أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مصطفى عنترة - سؤال من يحكم المغرب يعود إلى الواجهة السياسية















المزيد.....

سؤال من يحكم المغرب يعود إلى الواجهة السياسية


مصطفى عنترة

الحوار المتمدن-العدد: 1089 - 2005 / 1 / 25 - 11:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


في سياق سياسي عام يتسم بالضبابية وعدم الوضوح، وبانتظارية قاتلة قد تفتح الباب أمام جميع الاحتمالات، وبغياب بدائل ملموسة وناجعة.. أصبح الجميع يلمس وجود فراغ سياسي قاتل يتأكد مع توالي الأيام في ظل تراجع الأحزاب السياسية وصمتها غير المفهوم وضعف الحكومة الحالية برئاسة التيكنوقراطي إدريس جطو الذي يبدو أنه منهمك في ترتيب مصالحه الخاصة مع اللوبي الاقتصادي المساند له داخل "الاتحاد العام لمقاولات المغرب" الذي يقوده صديقه حسن الشامي، أكثر من مواجهة مشاكل الشعب.. وفي هذا السياق يطرح من جديد سؤال من المسؤول الأول والأخير عن هذا الوضع المتأزم، كما يطرح سؤال ثاني ماذا تخبؤه الأيام القادمة بالنسبة إلى المستقبل السياسي للبلاد، وسؤال ثالث حول موقف الشارع من الفراغ، وأخيرا موقف الدوائر الحاكمة المتعددة الأقطاب مما يعيشه المغرب حاليا..
لعل التساؤل حول من يحكم المغرب، قد شكل بالأمس جوهر الأطروحات السياسية لمعارضي نظام الحسن الثاني، إلا أن هذا السؤال سرعان ما اختفى بفعل التحول النوعي الذي عرفه الحقل السياسي، والمتمثل أساسا في كون أصحابه انتقل البعض منهم إلى مواقع إدارة تدبير الشأن العام، وذلك بعد "التناوب التوافقي" الذي شهدته البلاد في السنوات الأخيرة في عقد التسعينات بقيادة الاتحادي عبد الرحمان اليوسفي.
من هذا المنطلق تغيرت الأولويات، إذ أصبح الحديث يدور أكثر حول شرعية الإنجاز بدلا من الشرعية الموروثة ، بمعنى إلى أي حد يمكن الاستجابة للمطالب الاجتماعية المطروحة عوض البحث عن مشروعية الحكم.
لكن المثير للاستغراب هو أن هذا السؤال طغى من جديد على سطح الأحداث، وهذه المرة نجد الصحافة المستقلة ـ التي تقوم بدور فاعل وفعال في عملية تنشيط اللعبة الديمقراطية ـ هي التي تطرحه بقوة، فما هي إذن، الأسباب التي جعلت الصحافة الحرة تنفرد بهذه المهمة أكثر من غيرها؟ وإلى أي حد يجد هذا السؤال في واقعنا السياسي صدى له؟

ـ المقــدس:
من المؤكد أن مناخ الانفتاح الذي شهده العالم في سنوات التسعينات من القرن الماضي وتأثيراته الإيجابية على المغرب، لعب دورا في إبراز الإعلام كفاعل جديد في عملية فتح ملفات الانتقال الديمقراطي، خاصة وأن "المعارضة الجديدة" المتمثلة أساسا في "اليمين الإداري" وجدت نفسها تفتقر لآليات ممارسة هذه المعارضة، وهي التي تربت نخبها المخزنية المدللة على تدبير الشأن العام ضمن حكومات أدارت فيها قطاعات وزارية ليست استراتيجية، فوجودها السياسي كان للتأثيث الحكومي، في حين أن القطاعات الوزارية الهامة كانت تسند إلى شخصيات تابعة للقصر الملكي.
إن هذا الوضع جعل الإعلام الحر ينتقل إلى موقع متقدم، أصبح معه مرجعا بالنسبة إلى المؤسسات الدولية، كما أصبح في نظر النخبة الحاكمة الجديدة مصدر قلق، يشوش على المخططات السياسية المرسومة، وجب، في رأي أقلية داخل دائرة القرار السياسي التي تخاف من الدمقرطة، التصدي له قصد تقزيم دوره المتعاظم في أحسن الأحوال، وهذا ما يفسر المحنة التي تعرضت إليها الصحافة المستقلة في الخمس سنوات الأخيرة، حيث تم منع ثلاثة صحف مرة واحدة وهو رقم قياسي أثار انتباه كل المتتبعين للشأن السياسي بالمغرب، ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه بكثير بعد اعتقال صحافيين والتضييق على آخرين.. ذلك أن الصحافة أصبحت العدو الذي وجب اختراقه قصد التحكم فيه أو التصدي له في حالة الرفض!؟
ولعل الأصوات المتعالية اليوم ضد الحرية التي تتمتع بها الصحافة المستقلة، والمطالبة بل والمحرضة السلطات العليا على التدخل لقمع هذه الصحافة بدعوى أنها تجاوزت الحدود المعقولة وأضحت تمس المقدسات التي لازلنا لم نعرف بعد حدودها، بمعنى أين يبتدأ المقدس وأين ينتهي هذا المقدس، ولعل هذه الأصوات تعبر في العمق عن إرادة سياسية تهدف إلى فرملة هذا الانفتاح السياسي للأسباب التي أشرنا إلى البعض منها. وما ذنب الصحافة المستقلة في نظر هؤلئك سوى أنها طرحت مسألة أين يسير المغرب وما هي القوى المتحكمة في الوضع الحالي الذي يشكو من فراغ سياسي قاتل ينبئ بالسكتة القلبية؟
هناك من يتخذ من الفصل 19 من الدستور صمام أمان يقيه من أي انفلات محتمل سواء تعلق الأمر بالتيارات الأصولية التي تشوش على الشرعية الدينية للملك أو التيارات الحقوقية التي ترى في هذا الفصل عرقلة لفصل السلط وإقرار ديمقراطية حقيقية. فهذه الجهات كثيرا ما ترفع إمارة المؤمنين بدافع انتهازي قصد حماية مصالحها الضيقة.
إن الديمقراطية يجب أن تكون المؤطر الوحيد للسلطة الدينية والدنيوية للملك على اعتبار أن بريطانيا على سبيل المثال توجد على رأسها ملكة ترأس في ذات الآن الكنيسة الأنجليكانية، والنظام هناك ديمقراطيا أي وجود فصل أو تمييز حقيقي بين السياسي والديني. فالدستور يجب أن يكون المرجع الوحيد لكل القرارات لأنه يمثل السلطة الأساس على اعتبار مصادقة الشعب على مضامينه عبر استفتاء شعبي.. فالمشكل إذن، لا يكمن في وجود إمارة المؤمنين المتضمنة في الفصل 19 من دستور المملكة، لكن في الوظائف المحددة إليها وفي الأدوار الموكولة إليها..
مما لاشك فيه أن هذه الأصوات المبحوحة التي ارتفعت في الآونة الأخيرة هنا وهناك تعبر عن الخوف من عواقب هذا الانفتاح، فهي اليوم تتحرك قصد إثارة الانتباه بكونها صاحبة وظيفة سياسية، لكن حتمية التغيير ستلقي بمثل هذه الأصوات كغيرها إلى الهامش، وفي تجارب الشعوب والأمم التي سبقتنا ديمقراطيا ما يكفي من الدروس الهامة في هذا الباب.

ـ الســؤال:
إن سؤال من يحكم المغرب قد عاد إلى واجهة الأحداث السياسية، فهو يكتسي شرعيته ومشروعيته من خلال عدة عوامل، أولها استمرار تعميق الأزمة السياسية الخانقة، في وقت استم سلوك النخبة السياسية بانتظارية قاتلة، وبافتقار إلى الحلول والبدائل للمشاكل المتراكمة والتي باتت تهدد أمن واستقرار المملكة، ولعل أحداث 16 ماي الإرهابية التي كانت الدار البيضاء مسرحا لها أكدت هذه الصورة السياسية المخيفة.. ثانيها، تعدد الجماعات الحاكمة ودخول أقطابها في حروب مواقع ومصالح وغياب رئيس الأوركسترا.. فمرة يظهر بعض رفاق الملك في الدراسة كأنهم يملكون سلطة القرار، ومرة ثانية يظهر المستشارون وكأنهم من يملك السلطة في بعض الملفات الحساسة.. ومرة ثالثة تختفي الفئة الأولى ومثيلتها الثانية مقابل بروز "الأمنيون الجدد" أي العسكريون ومن يدور في فلكهم خاصة بعد التحول الذي عرفه الجيش في عملية التوازنات السياسية إثر إضعاف وتفكيك المؤسسة الإدارية التي كان يتحكم فيها وزير الدولة والداخلية الأسبق إدريس البصري وتصالح البروجوازية الفاسية مع الملكية.. مقابل تهميش نخب محسوبة على بعض جهات المملكة.. ومرة رابعة يظهر أن لا أحد يملك سلطة القرار، حيث الفراغ السياسي هو سيد الموقف.. ولعل ما يزيد من تأزيم هذا الوضع، طبيعة النظام السياسي المتسم بانغلاقه، ذلك أن التحولات الجذرية التي شهدها العالم استطاعت أن تؤثر في هذا النظام وتجبره على الانفتاح، وهو الشيء الذي حصل، لكن الظاهر أنه انفتاح محتشم، لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب، تسكنه "جيوب مقاومة" تهدده (أي الانفتاح) في كل مرحلة بالانتكاسة..

ـ المسـؤولية:
أكيد أن تعيين التقنوقراطي إدريس جطو على رأس الوزارة الأولى، بدل شخص ينتمي إلى الحزب الأول في الانتخابات كما هو متعارف عليه في الديمقراطيات الدولية شكل تراجعا على مكسب سياسي (التناوب التوافقي) اعتقد الجميع أنه سيتحول إلى عرف سياسي يغني التجربة الديمقراطية الفتية بالمغرب، فهذا التعيين جعل الملك في الواجهة السياسية على اعتبار أن أخطاء الوزير الأول سيحاسب عليها، علما بأن الملك الدستوري هو فعليا رئيس الوزراء، يترأس مجلس الوزراء الذي يصادق على الاختيارات الكبرى للأمة، وكل اختلاف داخل الجهاز الحكومي يكون حول سبيل وآليات ترجمة هذه الاختيارات.. وللإشارة فقد ساد هذا التخوف بعد تعيين جطو على رأس الوزارة الأولى وإصدار المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لبيان شهير تحدث فيه عن الابتعاد عن المنهجية الديمقراطية.. وزاد هذا التخوف بعد زحف المؤسسات الاقتصادية التابعة للملك على بعض القطاعات، وهو الزحف الذي سماه البعض بالمخزن الاقتصادي، إذ أن كل تراجع في هذا المجال أي الاقتصادي أو غير السياسي سيعود سلبيا على الملك الفاعل السياسي والاقتصادي الأول.
إن وضع الملك داخل الساحة السياسية يوجد في مرتبة فاعل سياسي، يرسم اختيارات الأمة ويوجه عمل الحكومة، ولن يمنع أحدا من توجيه النقد إليه سواء كان سياسيا من طرف معارضة حقيقية أو مجتمع مدني مستقل، أو اقتصاديا من قبل معارضة ليبرالية حقيقية، تحتج عند عدم احترام قواعد اللعبة الاقتصادية المتفق حولها.. فالملك كشخص مقدس لا تنتهك حرمته حسب مقتضيات الدستور، لكنه كفاعل وجب نقده ومحاسبته للاعتبارات التي أشرنا إليها.. فهو يترأس الجهاز التنفيذي وبالتالي يتحمل مسؤولية حصيلة حكومته..
إن الملكية في المغرب هي رمز الوحدة وضمان استمرارها، أما الخلط بين الاثنين (أي بين المؤسسة والملك الدستوري) فلا يوجد إلا لدى بعض الفعاليات السياسية، صاحبة الحسابات الأنانية، التي أظهرت التطورات السياسية الأخيرة عجزها عن مواكبة هذا التطور، حيث بدأت تحتج بقوة على تقدم الصحافة المستقلة في أداء وظيفتها الإعلامية مظهرة أن في الأمر مس بما يسمى في قاموسها السياسي بـ"المقدسات"، وهي على العموم ممارسات لا تخدم مسلسل الديمقراطية في أي شيء.



#مصطفى_عنترة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معتقل تمارة -السري- بالمغرب تحت المساءلة القانونية
- على المرابط يتحدث عن زيارته إلى تيندوف ولقائه بمحمد عبد العز ...
- أي موقع لمطلب ترسيم الأمازيغية في أجندة الحكم المغربي؟
- قراءة في حرب إدريس البصري وزير داخلية الحسن الثاني ومحمد الي ...
- الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب في مفترق الطرق
- خطاب أجدير وسؤال التعدد الثقافي واللغوي بالمغرب
- لمـاذا يطـالب الأمازيغيـون المغاربة بالعلمـانية؟
- الدين والسياسة في استراتيجية الملك محمد السادس
- متى تستحضر المؤسسة الملكية بالمغرب الوعي بالعمق الأمازيغي؟
- محاولة رصد بعض -الصفقات السياسية- الأساسية المبرمة بين نظام ...
- هل المغرب في حاجة إلى حكومة سياسية؟
- مصطفى البراهمة قيادي في النهج الديمقراطي ذي التوجه الماركسي ...
- المغرب الحقوقي في قفص اتهام منظمة العفو الدولية!؟
- تأملات في خلفيات تنظيم مهرجانات ثقافية وفنية من طرف رجالات ا ...
- سؤال المخزن في مغرب الملك محمد السادس
- أبعاد وخلفيات تحاور السلطات المغربية مع شيوخ السلفية الجهادي ...
- أمازيغيو المغرب يطالبون الملك محمد السادس بدسترة الامازيغية ...
- حركية تغيير المواقع والمراكز داخل البلاط بالمغرب
- الشارع العربي يحاكم رمزيا الأمريكان في انتظار محاكمة الأنظمة ...
- حركة التوحيد والاصلاح المغربية بين الدعوة والممارسة السياسية


المزيد.....




- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مصطفى عنترة - سؤال من يحكم المغرب يعود إلى الواجهة السياسية