الفلوجة والقوى السياسية السورية

نصر سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 1089 - 2005 / 1 / 25 - 11:43
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

- إن ردود فعل القوى السياسية في سوريا حول أحداث الفلوجة دفعني للتفكير جديا بطرح السؤال التالي : هل هناك حركة حقيقية من اجل الديمقراطية في سوريا ؟ تضم كل الاتجاهات السياسية التي تؤمن بان سوريا وشعبها يستطيعون إعادة الحياة السياسية الى مجراها الطبيعي الذي عرفناه في الخمسينات حيث يتنافس على مقاعد برلماننا البعثيون والشيوعيون والناصريون والمستقلون عربا واكرادا , ودون خوف او وصاية او تعيين أو إقصاء ...الخ
- إن من بتابع اليوم نشاط معظم هذه القوى بِِدءاً بحزب البعث وجبهته الحاكمة الى التجمع الوطني " الديمقراطي " وحزب العمل الشيوعي والاخوان المسلمين سيجد في أدبياتهم مطالب عن الديمقراطية ولو على صفحة واحدة , لكن الأمر لا يستمر في الانسجام حول ذلك في الممارسة السياسية لهذه القوى , وخاصة عندما تنزاح وتتحول باهتماماتها عن النضال الديمقراطي الضروري إلى نضالات وهمية دونكشوتية ترتبط بساحات البلدان المجاورة لنا كلبنان والعراق وفلسطين بحجة قديمة قدم ثقافة التبرير المرافقة للتسلط , وتبدأ بمعرفة الأولويات دون إنجازها , ومعرفة المخاطر وتهويلها ... خطاب يحلق في بلاغته ويبدع في هجومه وتخويناته , لمن لا يعزف على نفس الأوتار الصدثة لثقافة سادت وأصبحت من الماضي , حتى وصل الأمر بأغلب قوانا السياسية الى اصدار قرارات تخوين للعديد من القوى السياسية في الدول المجاورة وباتت اكثر صفحات صحافتنا الرسمية والمعارضة منشغلة بتلك الساحات كأنها وصية عليها
- لقد كشفت أحداث الفلوجة بعد ان عادت الى سلطة الدولة العراقية , واقع الأحزاب السياسية في سوريا بما فيها – الجمعية العربية لحقوق الانسان المفترض أن يكون اهتمامها محلي – وكيف تتحرك بعيدا عن مهامها المركزية في التاسيس لثقافة الحرية والديمقراطية ومفهوم الدولة والمواطنة واحترام الدول المجاورة ليكونوا عونا لنا لا علينا . لقد شكلت احداث الفلوجة من وجهة نظري مفصلا هاما في تاريخ الفكر السياسي المعاصر على صعيد الممارسة والتعبئة , كما شكلت الحرب العالمية الثانية بتحالف الشرق والغرب مفصلا في حينه ضدهتلر . لقد انحازت أغلب الاتجاهات في سوريا بممارستها حول الفلوجة انحيازا موضوعيا للدولة العشائرية والطائفية القديمة , على حساب القوى السياسية العراقية المعروفة بنضالها التاريخي ضد استبداد صدام من اجل الحرية . فانتصار الدولة العراقية في الفلوجة سيكون بداية النهاية للدولة العشائرية ولثقافة الموت والتخوين وبداية للدولة الحديثة و دولة المواطنة وسيادة القانون وثقافة التسامح , وكان من الأفضل لنا أن لا تصدر تلك الأحكام على قوى يفترض ان تكون صديقة لسوريا , فبيان التجمع الوطني الديمقراطي في سوريا هو اقرب على سبيل المثال موضوعيا الى " المجاهد الزرقاوي " وانصار صدام منه الى الحزب الشيوعي العراقي , إن هذا البيان في الممارسة كما هو تصريح الجمعية العربية لحقوق الانسان ( رعدون ) حول نفس الموضوع يكشف مستورا هو الدفاع عن عرش سقط وعن أمراء حرب لن يجلبوا للعراق الا ما جلبه عنف الثمانينات في سوريا . خطاب لن يصمد أمام إرادة الشعب العراقي وأمام متطلبات الواقع . إنه درس بليغ لإعادة انتاج وتاسيس ثقافة الحوار بدلا من ثقافة الموت والتكفير , فنحن في سوريا لدينا ما يكفينا من الهموم والمشاكل لمعالجتها ونحن لن نستطيع ذلك بهذه الذهنية الهاربة الى الساحات المجاورة , متخلية عن مهامها الوطنية و والعمل من اجل ايجاد حياة ديمقراطية دستورية غابت عنا منذ استلام البعث للسلطة , فالديمقراطية هدف لايؤجل تحت أي ذريعة كانت , لأن المناخ الديمقراطي يخلق جوا آمنا من الحرية يعيد الناس موا طنين حقيقيين يساهموا في بناء بلدهم قويا منيعا متطورا ومتنوعا , وهذا يحتاج الى جهد كل المخلصين والشرفاء في السلطة والمعارضة على حد سواء فهل من مستجيب لهذا الصوت ,
نصر سعيد – اللاذقية

#نصر_سعيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات