|
من وثائق الكونفرنس الثالث للحزب الشيوعي العراقي / تقييم سياسة حزبنا وخطه العام بين المجلس ( الكونفرنس ) الحزبي الثاني 1956 والمجلس الثالث 1967/ الجزء الخامس
خالد حسين سلطان
الحوار المتمدن-العدد: 3707 - 2012 / 4 / 24 - 01:47
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
4ـ من أواسط 1959 حتى انقلاب شباط 1963 منذ أواسط / 1959 / بدأت بوادر الهجوم الحكومي ـ البرجوازي ـ الرجعي، وتحول الحكم الى دكتاتورية عسكرية فردية غاشمة. وبدأت الهجمات على مكاسب الجماهير تتراءى واحدة تلو الأخرى، في حين أطلقت للقوى الرجعية حرية العمل والنشاط . لقد وضعت قرارات اللجنة المركزية ( تموز 1959 ) التي جسدت تكريس الاتجاه اليميني الذيلي في الحزب، وضعت اسس وتعليمات سياستنا لتلك الفترة، واثرت على الفترة اللاحقة. فقد اعتمدت تلك السياسة خطة التراجع امام هجمات قاسم وامام الاستفزازات الرجعية وقد اقر هذا التراجع على اعتباره (( تراجعاً منظماً )) لكنه كان تراجعاً غير منظم في الواقع بسبب عدم وضع آفاق لإنهائه والتخطيط للهجوم، وقد انطلقت خطة التراجع استناداً الى اعتماد هدف خاطئ وهو العمل على اعادة التضامن مع حكم قاسم وحكمه يتحول ضد الحزب والحركة الثورية ويعرقل تطور الثورة ويوسع تسامحه وتعاونه مع الرجعية . ان الخطة الثورية الصائبة للحزب آنذاك كانت تستوجب الأخذ بنظر الاعتبار هذا الواقع والعمل على توعية الجماهير وتبصيرها بموقف البرجوازية الحاكمة وتنشيط النضال ضد تذبذبها وتهيئة الحركة الشعبية من اجل احداث تحول ثوري في السلطة، ولا يعني ذلك ان نتوقع بلوغ هذا الهدف دفعة واحدة وبمعزل عن ضرورة تعميق سخط الجماهير ضد اتجاهات قاسم الرجعية . لقد حلل الاجتماع الكامل للجنة المركزية تموز 1960 طبيعة سلطة قاسم تحليلا طبقياً صحيحاً، وكذلك شأن الاجتماع العادي في كانون الاول1960 واكد على ضرورة تنظيم التراجع ومجابهة الاستفزازات الرجعية ضد الحزب والمنظمات الديمقراطية وضد حملة الاغتيالات . . وفي الاجتماع الكامل تموز 1960 اقرت بشكل أولي محاولة اولى لوضع وثيقة برنامجية للحزب طرحت للمناقشة على اللجان المحلية، ولم يكتب لها النجاح بسبب ضعف توجه الحزب آنذاك، اضافة للصعوبات الاخرى في التوصل الى تحديد ناضج لبرنامج الحزب الكامل. وقد توصل الاجتماع الكامل هذا الى انتقاد [ النقد الذاتي ] الذي أقره ونشره موسع 1959 باعتباره كان بمثابة [ جلد ذاتي ] للحزب بالغ كثيرا في الأخطاء التي وقع فيها الحزب وشجع تسعير الحملة الرجعية والبرجوازية ضد الشيوعية وضد الحركة الديمقراطية في البلاد. ولكن الاجتماع أقر ايضاً عدم نشر استنتاجه هذا بخصوص اجتماع 1959. ولكن سياسة الحزب العامة بقت ضمن السياسة الذيلية. رغم تشديد النقد والفضح وتوسيع النضال ضد اجراءات قاسم واتجاهاته الرجعية، وقد تجلى هذا خصوصاً في استمرار دعم نظام قاسم، بالإضافة الى ان حسن الظن بقاسم أخذ يتجدد بين فترة وأخرى كما جرى في أواخر 1961 عندما أطلق قاسم وعوده الديماكوكية عن قرب انتهاء الفترة الاستثنائية والتوصل الى حل للثورة الكردية واطلاق سراح قسم من المحتجزين السياسيين. وقد عكست نتائج الاجتماع العادي للجنة المركزية في تشرين الثاني 1961 التي بحثت الوضع تكراراً لتحليلات خاطئة بخصوص طبيعة قاسم وحقيقة نواياه واجراءاته هذه . ان الاقتصار على شعار (( ارساء الحكم الوطني على اسس ديمقراطية )) في مرحلة انتكاسة الثورة واعتباره كهدف لنضال الحزب يعني الوقوف موقفاً اصلاحياً ذيلياً . . ذلك لأن هذا الشعار كان يفترض قيام حكم ديمقراطي عن طريق التضامن مع قاسم وفي اطار سلطته السياسية وعبر الضغط غير العدائي عليه . لقد وقف حزبنا مواقف مائعة في بداية اندلاع الثورة الوطنية الكردية في ايلول 1961 على الرغم من استمرار تمسكه ودفاعه الحار عن القضية الكردية والمطاليب القومية للشعب الكردي وشجبه بقوة ونضاله ضد القمع الوحشي الذي لجأ اليه قاسم إزاء الثورة. وقد شدد الحزب نضاله ضد قاسم ودفاعه السياسي عن الثورة الكردية وخاصة بعد ان جرت عملية فرز عامة في قوى الثورة باتجاه فضح وعزل شطر من القوى الاقطاعية والمشبوهة التي شاركت فيها في البداية وباتجاه توضيح طابعها وهويتها القومية التحررية. وقد جسد تقرير اجتماع اللجنة المركزية في آذار 1962 هذا الموقف . لقد أصبح ممكناً بعد اندلاع هذه الثورة، القيام بعمل ثوري مشترك مع القوى القومية الكردية والتي هي من القوى الحليفة الاساسية في ثورتنا الديمقراطية كما سبق للرفيق فهد أن شخصها. ولا شك كانت تقف امام تحقيق هذا الهدف صعوبات وعراقيل جدية ناتجة بالدرجة الاولى من عقلية وموقف الجناح اليميني المتنفذ في قيادة الثورة، ومع ذلك كان يترتب على حزبنا ان يرسم وينفذ خطة للمشاركة الفعالة في الثورة وتنسيق قواها مع مجموع نضال الحركة الديمقراطية بهدف احداث التحول الديمقراطي في الحكم. كان من اخطاء حزبنا اعتبار الثورة. في البداية، أي حمل السلاح ضد حكم وطني برجوازي شيئاً خاطئاً. ان هذا الموقف [ رغم بعض الملابسات التي رافقته ] كان منسجماً مع سياسة الحزب العامة في تخطئة الثورة ضد حكم وطني يشتبك مع الاستعمار في تناقضات معينة . ان تخطئة الثورة الشعبية بقيادة الطبقة العاملة ضد حكم برجوازي وفي حالة توفر ظروفها الملائمة وشروطها الاساسية انما هو نابع من الذهنية اليمينية المتأثرة بالنفوذ البرجوازي والتي تنسى الاهداف النهائية للطبقة العاملة وتضحي بها لاعتبارات تكتيكية. ويقع ضمن نفس التأثير بالسياسة العامة الذيلية والتراجعية للحزب الموقف من قضايا رئيسية مهمة ـ مثلا الموقف من تخريب النقابات العمالية والمنظمات الديمقراطية والحركة الفلاحية ومن الاستفزازات الرجعية وحملة الاغتيالات وتهجير المناضلين من مناطقهم كما جرى في مدينة الموصل . . . . الخ . وفي هذه الفترة برزت الخلافات بين قاسم وبعض الاحزاب البرجوازية التي كانت تؤيده. ولكن الخلافات لم تكن تدور حول النقاط الجوهرية للثورة ـ كالإصلاح الزراعي والحكم الذاتي لكردستان واطلاق الحريات الديمقراطية للجماهير . . الخ. بل حول اساليب وطرق تثبيت حكم البرجوازية الوطنية ـ بطريق عسكري أم بطريق البرلمانية البرجوازية، ان بعض الأحزاب البرجوازية أخذت تخشى من ان يؤدي بقاء الدكتاتورية العسكرية الى وقوع سلطة الدولة في ايدي الطبقة العاملة وحلفائها الطبيعيين، أو في أيدي أعوان العهد البائد، أو في أيدي القوميين من أنصار القاهرة. ان تلك الأوساط كانت تتحسس بازدياد وتراكم السخط الشعبي تدريجياً على الدكتاتورية العسكرية، فكانت تخشى انفلات الأمور من عقالها، وتريد صمامات أمان عن طريق بعض الواجبات الدستورية ومن دون افساح المجال أمام عودة انطلاقة ملايين العمال والفلاحين وأمام نشاط الحزب الشيوعي. وبالطبع كان ينبغي استثمار تلك الخلافات لصالح قضية الديمقراطية وازالة الديكتاتورية العسكرية واقامة نظام حكم ديمقراطي . وفي الحقيقة، فان كافة القوى البرجوازية الوطنية والأحزاب البتي برجوازية كانت تقف موقف الرفض أو المواقف التعجيزية امام التحالف مع حزبنا في هذه الفترة. وبعد ان تمكنت من كبح جماح الحركة الثورية للجماهير على يد قاسم، بدأ قسم منها يخطط لمؤامرات جديدة ضد قاسم ( الجبهة القومية ) ووقفت الأحزاب البرجوازية الأخرى موقفاً مشجعاً أو سلبياً تجاه هذا النشاط التآمري، ولكن الأحزاب والقوى التي كانت تستهدف ازاحة قاسم، كانت تعلم علم اليقين ان العقبة الكأداء في طريقها كان حزبنا أولا وأخيراً فما العمل ؟ لقد بدأت تعمل لدفع حزبنا الى التخلي عن حكم قاسم ليتسنى لها اسقاطه بسهولة، فكانت تبذل مساعيها لدى حزبنا لإقناعه بالوعد والوعيد ( بالحقيقة بالوعيد فقط اذا لم تدافعوا عنه سوف لا نذبحكم ) ليتخلى عن الدفاع عن حكم قاسم، تمضي من الجهة الأخرى في الضغط على قاسم وعلى اجهزة حكمه ليواصل ويشدد اضطهاده لحزبنا وللقوى التي ازمع الدفاع بواسطتها عن الحكم الوطني، وحتى عن حكومة قاسم بالذات. وبذلك كانت ترمي الى اضعاف هذه القوى من جهة وتحريض حزبنا ضد حكم قاسم من جهة اخرى. وكانت هذه في الحقيقة، هي خطة الرجعية المحلية والدوائر الاستعمارية أيضاً ومن هنا وجد الأساس الذي التقت عنده نشاطات القوى العميلة والقوى القومية اليمينية . لقد حاول حزبنا عبثاً التوصل الى اتفاق مع الأحزاب الوطنية الأخرى للنضال من أجل (( انهاء الفترة الاستثنائية )) واقامة حياة برلمانية وتحقيق الحريات الديمقراطية لجميع القوى الوطنية . لقد كانت الأحزاب الديمقراطية ترفض الدخول في أي اتفاق معنا ما لم يدخله البعثيون والقوميون الآخرون، في حين ان البعثيين والقوميين الآخرين حرموا تحريماً قاطعاً أي اتفاق مع الحزب الشيوعي (( ستقطع اليد التي تمتد للتعاون مع الحزب الشيوعي ))، ( جريد الاشتراكي البعثية الصادرة في خريف عام 1962 ) ولكن هناك من يزعم باننا نحن كنا المتشددين، أي نحن الذين لم نشترط ابعاد أي حزب من الأحزاب القومية أو الوطنية، دعونا الى التقاء الجميع ان ـ أمكن ـ في جبهة وطنية واحدة . ان الوضع كان كالآتي ـ حزبنا مستمر على تمسكه بقاسم. مع استمرار بقايا الوهم بإمكان انتهاء الفترة الاستثنائية بظله والضغط عليه والاحزاب الوطنية كانت تريد ازاحته ليس من اجل اقامة نظام حكم ديمقراطي أو حكومة ائتلافية يشترك فيها الشيوعيون بل لإقامه حكم برجوازي برلماني يكافح حزبنا والطبقة العاملة بطرق دستورية ويواصل تجميد الاصلاح الزراعي بينما كانت الاحزاب القومية بالتحالف مع القوى الرجعية تخطط لإزاحة قاسم من اجل فرض دكتاتورية عسكرية سوداء وفرض الفاشية ضد الشيوعية وضد القوى الديمقراطية . فماذا كان لحزبنا ان يعمل ؟ أيواصل دعم قاسم ؟ كان ذلك خطأً فادحاً. أيوافق على برامج الأحزاب البرجوازية لإزاحة قاسم، ويشترك معها لتحقيقه أو يقف على الحياد مقابل لا شيء سوى (( وعد )) (( بعدم ذبح الشيوعيين )) ؟ كلا بالطبع لأن ذلك خطأ فادح . ان السبيل الثوري الوحيد الذي كان على حزبنا انتهاجه هو ان يطرح برنامجاً ديمقراطياً ثورياً لإزاحة قاسم واقامة دولة ديمقراطية ثورية، تحقق اصلاحاً زراعياً عميقاً وتلبي مطلب الحكم الذاتي للشعب الكردي وتسحق القوى الرجعية، وتطمن المصالح المشروعة للجماهير. وفي الوقت الذي كان فيه الاتفاق مع الاحزاب البرجوازية، والبرجوازية الصغيرة على برنامج كهذا متعذر، فقد كان على الحزب ان يكدس القوى الثورية الجماهيرية والعسكرية. ويبرمج نضالها المستقل تحت قيادته وبالتعاون الوثيق مع الثورة الكردية، من أجل الاستيلاء على سلطة الدولة . ان البديل لم يكن بين دكتاتورية عسكرية للبرجوازية [ حكم قاسم ] أو دكتاتورية برلمانية دستورية للبرجوازية، أو دكتاتورية عسكرية فاشية للجبهة القومية المتحالفة مع الرجعية . حل أزمة الحكم بطريق ثوري ـ بقيادة الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي ـ ذلك كان البديل الثوري الصحيح .
#خالد_حسين_سلطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من وثائق الكونفرنس الثالث للحزب الشيوعي العراقي / تقييم سياس
...
-
من وثائق الكونفرنس الثالث للحزب الشيوعي العراقي / تقييم سياس
...
-
من وثائق الكونفرنس الثالث للحزب الشيوعي العراقي / تقييم سياس
...
-
من وثائق الكونفرنس الثالث للحزب الشيوعي العراقي / تقييم سياس
...
-
الحزب الشيوعي العراقي من اعدام فهد حتى ثورة 14 تموز 1958
-
الشمس التي غربت مبكرا*
-
حسن عوينة الانسان والمناضل والشهيد
-
الشهيد محمد الخضري . . . ثوري من الطراز الأول
-
الشهيدة سحر أمين منشد نجمة براقة في سماء العراق
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
محاضرة عن الحزب الماركسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|