سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)
الحوار المتمدن-العدد: 3708 - 2012 / 4 / 25 - 16:14
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
العلاقة بين مرض السرطان وبعض العوامل النفسية والشخصية
حدثت إرهاصات مبكرة تؤكد العلاقة بين مرض السرطان والعوامل النفسية والشخصية ، حيث حاول بعض الباحثين إدراج السرطان ضمن الأمراض الجسمية التى تقوم الشخصية بدور مهم فى إحداثها ، وقد بدأت هذه المحاولات منذ أن أشار الطبيب الاغريقى " جالينوس " إلى أن احتمال إصابة المرأة الكئيبة بالسرطان يفوق احتمال إصابة المرأة المتفائلة بالمرض نفسه. ويؤكد "لاشمان" (Lashman, 1972) أنه منذ القرنين الماضيين أثبتت الملاحظات الأولية التى أجريت على مرضى السرطان ، أن هؤلاء المرضى كانت لديهم استجابات انفعالية سلبية من اكتئاب وحزن ويأس أو فقدان الأمل فى الفترة التى تسبق المرض ، وقد أشار " باجيت " منذ أكثر من قرن - أن الشعور بالقلق وخيبة الأمل يزداد بزيادة انتشار الورم السرطانى فى الجسم، وتبعه " سنو " (Snow 1893) بدراسته التى أجراها على مرضى سرطان الثدى ، وتبين له أن ما عايشه هؤلاء المرضى من أحداث أليمة ، هو ما أدى لهم إلى الاكتئاب والحزن وفقدان الأمل وبالتالى إلى إصابتهم بالسرطان . وقد أشار " فرويد " (Frued 1905) إلى ملاحظات مشابهة ، وتبعه " إيفان. " (Evans 1926)بدراسته التى أجراها على مائة من مرضى السرطان ، وتبين له أن فقدان العلاقات الحميمة ، هو ما أدى إلى إصابتهم بالسرطان . وقد أشار " فوك " ( Foque, 1931) إلى دور الاكتئاب وفقدان الأمل فى الإصابة بالسرطان .
الدراسات الحديثة للشخصية المستهدفة للإصابة بالسرطان
يعتبر " بيكون وزملاؤه " (Bacon et.al, 1952) أول من قدموا مفهوم " الشخصية السرطانية " Cancer Personality ، وقاموا بدراسة أجريت على أربعين امرأة مصابة بسرطان الثدى ، وتبين لهم أن أولئك المرضى يتصف سلوكهم بخصائص معينة منها : قمع الرغبة الجنسية أو كبتها ، وقمع الأمومة أو منعها ، وعدم القدرة على التعبير الانفعالى أثناء الغضب والعداوة أو حب العذاب ، والفشل فى حل الصراعات النفسية مع أحد الوالدين .
وفى دراسة أجراها (Leshan & Worthington 1955) على عينة من 152 من مرضى السرطان و 125 من الأفراد العاديين الذين لا يعانون من أى مرض عضوى ، تم تطبيق أحد الاختبارات الإسقاطية للشخصية. وقد أسفرت نتيجة الدراسة عن معاناة عينة مرضى السرطان من صعوبة التنفيس عن الغضب والعداوة وفقدان الاهتمام بالآخرين وفقدان العلاقات الحميمة وقلق الموت . ولكن نتائج مثل هذه الدراسات التى تعتمد على الطرق الإسقاطية تنقد بشدة نظرا لمشكلات كثيرة فى هذه الطرق.
وقام " ليشان " ( Leshan 1959) بدراسة على عينة من 80 مريضا بالسرطان ، اتضح أن هؤلاء المرضى يتسمون بسمات خاصة أهمها : انخفاض تقدير الذات واليأس والاكتئاب وكثرة الاستبطان والاستدماج أو الامتصاص والكبت أو الكظم وإنكار الذات .
وأجرى " كيسين " ( Kissen 1963) بحث على عينة قوامها 335 مريضا (161 مرضى سرطان الرئه ، 174 من المرضى المصابين بأمراض أقل خطورة من السرطان)، تم تطبيق استخبار مودسيلى للشخصية وقائمة إضطرابات سلوك الأطفال . وقد أسفرت نتائج الدراسة عن معاناه مرضى السرطان من قمع الغضب وانخفاض التعبير الانفعالى والبرود العاطفى .
وفى دراسة ( Coppen & Metcale, 1963) والتى أجريت على 47 امرأة مصابة بالسرطان ، استخدمت قائمة مودسلى للشخصية لقياس بعد الانبساط ، وكشفت نتائج الدراسة أن المصابات بسرطان الثدى كن أكثر انبساطا من المصابات بأورام سرطانية فى أجزاء أخرى من الجسم .
وأجريت دراسة مسحية تتبعية على مدى عشرة أعوام ( انظر : Hagnell 1966) على 2515 سيدة سويدية تم تصنيفهم إلى مجموعتين (المجموعة الاكثر إنبساطا ، والمجموعة الأقل انبساطا ) اعتمادا على مقياس الانبساط . وبعد مضى ما يقارب عشرة أعوام على هذا التصنيف، أظهرت نتائج الدراسة فروقا جوهرية بين المجموعتين فى الإصابة بمرض السرطان لصالح المجموعة الانبساطية .
كما توصل (Coppen & Metcalf, 1963) لنتائج مماثلة لتائج الدراسة السابقة ، حيث أجريت هذه الدراسة على مجموعتين المجموعة التحريبية وقوامها (74) مريض بالسرطان ومجموعة ضابطة قوامها (74) وباستخدام استخبار أيزنك للشخصية EPQ : كشفت نتائج الدراسة أن مجموعة مرضى السرطان كانت اكثر انبساطا من المجموعة الضابطة .
وقارن " لشمان " ( Lashman 1972) بين مجموعتين إحداهما من مرضى السرطان ، وأخرى من المصابين بأمراض مختلفة باستخدام اختبار إسقاطى . وقد كشفت النتائج أن مرضى السرطان قد مروا بأحداث اليمة ويعانون الاكتئاب واليأس وكبت مشاعر الكراهية وقلق الموت .
وفى دراسة " بيك " ( Peck 1972) على خمسين سيدة لديهن أورام بالثدى ، وتتراوح أعمارهن بين 40 - 60 عاما ، وبإستخدام مقابلة مقننه أظهرت نتائج الدراسة أن 49 مريضة تعانى من القلق ، و 37 مريضة تعانى من الاكتئاب ، و 25 مريضة تعانى من الغضب . كما أجريت دراسة ( Acte & Vauhkonen, 1971)على مائة مريض بالسرطان ، وأظهرت النتائج أن 85% من أفراد العينة يعانون من القلق والاكتئاب الحاد وذلك اعتمادا على مقابلة مقننة .
كما قام (Pauli & Schmid 1972) بالمقارنة بين عينة قوامها 57 من مرضى سرطان الثدى وعينة قوامها 34 من المرضى المصابين بأمراض مختلفة ، حيث طبقت على الجميع قائمة منيسوتا متعددة الأوجه للشخصية MMPI . وأسفرت نتائج الدراسة أن مجموعة السرطان تتسم بالاكتئاب والبارانويا وتوهم المرض ، وذلك بالنسبة إلى المجموعة الأخرى . ودرس ( Craig & Abeloff 1974) 30 مريضا بسرطان الغدد اللمفاوية ، وذلك بإستخدام قائمة الأمراض ( ScL - Go) . وقد تبين الناتج معاناة 30% من أفراد العينة من القلق الشديد ، وأن 50% منهم يعانون من الاكتئاب الحاد . وأكد هذه النتيجة عدد من الدراسات ( أنظر : Ray 1978, Lee & Maguire 1975) .
وفى دراسة تتبعية (McCrae, Costa & Bosse 1978) على مجموعة قوامها 400 من طلاب الجامعات الأمريكية من العصابيين والمكتئبين الذين شخصوا بناء على قائمة أيزنك للشخصية وقائمة بيك للاكتئاب . وقد كشفت نتائج الدراسة أن المكتئبين كانوا أكثر عرضه للإصابة بالأورام السرطانية المختلفة ، وذلك نتيجة لإهمالهم لصحتهم وغذائهم بوجه عام . على حين كان العصابيون أكثر عرضه للإصابة بسرطان الرئتين وذلك نتيجة ٌلإفراطهم فى التدخين نتيجة التوتر والقلق لديهم .
وفى دراسة أجراها ( Dattore et al., 1980) على عينة قوامها 200 مريض (75 من المصابين بالسرطان و 125 من المصابين بأمراض أخرى ) ، ثم تطبيق قائمة منيسوتا متعددة الأوجة للشخصية MMPI ، أسفرت نتائج هذه الدراسة عن فروق بين المجموعتين فى الاكتئاب والهستيريا والكبت الانفعالى لصالح مجموعة مرضى السرطان .
كما أسفرت نتائج دراسة تتبعية أجراها ( Shekelle et.al, 1981) على عينة 2020 من الذكور المسنين الذين صنفوا إلى مجموعتين اعتمادا على قائمة منيسوتا متعددة الأوجة للشخصية MMPI ،الأولى : مجموعة الاكتئاب الحاد ، والمجموعة الثانية المتحررة من الاكتئاب ، وقد تم تصنيف هاتين المجموعتين من خلال 17 عاما قبل وفاتهم. وأسفرت نتائج الدراسة عن انتشار السرطان فى مجموعة المكتئبين بمعدل يبلغ ضعف المجموعة المتحررة من الاكتئاب .
ودرس (Morrow & Fetting, 1983) 71 مريضا بالسرطان تبين معاناتهم من الاكتئاب والقلق والتشاؤم واليأس والانسحاب الاجتماعى والعزلة الاجتماعية بعد الإصابة بالسرطان بفترة ثلاثة شهور .
وفى دراسة ( Derogatis et al., 1983) التى أجريت على 215 مريضا بالسرطان، متوسط أعمارهم 50.3 عاما ، بالمقارنة بعينة ضابطة تتساوى فى السن والعدد ، كشفت النتائج وجود فروق دالة إحصائيا بين المجموعتين فى الاكتئاب والقلق لصالح مجموعة مرضى السرطان .
وفى دراسة مقارنة (Watsan, Pettingale & Greer 1984) بين مجموعتين إحداهما قوامها (30) سيدة مصابة بسرطان الثدى ، وأخرى قوامها (27) سيدة يتمتعن بصحة جيدة كمجموعة ضابطة وباستخدام بعض إستخبارات الشخصية ، كشفت نتائج الدراسة عن فروق جوهرية بين المجموعتين لصالح مجموعة السرطان فى كبت الغضب و القلق .
وفى دراسة (Maticek, Beyme & Drschum, 1984) تتبعية على مدى عشرة أعوام لعينة قوامها (1353) فردا ، اعتمادا على استبيان يتكون من (109 بندا) لقياس الصحة النفسية ، تم فرز الحالات التى أصيب بمرض السرطان وعددها (204) بعد عشرة أعوام منذ عام 1966 وحتى عام 1976. هذا وتبين من الحالات المصابة بالسرطان ممن كانوا يعانون من الشعور بالعجز والاكتئاب طوال سنوات التتبع وبالتالى فأن نتيجة هذه الدراسة تؤكد على العلاقة الايجابية بين الاكتئاب والشعور بالعجز والسرطان .
وقارن (Jansen & Muenz, 1984) بين ثلاثة مجموعات من النساء الأولى من مرضى سرطان الثدى ، والثانية من مرضى الأمراض الغضروفية والثالثة من الذين لايعانون من أى مرض . وتم تطبيق قائمة صفات الشخصية " لجون " ( ACL) . وقد كشفت نتائج الدراسة عن إتسام مجموعة سرطان الثدى بالسمات التالية الاكتئاب والجبن والخوف والاجتماعية والهدوء وعدم المنافسة وكبت مشاعر الغضب وعدم الوعى بالذات والخضوع والمسالمة عن المجموعات الأخرى .
وفى دراسة (Wirsching et. al, 1985) على 63سيدة مصابه بسرطان الثدى تم تطبيق بعض إستخبارات الشخصية عليهن قبل إجراء عملية جراحية لاستئصال أورام الثدى . وقد كشفت النتائج عن معاناتهن من الاكتئاب والقلق والعدوانية والاتكال وعدم القدرة على التعبير الانفعالى والوسوسة الصحية .
وقارن (Van Komen & Redd 1985) بين مجموعتين قوامهما (59) مريض احداهما من مرضى السرطان والأخرى من المصابين بامراض مختلفة وباستخدام قائمة القلق الحالة - السمة ( STAI) وقائمة ميلون للسلوك الصحى ، كشفت نتائج الدراسة عن وجود فروق جوهرية بين المجموعتين لصالح مجموعة مرضى السرطان فى القلق والاكتئاب .
كما أسفرت نتائج دراسة (Cella & Tross 1987) أجريت على عينة قوامها (90) من الذكور الراشدين المصابين بالسرطان ، تم تطبيق استخبار قلق الموت وقائمة بيك للاكتئاب واستخبار القلق الصريح وكشفت نتائج الدراسة عن معاناه مرضى السرطان من الاكتئاب والقلق العام وقلق الموت نتيجة الاصابة بالسرطان .
وفى دراسة مقارنة ( Kirkcaldy & Kobylinsky 1987) فى سويسرا على مجموعتين أحداهما من السيدات المصابات بسرطان الثدى وأخرى من غير المصابات بأى مرض وباستخدام قائمة منسوتا متعددة الأوجة للشخصية MMPT ، كشفت نتائج الدراسة عن فروق بين المجموعتين لصالح مجموعة سرطان الثدى فى المقاييس الفرعية التالية : الاكتئاب ، الانطواء الاجتماعى ، الهستيريا ، الذكورة والانوثة ، الفصام ، توهم المرض .
وفى دراسة تتبعية (Shaffer, Graves, Swank, Pearson 1987) على مجموعة قوامها (972) من الأطباء الأمريكان تم تتبعهم على مدى 30 عاما وذلك منذ إلتحاقهم بكلية الطب قد تم تصنيفهم إلى مجموعتين (المجموعة الأكثر تعبيرا انفعاليا ، والمجموعة الأقل تعبيرا انفعاليا) اعتمادا على أحد اختبارات الشخصية الموضوعية . وبعد مضى مايقارب من ثلاثون عاما ، أظهرت نتائج الدراسة أن أقل من 1% من المجموعة الأولى ظهرت لديهم أورام سرطانية على حين أن 16% من المجموعة الثانية ظهرت لديهم أورام سرطانية .
كما قام ( Jensen 1987) بالمقارنة بين عينة تجريبية قوامها (52) سيدة مصابه بسرطان الثدى وعينة ضابطة قوامها (34) من السيدات اللاتى يتمتعن بصحة جيدة ولايعانين من أى مرض وبإستخدام إستخبارات التقرير الذاتى للشخصية كشفت نتائج الدراسة أن مرضى سرطان الثدى يعانون من اليأس والشعور بالعجز والانعصاب وعدم القدرة على التعبير الانفعالى مقارنة بالمجموعة الضابطة .
وفى دراسة تتبعية (Persky, Kempthome Rawson & Skekelle 1987) أجريت على عينة قوامها(2018) من المكتئبين الذين صنفوا اعتمادا على قائمة منيسوتا للشخصية MMPI تراوحت أعمارهم بين 40 - 60 عاما تم تتبعهم مدة ستة أعوام ، أظهرت نتائج الدراسة من وجود علاقة بين الاكتئاب وسرعة الإصابة بالسرطان نتيجة لإهمال المكتئبين العناية بأنفسهم والغذاء الجيد ، فقد كانوا اكثر استهدافا للإصابة بالسرطان .
وقارن " تايلور " وزملائه " (Taylor, Abrams & Hewstone 1988) بين مجموعتين الاولى خمسين مريض بالسرطان وأخرى مجموعة ضابطة ممن يتمتعون بصحة جيدة وباستخدام مقياس وجهة الضبط ومقياس السيطرة الانفعالية ، كشفت النتائج أن مرضى السرطان حصلوا على درجة منخفضة جدا فى الكبت الانفعالى ، كما لم تظهر فروق جوهرية بين المجموعتين فى وجهة الضبط .
وأجريت دراسة مسحية تتبعية على مدى تسعة عشر عاما على 8932 سيدة أمريكية ، اعتمادا على مقياس الاكتئاب المتفرع من قائمة منسوتا للشخصية (MMPI) ، وبعد مضى مايقارب 19 عاما على تطبيق هذا المقياس ، اظهرت نتائج الدراسة عن عدم وجود ارتباط بين درجة الاكتئاب على قائمة منسوتا للشخصية وبين الاصابة بسرطان الثدى .
ويستنتج " إيفز " وصحبه (Eaves, Eysenck & Martin 1989) أن السرطان يرتبط بدرجة عالية بالاكتئاب واليأس والشعور بالعجز ، والتى تحدث بدورها استجابة للضغوط النفسية ، على حين ترتبط أمراض الشريان التاجى للقلب بالغضب والاستثارة .
#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)
Sawsan_Shakir_Majeed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
