أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - الصدمـــة والرعب















المزيد.....

الصدمـــة والرعب


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1089 - 2005 / 1 / 25 - 11:48
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


الصدمة والرعبawe & horror ,هو الأسم الذي أطلقه جورج دبليو بوش على حرب تحرير العراق, التي تحولت فعلا إلى سلسلة من الصدمات والرِعَبَة العظام, وكان الجمهور مسطولا ومذهولا ومرعوبا ومصدوما من بطش وقوة واستفشار الأسد الجريح من الصدمة المدوية في الأبراج المصدومة بالطائرات , ولاتزال تردداتها وأصداؤها إلى الآن, فيما اهتزت أبراج عاجية وأزلية في كل مكان بفعل قرارالحرب المتهور الطائش الجبان,والتي كانت عصية على كل ارتجاجات. وإذا كانت الإدارة الأمريكية قد بادرت باتخاذ قرار شن الحرب, فإنه ظهر الآن, جليا, أن أحدا ما لا يقدر على إنهاء رعبها الفلتان.وإذا كان في الحروب مهزومون ومنتصرون وخائيون ومكسورون أذلاء, فإن الجميع يبدو خاسرا في هذه الحرب الضروس حتى الآن.ولعل أكبر الخاسرين هو الأوطان, فيما يتابع الجيران الخائفون بقلق هذا البركان وتداعيات حممه البالغة الغليان.وكذلك الشعب البريء الأعزل الذي يدفع يوميا ضريبة الدم ويتابع مسلسل الصدمات والفزع المليء بالمفاجآت .كانت أولى الصدمات هي تساقط الكروز والتوماهوك بدقة فوق القصور الرئاسية, والمنشآت, وعلى الرؤوس كما تتساقط الأمطار, وحصدت الكثير من الأرواح البريئة التي هي الأهم من أي اعتبار,وانتهت "بكليبات" تساقط الأصنام المتسرطنة في كل الشوارع والساحات, بعد أن كان المصدوم والفزعان الأكبر يعتقد نفسه حمورابي, أو نبوخذ نصر ,أو الإسكندر ذي القرنين, وخالدا مخلدا إلى آخر الزمان. وصُدم بسقوطه المخزي والمشين, بعد أن كان ساقطا من عيون الجميع تقريبا باستثناء المعجبين ,طبعا, من الناعقين الكبار بفعل تأثير جرعة الكوبونات.وقد شكل مشهد سقوط بغداد السهل بدبابتين واحدة من أكبر الصدمات والخيبات لهذه الشعوب المدمنة منذ فجر التاريخ على الرعب والوجل والخوف والصدمات, وبقي ذلك لغزا وسرا دفينا وخبيئا للعيان ومن غرائب أسرار مهرجان الصدمات.

وإن كان بوش نفسه هو في الواقع أكبر المخدوعين, والمرعوبين, وتحولت أهداف الحرب وتبريراتها أكثر من مرة,كما تتحول الأمواج في عرض المحيطات بفعل التيارات. وكانت صدمة أخرى لمتابعي هذا النزيف الدموي المستمر ,منذ نصف قرن تقريبا, على أرض الرافدين والتي يبدو أنه مكتوب عليها أن تعيش الرعب والفزع الدائم بلا انقطاع, قبل أن يكتشفه جهبذ البيت الأبيض ومحافظوه الموتورون المسكونون بأحلام ووصايا التوراة, بعشرات السنوات وقبل أن يطلق عليه أسم عمليته المجنونة باجتياح هذا البلد.فلقد تنوعت مسوغات وأسباب هذه الحرب, وإن كان لدى البعض ميلا لتفسير الحرب على أساس من اعتبارات, وتخيلات, والإستناد إلى نصوص توراتية موغلة في التطرف والسواد ,ويسمونها ب"عملية الإنتقام", مدللين بسرقة اللوحة الأشهرفي المتحف العراقي, حين اجتاحت جحافل اللصوص "المدربة" متحف بغداد, وهي تمثل سبايا بني إسرائيل راكعين أمام الملك البابلي بذل ومهانة كانت تصدم المرعوبين الآخرين في أرض الميعاد, ويقول كثيرون ,ويؤكدون أن هذه اللوحة وجدت طريقها فورا إلى مخابئ عميقة في متاحف مهد المسيح والميلاد. أو ماذهب إليه البعض من رغبة بوش بالإنتقام من "الحليف السابق" الذي نزع بحماقة حزام الأمان, وجعل من صورة بوش الأب مداسا وموطئا للزوار الداخلين والخارجين من فندق الرشيد وسط بغداد, ووعد بوش وحلف أغلظ الأيمان وأمام شهود حقيقيين وليس شهود زور وبهتان, بأن ينزعها وبيديه ومهما كلف ذلك من أثمان,ولذلك توجهت أولى طلائع "الفتح",كما شاهدنا إلى ذلك المكان لتنفيذ وصية "الربان". وكانت معزوفة القضاء على أسلحة الدمار الشامل ,التي لم تظهر أبدا,إلى القضاء على الديكتاتور المتوحش ومصاص الدماء, الذي سبب قلقا وصداعا للجيران,إلى نشر الديمقراطية الذي بدا انها من أكبر الصدمات وحفلات الرعب الأخرى للأنظمة وللشعوب على حد سواء ,والتي تعودت على صدمات ورِعَبَة من أنواع أخرى بحيث كان تأثير الصدمات خفيفا عليها والحمد لله.ثم الصدمة الأخرى التي بدأت بمسلسل الإصلاح المكسيكي ,الذي يبدو أنه سينتهي على الجميع بصدمة أخرى, ربما, أكبر من صدمة سقوط الأصنام.

وقد أصابت حمى الصدمات الأمريكية أولا الأنظمة القدرية, التي أصبحت ترتعد من استنساخ وانتاج "كليبات" جديدة تصور في أوكار وجحور لاصطياد الجرذان والفئران, وانضوت بأدب وطاعة كبيرة في إطلاق حملة علاقات عامة وسلسلة مؤتمرات من الترويض والتدجين , تجنبا للصدمات التي لا يحمد عقباها, ومشاهد رعب غير مألوفة في هذه الواحات الآمنات الجميلات. ولعل أكبر المصدومين هو جورج بوش نفسه الذي نسي أن أرض الرافدين لم يتم اكتشافها من قبل كولومبوس, وأن أهلها ليسوا نوعا آخر من الهنود الحمراء.وماتزال تداعيات صدمة أعمال العنف تؤرق بوش الصغير في الصحو والمنام. ثم أتت صدمة إعادة انتخاب بوش كرئيس للولايات المتحدة في تحد لكل التوقعات, وصدمة كبرى لأولئك الذين احتفلوا وهللوا قبل سقوطه وصدور نتائج الإنتخابات, وشربوا منتشين, ببلادة وبلاهة, أنخاب سقوط قيصر العولمة والدولار.وكان الأغبياء المصدومون يهللون لكيري كما لو كان حفيدا من حفدة العربان الأخيار الأبرار, الذي سيفتح لهم الولايات والأمصارويوليهم على الجواري والرعايا والعباد, ويجنبهم هول أية صدمات.وكانت الصدمة,بلا شك, مضاعفة وبعيدة عن الحسبان.

ولعل أكبر المصدومين والذي يعيشون الرعب القاتل علىالدوام, هي هذه الشعوب التي تتقاذها الصدمات وأقدار الزمان الحمقاء وأولئك المسكونون بأحلام السيطرة واللصوصية وحكايا شهريار, ,والتي لم تحصد سوى قبض الريح, في كل المزايدات والمناقصات الوطنية الكبرى لترويج الخيانات وتأجيروبيع الإقطاعات, وكانت تخرج كل مرة بصدمة ورعب حتى أصيبت بالرهاب الجماعي العام mass social phobia.وقد زادت الأعمال الدموية التي كان ضحيتها بشكل عام الفقراء من هول الصدمات المتتابعة واصبحت تقليدا يوميا يتابعه المساكين بملل وازدراء.

وأتت اخيرا صدمة التتويج بكل فخامتها وأبهتهاpomp & circumstances حيث كلفت ميزانية يومية كاملة لبعض الأوطان المنهوبة التي تحكمها المافيات.وكان خطاب التتويج, inauguration ceremony speech,, صدمة وهروبا من مواجهة الواقع الذي بدا ضاغطا وكابوسا على الحاضرين وعلى المتحدث الهلجامة الفهمان,وتلكأ كثيرا البطل المغوار الهمام ولم يذكر العراق مكان صدمته الكبرى بالإسم بين سطور الخطاب,وهذا مافسره المراقبون كمحاولة للهروب من عملية الصدمة والرعب, ولو لوقت قصير في هذا الإحتفال المهيب بكل عنفوانه والصولجان, لأنه مسكون به بشكل دائم ويؤرقه بكل الأحوال.وبدا كلامه عن الحرية والإصلاح مراوغة ولن تنطلي على أحد بعد الآن.بعد أن بدا أن سلسلة الصدمات قد أفقدت الرجل جادة الصواب,فيما صدم المصفقون والمروجون له عن الضعف والهشاشة في البلاغة والبيان, والإنخفاض الواضح في وتيرة جموح الغطرسة والقوة والفلتان, تحت ضربات "المتمردين" وصدمات العبوات الناسفة التي تفاجئ جنوده في كل مكان .والتلميح الغبي بالإنهاك من خلال قوله" وقوتنا اختبرت، ولكنها لم تجهد".وأما الكلام الكثير عن الحرية فهناك مثل شعبي معروف يقول من كبر الحجر ما ضرب.وكلام عن مفاوضات سرية مع الجيران لانتشاله من مستنقع الأوحال. وهناك تراجع واضح عن التعهدات السابقة وأحلام الأمركة والطغيان ولاسيما قوله" ولن نفرض أسلوب حكمنا على من لا يريده، وهدفنا البديل هو مساعدة الآخرين على أن يكون لهم رأيهم وصوتهم والحصول على حريتهم وشق طريقهم بأنفسهم". وفسره أحد "الخبثاء" والدهاة بالتضامن مع "الشباب"في مسألة الثوابت والقدريات الآبدات, بعد أن كان ديدنه ووعده القاطع بتنصيب الزعامات على ظهور الدبابات.

المصدومون والمرعوبون كثر, والمصابون بخيبات الآمال يتناسلون بأعداد كبيرة ,وحسابات الحقل لم تكن دائما كحسابات البيادر والغلال. إنه فعلا مسلسل الصدمة والرعب من الباب إلى المحراب ,الذي يبدو أنه لن ينتهي في المدى المنظور ,ولن يستطيع أحد التنبؤ بمساره حتى الآن,وإلى أن ينجلي الضباب والغمام, ستبقى حالة الرعب التي أدمناها هي السائدة في الميدان, ولن تفلح أية صدمات أو رجات في إيقاظنا من غفوتنا وسباتنا وغيبتنا الكبرى "الآمنة" في كهوف التاريخ والزمان.

المصدومون الكبار..............انتظروا مزيدا من المفاجآت.

نضال نعيسةكاتب سوري مستقل َ






#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توم وجيري.........للبالغين سياسيا فقط
- أهل الذمة السياسية
- تسوناميا العظمــــى
- عاصفة الصحــــراء
- بريسترويكا إعلاميــــة
- شهـــود الــزور
- 2-العولمـــة الجامحــــة
- 1-العولمـــة الجامحـــة
- قوانين الطــوارئ العقلية
- خذوا الكذبة من أفواه السياسيين
- اللعب علــى الحبال
- الفضيحـــة
- حـــزب المواطنــــة
- حتمـــية التعايــش
- يــوم الحســـاب
- الحمـــد لله عا السلامة
- الإبستيمولوجيا الإرتقائية
- الصحافة الســوداء
- الزلــزال
- إلى الأبـــــد


المزيد.....




- تزامنا مع جولة بوتين الآسيوية.. هجوم روسي -ضخم- يدمر بنية ال ...
- نشطاء يرشون نصب ستونهنج التذكاري الشهير بالطلاء البرتقالي
- قيدتهم بإحكام داخل حقيبة.. الشرطة تنقذ 6 جراء -بيتبول- وتحتج ...
- مستشار ترامب السابق: روسيا قد تسبب مشاكل للولايات المتحدة في ...
- كاتس تعليقا على تهديد حزب الله لقبرص: يجب أن نوقف إيران قبل ...
- طريقة مجانية وبسيطة تثبت فعاليتها في منع آلام أسفل الظهر الم ...
- كيف تتعامل اليابان مع الكميات الكبيرة الصالحة للأكل من بقايا ...
- أوكرانيا تنشئ سجلاً لضحايا الجرائم الجنسية الروسية
- كشف فوائد غير معروفة للدراق
- السيسي يطالب الجيش بترميم مقبرة الشعراوي بعد تعرضها للغرق


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - الصدمـــة والرعب