنها وحياة القصور والر فاهيه لتعيش في غربة عن حياتها وماضيها00خرجت من ديار الحشمة والوقار والعادات والتقاليد العربيه الى حياة التحرر الصاخبه حيث السفور والاختلاط المحرم00كان بلأمس اسمها في ديارها سالمه بنت سعيد واليوم في برلين اصبح اسمها اميلي روث نسبة الى زوجها وعائلته فلم تعد تعرف على المستوى الاوروبي التي عاشت في اوساطه الا بذلك الاسم 0 وقد كتبت سالمه مذكراتها (مذكرات اميره عربيه) وطبع الكتاب ونشر منذ ما يزيد على قرن في المانيا كرست فيه قصة حياتها ...حياة القصور والنعيم والجاه والسلطان وخبرت مراسيم القصر السلطاني وآدابه كما خبرت حياة النساء ومكائدهن ودسائس الرجال ومؤامراتهم حتى داخل العائله الحاكمه_عائلتها هي. لتكشف الجوانب الهامه عن الحياه السياسيه والاجتماعيه في زنجبار في عهد السلاطين العرب ..هذا البلد الذي ضل عربيا حتى عام 1964م ثم فقد من دائرة النفوذ العربي كما فقدنا فلسطين وبغداد فمؤسس هذا البيت الحاكم هو احمد بن سعيد البوسعيدي الذي توفي مخلفا عدة اولاد..حيث تولى الحكم من بعده ولده سعيد ولما مات آل الحكم الى اخيه سلطان الذي دام حكمه ما بين (1793_1804) حيث ازدهرت البلاد اقتصاديا وبنى اسطولا تجاريا وآخر عسكريا لحمايته. ولما توفي في معركة حربيه وهو يدافع عن البلاد استلم الحكم من بعده سعيد بن سلطان والد الاميره سالمه00حتى قيل عنه: لو قرع سعيد بن سلطان طبله في زنجبار لرقصت غابات افريقيا على ايقاعه واسرة البو سعيد من الازد القحطانيين جاؤوا من اليمن الى عمان ليختلطوا مع القبائل العدنانيه معتنقين المذهب الاباضي الذي من آرائه ضرورة وجود امام للجماعه يقودها ويهديها ويدافع عنها 00خصوصا وان منطقة عمان وزنجبار يهددها الغزو البرتغالي منذ بداية الاستعمار والذي انتهى بسيطرتهم على البلاد في الفتره الواقعه بين (1508_1688) لموقعها التجاري بين مصر وميناء عدن وبلاد الهند لتخضع آخر الامر الى السيطره البريطانيه وتقوم بعقد اتفاقيات صداقه تشمل نواحي مختلفه في خدمة التاج البريطاني مثل اتفاقية الشركه الشرقيه الهنديه واتفاقية عدم بيع اراضي وممتلكات في عمان وزنجبار لغير بريطانيا ومعاهدة منع الاتجار بالرقيق0 توفي سعيد بن سلطان عام 1856م فخلفه ولده ثويني حاكما في عمان وابنه ماجد في زنجبار ومن بعد ماجد اخيه برغش بن سعيد00 وفي بيت (الموتني) اقدم قصور السلطان في زنجبار ولدت سالمه بنت سعيد 00وفيه عاشت اسعد ايام طفولتها كما تقول هي في مذكراتها00حيث كانت مولعة بالأتيان بكل غريب من الاعمال شدت اليها اهتمام اهل القصر بأعمالها غير المألوفة لبنات جنسها كركوب الخيل والتدرب على استعمال السلاح والمبارزه وتعلم القرآءه والكتابه والتي كانت محرمه على البنات في ذلك العهد 00ومن كان يسعدها الحظ كان السلطان يعهد لمن يعلم بناته القرآءه ولكن دون الكتابه !!! وهذا ما يفسر تصرفاتها الغريبه وتكوين شخصيتها المتمرده التي دفعتها في النهايه الى هجر وطنها واهلها والعيش في بلاد الغربه0 مات والدها وهي في الثانيه عشره من عمرها ثم تلتها امها الشركسيه بعد بضع سنين00فحصلت تغييرات على حياة سالمه بفقدها والديها في وقت مبكر من شبابها الى جانب التغييرات التي رافقت طبيعة الحياه في القصر00فالنساء اصبحن ارامل مقيدات بسلطة الابناء بعد ان كن يمارسنا السلطه ويشاركنا بالحكم من خلال وجود السلطان الكبير والبنات اصبحن لا حول ولا قوة لهن بعد عيشة الاميرات المدللات00فمرت سالمه بأيام شاقه وصعبه كانت حافلة بالمكائد والتآمر والشجار والانحياز الى طرف ضد طرف آخر من ابناء السلطان المتنافسين على الحكم خصوصا المنازعات التي جرت بين ماجد وبرغش ابني السلطان الراحل والتي شاركت بها سالمه وانظمت الى صف برغش في الخصومه ضد اخيهم ماجد مما اوقعها في حبائل المؤآمرات التي فرضت عليها احيانا ان تشارك فعليا بالدسائس لتنتهي وحيدة يتربص بها الجميع ويكيل لها الاتهامات00مما جعلها آخر الامر تنشد الحياه والاستقرار والبحث عن ذاتها خارج اسوار القصر لتتعرف بعد ذلك على شاب الماني كان ممثلا لاحد المحال التجاريه الالمانيه في زنجبار لترتبط به بعلاقه محرمه وغريبه عن البيت الذي ولدت فيه والدين والعادات والتقاليد العربيه التي نشأت عليها00وسرعان ما كشف امرها ووصل الخبر الى القصر مما دفعها الى التصرف بسرعه وحزم امرها واختيار ما تريد ان تكون عليه00فأتخذت قرارها بالرحيل واعدت خطة سريه بمساعدة زوجة القنصل البريطاني في زنجبار0 ففي احدى الليالي نقلت الاميره سالمه وزوجة القنصل في زورق بقيادة الكابتن(باسلي) قبطان باخره حربيه والسفر الى عدن لتستظيفها عائلة اسبانيه بأنتظار خطيبها الالماني الذي بقي في زنجبار لتصفية اعماله التجاريه ومن ثم اللحاق بها0 وفي فترة الانتظار هذه تلقت سالمه بنت سعيد بن سلطان دروسها الاولى عن الدين المسيحي وما ان عاد خطيبها روث حتى تم تعميدها باسم ( اميلي روث) النصرانيه في احدى الكنائس في مدينة عدن وتلا ذلك مراسيم الزواج وفقا للشعائر والطقوس المسيحيه الانجليكانيه00لتسافر بعد ذلك مع زوجها الى هامبرغ حيث استقبلها اعضاء اسرة روث بترحاب حار0 وفي ديار الغربه تكيفت سالمه لتعيش حياة جديده ومعتقد جديد00وعاشت ثلاث سنوات حياه هانئه سعيده مع زوجها ليموت بعد ذلك في حادث قطار تاركا لها ثلاثة اطفال اصغرهم لم يتجاوز عمره 3 شهور لتبداء في حياتها محنتها الاولى حيث اصبحت وحيده في هذا العالم ليزيد فتور اهل زوجها معاناتها اكثر واكثر وتراجع الناس من حولها ومخاطبتها على انها اميره..عند هذا الحد فكرت بالعوده الى موطنها زنجبار في الوقت الذي كانت تطمع فيه بالعفو عنها من قبل اخيها السلطان ماجد الذي كان يرسل لها المال والهدايا لتكفيها العيش في اوروبا00وقبل ان تعقد العزم على الرجوع وتقوم بالتحضيرات اللازمه له يموت اخيها السلطان ماجد لتموت معه احلامها بالعوده لان السلطان الجديد (برغش) اخيها كان من الساخطين عليها ويكن لها الكره والعداء بسبب خروجها عن تقاليد العائله المسلمه و زواجها من رجل مسيحي0 وفي عام 1875م عندما علمت من الصحف ان اخيها السلطان برغش سوف يسافر الى لندن لعقد اتفاقيات بين الحكومه البريطانيه وبلاده انتهزت سالمه الفرصه وقررت السفر الى لندن للقاء اخيها وحل الخلاف بينهما خصوصا مشكلة ميراثها من والدها الراحل00فوصلت قبل وصول اخيها السلطان وطلبت من الحكومه البريطانيه مساعدتها في حل خلافاتها مع اخيها لكن الحكومه البريطانيه اتهمتها انها تريد افساد العلاقه بين بريطانيا وزنجبار لصالح المانيا منافستها في المنطقه وقيل بعد ذلك انها جندت كجاسوسه لصالح المانيا لتثني اخيها برغش عن اقامة علاقات صداقه مع بريطانيا والاتجاه الى المانيا كحليف قوي لتحل محل بريطانيا في زنجبار00لكن هذا التجنيد لم يتم الكشف عن مدى صحته لعدم نشر الوثائق السريه التي تثبت او تنفي صحة هذه التهمه 0 وفي عام 1885م رحلت سالمه مع ابنتيها وولدها بحماية حراسه بحريه المانيه الى زنجبار مرورا بالاسكندريه ثم عدن بعد ان لقبت رسميا بلقب الاميره او البرنسيسه وحازت على اهتمام الحكومه الالمانيه ورعايتها00وهذا ما يؤكد علاقتها بالحكومه الالمانيه وعملها لصالح الالمان00ام ان المانيا اتخذتهاذريعة لتعكر صفو العلاقه بين حاكم زنجبار والحكومه البريطانيه ليكون لالمانيا بعد ذلك موطيء قدم في الشرق الافريقي والسيطره على الموانيء والمنافذ البحريه الهامه عسكريا وتجاريا نزلت سالمه في موطنها بعد غربة طويله دامت عشرون عاما لكن السلطان بقي على رفضه بعدم مسامحة سالمه بل كان يوقع العقوبه بكل من يرافق موكبها او يفتح متجره لها في الاسواق وقام بمنع افراد الاسره الحاكمه _اهل سالمه من الاتصال بها والتحدث اليها اما هي فلم يكن يقدر السلطان على الحاق الاذى بها لانها كانت تحمل الجنسيه الالمانيه وتحت حماية البحريه الالمانيه 00ولما لم تجد ترحيبا بها عادت ثانية الى اوروبا0 اما ابنها الذي اسمته سعيد رودلف روث فقد الف كتابا بالانجليزيه عن جده السلطان سعيد بمساعدة والدته عام1929 ومن الطريف ان خليفه بن ثويني سلطان زنجبار السابق كان قد زار لندن عام 1920م فأقامت له الجمعيه الاسيويه حفل تكريم حيث القى في الحفل ابن عمته الالماني سعيد روث ابن سالمه محاضره قيمه عن تاريخ البو سعيد في عمان وزنجبار وقد زاره السلطان خليفه في بيته فأخرج له مخلفات والدته_ المكحله الفضيه والشال الاخضر وفناجين الذهب والخزف الصيني واشياء اخرى خاصه بوالدته وقدم له ايضا كتاب تحفة الاعيان في سيرة اهل عمان وعند هذا الحد تقف بنا سيرة حياة الاميره العربيه سالمه فلم نعد نعرف عن مصيرها شيئا او عن حياتها في اوروبا وعلاقتها بأهلها الا ما اشارت اليه الاخبار المتناثره هنا وهناك بين حين وآخر0
#تيسير_خروب (هاشتاغ)
Taiseer_Khroob#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القياده الفسطينيه .. ومرحلة السلام القادمه
-
امريكا وسياسة عقد الصفقات
-
تطور الحياه الدينيه عند العرب قبل الاسلام
-
كوبا000 آخر المعاقل الشيوعيه
-
القياده الفلسطينيه الجديده والخيارات الجديده
-
مساعدات امريكيه مشبوهه ومواقف عربيه اخرى مشبوهه في قضية تسون
...
-
التجربه الناصريه وتحدي الغرب
-
النزعات الفكريه في الفلسفه العربيه في العصر الوسيط
-
عرب اثرياء000ومسلمين فقراء00
-
المؤسسه العسكريه وتغير انظمة الحكم
-
السوبر مان الانجليزي00لورنس العرب
-
الدين والدوله في اسرائيل
-
الفكر الاسلامي والنظام الاقتصادي في صدر الدولة الاسلامية
-
الطغيان والشرق العربي
-
قرآءه في فكر طه حسين
-
الهويه اللبنانيه عبر التاريخ
-
فلسطين في الاعلام العربي
-
تركيا العلمانيه المسلمه والاتحاد الاوروبي
-
الولايات المتحده الامريكيه وقانون مناهظة الشيوعيه
-
عروبة المقاومه الفلسطينيه والتصدي لاسرائيل
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|