أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - لقاء مع السيد محمد الحراثي















المزيد.....



لقاء مع السيد محمد الحراثي


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1088 - 2005 / 1 / 24 - 10:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


لقاء مع السيد محمد الحراثي
السيد محمد الحراثي أحد أبناء إقليم القنيطرة، رئيس سابق للمجلس البلدي للقنيطرة ورئيس سابق لغرفة التجارة والصناعة من فبراير 1970 إلى فبراير 1993 على امتداد أكثر من عقدين ورئيس سابق لجامعة الغرف التجارية والصناعية على امتداد ثلاث سنوات وبرلماني عدّة مرات على امتداد الفترة ما بين 1970 و1992.
وهو أحد المؤسسن لحزب التجمع الوطني للأحرار وأحد أعضائه البارزين، يقوم حالياً بتدبير شؤون الجماعة القروية لسيدي الكامل. شارك في عدّة مؤتمرات ولقاءات واجتماعات دولية، كما ساهم عدّة مرات في تهييء وإعداد المخططات الإقتصادية في إطار المجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط منذ 1968. وكان حضوره بارزاً في العديد من اللقاءات السياسية والاقتصادية. ولازال يضطلع لحد الآن بمهمة منسق حزب التجمع الوطني للأحراربإقليم القنيطرة.
أجرينا معه هذا اللقاء المفتوح حول مساره ومعاينته الجملة من التطورات التي عرفتها البلاد.


لقد عاينتم تجرية سياسية طويلة، كما عاينتم عن قرب مختلف المراحل التي اجتازتها البلاد وكذلك عايشتم سيرورة تطور مدينة القنيطرة وجهتها، فهل هناك فرق بين الأمس واليوم في التعامل مع الأمور؟

السيد الحراثي:

بطبيعة الحال على امتداد تجربتي السياسية التي دامت ما يناهز34 سنة، من 1969 إلى 2003 ، عاينت مختلف التطورات في الميدان السياسي وكيفية ونهج التعامل في هذا المجال. وفيما يخص شكل الانتخابات مابين الأمس واليوم حصلت تغييرات وتم تسجيل تطور ملحوظ. حيث أنه في السابق كنا نشعرأن هناك نوعاً من تأثير الادارة، التي كانت شيئاً ما تتدخل ولها كلمتها في هذا الشأن، كما كان هناك شعور بنوع من الانتقاء، إلا أنه حصل تطور تدريجي سواء بخصوص الانتخابات أو بخصوص المنتخبين بدءاً بانتخابات 1969 ومروراً بانتخابات 1977-1976 وانتخابات 1981-1983 وانتخابات 1993-1992 وصولاً إلى الانتخابات الأخيرة.
وقد عايشتها كلها كما عاينت جملة من التغييرات في التعامل معها. إلا أنه لاحظنا في انتخابات 2002 (مجلس النواب) و2003 (المجالس البلدية والقروية) تكريس استعمال المال بشكل يثير الانتباه، وهي ظاهرة برزت بجلاء منذ 1997.
إلا أنني أرفض هذه الممارسة انطلاقاً من المبدأ الذي لا يقبل شراء الدمم والأصوات بالأموال، وهذا مبدأ لن ولم أحيد عنه مهما حييت. أما على صعيد طريقة الانتخاب بواسطة اللائحة فأراها غير طبيعية وغير مجدية بالنسبة لبلادنا حالياً.إن الذين وضعوا آليات الانتخابات لم يأخذوا بعين الاعتبارالواقع الفعلي لعموم الناس، باعتبار أن هؤلاء ليس لذيهم فكرة واضحة ومدققة على الأحزاب متنافسة هذا أوّلاً. وثانياً إن الأحزاب، بعد اندثار العالم الاشتراكي (الاتحاد السوفييتي، أوروبا الشرقية) لم يعد الفرق واضحاً وبديهياً فيما بينها. فحتى من ناحية المبادىء أضحت كل الأحزاب متشابهة، ولكن العيب الكبيرفي الانتخابات بالائحة هو أن الإنسان يتقدم ويترشح ويقوم بالدعاية والحملة الانتخابية في أماكن قد تبتعد عن مقر إقامته 100 أو150 كلم، وهذا غير منطقي ومعقول، إذ كيف للناس أن يتعرفوا عليه والعكس صحيح بالنسبة للمرشح. فهناك من ترشح في دار الكداري وكان عليه أن يقوم بدعايته وحملته الانتخابية في مناطق سيدي قاسم أوفي زكوطة التي تبعد عن دار الكداري بما يناهز120 كلم، وأهل زكوطة يعتبرون انفسهم أقرب لأهل مكناس أوبلقصيري من أهل دار الكداري. وهذه قضية ساهمت في نظري في عدد من التراكمات السلبية التي عرفتها انتخابات 2003 المعتمدة على اللائحة. وأعتقد أن هناك جملة من الأحزاب السياسية كانت ضد اللائحة ولكن السلطات العمومية اعتمدت هذا التوجه. لكن في اعتقادي الشخصي بعد هذه التجربة أضحى من اللازم إعادة النظر في هذه المسألة.




على ذكر الأحزاب السياسية، نلاحظ بشكل عام، أنه سابقاً كان دورها نوعاً ما بارزاً، لاسيما على مستوى جماهيريتها وعلى مستوى نفوذها وتأثيرها في الأوساط الشعبية، لكن مع التطور الذي عرفته البلاد تلاشى هذا التأثير بشكل ملفت للنظر، فهل تعتبرون، انطلاقاً من تجربتكم الطويلة، أنه لازال هناك تأثير لخذخ الأحزاب وسط الجماهير؟




السيد الحراثي:

صحيح أن الأحزاب تلاشى تأثيرها شيئاً فشيئاً. أوّلاً كانت الأحزاب في فجر الاستقلال وبعده تعد على رؤوس الأصابع، حيث كانت الأحزاب كلها معروفة. كان حزب الاستقلال والحركة الشعبية، وبعد ذلك انبثق عن حزب الاستقلال الحزب الوطني للقوات الشعبية الذي أنجب بدوره الحزب الاشتراكي للقوات الشعبية. وبقي المغرب على هذا المنوال حتى أسس اللامنتمون حزب التجمع الوطني للأحرار، وهذا دون الحديث عن جبهة الستينات. إلا أنه بعد ذلك تناسل عدد الأحزاب إلى درجة وصلنا معها اليوم إلى كثرة من الأحزاب لم تعد البلاد تطيقها. وأنا شخصياً، رغم تتبعي للشأن السياسي المغربي لم أعد أعرف كل الأحزاب المغربية الموجودة حالياً، وأسمع عن أحزاب لا أعرف أمينها العام أورئيسها أوزعمائها، باستثناء عدد قليل جداً من الأحزاب العريقة. لقد تناسلت أحزاب

بشكل لم يسبق له نظيرفي تاريخ المغرب، ولازلنا نسمع اليوم الاعداد لظهور أحزاب جديدة. بحيث كلما وقع خصام بين أشخاص إلا وتبعه الإعلان عن ميلاد حزب جديد. ولربما أن هذا التناسل الحزبي ساهم في انحراف العالم السياسي بحيث كثرت الأحزاب لدرجة لم يعد معها المرء يقوى على معرفتها وبالأحرى التمييز فيما بينها. ومن الطبيعي أن يعتبر الناس اليوم أنه لا وجود لفوارق بين الأحزاب. إذن هذه الكثرة ساهمت وإلى حدّ كبير في تمييع المشهد السياسي المغربي. وأعتقد، في تصوري الشخصي، أنه في وقت ما رغب المسؤولون، ولربما وزير الداخلية السابق، في مباركة هذا التوجه من أجل التقليص من نفوذ الأحزاب العريقة، وفي هذا الصدد لامناص من التذكير أن جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني سبق وأن قال أنه يتمنى أن تكون هناك 3 أقصاب: يمين ويسار ووسط يلعب دورالحكم. إلا أنه منذ ذلك الوقت إلى الآن لم تقع أي بادرة نحو هذا الاتجاه كما تمناه الملك الراحل. بل وقع عكس ذلك، إذ تناسلت الأحزاب أكثر فأكثر. بالطبع لم يكن من الممكن فرض التوجه الذي تمناه الملك الراحل. وكذلك جلالة الملك محمد السادس تمنى هو كذلك أن يكون مثل هذا التقاطب لتكريس الوضوح في المشهد السياسي المغربي، وهذا ما عبرعنه جلالته في كلمته بمناسبة افتتاح السنة التشريعية.



هذا يجرنا إلى طرح اشكالية مازالت مطروحة لحد الآن، وهي المرتبطة بدور العالم القروي في الركح السياسي بالمغرب، علماً أنه من المعروف أن البادية لازالت تمثل أهمية واضحة سواء على الصعيد الديمغرافي أو على الصعيد الاقتصادي، وتاريخياً يلاحظ المتتبع أن هناك شبه غياب التأثير السياسي الحزبي في البادية. فهل هذا الواقع ناتج عن وجود معوّقات أمام الأحزاب خصوصاً وأن هناك رأي يقول أن النظام بالمغرب كان دائماً حريصاً جداً على عدم نفوذ تأثير الأحزاب بالبادية المغربية، علما أن هناك بعض الأحزاب القليلة جداً اعتمدت على العالم القروي منذ تأسيسها (الحركة الشعبية، التجمع الوطني للأحرار)؟ وهل هذه الإشكالية لازالت قائمة الآن؟ وهل يُمكن تصور تنمية شاملة مستدامة دون درجة من تسييس.

السيد محمد الحراثي:

أعتقد أن العالم القروي يلعب دوراً كبيراً في المغرب، أوّلاً من ناحية عدد الساكنة، وأظن أن في المعدل هناك 45 في المائة من سكان المغرب مازالوا بالبادية، بل هناك أقاليم مثل سيدي قاسم، تصل فيها هذه النسبة مابين 75 إلى 80 في المائة. ومن الناحية الإقتصادية، بطبيعة الحال، البادية والفلاحة يلعبان دوراً كبيراً في قاطرة التنمية والاقتصاد وآلياتهما. كما أن نسبة الانتاج الانتاج الفلاحي لازالت مهمة في الناتج الداخلي الخام. كذلك، وهذا لايجب إغفاله، أن الدولة استثمرت كثراً وبقوّة في الميدان الفلاحي. بحيث إذا وضعنا مخطط 1964-1960 جانباً، فابتداءاً من المخطط الثلاثي 1967-1965 وبالخصوص انطلاقاً من المخطط الخماسي 1972-1968 ـ وقد كان لي الشرف في المساهمة في اعداده ـ كل الأولويات وعلى امتداد أكثر من 20 سنة، كانت تتمحور حول التنمية الفلاحية. إذن الدولة استثمرت الكثير والكثير جداً في الميدان الفلاحي، فمثلاً سياسة السدود، وهي في نظري، استيصار صائب في النهج الحسني، حيث اهتمت مبكراً بتدبير الشأن المائي لا من ناحية ماء السقي ولكن كذلك من ناحية الماء الشروب، وهي الآن أعطت أكلها بامتياز، والآن المطروح على الصعيد العالمي وبدرجة من الحدة مستقبل الماء بالنسبة للبشرية. عموماً استثمرت الدولة المغربية في السدود وفي مجال الأراضي السقوية ووصلنا إلى المليون هكتار بل تجاوزناه.
ومن الناحية السياسية، فكرتكم صائبة، إذ أنه بالنسبة للعالم القروي هناك عدّة أسباب من شأنها تفسير ابتعاده عن التأثير السياسي وعن نفوذ الاحزاب.
أوّلاً، في رأيي الشخصي، كان هناك توجه بهدف ابعاد العالم القروي عن نفوذ الأحزاب وعن الركح السياسي بالبلاد لكي يظل دائماً مرتبطاً بالسلطة ونفوذها، بالشيخ والمقدم والخليفة والقائد والقائد الممتاز والعامل. كما الأحزاب السياسية ساهمت كذلك في تكريس هذا الواقع، وهذا التوجه. لماذا؟ لأنه كانت لديهم سهولة في الاجتماع واللقاء والاتصال والتنظيم بالنسبة للمدينة وأهلها، ومن الطبيعي أن تختار الأحزاب المسار السهل والأقصر والأسرع في تحقيق المراد. بينما العمل السياسي بالعالم القروي صعب ويتطلب النفس الطويل والصبر الجميل والصمود والمثابرة. إلا أن الأحزاب لم تقم بمجهودات فعلية لتأطير العالم القروي رغم أن الدستور ينص بوضوح أن الأحزاب تؤطرالمواطنين. وطبعاً للتأطير أهمية قصوى، من ناحية التوعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وعموماً يمكن القول أن الأحزاب كرست تهميش البادية المغربية سياسياً، والدليل على ذلك أن الأحزاب القديمة (الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي) كان زعماؤها يحققون نتائج أكثر في المدن. ولازلت أتذكر أن الاتحاد الاشتراكي كان يهتم كثيراً ببعض المدن دون غيرمثل أكادير والقنيطرة وغيرها. ولكن في عشر سنوات الأخيرة بدأت الأحزاب تفطن بأهمية البادية، إلا أن الدولة هي كذلك أعطت اهتماماً كبيراً للعالم القروي، لاسيما من ناحية الكهربة والماء الشروب وبعض التجهيزات الأساسية. وهكذا أصبح العديد من الدواوير والقرى منفتحة على العالم بواسطة البارابول، وهذا المنحى لعب دوراً مهمة في التوعية والادراك.



حالياً كيف يجب التعامل مع البادية من طرف الأحزاب السياسية المغربية؟

السيد الحراثي: أوّلا على الأحزاب السياسية أن تهتم بالبادية للتعرف الفعلي عن واقعها ومشاكلها. وأنا شخصياَ رغم أنني ابن البادية وظل ارتباطي بها قوّياً، لم أتمكن من التعرف على المشاكل الحقيقية إلا عندما أسندت لي مهمة رئاسة الجماعة من طرف السكان. إذن من أجل النهوض بالعالم القروي ومن أجل فهم مشاكله لابد للمسؤولين السياسيين والقائمين على الأمور أن يذهبوا إلى عين المكان، لأن مشاكل البادية المغربية كثيرة وعميقة ومتشعبة، وكذلك يمكن القول أنها صعبة وكسيرة الفهم. والبدوي بطبيعته يغطي على مشاكله ولايفصح لك بها إلا إذا اقتنع أنك ستساعده على حلها. إذن من مصلحة الأحزاب ومن الضروري بالنسبة لها، وحتى بالنسبة للسلطة أن تتعرف على مشاكل البادية وتحاول التعاون لايجاد حلول لها. وهناك العديد من الناس مازالوا لم يعوا بعد عمق مشاكل البادية المغربية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك من ينادي الآن بفرض الضرائب على الفلاحين، ولايعرف بأنه من أجل أداء الضرائب عليك أوّلاً أن تحقق ربحاً لتقسمه مع الدولة على شكل ضرائب، في حين أن الأغلبية الساحقة للفلاحين الآن لايحققون أي ربح في الفلاحة. هناك من طبيعة بعض القطاعات. وهي جزر في بحر ـ مثل الحوامض والبواكر والخضر... شيئاً مازالت مربحة، لكن ربحها هي كذلك تقلص بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات الفارطة. أما فلاحة الحبوب (80 في المائة من المساحة) أصبحت الآن غير مربحة، فكيف والحالة هاته فرض أداء الضرائب على الفلاحين وهم يمارسون نشاطاً غير مربح. كما أتخوف شخصياً، رغم أنه قيل أن جملة من الاحتياطات ثم اتخاذها، فيما يخص الاتفاقيات مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا حول إزاحة الحوجز الجمركية، وأعتقد أنه من الضروري الانتباه جيداً حتى لاتصل حالة القروي إلى وضعية كارثية. علماً بأن أغلب المسؤولين غير واعين حق الوعي بهذه الخطورة، كما أعتقد أن عدداً من ممثلي الفلاحة في البرلمان لازالت لذيهم أفكار غامضاً في هذا الصدد ومازالوا يفتقدون لمعرفة مضبوطة لمدى الانعكاسات.
هذه كلها عوامل تؤكد على أن من واجب الأحزاب أن تتوجه إلى البادية لفهم مشاكلها. فالفلاحة المغربية لايمكنها أن تظل على الحالة التي هي عليها الآن. فبعد الحرب العالمية الثانية في فرنسا مثلاً كانت البادية تمثل 70 في المائة والمدن 30 في المائة. ولكن تطورالصناعة والخدمات (القطاعين الثاني والثالث) جعل أن 70 في المائة أصبحت الآن 5 في المائة فقط هي التي تعيش بالبادية وأصبحت وحدات فلاحية كبيرة المساحة تساعد على تحقيق المردودية. أما في المغرب فأغلب الفلاحين لا أرض لهم ومن يملكها لايتصرف إلاّ في مساحات هزيلة جداً. ولكن علينا انتظار تنمية قطاعنا الثاني والثالث لاستيعاب عدد من السكان لنصل إلى 10 أو15 في المائة يعيشون في البادية. علاوة على أنه في البلدان الغربية رغم أن عدد سكان البادية قليل فإن فلاحتهم تستفيد من اعانات عمومية مهمة وهذا مالا يتمتع به الفلاح عندنا.
وفي هذا الصدد أريد أن أتطرق إلى مفارقة تهم الجماعة التي أدير شؤونها الآن. لقد علمت فيها جاهداً على محاولة خلق أنشطة اقتصادية موازية غير الأنشطة الفلاحية لماذا؟ لأن الجماعة تحتضن ما يناهز30 ألف نسمة ولا تتوفر إلا على 15 الف هكتار، وحتى لوقمنا بتوزعها فلن يفوزالفرد بها إلا بنصف هكتار. لذلك حاولت خلق أنشطة موازية، ولكن مع الأسف الشديد لم تفهم المسؤولون والقائمون على الأمور هذا التوجه. إذ أن هناك أرض في ملك الدولة بالجماعة لاتستعمل فلاحياً لأنها لاتوفرالمردودية اللازمة المرجوة، وأدرت جماعتنا تخصيصها كمنطقة لأنشطة اقتصادية، لكن لم تجد التفهم والدعم في هذا المجال، وتم رفض اقتنائها من طرف الجماعة لخلق منطقة تنشيط اقتصادي قروي (حدّاد، كهربائي، رصاص، ميكانيكي...) وعلى امتداد أكثر من 6 سنوات ظلت الجماعة تطالب باقتناء تلك الأرض من الدولة لكن لاحياة لمن تنادي، ولم يَلق طلبها أي استجابة رغم أهمية المشروع وتماشيه مع الأولوية المنوطة بالبادية على مستوى الخطاب الرسمي.
ومن جهة أخرى إن أغلبية رؤساء الجماعات القروية لايتوفرون على رؤية اقتصادية للدفع بجماعاتهم نحوالتنمية الاقتصادية والاجتماعية.



في هذا الإطار ماهو واقع تجربة التعاونيات وآفاقها؟

السيد الحراثي: التعاونيات فكرة مهمة جدّاً، وقد عشت تجربة تعاونية الأرز (لاسكاري) التي وثناها عن المعمرين في فجر خمسينات القرن الماضي، والتي كانت آنذاك لاتتوفر إلا على تجهيزات بسيطة جداً، إلا أننا عملنا على تطويرها وتنميتها إلى وصلت إلى درجة مهمة وأضحت تعدد من أحسن تعاونيات الأرزفي افريقيا. لكن مع الأسف منذ 7 أو8 سنوات ظهرت جملة من المشاكل، وأهمها خلقها الأرز المهرب من سبتة ومليلية، علماً أن هذا الأرز مدعم من طرف السوق الأوروبية ومن طرف السلطات الاسبانية، وبذلك يصل إلى المغرب بثمن اقل من ثمن كلفة الأرز المحلي. وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية للكارثة التي يعرفها الأرز المغربي بصفة عامة وتعاونية لاسكاري على وجه الخصوص. أما مسألة تقريرالتسيير والتدبير التي كان من ورائه الوزير الحليمي، فمن المعروف أن الفلاحين كانوا يتعاقدون مع مدير هو الذي كان يسير، وهذا ليس هو المشكل الجوهري. ومن الأسباب الأساسية هناك الأرز المهرب الذي أصبح منذ بضعة سنوات يباع في جميع المتاجر والمحلات والأسواق وعلى امتداد كافة التراب الوطني.
وعموماً، أعتقد أن تجربة التعاونيات تجربة ناجحة، كما أعتقد أن الدولة لاتقوم بما فيه الكفاية من أجل مساعدة الفلاحين على تنمية النشاط التعاوني والثقافة التعاونية. أما تعاونيات الإصلاح الزراعي، فهي تجربة ناجحة، رغم أنه في وقت مضى كان بعض التقنيين بوزارة الفلاحة ومكاتب الاستثمارالفلاحي ينتقدون تلك التجربة. والحمدلله كل التعاونيات في منطقتنا منتجة وحققت نتائج أكثرمن الخواص. لكن مع الأسف تم توقيف توزيع الأراضي، وكان لابد من الاستمرارفي هذا السياق.
كما أن التعاونيات في المجال الفلاحي مازالت في حاجة لمجهودات أكثر لخلق تعاونيات في جملة من القطاعات (تربية المواشي، تربية الدواجن...).
وبهذه المناسبة فقد فوجئت في مشروع القانون المالي 2005 بالتنصيص على تطبيق الضريبة على الأرباح، علماً أن هدف التعاونيات ليس هو الربح وإنما هو تحقيق فائض لتوزيعه حسب الانتاج، وبالتالي يظل الاعفاء الضريبي كتشجيع وتحفيز على المزيد من الانتاج.



بخصوص تعاونية لاسكاري، من الأكيد أن هناك معوّقات بنيوية، فما هي آفاق هذه التجربة، التي كانت رائدة بالأمس القريب؟

السيد الحراثي: إن مشاكل تعاونية لاسكاري بدأت منذ 1998-1997، وذلك بفعل عاملين اثنين لاثالث لهما. العامل الأول هو الأرز المهرب الذي أضحى يغزوالتراب الوطني كما سبق توضيح هذا الأمر. والعامل الثاني هو أنّه ابتداءاً من عام 1997 ثم التخلي عن ضمانة الدولة التي كانت تستفيد منها التعاونية لطلب قروض من الأبناك قبل تسويق منتوج الأرز. إذ كانت (ونفس الشيء بالنسبة لتعاونيات الحبوب)، بمجرد ما تتسلم منتوج الأرز من الفلاحين تطلب قرضاً ينكي بضمانة الدولة لأداء المستحقات للفلاحين في انتظارالتسويق لإرجاع القرض. لكن هذه الضمانة (Varrantage) حذفت نهائياً بين عشية وضحاها ودون سابق إنذارللإستعداد للوضع الجيد، وهذا انطلاقاً من سنة 1997. وقد تضررت لاسكاري كثيراً من هذا الحدف، أما تعاونيات الحبوب فقد استغلت تضامنها في إطاراتخاذها لمواجهة الوضع الجديد، وبذلك تمكنت إلى حد كبير من التغلب على المشكل الذي أحدثه حذف ضمانة الدولة. وكانت النتيجة المنطقية والحتمية هي حرمان لاسكاري من القروض بفعل تخلي الدولة على الضمانة المعهودة على امتداد وقت طويل جداً، وبالتالي لم يعد من الممكن أداء مستحقات الفلاحين إلا بعد تسويق المنتوج. وهكذا أضحى مفروضاً عليهم الانتظار، وقد يطول انتظارهم بفعل المشاكل التي يخلقها الأرزالمهرب. وهذا هو المشكل الجوهري. ولقد طالبنا بإرجاع الضمانة المتخلى عنها، على الأقل خلال فترة انتقالية لمدّة 5 سنوات، وتم هذا في عهد السيد حسن أويوب عندما كان وزيراً للفلاحة، وقد أمضى ممثلي الفلاحة، هنا بمدينة القنيطرة اتفاقاً بهذا الخصوص، إلا أن طلبنا قوبل بالرفض، وقد رفضه بالخصوص وزيرالمالية آنذاك. هذا هوأصل وجوهر المشكل.
وإذا استمر الحال على ماهوعليه الآن دون ايلائه الاهتمام اللازم الذي يتطلبه الوضع الخطير فإن زراعة الأرز بالمغرب سيكون مآلها الاندثار. علماً أنه هناك أكثر من 16 ألف هكتار مجهزة لزراعة الأرز ولاتصلح إلا لفلاحة الأرز دون سواها. كما أنه في إطار 250 ألف هكتار المبرمجة هناك 40 ألف هكتار مخصصة للأرز. وبذلك يكون من المفروض على الدولة حالياً الانتباه لهذا الإشكال. لاسيما وأنه تم توظيف الملايير لتجهيزالأراضي المرصودة لزراعة الأرز، كما أن هذا النشاط يعيش منه آلاف المواطنين، وكذلك الانتاج يقدر بالملايير ويرتبط أيضاً بالاكتفاء الذاتي وسد حاجيات المغرب بخصوص الأرز.



تجربتكم طويلة في مجال غرفة التجارة والصناعة والخدمات، فماذا تقولون في هذا المجال؟

السيد الحراثي: الغرفة هي مؤسسة استشارية وليس لها، كالمجلس البلدي مثلاً، نفوذاً ترابياً، فالغرفة لها صبغة استشارية، ولكن لها صبغة استشارية، ولكن لها صبغة ثانية وهي أن القانون يمنحها بعض الاختصاصات، إن هي هي فُعِّلَتْ يمكنها أن تُستغل في تحقيق منجزات ذات أهمية.
وأعتقد أنه في هذا المجال، قليلة هي الغرف التي اتجهت في هذا المنحى. إذ يبقى عملها محصوراً شيئاً ما في مشاكل التجار اليومية والمساهمة في تنظيمهم وتأطيرهم. وهنا نقوم به طبعاً بشكل واسع، وسمعت أن حتى هذا النشاط تقلص بشكل كبير في السنوات الأخيرة. في العهد الذي كنت أدير فيه شؤون الغرفة كان ما يناهز40 جمعية أونقابة وكلها بمكاتبها وكتاباتها الخاصة بالغرفة تضطلع بشؤونها الإدارية وتتبعها. إلاّ أن التأطير والتنظيم يبدو أنّه تقلص كثيراً. لقد كانت غرفة مدينة القنيطرة، الغرفة الوحيدة ذات السبق في مجال الاهتمام بالتكوين المهني وكذلك فيما يخص تنظيم المعَارض. ومنذ ثمانينات قمنا بمجهودات محمودة في هذا الإطار. إذ تمكنت من الحصول على الأرض والاعتمادات اللازمة لبناء المعرض في وقت وجيز. وكان آنذاك مقرراً انجاز الشطر الثاني، إلا أنني تخليت عن رئاسة الغرفة سنة 1993. علماً أن الحجرالأساسي الخاص بهذا الشطر قد تم وضعه بحضوروزير الصناعة والتجارة آنذاك السيد الأزماني، وكانت وزارته مستعدة لمنحنا الاعتمادات اللازمة. إلا أنه يبدو أنه تم التخلي ولم أعرف مآله بعد مغارتي. لقد عملنا في مجال التكوين المهني وتمكّنا من تحقيق توأمة مع غرفة مدينة بوخوم الألمانية التي ساعدتنا على احداث مركزاستكمال التكوين، ووفّرلنا الألمان المدير والمؤطرين وجملة من الوسائل وكذلك التمويل. وكانت غرفة القنيطرة آنذاك رائدة في هذا المجال، كما عملنا على ربط الاتصال بمستثمرين ألمان، وبالغرفة المغربية الانجليزية بلندن عندما كنت أمثل جامعة الغرف التجارية. كما تم ربط الاتصال مع الغرفة التجارية العربية الفرنسية بفرنسا وتمكّنا من تنظيم عدة لقاءات مع العديد من المستثمرين الأجانب لاستدعائهم للاستثمار ببلادنا عموماً ومنطقتنا على وجه الخصوص.
إلا أنه لاحظنا في السنوات الأخيرة فتور الغرفة في مجال التنمية الاقتصادية، علماً بأنه، في الفترة التي كنت فيها مسؤولاً بجامعة الغرف، تمكّنا من تمريرقانون لإضافة 10 في المائة في الضريبة التجارية، وكانت نسبة كبيرة منها مخصصة لميزانية الغرف، الشيء الذي مكّنها من توظيف عدة أطر للقيام بالدراسات ومساعدة الرئاسة على القيام بمهامها في إطار التنمية الاقتصادية.
لكن مع الأسف لم تسر الغرفة في هذا الاتجاه، كما كان منتظر منها. كما بلغ إلى علمي أن الضريبة التجارية تقلصت كبيراً وهناك فكرة تروج حول حذفها نهائياً.



سؤال موجه للسيد الحراثي كرجل أعمال، ماهو واقع الاقتصاد بالجهة؟

السيد الحراثي: أوّلاً يمكن القول أن الأمر يتعلق بجزء من كل، اعتباراً لكون جهتنا جزء من المغرب. لأنه لايمكن تصورأن تكون نسبة نمو جهتنا معزولة عن الظروف العامة التي تعيشها البلاد. فإذا كانت هناك نسبة نمو شامل في المغرب، فهذا سيعني مختلف الجهات. ولكن جهتنا تتوفرعلى مؤهلات لاتتوفر عليها مناطق أخرى.
ففي الميدان الفلاحي عرفت جهتنا استثمارات مهمة منذ بداية مشروع سبو الذي يمكن تلخيصه في بعض الأرقام فقط. إنه يستهدف

تجنيد 250 ألف هكتار من أجل الفلاحة الصناعية (قصب السكر، الشمندر، الأرز...). ومجهز منها حالياً حوالي 130 أو140 ألف هكتار. والشطر الثالث الذي يهم 100 ألف هكتار مازال لم يجهز منه إلا 7 آلاف هكتار، وإذا استمر الحال على هذه الوثيرة، بعدما كانت الدولة تجهز8 إلى 10 آلاف هكتار سنويا، في حين تطلبت 7 آلاف المجهزة مؤخراً ثلاث سنوات، فمن المحال إنهاء 100 الف هكتارالمقررة. فالدولة اتخذت مساراً وبدأت فيه وهو مسار مهم، وعليها الاستمرار فيه وإن تطلب ذلك بعض التغييرات (التخلي مثلاً على أراضي الأرز)، لكن مازال هناك قصب السكر والشمندر والزيتيات...
إن مؤهل 250 هكتار لا وجود له في مناطق أخرى، وكذلك امكانيات السقي المتوفرة في جهتنا لا توجد في جهات أخرى. لا يجب أن ننسى أن المياه السطحية المتوفرة عندنا تقدر ب 30 في المائة من الاجمال الوطني والمياه الجوفية ب 20 في المائة. كما أنه هناك الشواطىء،والميناء، سواء الميناء النهري الوحيد بالبلاد أو مطلب الميناء الأطلسي وكذلك موقع المدينة وتجهيزاتها الأساسية.
فهناك مؤهلات لم يستعمل منها إلا الجزء، لأنه إذا قلنا مؤهلات فلاحية فيعنى هذا كذلك معامل لتحويل المنتوجات.
أعتقد أنه يجب اعطاء عناية خاصة لجهتنا، لامن طرف الدولة فقط، وانما كذلك من طرف الهيئات المنتخبة لا في المدن وفي البوادي بالخصوص.



هذا يجرنا إلى إشكالية الإستثمار، علماً أن المؤهلات التي سردتم لا يمكن أن تعطي نتيجة إلا بموازاة مع توفير ووجود استثمارات، فهل هناك معوقات للاستثمار بالجهة؟
أتساءل الآن، لماذا كانت الدولة تقوم بتجهيز ما بين 8 إلى 10 آلاف هكتار في السنة، ولم تعد تقوم الآن إلا بما قدره 500 هكتارفي المعدل في السنة؟ ذلك الآن الإمكانيات لم تعد متوفرة. فلماذا لا تفكرالدولة في استثمارات في هذا المجال من أجانب، مع كويتين ومع شرق أوسطيين الذين لهم امكانيات مالية لتجهيز الأراضي مقابل الاستعمال والاستغلال لمدّة معينة. في وقت مضى كان مدير المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي يتوجه إلى الصناديق والمؤسسات الدولية للتفاوض بصدد اعتمادات لتجهيز الأراضي، أما الآن فقد أوقفت وزارة المالية هذه المبادرات. في السابق كان المسؤولون في الفلاحة يتوفرون على هامش كبير للمبادرة في هذا المجال، بل كانت لهم الكلمة الأخيرة في مجال الاستثمار في الميدان الفلاحي. أما الآن البادرة والكلمة الأخيرة أصبحت بيد وزارة المالية.
إن الإستثمارات اللازمة للمائة (100) ألف هكتارالمتبقية في البرنامج ستكلف ملايير الملايير، وليس لدينا الامكانيات لتوفيرها، فلماذا لا نبحث على سبل وطرق للشراكة في هذا الصدد. لأنه إذا سرنا على الوثيرة التي تسير بها الأمورحالياً ألفان وخمسمائة هكتار سنوياً فسوف يتطلب الأمر50 سنة.
إذن كيف والحالة هاته يمكن الاستفادة من المؤهلات المتوفرة بالجهة؟ علماً بأن سد الوحدة أُقيم لسقي الشطر الثالث (100ألف هكتار)، فالسد يتوفرعلى الماء (أكثر من 3 ملايير متر مكعب) لكن الشطر الثالث مازال لم يجهز بعد، فهناك الماء وهناك الأرض لكن لاوجود للتجهيزات. أما الشطرالأول والشطر الثاني فيسقيان.



السوجيطا والصوديا، تجربة لها مالها وعليها ما عليها، حالياً شملتهما الخوصصة، ألا ترون أنه اعتباراً لكون البادية المغربية تحتوي على الكثير من الفلاحين بدون أرض كان من الأولى أن تشكل أرضي الشركتين حلاً لتكريس الثقافة التعاونية ولخلق تعاونيات بالنسبة للفلاحين بدون أرض؟ صحيح... ولكن الآن مع الأسف الشديد تم اعداد دفتر التحملات وعروض على مستوى دولي بخصوص أرضي الشركتين. ورأيي الشخصي كان من الأجدر بنا توزيع أراضي سوجيطا وصوديا على الفلاحين بدون أرض. وبالرجوع إلى الوراء أتذكر المناظرة الوطنية حول الفلاحة بمراكش في فجرالثمانينات وكنتُ من المشاركين فيها. فكُنّا ضمن لُجًينة كممثلين للفلاحة وكان معنا تقنيون من وزارة الفلاحة ومن المكاتب الجهوية. وكنا قد اقترحنا آنذاك ـ ولو سُمِعَ لَنَا لم تكن الدولة لتصل لما وصلت إليه من عجز فيما يخص سوجيطا وصوديا ـ إذ إقترحنا آنذاك توزيع تلك الأراضي على الفلاحين.
لكن من عارض بشدّة هذا الاقتراح؟ إنهم التقنيون، وفي التصويت صوّتوا ضده، رغم أن اقتراحنا كان يقول جزء يوزع على الفلاحين وجزء على التقنيين. إلا أن هؤلاء أقرّوا بإبقاء تلك الأراضي بيد الدولة، وكان هذا هو التوجه السائد آنذاك وكان من الطبيعي آنذاك أن يرفض التقنيون اقتراحنا، باعتبار أن أغلبهم كان محسوباً على اليسار وعلى التيارالاشتراكي). علماً أن الملك الحسن الثاني رحمه الله كان دائماً يؤكد على أن الفلاحة بالمغرب هي التي تشكل أساس التنمية. وعندما تتقوى القدرة الشرائية للفلاحين هم الذين سيطالبون بالتصنيع، وتلك القوى ستنمي الصناعات التحويلية (وليس الصناعة الثقيلة التي كان ينادي بها الإشتراكيون آنذاك، ولعل مثال الجزائر خير دليل على هذا). إذن لوذهب معنا التقنيون آنذاك في طرحنا لما وصلنا إلى العجز الهائل الذي عاشته الشركتين من جرّاء سوء التسيير والتدبير.
تم اختيارالآن مسار الخوصصة، وهو مسارالخوصصة، وهومسار له ايجابياته كما له سلبياته. ولكن، رغم أن توزيع تلك الأراضي لم يكن سيحل مشكل الأرض بالنسبة للفلاحين بدون أرض، لكن كان من المؤكد أنه سيساهم في الفكر التعاوني بالبادية بشكل مهم.




منطقة الغرب معروفة بزراعة الحوامض، إلا أن هذا القطاع أضحى من إشكالات بنيوية، ومن ضمنها أن الأشجار وصلت سناَّ لم تعد معه معه منتجة وذات مردودية إن على مستوى الكم أوعلى مستوى الجودة، فهل هذه الإشكالية لازالت قائمة بجهتنا؟

السيد الحراثي: فِعلاً هناك عدد كبير من مغروسات الحوامض بالغرب تعيش هذا المشكل. وبالنسبة لي كفلاح، فقد عوضت أشجار الحوامض بأشجارالتفاح، لماذا؟ لأن التفاح لا يستلزم مصاريف كثيرة ولأنه يعطى انتاجه في مدّة وجيزة (ابتداء من السنة الثالثة أوالرابعة) بينما أشجار الحوامض مكلفة وتستلزم في المعدل ما بين 8 أو10 سنوات لاعطاء إنتاج في المستوى.
والدولة تقوم حالياً بتشجيع (كافي أوغير كافي هذه مسألة أخرى) للفلاحين لتعويض أشجار الحوامض المسنّة (50 سنة أوأكثر).




باعتباركم من مؤسسي حزب التجمع الوطني للأحرار، هل الحزب يتبنى أفكاركم أو البعض منها؟

السيد الحراثي: في كنت في لجنة إعداد مؤتمر2002، وبالضبط في اللجنة التحضيرية للشؤون الاقتصادية. وضمنها طرحنا جملة من الأفكار تهم الصناعة والفلاحة والاقتصاد بصفة عامة تؤكد على ضرورة تشجيع المنتوج الفلاحي من طرف الدولة وتشجيع الفلاح، لأنه لابد من تحفيز وإعانة لكي نتمكن من التصدير بأثمنة تنافسية.
إلا أنه مع الأسف لاحظت أن بعض الإخوان في تلك اللجنة لم يكونوا يهتمون كثيراً بالفلاحة. لكن استطَعْتُ إدراج جملة من الأفكار في البرنامج الحزبي تخص الميدان الفلاحي والاقتصادي بصفة عامة.
لكن مع الأسف في الساحة لايوجد حزبنا لوحده، هذا أوّلاً، وثانياً، وهذه فكرة عامة، إنه باستثناء الحكومة التي سُمِّيت بحكومة التناوب والتي كان ضمنها عدد مهم من الوزراء اللامنتمين، كل الحكومات السابقة رؤساؤها كانوا تقنوقراطين. وفي نظري الشخصي أن التقنوقراطي لا محل له من الإعراب في الحكومة، وهذه قناعتي. التقنوقراطي هو صالح للإدارة أو رئاسة مؤسسة أو مكتب أو قسم أو على أقصى تقدير كاتب عام للوزارة، لايمكن أن يكون يكون وزيراً. وذلك لايمكنه أن يعرف الحاجيات الفعلية المرتبطة بالواقع الفعلي لأنه لا يتعايش مع هذا الواقع عن قرب كالسياسي.
إدريس البصري، رغم أن أغلب المغاربة ينتقدونه، في هذه النقطة بالذات كان يقول لوزير:" أنت وزير الفلاحة كفء، وْمَاعَنْدِي مَانْقُول، لكن أنت وزير صالح أن تكون في السويد وليس في المغرب". وأظن،رغم أخطائه العديدة، فإنه كان صائباً في هذه النقطة.
إذن أعتقد أنه على الحكومة أن تضم مسؤولي الأحزاب، على الأقل، فهم يذهبون إلى المواطنين ويتصلوا بهم ويعرفون كيف يعيشون، أما التقنوقراطي فلا يتصل ولا يجلس مع المواطنين. فالسياسي أو المنتخب رغماً عنه يتصل بالمواطنين ويستمع إليهم ويعاين مشاكلهم، بالإضافة إلى أنه إذا كان رجل أعمال، فهذا يساعده أكثر على معرفة ميدانه جيداً.
كما أعتقد أن الأحزاب مازالت لم تُمنح لها الفرصة بعد للقيام بواجبها في تسييرشؤون البلاد.
لحد الآن مازالت لم تعط للأحزاب وللمثلي الأمة لتسيير البلاد. وهذه هي قناعتي. والدليل على هذا أن أغلب رؤساء الحكومات السابقة إما طبيب أورجل قانون. علماً أن إدريس جطو له ميزة أنه رجل أعمال، وعلى دراية وافرة بالقضايا الاقتصادية للبلاد. لكن يظل في نظري غير مؤهل مثل الحزبي وبالخصوص المنتخب.
حاوره إدريس ولد القابلة



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هجوم على مكتسب الحق في التطبيب بالمغرب
- مجتمع المعلومات بالمغرب
- اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وأمريكا
- الوحدة الترابية والدبلوماسية المغربية
- الحكامة
- لـمـال والمـقـاومـة
- الفرنسيون الذين ساندوا المغرب في محنته
- الخلفية التاريخية والثقافية للخوفقراطية بالمغرب
- الخونة يحتفـلون بعودة الملـك محمد الخامـس بمنفاه
- المندوبية السامية لقدماء المقاومة وجيش التحرير
- البرجوازية التجارية بين التعامل مع الاستعمار ومساندة المقاوم ...
- حلقة من حلقات التاريخ المسكوت عنه قضية شيخ العرب
- أوراق متناثرة من تاريخ المغرب الحديث : محطات ذات دلالة
- أوراق متناثرة من تاريخ المغرب الحديث : محطات ذات دلالة 1 - ا ...
- الأحزاب السياسية بالمغرب
- مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير و غد أفضل
- الأحزاب السياسية بالمغرب
- واقع المحامي بالمغرب
- اليسار المنبثق عن الحركة الماركسية – اللينينية-
- اليسار الجديد من أين الانطلاقة


المزيد.....




- معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
- ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
- المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد ...
- -كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر ...
- نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
- التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - لقاء مع السيد محمد الحراثي