محمود هادي الجواري
الحوار المتمدن-العدد: 3709 - 2012 / 4 / 26 - 21:12
المحور:
ملف - المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة ودورها، والعلاقة مع الأحزاب اليسارية - - بمناسبة 1 ايار- ماي عيد العمال العالمي 2012
هكذا هتف العمال البعثيون العبثيون لصدام حسين( بالروح بالدم نفديك ياصدام ) عنما اطلق طلقة الرحمة على مسيرة الحركة العمالية العراقية ، لقد انقض طاغية العراق على جميع القوانين التي كانت تعنى بحقوق العمال والطبقة العاملة وبطريقة لا تخلو من الخديعة والمكرلا بل وحتى السخرية من المجتمع العراقي والدولي وعلى حد سواء ،هو كان يعلم ونحن كذلك نعلم ان بقاء النقابات والاتحادات العمالية وتفرعاتها هي الخطر الكبير الذي كان يهدد نظام الحكم الفاسد منذ البدء ، وهو كذلك يعلم انه مهما بلغ من القوة والبطش فان المجابهة مع القوى العمالية ستوقفه ولو بأصواتهم المنددة التي تتصاعد من وهناك سوف تثنيه وتجبره على التقهقر والتراجع عن القضايا المصيرية التي سوف تنزلق الى متاهاتها الامة ... وهذا ما شهدته كل الدول التي شهدت التطور وتذوقت طعم ثمار الحرية وعبر مراحل نضالها وكناتج له .. كان العمال يمثلون الحركة الدينامية التي تحفظ للامة مكانتها النهضوية , وهو يعلم كذلك ان ديمومة الانظمة الشمولية في العالم وعبر مراحل التاريخ تبقى مهددة مع بقاء تلك النقابات والاتحادات فاعلة وكان الطاغية يجيد القراءة في تاريخ اوربا الحديث وكيف كان دور العمال في تنظيم حياتهم وعبر اتحادهم ، ولذا عمد طاغية العراق الى تحويل الطبقة العاملة من ذوي المهن المختلفة من عمال الى موظفين فماذا حدث ؟؟ لم تكن سياسة الطاغية وليدة الصدفة وانما خضع ذلك التحول المهين لكرامة شريحة واسعة من الشعب ، الى اتباع خطوات سريعة في استخدامه سياسة تعسفية وقذرة ، فقط انيط هذا المشروع الى اقذر البعثيين المقربين منه والذين كانوا الاكثر ابتذالا في القدرة على تمرير مشروع القضاء على اهم الركائز التي تسند عليها منظمات المجتمع المدني ،، وكما اسلفنا كان اكثرها نضجا ورقيا هي نقابة العمال والصناعيين ... ويعود السبب في ذلك التوجه الى اهمية هذه النقابة من وجهة النظر التاريخية ومسيرتها التي بذلت دماءا سخيا ابان الحكم والعثماني والبريطاني وكيف كان دورها الفاعل في التاثير المباشر على المجتمع لكونها الشريحة الاوسع والتي تحتل دورا هاما في التحول الصناعي والزراعي وقطاع الانشاءات والاعمار وخاصة ان العراق هو احد بلدان العالم الثالث المتطلع الى تطوير مرافق الحياة العامة المختلفة ..ان تجريد العمال من هويتهم وسلبهم آرىداتهم كان لا يمس بالمباشر الحركة العمالية فحسب ، كانت تلك الممارسة هي بوابة الدخول الى تجريب النمط الدكتاتوري التسلطي ومن ثم تطبيقه ، ومنها سيسير الى القطاعات الاخرى وبذات الدرجة من السخرية والتسلط ،، اذن الاهداف كانت واضحة وجلية في سحق المسيرات النضالية والثورية المتقدة لكي يحولها الى رماد ،، الحركة التي ولدت بعد مخاض صعب ومسيرة وطوت بين صفحاتها تاريخ أ جيال حملت على اكفها ثمرة البحث عن مفهوم التحرر من العبودية ،ومما يجعلني متألما وحتى هذه اللحظة، كيف تم للحركة العمالية ان ترضخ وتستجيب ، وهل كانت المغريات كبيرة الى درجة تجعل العمال يتنازلون عن حقوقهم ونسف مسيرتهم النضالية وعن قناعة ورضى .. نقول ومن وجهة نظرنا وكنا نراقب ونتطلع عن كثب الى وجوه العمال الذين كانوا يعملون معنا في مؤسسة صناعية ،، ان العمال المغرر بهم كانوا هم الاغلبية وهم بعثيون ، اي الصنف الذي انخرط الى حلقات حزب البعث الدموي ، كانت تبدو الغبطة الشديدة على وجوههم ، اما القسم الاخر الذي كان يعي خطورة الامر فكان لا حول له ولا قوة وكان يعيش حالة من التوجس والخوف من التحول الجديد ، والمسالة الكبرى ان المغريات والحوافز لم تكن بالكبيرة ، بل لمسوا منها النز الى اجل قصير ومن ثم عادوا الى وضعهم كعمال وبصفة موظف ، اي ان الحاصل الجديد كان في ميزان الخسران الكبير .. فلم يعد بمقدورهم ممارسة حقهم في المطالبة بتنظيم ساعات العمل المألوفة ، وانما اخذ الوضع الجديد يجر العاملين الى ما لا تحمد عقباه ، قوانين العمل تم تعطيلها وركنها جانبا واصبحت ساعات العمل اكثر من ثمانين ساعة في الاسبوع بدلا من اربعين ساعة و كما تقره المنظمات الدولية ومواثيق قوانين العمل المعمول بها في الدول الاخرى .. فهل انتهى الامر الى نهاية الطاغية ، الكارثة الاكبر وكناتج لذلك السكوت والاطباق على الشفاه لا زال ياخذ مدياته التعسفية وحتى هذه اللحظة .. فلم ياتنا الاحتلال بالشئ المفيد بل اضفى على الجرائم التي اقترفها الطاغية بجرائم جديدة افدح من سابقاتها ،، فلقد تم سرقة اغلب المصانع المدنية والعسكرية المجازة دوليا وحتى تدميرها ولححج واهية ، واصبح حجم البطالة لايمكن وضع الحلول له ، والكارثة الكبرى هو ان العاطلين عن العمل يتقاضون اليوم منحة الرعاية الاجتماعية شانهم شان المقعدين والعاجزين عن العمل ناهيك عن الاستخفاف بحقوق هذه الشريحة الخاصة والتي لا تنتمي الى القطاع الحكومي ، فلا من مدافع ولا من نقابة او اتحاد يحميهم ويراعي حقوقهم ،، فما بالنا اذا تقادم الزمن على هذه الشريحة المعطاء فمن الذي سيدفع لهم الحقوق التقاعدية .. لا شئ جديد في ظل النظام الجديد بل هو اقسى وامر من زمن الطاغية الذي لم يكن للديمقراطية مكانا في قاموسه ، فماذا نعلل الاوضاع الان ونحن ندعي اننا نشهد زمن التحول ،،نقول نحن نوقع بلائمتنا على الذين قدموا من خارج العراق والذين عاشوا في كنف الانظمة الديمقراطية وخاصة الدول الاوربية والسؤال .. كيف ومتى كانوا يتقاضون الرعاية الاجتماعية ، وما فرقها عن صندوق العاطلين عن العمل .. اليس هم موجودون الان في اروقة البرلمان.. الم يتقاضوا الرعاية الاجتماعية بل وحتى لا زال اسر البعض منهم تتقاضى منحة الرعاية الاجتماعية وحتى كتابة هذا السطر .. عليهم بالخجل واصلاح أوضاع شريحة الطبقة العاملة سواء الحكومية منها او التي تعمل في القطاع الخاص لانهم عاملين والاجر اليومي لا يسمنهم ولا يغنيهم من جوع وليس بالكثير ان نعمل وفقا للمعايير الدولية اذا كانوا يدركون ؟؟؟
#محمود_هادي_الجواري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟