|
ما الذي يجعلنا كفار في نظر الاخرين؟
وسام غملوش
الحوار المتمدن-العدد: 3706 - 2012 / 4 / 23 - 02:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ان تكون كافرا هو ان تكون عدوا للاخر وليس عدوا للدين، ولكن لم عدو للاخر؟، فالنبي محمد قد قال (لكم دينكم ولي ديني) ولم يحارب الا حين فُرض عليه القتال. فان كنت متدين من ملة ما، فانت كافر في نظر الملة الاولى، والعكس صحيح، فالكفر اضحى ليس على معيار سماوي ولا على معيار الصلاة والصوم والاعتراف بدين الاله الواحد، فالكل في الدين الاسلامي يصلي ،يصوم ويحج البيت وربه واحد، ولكن كل من جهته يكفّر الاخر، وذلك ليس بسبب التطبيق الخطأ وانما فقط لأنه ليس من مطيعيه وهو ضد مشروعه الارضي الذي يساهم في علو كلمته الذي يعتبرها كلمة الحق، ولان الجميع ينادي في علو كلمة الحق قد ضاع مفهومها، فكل الاديان تنادي وتصيح (ان مهمتنا علو كلمة الحق)، حتى الرأسمليين نراهم يريدون رفع كلمة الحق من خلال تسويق مفهوم الديمقراطية الذي يوسع لهم رقعة الشطرنج لتسرح اكثر خيولهم الجامحة فوق سهول الناس وممتلكاتهم، وكلمة الحق لا تُرفع الا من خلال مفهوم الخالق الذي يعلم كيف يرفع كلمته، ويمكن ان تكون خارج مفهوم الحق المزعوم لدى البشر، فمن يدري فهو ايضا يريدها كما يريد للمفهوم ان يكون ليكون المستفيد الاول من علو شأنه وهذا حقه من وجهة نظره. فلم يعد يعتمد الكفر على المفهوم العام الذي نعرفه فكثير من الحركات الاسلامية تتعامل مع الغرب ويتم مقايضات وصفقات كثيرة بينهما تكون ذات مصلحة للطرفين، فما ينادى به بالعلن يعمل عكسه بالخفاء. فما هو الكفر المعتمد في هذا الزمن؟ تم تعريف الكفر على مبدأ اساسي في زمننا الحاضر بشكل اكثر وقاحة عم كان عليه من مئات السنين، الا وهو "انك ان لم تكن معي فأنت ضدي"، بمعنى انك لست على ملتي ولا على مبتغاي ولا تأزرني في رأي ودائما تكون ضد مصلحتي العليا، وتم تحريف الاديان لتصبح غراب البين بدل حمامة السلام، فإينما حل الدين، علينا ان ننتظر ابشع الحروب وتنوع في الاسلوب لنبذ الاخر ، فاحتكار الصح الذي اعلنته الاديان جعل من الاخر عدو وليس فقط انه ليس على صواب، بل وجب محاربته والاستهتار به وبفكره وبمعيشته، ليصبح المتدين قيم على اولائك الذين رفضوا الانصياع لم تخفيه نفسه من حب الانا واتباع اهواء الذات والانغماس في رتابته الفكرية ، وهذه الحالة ليست فقط لدين معين وانما تشمل كل ما سمي بدين. وهذه المحاربة ليس حبا به ليصعد الى الجنة وانما ليكون خادما لمصالحهم الخاصة ومن دون اجر مباشر منهم وانما اجره ياخذه في الجنة او من الله رغم (استكرادهم) له. وقال الله: (لا تهدي من احببت فالله يهدي من يشاء) فلم اذاً يتم محاربة الاخر ويخير بين اثنتين اما معي او تكون عدوا لي، وقد اختلفت اساليب الحرب وتعددت لتصل الى الحروب الاقتصادية المعيشية وصولا الى النفوذ القوي الذي يجعل من الاخر متحكما على كل الاصعدة الحياتية ،فلماذا هذا العداء المبطن الغير مبرر دينيا ،لماذا اصبح الدين سيفا مسلطا على رقاب العباد رغم ان الله قال للرسول (ما ارسلناك الا رحمة للعالمين). ولنعد قليلا في الزمن الى الوراء ،فكل الانبياء كانوا كفار بالنسبة لمجتمعاتهم عندما بدأو يروجون افكارهم في مجتمع له دينه الخاص، ليس لأن دينهم سيء او افضل من الموجود، بل لأن هناك من يستفيد من الدين الموجود، لذلك يكون رفض اي دين جديد ليس لخطئه او صوابه وانما فقط لانه يتعارض مع مصلحة الجماعة الحاكمة من خلال دينها، "فلا فضل لدين على اخر يكون عامة الناس فيه الحكم، وعامة الناس دائما تساق امام من يملك ام حكمة عالية او دهاء ماكر" ، فدائما هناك تضارب مصالح، فمن يستطيع ان يقنع الجماهير اكثر هو من يُتبع، ومن يقود الجماهير هو صاحب السلطة العليا، فكل الحروب التي نشبت بالماضي وكانت دينية كانت لبسط النفوذ، لأن الهداية الدينة لا تتوجب القتال الا في حال الدفاع عن النفس (وفرض عليكم القتال وهو كرها لكم)، ولكن ما فعله الدين في غزو بلاد الشرق كان للنفوذ وايضا ما فعله المسلمين حين اجتاحوا الغرب كان ايضا لبسط نفوذ اوسع ولعيشة رغيدة افضل. وكما نعلم ان الدين لا يبتغي من رسالته عيشة مترفة وفرض الرأي على الاخر وانما فقط القاء الحجة عليه لأن الله قسم وقال (لاملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين) لذلك فان الله لا يريد الهداية المطلقة بل فقط الحجة، وهذا التحليل من وجهة نظر دينية فقط ،فالله له حكمته في اشعال جحيمه!. فالاديان جميعها تنظر الى بعضها انها محرفة واصحابها كفار ويسعى كل من جهته لدحر الاخر او السيطرة عليه مع ان الله قال(لو اراد ربك لجعل الناس امة واحدة) فلم يسعى دائما الاخر الى اعلان الحرب على نقيضه بشتى الوسائل ليكون تحت رايته!، السبب الوحيد هو لكي ينصره في مصالحه، فالذي يقوم به المتدين اتجاه شريكه الغير متدين في الحياة كالذي يقوم به الغربي العلماني اتجاه المتدين من خلال نظرته له كارهابي، وحين يصبح المسلم مناصرا لافكار الغربي يصبح حليفه ومدافعا عنه ، فنظرة الغربي للمسلم كنظرة المسلم المتدين لغير المتدين تضارب مصالح فقط. فالانسان مفطور على حب الانا فكيف اذا كان هناك دين ليعزز هذا الحب ويزيده قناعة بانه هو صاحب الحق في ممارسة هذه الانانية المفرطة في سذاجة تتحكم بها طفولة الشهوة تحت نير الغريزة الهائجة، ولان ممارسة الشعائر الدينية توجب على الفرد ان يقلص من التحليل المنطقي، وعندما ينعدم التحليل المنطقي يصبح الدين مع طفولة الانا قنبلة موقوتة فيها الكره والعداء وحب السيطرة لتصبح جميعها مبادئ مقدسة في عباءة فضفاضة من المكر، وما الفضيلة الا واجهة يمارس من خلالها ترويج الانا.
#وسام_غملوش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تطفل
-
من اين يبدأ الاله واين ينتهي الانسان؟ (هل نحن اشبه بمزارع دج
...
-
رموز من شريعة وجود
-
براءة في نطفة آسنة
-
الحقيقة هي انغماس في المجهول
-
نعيم الجنة والنار واخرى تعدل الاقدار
-
محامي البشرية امام المحكمة السماوية
-
رسالة الى السماء
-
ليست المشكلة في المحرّم (الخمر حلال عند الاعتدال)
-
النور الاسود (الجزء الخامس و الاخير)
-
النور الاسود (الجزء الرابع)
-
النور الاسود (الجزء الثالث)
-
النور الاسود (الجزء الثاني)
-
النور ألأسوَد (الجزء الاول)
-
الهبوط من الجنة بمركبة البراق ام فرضية رمزية؟
-
تشيطن و انشاد
-
اليسار شمعة تنطفئ في العالم الاسلامي
-
رجال الدين على حافة الانقراض
-
العالم،والعالم الاسلامي بعد زوال اسرائيل
-
هل اله المسلمين زعيم مافيا؟
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|