|
التناقضات مع البرجوازية الوطنية / تقييم عمل ماو تسى تونغ- الحزب الشيوعي الثوري الشيلي – جويلية1979 مقتطف من العدد 11 من - الماوية : نظرية و ممارسة -: الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979.
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 3701 - 2012 / 4 / 18 - 11:28
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
التناقضات مع البرجوازية الوطنية / تقييم عمل ماو تسى تونغ- الحزب الشيوعي الثوري الشيلي – جويلية1979
مقتطف من العدد 11 من " الماوية : نظرية و ممارسة ": الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979. ------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------- مقدّمة العدد الحادي عشر من " الماوية : نظرية و ممارسة ": الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979. أنور خوجا يقلب الحقائق التاريخية رأسا على عقب ويقود هجوما دغمائيا تحريفيّا على الماركسية- اللينينية - الماوية . توفّي ماوتسى تونغ فى 9 سبتمبر 1976. و بعد شهرين ، فى نوفمبر 1976 ، عقد حزب العمل الألباني مؤتمره السابع و جاء فى تقرير اللجنة المركزية ، على لسان أنور خوجا : " إنّ الإنتصارات التاريخية التى حققها الشعب الصيني فى ثورته و بنائه الإشتراكي العظيمين و إنشاء الصين الشعبية الجديدة و السمعة الكبيرة التى يتمتّع بها فى العالم ، مرتبطة بإسم القائد العظيم ، الرفيق ماو تسى تونغ و تعاليمه و قيادته. و يمثّل عمل هذا الماركسي-اللينيني مساهمة فى إثراء نظرية البروليتاريا و ممارستها. و الشيوعيون و الشعب الأبانيين سيحييان على الدوام ذكرى الرفيق ماو تسى تونغ الذى كان صديقا كبيرا لحزبنا و شعبنا... لقد مضت ألبانيا و الصين قدما فى دكتاتورية البروليتاريا و فى بناء الإشتراكية اللتين خانهما التحريفيون ، ألبانيا و الصين اللتان ظلّتا وفيتين للماركسية-اللينينية، و دافعتا عنها بتصميم و أعلنتا حربا إيديولوجية ضروسا ضد تحريفية خروتشاف و أتباعه . الشيوعية لم تمت ، على العكس ما كانت تتمنّى البرجوازية، و قد إبتهج الإنتهازيون و التصفويون قبل الأوان". وفى بيان مشترك لبعثات الأحزاب الماركسية-اللينينية لأمريكا اللاتينية ( بعثة الحزب الشيوعي (الماركسي- اللينيني ) الأرجنتيني ، و بعثة الحزب الشيوعي البوليفي ( الماركسي- اللينيني ) ، و وبعثة الحزب الشيوعي البرازيلي ، و بعثة الحزب الشيوعي الكولمبي ( الماركسي- اللينيني) ، و بعثة الحزب الشيوعي الثوري الشيلي، و بعثة الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني الإكوادوري) الحاضرة فى المؤتمر السابع لحزب العمل الأباني بتيرانا ، ألبانيا ، نوفمبر 1976، نقرأ : " 8. وجهت البعثات الحاضرة تحيّة عالية و عبّرت عن عمق ألمها لوفاة الرفيق ماو تسى تونغ ، رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ، و قائد لا جدال فيه للشعب الصيني ، و ماركسي – لينيني عظيم و معلّم كبير للبروليتاريا و الشعوب المضطهَدة فى العالم بأسره. فى ظلّ القيادة الحكيمة للرفيق ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني ، خاضت البروليتاريا و خاض الشعب الصيني حربا ثورية و إفتكّا السلطة و شيّدا الإشتراكية فى الصين. و هكذا غدت الصين المتخلّفة و الخاضعة للإمبريالية ، بلدا إشتراكيّا معاصرا ،و حصنا حصينا للثورة العالمية.و كذلك فى ظلّ قيادة الرفيق ماو تسى تونغ ، جرت معالجة بطريقة صحيحة لمشكل الهام لكيفية مواصلة الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و الحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين. لقد رفع الرفيق ماو تسى تونغ بصلابة راية الماركسية- اللينينية و أطلق النضال ضد التحريفية المعاصرة ، مساهما هكذا بحيوية فى إعادة تشكيل الحركة الشيوعية الماركسية- اللينينية العالمية. و ستظلّ مسيرته كمقاتل ثوري و أفكاره التى طوّرت الماركسية- اللينينية حاضرة فى قلوب شعوب و شيوعييى العالم قاطبة و أذهانهم ". -------- و عقب ذلك بسنتين ، يشنّ أنور خوجا و حزب العمل هجوما مسعورا دغمائيّا تحريفيّا على ماو تسى تونغ ، فى كتاب أعلن عن نشره أواخر ديسمبر 1978 و حمل من العناوين " الإمبريالية و الثورة " . و فيه أفرد خوجا فصلا كاملا لتشويه فكر ماو تسى تونغ معتبرا إيّاه " نظرية معادية للماركسية " و معتبرا أنّ الصين لم تعرف أبدا الإشتراكية و البناء الإشتراكي و أنّ صراع ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفية السوفياتية لم يكن نابعا من مواقف صحيحة و مبدئية ماركسية- لينينية وما إلى ذلك من تقليعات دغمائية تحريفية !!! === هذه إطلالة أولى على الإنقلاب الخوجي المضاد لعلم الثورة البروليتارية العالمية ، أمّا الإطلالة الثانية فنخرجها لكم كالتالى : ورد فى خطاب أنور خوجا ، فى 7 جانفي 1964، ضمن كرّاس " عاشت الصداقة الصينية – الألبانية " : " أبدا لن ينسى الشيوعيون الألبانيون و لن ينسى الشعب الألباني أن إخوتهم الصينيون وقفوا إلى جانبهم فى الأفراح و الأتراح. لن ينسوا المساعدة الكريمة للأخوة الصينيين الذين تقاسموا معاشهم مع شعبنا. أبدا لن ينسوا أنّ الحزب الشيوعي الصيني حافظ دائما على حزب العمل الألباني مثلما يحافظ المرء على أمّ عينه". --------------------- و فى 30 سبتمبر 1978 ، فى بيان مشترك بين الحزب الشيوعي الكولمبي ( الماركسي- اللينيني) و الحزب الشيوعي الثوري الشيلي و الحزب الشيوعي الماركسي – اللينيني الإكوادوري و حزب الراية الحمراء الفينيزوالي ، هناك تحليل نقدي يبيّن تحريفية " نظرية العوالم الثلاثة " و تناقضها مع تعاليم ماو تسى تونغ و فى النقطة 15 من خاتمة البيان كتبوا: " تعتبر أحزابنا أنّه ، إزاء إستعمال التحريفيين الصينيين لأعمال ماو تسى تونغ و سمعته للتغطية على مخطّطاتهم لإعادة تركيز الرأسمالية فى الصين و بناء قوّة عظمى جديدة إمبريالية- إشتراكية و مغالطة البروليتاريا و الشعوب بنظريتهم الضارة للغاية ، نظرية " العوالم الثلاثة" ؛ من الواجب الأكيد أن نصون تعاليم ماو تسى تونغ الثورية ، الماركسية- اللينينية . و تثمّن أحزابنا إلى درجة كبيرة مساهمات الرفيق ماو تسى تونغ فى الثورة العالمية." و بعد نحو السنة من ذلك ، فى أكتوبر 1977 ، صدر بيان عن الحزب الشيوعي الإسباني (الماركسي- اللينيني) و الحزب الشيوعي البرتغالي المعاد تشكيله و الحزب الشيوعي الإيطالي الماركسي- اللينيني و الحزب الشيوعي اليوناني الماركسي- اللينيني و الحزب الشيوعي الأماني الماركسي – اللينيني فيه نقرأ : " فى الذكرى الأولى لوفاة الرفيق ماو تسى تونغ ، ترفع أحزابنا تحيّة له و تأكّد على أنّ وفاته تمثّل خسارة كبرى للحزب الشيوعي الصيني العظيم و لكافة الحركة الشيوعية العالمية . كان الرفيق ماو تسى تونغ ، القائد العظيم للشعب و الحزب الشيوعي الصيني كذلك قائدا عظيما للبروليتاريا العالمية.تعتبر أحزابنا أن من واجب جميع الماركسيين- اللينينيين الدفاع بصلابة عن التعاليم الثورية للرفيق ماو تسى تونغ- لا سيما منها تلك المتصلة بالصراع ضد التحريفية المعاصرة ،و بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و بالصراع ضد الإنتهازيين من كلّ لون- إزاء جميع الذين بنفاق يستعملون إسمه ليشوّهوا تعاليمه و للهجوم عليه بشكل ملتوى." ----------- إثر وفاة ماو تسى تونغ، أنجزت الطغمة التحريفية الصينية بقيادة دنك سياو بينغ و هواو كوفينغ إنقلابا مضادا للثورة فى الصين فصعدت بذلك البرجوازية الجديدة إلى السلطة و أعيد تركيز الرأسمالية هناك و تحوّلت الصين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية و تحوّل الحزب الشيوعي الصيني من حزب بروليتاري إلى حزب برجوازي . و فى جويلية 1978 ، تنكّرت البرجوازية الجديدة الحاكمة للصين للإتفاقيات مع ألبانيا و أوقفت التعاون الإقتصادي و العسكري معها ، مثلما سبق و أن فعل التحريفيون السوفيات مع الصين الماوية. و طار عقل أنور خوجا و طفق يخلط الحابل بالنابل و يصبّ جام غضبه على ماو تسى تونغ و يكيل الشتائم و يلصق به و ينسب إليه أفكارا و نظريّات أعدائه ( مثل " نظرية العوالم الثلاثة " لدنك سياو بينغ) و يمرّغ سمعته فى الوحل بعد أن كان يرفعه إلى السماء ، مستعملا فى ذلك جميع الأساليب الإنتهازية و التزوير و الكذب و قلب الحقائق رأسا على عقب بأشكال و طرق قد تتصوّرونها و أخرى قد لا تصوّرونها أصلا و بهجومه ذلك على أرقى ما بلغه علم الثورة البروليتارية العالمية كان يحطّم المبادئ الماركسية- اللينينية و يدافع عن الأفكار التى أثبت تاريخ الحركة الشيوعية العالمية و الصينية أنها خاطئة ، تحريفية. فقدّم خدمة هائلة للبرجوازية العالمية إذ تسبّب فى إنقسامات داخل الحركة الماركسية-اللينينة العالمية إستغلّها الإنتهازيون فى الأحزاب و المنظّمات الماركسية- اللينينية عبر العالم ليرتدّوا و يديروا ظهرهم للثورة البروليتارية العالمية و يخونوا الشيوعية و قضية الطبقة العاملة العالمية. ====== لكن هيهات أن يلزم الشيوعيون الحقيقيون الماويون الصمت إزاء ذلك الهجوم الدغمائي التحريفي! فمنذ السبعينات ،إنبروا يقاتلون الخوجية و بالفعل ألحقوا بها أشدّ الهزائم المريرة عالميّا . و يشهد واقع اليوم بتقدّم مطّرد للماوية طليعة للموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية و بتراجع ملموس للخوجية كضرب من ضروب التحريفية و إندحارها فى عديد البلدان إلاّ أنّه عربيّا ، لا زلنا فى حاجة أكيدة إلى مزيد فضح الخوجية و كافة أرهاط التحريفية المهيمنة على الحركة الشيوعية حتّى ستطيع الماوية أن تتبوّأ المقام الذى تستحقه لإيجاد الأسلحة السحرية الثلاثة ( الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني-الماوي و الجبهة الوطنية الديمقراطية و جيش التحرير الشعبي ) و قيادة حرب الشعب لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة تمهيدا للثورة الإشتراكية كجزء لا يتجزّأ من الثورة البروليتارية العالمية و غايتها الأسمى تحقيق المجتمع الشيوعي الخالي من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد القومي و الطبقي و الجندري. و هذا العدد من " الماوية : نظرية و ممارسة " مساهمة فى النهوض بهذه المهمّة الملحّة على الجبهة النظرية و السياسية.وقد إخترنا له من العناويون " الماوية دحضت الخوجية و منذ 1979" و كانت إضافة "ومنذ 1979" موجّهة ضد محترفي تدليس تاريخ الماوية ، ليس كلزوم ما لا يلزم و إنّما لتبيان أنّ ردّ الفعل الماوي كان سريعا و دقيقا و عميقا منذ عقود الآن ما خوّل للمنظّمات و الأحزاب الماوية أن تنظّم ندوة عالمية فى مطلع الثمانينات ثمّ ندوة ثانية فى 1984 إنتهت إلى تشكيل الحركة الأممية الثورية التى كانت من أهمّ نواتاتها الأولى الأحزاب التى إنبرت لتتصدّى للخوجية بجرأة و صراحة مطلقة الوثائق التى سنعرض عليكم سهاما تصيب كبد الحقيقة الخوجية و ترفع عاليا راية الماوية – حينها فكر ماو تسى تونغ. و للتاريخ ، تجدرالإشارة بشكل عابر فحسب إلى أنّ الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي الذى نشر الوثائق التى نضع بين أيديكم فى مجلته "الثورة " سنة 1979، قد سبق و أن كتب مباشرة بُعيد إعلان الوكالة التليغرافية الألبانية فى 20 ديسمبر 1978 عن صدور "الإمبريالية و الثورة " و عرضها لمضمونه، إفتتاحية العدد الأوّل من المجلّد الرابع من "الثورة " ، جانفي 1979، تحت عنوان " أنور خوجا يفضح الإنتهازية – إنتهازيته " قبل أن ينشر لاحقا سلسلة من التعليقات على "الإمبريالية و الثورة " منها إنتقينا " فى الردّ على الهجوم الدغمائي- التحريفي على فكر ماو تسى تونغ". وهذه الإفتاحية . متوفّرة على الأنترنت فى موقع الموسوعة المناهضة للتحريفية باللغة الأنجليزية : Encyclopedia of Anti-Revisionism On- Line --------------------------------------- و فصول مسرحية المرتدّ أنور خوجا و الخوجية بتفاصيها الدقيقة تفضحها وثائق الماويين عبر العالم فى متن هذا العمل . و لأنّ الكتابات الماوية ضد الخوجية كثيرة و عديدة كان علينا أن ننتقي أكثرها رواجا ؛ على حدّ علمنا ، و أهمّها بإعتبار الدور الذى لعبته فى الدفاع عن الماوية و دحض الخوجية، فوقع إختيارنا الذى نرجو أن يكون موفّقا على وثائق أربعة ؛ واحدة من بلد إمبريالي – الولايات المتحدة الأمريكية ، للحزب الشيوعي الثوري الأمريكي و ثلاثة من مستعمرات جديدة الأولى من تركيا – أوروبا و الثانية من الشيلي و الثالثة من سيلان [سيريلانكا]، من أمريكا اللاتينية و من آسيا على التوالي. وهي: 1- بإحترام و حماس ثوريين عميقين، نحيّي القائد الخالد للبروليتاريا الصينية، الرفيق ماو تسى تونغ، فى الذكرى الثالثة لوفاته! – الحزب الشيوعي التركي / الماركسي-اللينيني، جويلية 1979. 2- دفاعا عن فكر ماو تسى تونغ؛ وثيقة تبنّاها مؤتمر إستثنائي للحزب الشيوعي بسيلان إنعقد فى جويلية1979. (و إضافة إستثنائية: " دحض أنور خوجا" ؛ ن. ساموغاتاسان، الأمين العام للحزب الشيوعي بسيلان - 1980.) 3- " تقييم عمل ماو تسى تونغ"؛ للحزب الشيوعي الثوري الشيلي- جويلية 1979. 4-" فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تونغ " بقلم ج. وورنار؛ ماي 1979.
======================================
4- التناقضات مع البرجوازية الوطنية :
فى الصين، كان على التقدم نحو الإشتراكية فالشيوعية أن يتم إنطلاقا من مجتمع مستعمر و شبه مستعمر و شبه إقطاعي . و تطلبت هذه الظروف قبل تركيز الإشتراكية ، ضرورة مرحلة سابقة هي ثورة ديمقراطية جديدة لغاية تحرير الوطن من الإمبريالية و القضاء على بقايا الإقطاعية و الإنهاء على سلطة البرجوازية الكبيرة المرتبطة بالإمبريالية . و قد جرت هذه السيرورة على أساس التحالف العمال والفلاحين و بتحالف مع شرائح من البرجوازية الوطنية بقيادة البروليتاريا. ومع طرد الإمبريالية من الصين و الإطاحة بالقوى الإقطاعية و البرجوازية الكبيرة الكمبرادورية المرتبطة بالإمبريالية أي مع الإنتصار الكامل للثورة الديمقراطية الجديدة فيما يتصل بالسلطة السياسية لأجل المواصلة نحو الإشتراكية كان من اللازم الإبقاء على البرجوازية الوطنية لمدة زمنية طويلة نسبيا لتطوير قوى الإنتاج و البروليتاريا . و أفرزت هذه الوضعية مشكلة معقدة فى الصراع الطبقي فكان من الضروري السماح للرأسمالية بالتطور إلى حدود معينة تحت مراقبة القطاع الإقتصادي الذى تمت مشركته و بإرتباط به ، هذا من جهة ، و من جهة أخرى ، كان من الضروري إيقاف التوجه البرجوازي الذى كان يريد أن يتحول إلى الطبقة الحاكمة فى كل من الإقتصاد و السياسة و القضاء عليها كطبقة فى كلا المجالين خطوة خطوة لغاية المرور إلى الإشتراكية . و نظرا لأن هذه السيرورة أثرت تأثيرا كبيرا على الصراع الطبقي و الصراع بين الخطين فى الصين ، من المهم البحث فى كيفية سلوك ماو تسى تونغ و الماركسيين- اللينينيين الصينيين لمعالجتهما .
و مع أن ماو تسى تونغ يعتبر الفلاحين القوة الأساسية للثورة الصينية ( بالنظر لحجمهم الكبير نسبة للسكان ) و أنه يجب القيام بالثورة الديمقراطية الجديدة بتحالف مع البرجوازية الوطنية فإنه فى نفس الوقت ، وضّح بكل جلاء أنه فقط بقيادة الطبقة العاملة و حزبها يمكن لتلك الثورة أن تحقق الظفر . و فى 1936 ، مثلا ، فى مؤلفه " قضايا الإستراتيجيا فى الحرب الثورية الصينية " قال : " ...أما جماهير الفلاحين الصينيين و البرجوازية الصغيرة الصينية فى المدن فيرغبون فى أن يسهموا بنشاط فى الحرب الثورية و أن يواصلوها حتى النصر النهائي . و هم يشكلون القوى الرئيسية فى الحرب الثورية ، إلا أن الإنتاج الصغير الذى يتميزون به يضيق نظراتهم السياسية ( و بعض الجماهير العاطلة تحمل أفكارا فوضوية ) ، و لذا يعجزون عن قيادة الحرب قيادة صحيحة . و هكذا ، فلا مفر ، فى هذا العصر الذى ظهرت فيه البروليتاريا على المسرح السياسي ، من أن تقع مسؤولية قيادة الحرب الثورية على كاهل الحزب الشيوعي الصيني . و لا بد لأية حرب ثورية فى هذا العصر أن تنتهى إلى الهزيمة ، إذا لم تجد قيادة البروليتاريا و الحزب الشيوعي أو خالفتها ..." ( المجلد الأول من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة "، صفحة 281، بكين ، الطبعة العربية ). و فى السنة الموالية ، فى "مهمات الحزب الشيوعي الصيني فى مرحلة مقاومة اليابان " ، أكد : " إن البرجوازية الصينية التى يمكن أن تساهم فى الكفاح ضد الإمبريالية و الإقطاعية فى ظروف تاريخية معينة ، تتذبذب و تصبح خائنة فى ظروف تاريخية أخرى نظرا لضعفها الإقتصادي و السياسي، و هذا قانون قد أثبته التاريخ الصيني . و هكذا فقد حكم التاريخ بأن ثورة الصين الديمقراطية البرجوازية ضد الإمبريالية و الإقطاعية هي مهمة لا يمكن تحقيقها بقيادة البرجوازية و إنما بقيادة البروليتاريا وحدها . و إضافة إلى ذلك فلا يمكن التغلب على ما يكمن فى طبيعة البرجوازية من تذبذب و عدم مثابرة على الثورة ، و لا يمكن تفادى إجهاض الثورة إلا إذا أطلق العنان، إلى أبعد الحدود ، لثبات البروليتاريا و مثابرتها فى مجرى الثورة الديمقراطية. و يبرز أمامنا هذا السؤال الآن : هل تتبع البروليتاريا البرجوازية أم تتبع البرجوازية البروليتاريا ؟ إن هذه القضية - قضية مسؤولية القيادة فى الثورة الصينية - هي النقطة الأساسية التى تحدد نجاح الثورة أو فشلها. "( مصدر سابق ، صفحة 399). و يشدد ماو تسى تونغ على هذه النقطة الأساسية تقريبا فى كافة أعماله المكتوبة قبل إفتكاك السلطة غير أنه لم يكتف بشرح ضرورة قيادة بروليتارية عموما بل قام كذلك بتطوير هام لجدلية المناهج المختلفة المستعملة فى علاقة بسلوك البرجوازية غير المستقر و المتقلب . ففى مقاله " تقديم لمجلة الشيوعي "( 1939) ، قال إنه على حزب البروليتاريا أن يخوض نضالا حازما فى جبهتين حول قضية تشكيل الجبهة المتحدة مع البرجوازية : " فيكافح من ناحية ضد الخطأ المتمثل فى تجاهل إمكانية إنضمام البرجوازية إلى النضال الثوري فى فترات معينة و إلى حدود معينة . و هذا الخطأ يتجلى فى إعتبار البرجوازية فى الصين مماثلة تماما للبرجوازية فى البلدان الرأسمالية الأخرى و من ثم تجاهل تشكيل الجبهة المتحدة معها و تجاهل المحافظة على هذه الجبهة قدر المستطاع ، و هذه هي نزعة الباب المغلق " اليسارية ". و من ناحية أخرى، يكافح ضد الخطأ المتمثل فى عدم التمييز بين البروليتاريا و البرجوازية من حيث البرنامج و السياسة و الإيديولوجية و التطبيق العملي و غيرها ، و فى تجاهل الفوارق المبدئية الموجودة فى تلك المجالات . و هذا الخطأ يتمثل فى تجاهل حقيقة أن البرجوازية ( و لا سيما البرجوازية الكبيرة ) لا تبذل كل ما فى وسعها لبسط نفوذها على البرجوازية الصغيرة و الفلاحين فحسب ، بل تبذل قصارى جهودها للتأثير على البروليتاريا و الحزب الشيوعي ، و تسعى سعيا حثيثا لكي تقضي على استقلالهما الإيديولوجي و السياسي والتنظيمي و تجعلهمنا ذيلا للبرجوازية و حزبها السياسي و لكي تستأثر زمرة البرجوازية بكل ثمار الثورة ، و يتمثل أيضا فى تجاهل حقيقة أن البرجوازية ( و لا سيما البرجوازية الكبيرة ) تخون الثورة كلما تعارضت الثورة مع المصالح الخاصة لزمرتها . " ( المجلد 2 ، صفحة 399-400 ). ثم تحدث عن ضرورة إنتهاج سياسة تحالف و صراع مع البرجوازية و كتب : " و الإتحاد هنا معناه تشكيل الجبهة المتحدة مع البرجوازية . و الصراع هنا معناه الصراع " السلمي " و "اللادموي " فى الميدان الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي أثناء الإتحاد مع البرجوازية ، و لكن حينما يضطر الحزب إلى فض الإتحاد معها سوف ينقلب هذا الصراع إلى نضال مسلح . فإذا لم يفهم حزبنا وجوب الإتحاد مع البرجوازية فى فترات معينة فلن يحقق تقدما و لن تحرز الثورة تطورا ، و إذا لم يفهم حزبنا وجوب شن صراع "سلمي " حازم جاد ضد البرجوازية أثناء الإتحاد معها ، فسوف يتحلل هو إيديولوجيا و سياسيا و تنظيميا و تفشل الثورة . و إذا لم يشن حزبنا نضالا مسلحا حازما جادا ضد البرجوازية عندما يضطر إلى فض الإتحاد معها ، فإن حزبنا بالمثل سوف يتحلل ، و إن الثورة سوف تفشل كذلك . " ( م2 ، ص 401) . و تاليا ، قبل إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة ، إعتبر ماو تسى تونغ أن هيمنة البروليتاريا شرط ضروري لا فقط لإنتصار هذه المرحلة من الثورة و إنما أيضا و حتى أكثر لإنتصار المرحلة الإشتراكية . ورد فى " الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني " : " إذا إستثنينا الحزب الشيوعي الصيني ، فلن نجد أي حزب سياسي آخر ( سواء أكان حزبا سياسيا للبرجوازية أم حزبا سياسيا للبرجوازية الصغيرة ) يستطيع النهوض بمهمة قيادة هاتين الثورتين العظيمتين ، ثورة الصين الديمقراطية و ثورة الصين الإشتراكية ، و إنجازهما بصورة كاملة . و لقد أخذ الحزب الشيوعي الصيني ، منذ اليوم الأول لتأسيسه ـ هذه المهمة المزدوجة على عاتقه ، و ناضل ، طوال ثمانية عشر عاما ، بجهد جهيد من أجل تحقيقها . إن هذه المهمة مجيدة جدا ، و لكنها أيضا شاقة للغاية . و ليس فى الإمكان إنجازها بدون حزب شيوعي صيني متبلشف ، تنتشر فروعه فى جميع أنحاء البلاد و يتحلى بطابع جماهيري واسع ، حزب متوطد كليا فى الميادين الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية . لذا ، فيجب على كل عضو من أعضاء الحزب الشيوعي أن يقوم بدور نشيط فى بناء مثل هذا الحزب الشيوعي . " ( م2، ص 457-458).
و غداة إفتكاك السلطة عبر البلاد بأسرها فى جوان 1949 ، حدّد ماو تسى تونغ بوضوح نوع السلطة التى ينبغى تركيزها خلال الثورة الديمقراطية الشعبية و فى نفس الوقت مواصلة و ضمان قيادة البروليتاريا لسلطة الدولة تلك . فى مؤلفه " حول الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية " قال : " إن الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية تقوم على تحالف الطبقة العاملة و طبقة الفلاحين و طبقة البرجوازية الصغيرة فى المدن ، و بصورة رئيسية تقوم على تحالف العمال و الفلاحين ، لأن هاتين الطبقتين تؤلفان 80 إلى 90 بالمائة من مجموع سكان الصين . إنهما القوة الرئيسية فى الإطاحة بالإمبريالية و زمرة الكومنتانغ الرجعية ، كما أن الإنتقال من الديمقراطية الجديدة إلى الإشتراكية يتوقف أساسا على تحالفهما . إن الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية تتطلب قيادة الطبقة العاملة ، لأنها هي الطبقة الوحيدة النافذة البصيرة ، و أكثر الطبقات إنكارا للذات ، كما أنها أكثر الطبقات حزما فى الثورة . و يبرهن تاريخ الثورات بأكمله على أن الثورة تفشل إذا كانت بدون قيادة الطبقة العاملة و أنها تنتصر إذا قادتها هذه الطبقة . و فى عصر الإمبريالية ، لا يمكن لأية طبقة أخرى ، فى أي بلد كان ، أن تقود ثورة حقيقية إلى النصر . و الدليل على ذلك أن الثورات العديدة التى قادتها البرجوازية الصغيرة و البرجوازية الوطنية فى الصين فشلت جميعا . " ( المجلد 4 من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، صفحة 532-533، الطبعة العربية ).
و بالضبط إثر هذا يشرح ماو تسى تونغ لماذا من الضروري ، خلال مرحلة معينة فى الصين ، الإبقاء على تحالف مع البرجوازية الوطنية تحت هيمنة البروليتاريا . " إن للبرجوازية الوطنية أهمية كبيرة فى المرحلة الراهنة . فالإمبريالية ما زالت تقف فى وجهنا ، وهي عدو شرس جدا . إن الصناعة الحديثة فى الصين ما زالت تشكل قسطا ضئيلا جدا فى مجمل الإقتصاد الوطني . لا تتوفر الآن إحصائيات دقيقة، و لكن يستفاد من بعض المعطيات أن قيمة إنتاج الصناعة الحديثة قبل حرب المقاومة ضد اليابان لم تكن تشكل فى كل الإقتصاد الوطني سوى 10 بالمائة تقريبا من قيمة الإنتاج الإجمالية . و لمواجهة الإضطهاد الإمبريالي و رفع الإقتصاد المتأخر إلى مستوى أعلى ، ينبغى للصين أن تفيد من رأسمالية المدن و الريف بإستخدام جميع عواملها المفيدة و غير الضارة للإقتصاد الوطني و حياة الشعب ، ينبغى لنا أن نتحد مع البرجوازية الوطنية لأجل النضال المشترك. إن سياستنا الراهنة تقوم فى تحديد الرأسمالية و ليس فى إزالتها. و لكن البرجوازية الوطنية لا يمكنها أن تلعب الدور القيادي فى الثورة، و ينبغى ألا تشغل مركز السيطرة فى سلطة الدولة ، و سبب ذلك هو ضعفها الذى يحدده وضعها الإجتماعي و الإقتصادي ، فتفتقر إلى التبصر و الشجاعة الضرورية ، و فوق ذلك ، يخشى عدد كبير من أفرادها الجماهير الشعبية . "( م س ، ص 533) .
و عقب إفتكاك سلطة الدولة ، فى كل خطوة من الطريق ، أكّد ماو تسى تونغ و أعاد التأكيد على الدور القيادي للبروليتاريا لا سيما خلال السنوات التى شهدت الإسراع فى الإنتقال إلى الإشتراكية على الصعيد الإقتصادي كافة . و فى 1953 ، فى " نقد أفكار ليانغ شومينغ الرجعية " أعلن : " نتمسك بصلابة بمبدأ ضرورة أن تمارس البروليتاريا قيادتها فى كل شيئ ( على العمال و الفلاحين و الصناعيين و التجار و مختلف القوميات و الأحزاب الديمقراطية و التنظيمات الشعبية و كذلك الصناعة و الفلاحة و الشؤون السياسية و العسكرية ، بإختصار على كل شيئ ). و فضلا عن ذلك نمارس الوحدة و الصراع . إذا كان هنالك من يريد أن يتعرف على نوايانا ، حسنا ، هذه واحدة منها وهي جوهرية . أليست هذه مسألة ذات بال ؟ " ( المجلد 5 من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ، الطبعة الفرنسية ، صفحة 138 ) .
و تتحول السيطرة القيادية تدريجيا إلى دكتاتورية البروليتاريا مع تقدم البلاد بإتجاه الإشتراكية و معارضة البرجوازية لذلك. فى " حول العشر علاقات الكبرى " المكتوب فى 1956 عندما كان ماو تسى تونغ يدافع عن الإبقاء على وجود بعض الأحزاب التى تمثّل قطاعات من البرجوازية الوطنية كطريقة لجرها نحو التعاون و تعرية معارضتها للإشتراكية ، أعلن بصراحة : " لكن حاليا ، الحزب البروليتاري و دكتاتورية البروليتاريا ضروريين مطلق الضرورة و ينبغى مواصلة تعزيزهما . و إذا لم نفعل ذلك لن نتمكن من قمع المعادين للثورة و مقاومة الإمبريالية و بناء الإشتراكية و لن نتمكن من توطيدها حين نكون قد قمنا ببنائها . إن نظرية لينين بصدد الحزب البروليتاري و دكتاتورية البروليتاريا لم " يتقادما" كما يدعى البعض . و هذه الدكتاتورية لا يمكن تكريسها دون فرض القسر " ( م 5 ،ص 321) .
و فى السنة ذاتها ، فى خطاب فى الدورة العامة الثانية للجنة المركزية الثامنة ، اشار ماو تسى تونغ إلى أن "أجهزة دولتنا هي أجهزة دكتاتورية البروليتاريا " ( م 5 ، ص 366 ).
و هكذا نلمس أن خط ماو تسى تونغ فيما يتصل بالبرجوازية الوطنية خطا ماديا جدليا عميقا هدفه أن يعالج بحكمة التناقض الذى ينجم عن التقدم فى الطريق الإشتراكي فى بلد متخلف مثل الصين ببقاياه الإقطاعية الوطيدة .و من جهة تتم الإستفادة من الوجود المستمر للبرجوازية الوطنية كأمر ضروري من أجل تطوير قوى الإنتاج التى لم تكن الدولة قادرة فورا على مسكها بأيديها و من جهة أخرى، يتم تقييد تطور البرجوازية بدمج مؤسساتها فى قطاع الدولة خطوة خطوة فى شكل مؤسسات تابعة لها و يتم بإصرارالصراع ضد أفكارها و ممارساتها الرجعية. و كان هذا الخط يؤدى إلى الإنتصار التام لولا تدخل البرجوازية البيروقراطية الجديدة التى ظهرت داخل الحزب و الدولة و التى إلى حدود كبيرة عرقلت هذه السيرورة . و من هنا كشفت بصراحة عن مخططاتها لتركيز رأسمالية الدولة.
نقطة إنطلاق ماو تسى تونغ كانت إعتبار أن التناقض الرئيسي فى الصين ، بعد إنتصار ثورة الديمقراطية الجديدة هو التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية و هذا التناقض فى جوهره تناقض عدائي . ففى مارس 1949 فى تقريرإلى الدورة العامة الثانية للجنة المركزية، فى معارضة لصياغة ليوتشاوتشى أن التناقض الرئيسي كان بين النظام الإشتراكي المتقدم و قوى الإنتاج المتأخرة " كتب ماو: " و بعد إنتصار الثورة الصينية على نطاق البلاد و حل مشكلة الأرض ، سيبقى فى الصين تناقضان أساسيان . الأول داخلي وهو التناقض بين الطبقة العاملة و البرجوازية . و الثاني خارجي وهو التناقض بين الصين و الدول الإمبريالية ." ( المجلد4 ، الطبعة العربية ، صفحة 468 ) . و شدد على هذا فى العديد من أعماله اللاحقة على غرار " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات فى صلب الشعب " و ما إنفك يؤكد الطبيعة العدائية لهذا التناقض . بيد أنه حتى للطابع الرئيسي للتناقض مظهران . فللتناقض العدائي طابع غير عدائي أيضا و فى ظروف معينة يمكن معالجته و حتى حله بطرق غير عدائية ذلك أن أية خاصية للتناقض ( فى هذه الحال عدائية ) يمكنها أن تنقلب إلى ضدها . إمكانية التحول هذه بالضبط ، فى ظروف صراع مناهض للإمبريالية و الإقطاعية فى بلد متخلف ، هي التى خولت تكوين جبهة موحدة مع بعض القطاعات من البرجوازية التى لها تناقض مع البروليتاريا أقل عمقا من تناقضها مع الإمبريالية أو البرجوازية الكمبرادورية . و فضلا عن ذلك تسمح هذه الخاصية حين تستخدم طرقا صحيحة بإمكانية أن تتمكن البروليتاريا ، فى بلد أنجز ثورة مناهضة للإمبريالية و الإقطاعية و البرجوازية الكمبرادورية ، من معالجة تناقضاتها مع البرجوازية الوطنية أو جزء منها بطرق غير عدائية لمدة معينة و فى ظروف معينة. و هذه الإمكانية فى تحويل طابع تناقض إلى نقيضه السائد ، من طابع عدائي إلى طابع غير عدائي ، رغم تطويرها و تطبيقها بحكمة من قبل ماو تسى تونغ ( دون أن يجعل بأية حال من الأحوال هذه الجدلية مجرد نفي الأضداد ) قد سبق و أن مارسها مؤسسو الماركسية و لينين ذاته. و فعلا ، فى مؤلفه " "علم المنطق" لهيغل " قال : " إن الديالكتيك هو النظرية التى تدرس كيف يمكن لضدين أن يكونا متحدين ، و كيف يصيران متحدين ( يتبدلان فيصيران متحدين ) - فى أية ظروف يكونان متحدين ، و يتحول أحدهما إلى نقيضه - و لماذا ينبغى للفكر الإنساني ألا ينظر إلى هذين الضدين كشيئين ميتين جامدين ، بل كشيئين حيين مشروطين قابلين للتبدل و لتحول أحدهما إلى نقيضه ." ( و ذكره ماو تسى تونغ فى " فى التناقض " ، المجلد1 ، صفحة 489) . و إنطلاقا من نظرة مادية و جدلية يشير لينين إلى أن إمكانية التحول مرتبطة بالظروف الملموسة ، و ليست مطلقة و لا مجردة و ميتافيزيقية. و فى مقاله " بصدد كراس يونيوس " بيّن لينين أنه : " غني عن القول إن الحكم الأساسي فى الديالكتيك الماركسي يتلخص فى كون جميع الحدود فى الطبيعة و فى المجتمع هي إصطلاحية و متحركة ، و إنه ما من ظاهرة لا تستطيع أن تنقلب إلى ضدها إذا توفرت الظروف لذلك." ( لينين" المختارات فى 10 مجلدات" ، المجلد 6 ، صفحة 71، دار التقدم موسكو ، الطبعة العربية ) . و نبّه إثر ذلك إلى أن هذا مرتبط بظروف ملموسة فلا يجب أن نسقط فى السفسطة بإسم الديالكتيك. و مثال ذلك تفنيد لينين لكاوتسكي الذى صاغ "الطريق السلمي للإشتراكية " مستشهدا بإشارة ماركس و إنجلز إلى مثل هذه الإمكانية فى أنجلترا و فى الولايات المتحدة و لينين لم يفند تلك الإمكانية ( التى تعنى معالجة تناقض عدائي بشكل غير عدائي ) فى المطلق بل دلّل بالأحرى على الظروف الملموسة التى أدت بهم إلى إعتبار تلك الإمكانية حينها ، وهي ظروف كفت تماما عن الوجود لما إستشهد بها كاوتسكى.و من جهة أخرى ، قاد نفس الفكر المادي الجدلي لينين ، على الرغم من التناقض العدائي بين البروليتاريا و البرجوازية فى روسيا فى ظل الظروف الملموسة التى أوجدتها فى سبتمبر 1917 القوة الكبيرة للبروليتاريا و للتحضيرات للإنتفاضة ، قاده إلى التفكير فى الإمكانية الخاصة و الآنية لمعالجة التناقض العدائي لإفتكاك السلطة بطريقة سلمية ، دون إنتفاضة ، مثلما شرح فى مقاله " مهام الثورة " . و إنجلز ذاته ، من جهته ، دعى إلى الإنتباه إلى أنه فى حين ألأن التناقض العدائي بين البرجوازية و نبلاء الإقطاع عولج بفرنسا عبر ثورة عنيفة ، فإنه فى إنجلترا من جهة أخرى ،" سنة 1869 ، أدت الثورة إلى تقريبا إتفاق بين جزء من النبلاء و البرجوازية " . و على هذا الأساس ، كانت رؤية ماوتسى تونغ لمعالجة التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية الوطنية بطريقة غير عدائية فى ظل أولا ظروف الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية بقيادة البروليتاريا و ثم فى ظل دكتاتورية البروليتاريا ، كانت رؤية صحيحة للواقع الملموس للصين حتى حين كان التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية الوطنية هو تناقض عدائي . زيادة على ذلك ، لأجل الحصول على إنتاج رأسمالي بينما يتم تعزيز القطاع الإشتراكي فى الإقتصاد و لم يكن هنالك من طريق آخر سوى القيام بأقصى الجهود للإستمرار على مثل هذا الحل الذى هو طبعا ، لا يتوقف فقط على البرولبيتاريا و لكن أيضا على سلوك البرجوازية . لقد ناضل ماو تسى تونغ فى سبيل الحفاظ على هذه العلاقة مع البرجوازية دون التخلى عن القضاء على الرأسمالية تدريجيا ، و عن النضال ضد جميع الجهود الرجعية للبرجوازية . ذات قيمة لا حدود لها هي الدروس التى يمكن إستخلاصها من سياسة الوحدة و الصراع هذه مع البرجوازية الوطنية ، خاصة بالنسبة للبلدان التى يتعين عليها أن تمر بمرحلة الثورة الديمقراطية الجديدة و لا ينبغى أن نضع هذه الدروس جانبا ما آلت إليه مؤقتا الثورة الصينية بفعل الممارسات الخيانية و الرجعية لنوع آخر من البرجوازية الذى نشأ و تطور صلب الحزب الشيوعي و الدولة الصينيين . و علينا أن نأخذ بعين أنه كان على الثوريين الصينيين أن يناضلوا ضد بقايا القوى الرجعية المطاح بها عبر الثورة الديمقراطية الجديدة ( البرجوازية الكمبرادورية و الإقطاعيون) . و ضد البرجوازية الوطنية و النوع الجديد من البرجوازية التى ظهرت داخل الإقتصاد الإشتراكي ذاته .
إثر إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة سنة 1949 ، صاغت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ مخططا ل18 سنة للقيام بالتحويل الإشتراكي فى المدن و فى الريف . و بيّن ماو تسى تونغ فى "حول قضية التعاونيات الفلاحية " فى جويلية 1955 أن اللجنة المركزية " تتوقع أن يحقق فى الأساس التعاونيات الفلاحية فى ثمانية عشر سنة . خصصنا فترة ممتدة على أكثر من ثلاث سنوات ، من تأسيس جمهورية الصين الشعبية فى أكتوبر 1949 إلى نهاية سنة 1952 ، إلى النهوض بإقتصادنا . فى ميدان الفلاحة ، إليكم ما أنجزناه خلال هذه الفترة : فإضافة إلى كوننا أنهينا الإصلاح الزراعي و ركزنا الإنتاج ، فى جميع المناطق المحررة سابقا، وسعنا بشكل كبير تنظيم مجموعات التعاون و شرعنا فى إيجاد تعاونيات نصف إشتراكية مما خوّل لنا تحصيل بعض التجربة . ثم أتى المخطط الخماسي الأول فى 1953 . و الآن منذ ثلاث سنوات تقريبا يستمر تحقيقه و حركتنا التعاونية تمتد إلى البلاد بأسرها فإغتنت تجربتنا . بين تأسيس جمهورية الصين الشعبية و إنهاء المخطط الخماسي الثالث تكون مرت 18 سنة فى الجملة . و خلال هذه الفترة ، نقترح أن نحقق بالأساس التحويل الإشتراكي للفلاحة إلى جانب التصنيع الإشتراكي و التحويل الإشتراكي للصناعات التقليدية و كذلك الصناعة و التجارة الرأسماليين . هل هذا ممكن ؟ تعلمنا التجربة السوفياتية أن هذا ممكن تماما . ففى الإتحاد السوفياتي إنتهت الحرب الأهلية فى 1920. و أنجزت التعاونيات الفلاحية فى 17 سنة ، من 1921 إلى 1937 لكن الجوهري فى هذه المهمة أنجز فى ست سنوات ، من 1929 إلى 1934 . " ( صفحة 212 من المجلد الخامس من "المؤلفات المختارة لماو تسى تونغ " ، الطبعة الفرنسية ) .
بيد أن ماو ، فى نهاية 1955 ، ملخصا تطور التعاونيات فى الريف يستخلص أنها تجاوزت بصفة واسعة الحسابات السابقة فقرّر الإسراع فى كافة سيرورة مشركة البلاد . فى عمله " مقدمات للنهوض الإشتراكي فى ريف الصين " قال : " فى تقريري المؤرخ فى 31 جويلية 1955 المخصص للتعاونيات الفلاحية ، أشرت إلى أن 16.900.000 عائلة فلاحية تجمعت فى تعاونيات . و هكذا ، فى غضون بضعة أشهر ، إزداد العدد بأكثر من خمسين مليون عائلة . و هذا حدث خارق للعادة . و هذا يدلل على أن سنة واحدة -1956 - تكفى لتتم عمليا التعاونيات نصف الإشتراكية فى فلاحتنا. و بعد ثلاثة أو أربعة سنوات ( يعنى فى 1959 أو 1960 ) نكون قد أتممنا بالأساس تحويل التعاونيات من نوع نصف إشتراكية إلى تعاونيات إشتراكية كليا . و بالإضافة إلى ذلك يدلل على أنه للإستجابة إلى حاجيات التطور الفلاحي ، علينا أن نعمل من أجل إنهاء التحويل الإشتراكي فى الصين للصناعات التقليدية و كذلك للصناعة و التجارة الرأسماليين قبل التاريخ المتوقع . و راكم ماو تسى تونغ تجارب جماهير الفلاحين فى الحركة التعاونية و لخصها ،و فى أواخر 1955 أعدّ كتبا يشمل أكثر من مائة ملاحظة ملخصا التقارير عن مختلف المناطق الريفية ( و المجلد الخامس لا يحتوى منها إلا على 43 فحسب ) . و قد برزت بجلاء من قبل المعارضة الشرسة التى أبدتها العناصر الإنتهازية داخل الحزب الشيوعي الصيني مستخدمة ذرائع " ثورية " لإيقاف حركة المشركة فى الريف و حتى لحل العديد من التعاونيات. و سابقا فى 1953 وجد ماو تسى تونغ نفسه مضطرا للمطالبة بأنه " لا يمكن إرسال الوثائق و التلغرافات بإسم اللجنة المركزية إلا بعد أن أطلع عليها و إلا فهي غير صالحة " لأن ليوتشاوتشى و اتباعه الذين عارضوا إنتشار الحركة التعاونية ، أصدروا أوامر من وراء ظهر ماو تسى تونغ لإيقاف تلك الحركة و أمروا بحل التعاونيات. و أعدت البرجوازية الوطنية نفسها فى إطار تحالف مع البرجوازية الجديدة التى ولدت و ظهرت داخل الحزب الشيوعي ذاته و قد زودها بالطاقة بخاصة صعود خروتشاف و شركائه إلى السلطة فى الإتحاد السوفياتي ، و الذين لهم معه بالتأكيد روابط سرية منذ زمن طويل . و كانت البرجوازية الوطنية قد تلقت ضربة شديدة فى نهاية 1951 من خلال الحملة الشعبية التى أجريت فى المؤسسات الرأسمالية ضد الفساد و التهرب من الضرائب و إختلاس أملاك الدولة و التلاعب بعقود الحكومة و سرقة المعلومات الإقتصادية . و تلقت البرجوازية الجديدة التى كانت من جانبها تعمل على توطيد ذاتها صفعة بفعل الحملة المضادة للفساد و التبذير و البيروقراطية .
و فى أكتوبر 1955 ، دعا ماو تسى تونغ لإجتماع مع اللجنة التنفيذية للجامعة الوطنية للصناعة و التجارة و فى نوفمبر من السنة عينها ، أكّد : " ستساعدنا التعاونيات الفلاحية على إحكام تحالفنا مع الفلاحين على أساس الإشتراكية البروليتارية و ليس على أساس الديمقراطية البرجوازية مما سيعزل البرجوازية مرة واحدة و سيسهل القضاء النهائي على الرأسمالية . و فى هذا الأمر لا نرحم بالمرة ! فى هذا الأمر الماركسية قاسية بالفعل لأنها حدّدت هدفها إستئصال الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية و الإنتاج الصغير إستئصالا من الجذور . بهذا الصدد من الأفضل ألا نكون رحيمين . إن بعض رفاقنا طيبون للغاية و لا يملكون صلابة كافية بمعنى أنهم ليسوا ماركسيين كما ينبغى . إنه لأمر جيد و ذو مغزى أيضا أن نقضي على البرجوازية و الراسمالية فى الصين وهي بلد يعد 600 مليون نسمة و غايتنا هي القضاء على الرأسمالية و سحقها سحقا من على وجه الأرض و جعلها شيئا من الماضى . "
و عن الدورة العامة السابعة للجنة المركزية السابعة ، صدر قرارالتحويل الشامل للصناعة و التجارة إلى مؤسسات متعاونة مع الدولة قاضية على المؤسسات الخاصة. و بين جانفى 1956 و نهاية تلك السنة ، حولت جميع فروع ال112 ألف مؤسسة صناعية خاصة و 400 ألف مؤسسة تجارية و بالتالى كان الرأسماليون يتحصلون على ربح يقدر ب5بالمائة من قيمة ملكيتهم المنزوعة من طرف الدولة إلآ أنه جرى القضاء على هذا الربح كليا مع الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى سنة 1966.
و على الرغم من موجات الضربات الكبرى الموجهة ضد البرجوازية فى قاعدتها الإقتصادية ، تواصل الصراع الطبقي معها . فى سنة 1957 ، فى مؤلفه " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات فى صلب الشعب "، بيّن ماو تسى تونغ أن الصراع الطبقي بين البروليبتاريا و البرجوازية ، و الصراع الطبقي بين مختلف القوى السياسية و الصراع الطبقي بين البروليتاريا و البرجوازية فى المجال الإيديولوجي سيكون محتدما و معقدا و أحيانا حتى حادا . فالبروليتاريا تبحث عن تحويل العالم وفق نظرتها هي للعالم و كذلك تبحث البرجوازية عن تحويل العالم وفق نظرتها هي . و فى هذا الصدد لم تحسم بعد مسألة من سينتصر الإشتراكية أم الرأسمالية . ( المجلد 5 ، صفحة 444 ، الطبعة الفرنسية )
و يضع ماو تسى تونغ طريقة مزدوجة فى تطوير الصراع فى المجال الإيديولوجي و تخص طريقة التعاطي مع المعادين للثورة المطاح بهم عبر الثورة الديمقراطية الجديدة و تخص الأخرى التفكير الخاطئ لدى المثقفين و البرجوازية الصغيرة و البرجوازية الوطنية .
" حين يتعلق الأمر بالمعادين للثورة الصرحاء و بالعناصر التى تخرب قضية الإشتراكية ، المسألة سهلة الحل : نحرمهم ببساطة من حرية التعبير . و لكن حين يتعلق الأمر بالأفكار الخاطئة الموجودة فى صلب الشعب ، فإنها قضية أخرى. هل يمكن أن نلغي هذه الأفكار و ألا ندع لها و لا إمكانية للتعبير عن نفسها ؟ بالطبع هذا غير ممكن . لن يكون الأمر غير ذى فعالية بل أيضا مضر للغاية لو إتبعنا طرقا تبسيطية لمعالجة القضايا الإيديولوجية فى صلب الشعب ، قضايا تتصل بالعالم الذهني للإنسان . يمكن أن نمنع التعبير عن الأفكار الخاطئة ، و مع ذلك ستظل موجودة هنا . و الأفكار الصحيحة إذا نشأت فى بيوت مكيفة و لم تتعرض للريح و المطر ،إذا لم تلقح ، لن تستطيع التغلب على الأفكار الخاطئة عندما تواجهها . و هكذا فقط عبر طريقة النقاش و النقد و المحاججة يمكننا فعلا تطوير الأفكار الصحيحة و القضاء على الأفكار الخاطئة و معالجة المشاكل .
و بالتأكيد ستجد الأفكار البرجوازية و الأفكار البرجوازية الصغيرة طريقة للتعبير عن نفسهما . و مما لا شك فيه أن هاتان الطبقتان ستجتهدان لفرض نفسيهما بكافة الوسائل الممكنة فى المسائل السياسية و الإيديولوجية . لا يمكن إلا أن يكون الأمر على هذا النحو. لا ينبغى أن نلتجأ إلى الطرق القسرية لمنعها من التعبير ، ينبغى أن نسمح لها بذلك و فى نفس الوقت يتعين أن نخوض نقاشا معها و ننقد أفكارها بطريقة مناسبة . و لا ريب أنه علينا أن نخضع للنقد جميع أنواع الأفكار الخاطئة . و يقينا نخطأ أن لا ننقد الأفكار الخاطئة و أن ندعها تنتشر بسلام و تتمكن من الأذهان - علينا نقد كل خطإ و مقاتلة كل عشبة سامة." (المجلد5، صفحة 446) و ذلك لتعويد جماهير الشعب بقيادة الحزب على النضال ضد تأثير إيديولوجيا البرجوازية و البرجوازية الصغيرة .
" تهدف سياسة " لتتفتح مائة زهرة لتتنافس مائة مدرسة " إلى تشجيع تطور الفن و تقدم العلم و كذلك إزدهار الثقافة الإشتراكية فى بلادنا فى ميادين الفن و مختلف الأشكال والأساليب ينبغى أن تتطور بحرية . فى تقديرنا ، سيكون ضارا لتطور الفن و العلم اللجوء إلى الإجراءات الإدارية لفرض هذا الأسلوب أو هذه المدرسة و منع أسلوب آخر أو مدرسة أخرى .الصحيح و الخاطئ فى الفن و العلم مسألة يجب معالجتها عبر النقاش الحر فى الأوساط الفنية و العلمية ، عبر ممارسة الفن و العلم و ليس عبر الطرق التبسيطية ".( المجلد 5 ، صفحة 443) .
وفى الشهر الموالي ، فى خطاب له فى الندوة الوطنية للحزب الشيوعي الصيني حول العمل الدعائي أضاف : " تتطور الحقيقة فى صراعها ضد الخطإ . و هذا ينطبق على الماركسية . ففى خضم الصراع ضد الإيديولوجيا البرجوازية و البرجوازية الصغيرة تطورت و لا يمكنها التطور إلاّ فى هذا الخضم " ( المجلد 5 ، صفحة 470) .
و من هنا نستشف أن سياسة إرساء حوار واسع فى صفوف الشعب إلى جانب سياسة النقاش و النقد و النقد الذاتي داخل الحزب للنضال ضد الأفكار الخاطئة واحدة من أهم إضافات ماو تسى تونغ ذات المغزى العظيم بالنسبة لبناء الإشتراكية و إيجاد الظروف التى تخول المرور إلى الشيوعية فالمسألة جوهريا هي مسألة جماهير الشعب الواسعة الصانعة للتاريخ بقيادة الحزب و الماركسية حيث تتدرب و تحرر نفسها عبر النقاش والتمييز الواعي بين الصحيح و الخطإ وبين التقدمي و الرجعي . ومهمة الحزب البروليتاري هي إيجاد الظروف التى تخول للطبقة العاملة و الجماهير أن تعي و تأخذ على عاتقها كافة المسائل الإيديولوجية و السياسية فيجعل الحزب نفسه غير ضروري كحزب قيادي و تضمحل الدولة . و حتى نبلغ الأهداف التى رسمها فى البداية مؤسسو الماركسية يلزم القضاء على تقسيم العمل و الفوارق بين العمل اليدوي و العمل الفكري و بين المدينة و الريف و الفوارق بين الحزب القيادي و الجماهير . و من المستحيل التقدم فى هذا الإتجاه إن تعامل الحزب القيادي تعاملا أبويا و أملى على الجماهير ما هو صحيح و ما هو خاطئ و ما هو تقدمي و ما هو رجعي . لا يمكن للحزب ، لقطاع طليعي أن يحتكر الوعي و التفكير و يحل محل الجماهير لأن ذلك لن يفعل سوى تأبيد الحاجة إليه .
و على العكس من ذلك ، يجب على الحزب أن يوجد الظروف لتفكر الجماهير لذاتها بمواجهة الأفكار الخاطئة و لتفكر بصيغة جيدة ، بتوجيه النقاش و إقناعها بالأفكار الصحيحة و بتفوق الماركسية مقارنة مع الإيديولوجيات المناقضة لها . ... فى البلدان الرأسمالية و غيرها ، بشأن القيادات النقابية ، يمكننا قول إنه ثمة قادة يمارسون بطريقة صحيحة فيقدمون معرفتهم بحرية إلى الجماهير معلمين إياها أن تفكر لذاتها و أن تعري كل مؤامرات المستغِلين و تنظم صفوفها و تأخذ المبادرة لكي تتجنب الشلل و عدم القدرة على التحرك إن سقط هؤلاء القادة فى النضال . و إجمالا يقومون بدور قيادي مجتهدين فى جعل أنفسهم فى كل مرة أقل ضرورة و مساعدين الجماهير على تحرير نفسها . و من جهة أخرى ثمة قادة من أجل تأبيد مواقعهم ، يحولون معارفهم إلى ملكية خاصة باذلين قصارى جهدهم ليجعلوا من أنفسهم ضروريين على الدوام و لا يفعلوا أي شيئ لتشجيع مبادرة الجماهير و قدرتها على تحرير نفسها .
و الشيئ نفسه يمكن أن يحدث مع حزب شيوعي فى السلطة أو مع قادة معينين داخل الحزب . و تمسى هذه السياسة الأبوية خطيرة جديا إذا ما إنحرف قادة الحزب أو الحزب نفسه عن الخط الثوري و لم تتمرس البروليتاريا و لم يتمرس الشعب على التمييز بين الصحيح و الخاطئ و بين التقدمي و الرجعي عبر المشاركة النشيطة فى الصراع الإيديولوجي . و إن إرساء خط تحريفي فى البلدان التى سبق و أن إفتكت فيها البروليتاريا السلطة لدليل على ذلك . -----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسألة بلترة الحزب و دور الإيديولوجيا الماركسية - اللينينية /
...
-
صراع الخطين فى صفوف الحزب / تقييم عمل ماو تسى تونغ- الحزب ال
...
-
تقييم عمل ماو تسى تونغ- الحزب الشيوعي الثوري الشيلي – جويلية
...
-
دحض أنور خوجا بقلم ن.ساموغاتاسان، الأمين العام للحزب الشيوعي
...
-
بصدد ماو تسى تونغ - الحزب الشيوعي التركي/ الماركسي اللينيني
...
-
دفاعا عن فكر ماو تسى تونغ- الحزب الشيوعي بسيلان – جويلية 197
...
-
قضية تحرير المرأة قضية البروليتاريا بإمتياز فليقم الشيوعيون
...
-
أنور خوجا يقلب الحقائق التاريخية رأسا على عقب ويقود هجوما دغ
...
-
لا أصولية دينية و لا شوفيتية قومية ؛ وحدها الشيوعية قادرة عل
...
-
الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة
...
-
الديمقراطية فى المجتمع الإشتراكي : -دور الديمقراطية و موقعها
...
-
المؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي الماوي ( تركيا وشمال كردستان) –
...
-
الماوية تحيى و تناضل ، تكسب و تواصل الكسب.- (الحزب الشيوعي ا
...
-
لن ننسى الرفيق إبراهيم كايباكايا. ( مقتطف من - الماوية : نظر
...
-
- النموذج - التركي و تناقضاته.
-
الباب الثالث من دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أ
...
-
الباب الرابع من دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أ
...
-
الباب الأوّل من دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أ
...
-
الباب الثاني من دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أ
...
-
دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا (مشروع مقت
...
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|