|
الطبقة العاملة ودورها التأريخي
صبحي مبارك مال الله
الحوار المتمدن-العدد: 3709 - 2012 / 4 / 26 - 21:12
المحور:
ملف - المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة ودورها، والعلاقة مع الأحزاب اليسارية - - بمناسبة 1 ايار- ماي عيد العمال العالمي 2012
ملاحظة / المقال أستعراض سياسي سريع دون اللجوء الى الأرقام و الأحصائيات . لقد كانت الطبقة العاملة العالمية ولا زالت النقيض للنظام الرأسمالي العالمي ( الأمبريالية)، وهي الطبقة الأكثر معاناة والأكثر تنظيماً فكلما كان النظام الرأسمالي يتقدم الى الأمام كانت أوضاع الطبقة العاملة تتراجع أقتصادياً وأجتماعياً . منذُ قيام الثورة الصناعية الكبرى والتطور العلمي وأندحار النظام الأقطاعي العالمي وبسبب الثورات البرجوازية التي أنتزعت من النظم الأقطاعية أمتيازتها وسيطرتها ، بدأت تظهر طبقة الكادحين التي توسعت بعد نزوح الملايين من الفلاحين الفقراء من القرى والأرياف الى المدن والعمل في المشاغل الصغيرة فالمعامل الصغيرة والكبيرة وبعد ذلك المصانع الكبرى ونتيجة للتنافس الرأسمالي أختفت الحرف والمهن الصغيرة وقد لازم هذا التوسع والتصنيع الأستغلال والأستحواذ على فائض القيمة (الربح) فكان الصراع الطبقي ، بين الرأسمالية والطبقة العاملة وهذا تم تحليله كنظرية للطبقة العاملة من قبل علماء الفكر الأشتراكي العلمي الذين وجدوا في الطبقة العاملة القوة الجديدة لأجل التحولات الديمقراطية والأشتراكية وتغيير المجتمع . ومنذ القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كانت الأنظمة الرأسمالية تسعى الى تحقيق المزيد من السيطرة والأستحواذ على الثروات العالمية فتوحدت القوى الأقتصادية (بنوك وأستثمارات ومصانع ومعامل وتجارة خارجية وداخلية)وتحولت الى أحتكارات وقوة أقتصادية كبرى ، أضافة الى ذلك قامت بأستغلال التقدم العلمي لصالحها، ونتيجة لأفرازات هذه الأنظمة حصلت المآسي الأجتماعية من بطالة وفقر وأمراض وتدهور في العلاقات الأنسانية ومن ثم أستعمار بقاع وأراضي واسعة من الكرة الأرضية ، تنافست عليها الدول الرأسمالية فحدثت الحروب الدموية وأبرزها الحربين العالميتين الأولى والثانية حيث بلغ عدد ضحاياها أكثر من سبعين مليون أنسان . وأصبحت شعوب الدول المستعمرة تحت سيطرتها وبقوة السلاح ، مما حفز ذلك القوى الرائدة من المفكرين والأقتصاديين والمثقفين ضد الأستغلال البشع الذي جلب الويلات للشعوب . لقد كانت الرأسمالية تسعى الى السيطرة على كل شيئ من طرق تجارية عالمية وثروات معدنية وزراعية فقامت بتأسيس شركاتها في تلك البلدان ، حيث أستغلت العمال المحليين ونتيجة للأستعمار المباشر بدأت حركات التحرر الوطني التي ضمت كافة فئات الشعب من عمال وفلاحين و مثقفين وبرجوازيين وطنيين وأستطاعت أن تتحرر من الأستعمار المباشر ، وفي المقابل كان عمال الدول الرأسمالية يوحدون نشاطهم ، فنشأت النقابات التي ناضلت من أجل حقوق العمال ومنها يوم عمل من ثمان ساعات وعدم أستغلال الأطفال وزيادة الأجور ، الضمان الصحي، والأجتماعي ولكن كانت مطاليب العمال تواجه بالحديد والنار ومنها أضراب ومظاهرة عمال شيكاغو /الولايات المتحدة سنة 1886حيث ظهرت الطبقة العاملة كقوة مخيفة للرأسماليين بعد رفع شعار( ياعمال العالم أتحدوا)ونتيجة للأحداث الدامية أُعلن الأول من أيار يوم عالمي للعمال ، بعد تبرئة العمال الذين اعدموا نتيجة وشاية خبيثة من عملاء السلطة الرأسمالية ، وبعد ظهور النقابات ظهرت الأحزاب الأشتراكية واليسارية كقوى تتبنى نظرية وفكر الطبقة العاملة وآفاقها المستقبلية في بناء المجتمع الجديد . ولكن بعد أن تحول النظام الرأسمالي الى نظام أمبريالي متوحش ، بدأ بضرب حركات التحررالوطني في البلدان النامية والتآمر على حكوماتها الوطنية وتنصيب حكومات د كتاتورية تخدم مصالحها ثم قامت باستخدام التكنلوجيا والنظريات المعلوماتية لغرض تقليص تأثير الطبقة العاملة ، وذلك بأستبدال العمال بالتكنلوجيا الحديثة والهدف تفكيك الطبقة العاملة بعد تحويل بعض العمال الى موظفين وطرد الآلاف من المعامل بسبب الأزمات الأقتصادية ولكن الطبقة العاملة ونتيجة لنضالها حصلت على مكاسب،ومنها تأسيس ا لنقابات والأحزاب وتحقيق التأمين الصحي والأجتماعي ويوم عمل من ثمان ساعات..ألخ ألا أنها كانت تقاوم أساليب الرأسماليين الهادفة الى مصادرة هذه المكاسب . لقد كان النموذج الأشتراكي ومنذ ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917 يسبب قلق وخوف لدى الرأسماليين الذين عملوا وبكل الوسائل سواء من خلال أفتعال الحروب الأهلية او الحصار الأقتصادي أو التآمر والتدخل في شؤونهم أو دفعهم نحو سباق التسلح ، وبالفعل حصلوا على ما يريدون مستفيدين من كل الأخطاء بأعتبارها تجارب جديدة ومن الأساليب البيروقراطية وغير الديمقراطية . وبعد أنهيارالأتحاد السوفياتي والدول الأشتراكية أصبح العالم ذا قطب واحد وضنَ الجميع بأن الحياة أصبحت جميلة بدون الأنظمة الأشتراكية ولكن الذي حصل هو أزدياد النظام الرأسمالي توحشاً مع أرتفاع مستوى الجشع والأستغلال وظهرت العولمة كصفة جديدة لنشاطات الرأسمالية الجديدة واصبحت الشركات الكبرى عالمية الأنتشار وأنحسر المد الثوري وأزدادت حروب النهب والسلب والوقوف بوجه تطلعات الشعوب مع أستمرار خصائص النظام الرأسمالي وأبرزها الأزمة الأقتصادية الدورية والتي أدت الى خسائر وأنهيارات أقتصادية كبيرة . والسؤال هل أنتهت الطبقة العاملة؟ الأستنتاجات العلمية الأقتصادية والفكرية تقول غير ذلك لأن النظام الرأسمالي يقوم على أساس وجود الطبقة العاملة التي كونتها مراحل تأريخية طويلة وفي ظروف ذاتية وموضوعية خاصة بها . ومهما تطورت التكنلوجيا والعلوم الحديثة فأن الطبقة العاملة ستبقى وتنموامع أستمرار أستغلال الأنسان للأنسان . فيما يخص منطقتنا العربية التي مرت بمراحل تأريخية عديدة بدءاً من الأحتلال الأجنبي الذي جاء على أنقاض الدولة العثمانية (خصوصاً الأستعمار البريطاني والأستعمار الفرنسي) حيث خاضت الشعوب العربية معارك التحرر الوطني من أجل أستقلالها وأنتهاءً بنضالها ضد الحكومات التي تكونت بمساعدة المحتلين، وبعد أن نمت الطبقة العاملة العربية من خلال المشاريع والشركات الأجنبية ومن خلال الأستثمار الوطني ومشاريع الدولة ، بدأت تطالب بحقوقها وتناضل ضد طغاة الشركات الأجنبية وخصوصاً النفطية والسكك والكهرباء والنسيج وقطاعات أخرى وكان نضالها متنوع ،في الوقت نفسه كانت الشعوب العربية تعاني من الجهل والفقر والبطالة والأمية وبالرغم من ذلك أنظمت قوى الشعب من فلاحين وكسبة ومثقفين وطلبة وبرجوازية وطنية الى نضال الطبقة العاملة ضد الحكومات الخادمة لمصالح الأجنبي فأطاحت بها في كثير من البلدان ولكن نضالها كان من أجل الديمقراطية . النضال لتشمل كل القوى الوطنية والديمقراطية لقد كان نهب الثروات النفطية والمعدنية وتحويل شعوب المنطقة الى شعوب أستهلاكية غير منتجة سوى السلع الأستهلاكية فأدى ذلك الى تفاقم الأوضاع الأقتصادية فأزدادت البطالة والأمية وأنتشر الفقر وصاحب ذلك غياب الديمقراطية والمؤسسات الدستورية ومحاربة الفكر العلمي (الذي من خلاله تنهض الشعوب )ودس الأفكار المخُدرة (التي تغيب وعي الأنسان) كل ذلك أدى الى أنتفاضة الشعوب في الربيع العربي وأسقاط بعض رؤوس الأنظمة العربية ، كانت هبَة ثورية من أجل ا لتغيير ولكنها لم تستمر لتحقيق أهداف الشعب بسبب تفشي الأمية وسيطرة الفكر الديني السلفي المعادي للفكر التقدمي والديمقراطي وكذلك لم تأخذ القوى الوطنية الديمقراطية دورها بسبب أبعادها من خلال الأعتقالات الطويلة المدى وأستخدام الأساليب التعسفية المعادية لحقوق الأنسان ،فضلاً عن أستخدام القوى السياسية الدينية( المال السياسي والأغراءات) لغرض الأمعان في التجهيل والتغييب فأستطاعوابذلك شراء ذ مم أبناء الشعب البسطاء الذين أثرت فيهم دعايات وأشاعات بأن القوى اليسارية كفرة ولادين عندها وأن أفكارهم أنتهت مع منظومتهم الأشتراكية. أن الأرهاب الذي تطور وأمتد الى العديد من بلدان العالم كان في بدايته مدعوم من قبل الدول الرأسمالية الكبرى وكأنه هِبة من السماء جاءت لمساعدتهم لمحاربة ومحاصرة الأنظمة الأشتراكية وقطع الطريق أمام قوى التحرر الوطني نحو التقدم والديمقراطية. نستنتج من كل ماتقدم:- 1- الطبقة العاملة تكونت تأريخياً ضمن ظروف موضوعية وذاتية. 2-النظام الرأسمالي لايستطيع القضاء على الطبقة العاملة مهما أستخدم من تكنلوجيا. 3-الطبقة العاملة باقية مع بقاء أستغلال الأنسان ومع بقاء الثروة ووسائل الأنتاج بيد النظام الرأسمالي والطرف الثاني يملك قوة عمله فقط . 4-الأزمة الرأسمالية الأقتصادية الدورية مستمرة ما دام النظام الرأسمالي مستمر بالأضافةالى التداعيات السياسية والأجتماعية. 5-النظام الرأسمالي ينتظر الفرص للهجوم على مكاسب الطبقة العاملة في العالم والتي حققتها بنضالها وتضحياتها . 6-سوف تستمر البطالة وغلق المصانع وطرد العمال وتخفيض الأجور كحل من حلول ألأزمة . 7- الهجوم الأقتصادي على شعوب البلدان النامية وأستغلال ثرواتهاومنع وصولها الى أنظمة ديمقراطية حقيقية. 8-الأستفادة من الأرهاب الدولي في أيقاف مسيرة الشعوب نحو أمتلاك العلم والوعي وبناء حياة أفضل. 9-محاولات مستمرة من أجل أشعال حروب أهليةوتقسيم الأوطان. 10-سوف يزداد التضامن مع الطبقة العاملة وتتوسع دائرة وتحصل متغيرات سياسية وأنهاء الجوع في العالم وتوزيع الثروات توزيعاً عادلاً. 11- مهما تغيرت الأفكار الرأسمالية سواء من خلال العولمة أومن خلال الليبرالية الجديدة فحبل الأنقاذ قصير. 12-أن الصراع مستمر نحو الأفضل من خلال الأحزاب السياسية التي تمتلك الفكر العلمي وأيضاً من خلال منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية والشباب والنساء والشخصيات العلمية والسياسية الديمقراطية.
#صبحي_مبارك_مال_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأزمة السياسية ألى أين ؟!
-
مؤتمر وطني أم أجتماع وطني ؟
-
الحقوق والحريات وشباب (الأيمو)
-
في أنتظار عقد القمة العربية !!
-
الدولة المدنية الدستورية ..لماذا؟!
-
المرأة والمتغيرات السياسية في المنطقة العربية
-
المؤتمر الوطني بين النجاح والفشل
-
العملية السياسية .......مفترق الطرق!!
-
مشروع قانون الأحزاب السياسية
-
أما للفساد والمفسدين من نهاية ؟!
-
الأزمة السياسية بين أتلاف العراقية والتحالف الوطني وتداعياته
...
-
العملية السياسية العراقية بين التقدم والأرتداد!!!
-
المنهاج الوزاري ....... متطلبات تنفيذه
-
اللجان الدائمة في البرلمان العراقي الدورة الحالية
-
مجلس السياسات الستراتيجية لماذا ؟!
-
توزيع الحقائب الوزارية ومسارات المرحلة القادمة
-
البرلمان العراقي المعلق
-
الخارطة السياسية للبرلمان العراقي
-
الجلسة المفتوحة!!
-
أداء البرلمان العراقي الدورة التشريعية الحالية
المزيد.....
-
صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب
...
-
لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح
...
-
الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن
...
-
المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام
...
-
كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
-
إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك
...
-
العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا
...
-
-أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص
...
-
درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك
المزيد.....
-
هكذا تكلم محمد ابراهيم نقد
/ عادل الامين
المزيد.....
|