|
الأسلحة والجوع في أفريقيا .. من المسؤول؟
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 3701 - 2012 / 4 / 17 - 20:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قارة أفريقيا ، ليست موحدة باللون الأسود ، بل هي جامعة لمتناقضين أساسيين هما : السلاح والجوع ، فهي تستورد الأول وتنتج الثاني ، ورغم ما فيها من ثروات في باطن الأرض ، فانها ، ليست من نصيب أبنائها ، بل هي من نصيب الأبيض الجشع ، الذي عرف كيف يستفيد من هذه القارة السوداء ، فيما أهلها يرزحون تحت خطوط الفقر والمرض والجهل. تشهد أفريقيا ومنذ مدة طويلة سباق تسلح غير مسبوق ، وهذا بدوره ، يؤدي الى ادامة الصراع الداخلي في هذه القارة، اذ لا نرى دولة أفريقة الا ولها خلاف يصل حد الدم مع الدولة الجارة ، كما أن الحروب الأهلية تطحن مجتمعات الدول الأفريقية ذاتها. وعند الحديث عن سباق التسلح في أفريقيا ، فلا بد من فتح ملف التسلح في شمال أفريقيا ، وأعني بذلك الدول العربية الأفريقية في هذا الأقليم المشتعل من تحت الرماد.فالجزائر وحسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلاح ( سيبري) احتلت المرتبة 8 عالميا والأولى أفريقيا، وتستحوذ على 48% من الأسلحة الأفريقية ، بينما المغرب تحتل المرتبة 36 وتونس 102 وموريتانيا 99. وتشهد منطقة شمال أفريقيا سباق تسلح حاد بين كل من الجزائر والمغرب، واستحوذت الجزائر وتونس والمغرب وليبيا على 32% من تجارة السلاح عام 2008. وعند الحديث عن المشتري، لا بد من تبيان البائع الذي يصر على بيع الموت والقتل والدمار ، وهناك خمس دول قاتلة في هذا المجال هي أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا وألمانيا ، انضمت اليها اسرائيل والبرازيل،وبلجيكا مؤخرا. الأسلحة في أفريقيا تعني الحروب والانقلابات والجريمة، وكان العقيد القذافي من أكبر موردي الأسلحة الى أفريقيا تحديدا، مع أن شعبه كان يعاني، كما أن تنظيم القاعدة يخطو طريقه جيدا في مجال توريد الأسلحة لأفريقيا عن طريق استغلال أموال الفدية. لعل الحديث عن الدول الكبرى ودورها في توريد السلاح لأفريقيا، يكتسب وضعا عاديا لمعرفتنا بطبيعة هذه الدول الجشعة ، كونها استعمارية نهمة وجشعة، لكن كشف دور اسرائيل في توريد الأسلحة لأفريقيا واسهامها في فصل جنوب السودان من خلال تغذية الحرب الأهلية السودانية وصولا الى تقسيم السودان وفصل الجنوب بناء على ما تم الاتفاق عليه في اتفاق نيفا شا عام 2005 يدعو لفتح العيون اكثر. المعلومات الواردة من جنوب السودان تفيد أن الطائرات الاسرائيلية تفرغ حمولتها من الأسلحة والصواريخ والمعدات القتالية يوميا في مطار ربكونا في جنوب السودان ، ناهيك عن مواصلة نقل المرتزقة الأفارقة الى الجنوب تحسبا لحرب مع الشمال اضافة الى تسليحها لدول أفريقية مثل أنغولا. ما أهدف اليه هو ليس استعراض المعلومات المتوفرة لدي، بل هي رسالة موجهة الى المجتمع الدولي أن يكف عن تجارة الدم والقتل، في أفريقيا على وجهه الخصوص، وأن يبادر الى كتابة رسالة السلام التنموية ، لمحاربة الأمراض والفقر ومكافحة الجوع في تلك القارة المنكوب أهلها بما هم فيه من حرمان رغم ما لديهم من ثروات. وبدلا من رؤية الحروب الأهلية والانقلابات والصراعات وصور الموت والقتل بالأسلحة الغربية ، فاننا بحاجة لاستبدال المشهد ، بتنمية مستدامة ، وبعمل تطوعي لانهاض أفريقيا وتطهيرها من الأمراض الفتاكة واطلاق الهمم والصناديق المالية لبناء المدارس والمستشفيات والمصانع. آن للغرب الجشغ أن يكف عن سياسة اللصوصية والجشع والنظرة الفوقية لكل ما هو غير غربي ، وعليه أن يفهم أن سياسة الماضي قد ولت ، وأننا بحاجة الى سياسة التكامل. ليس سرا القول أن الغرب الجشع الذي نهض من جهله وتخلفه بواسطة العقول غير الغربية ، يعمل على ادامة جوع وتخلف أفريقيا على وجه الخصوص ، فهو يتخلص من فائض انتاجه من الحبوب والفواكه على سبيل المثال بالقائه في البحر حتى لا يصبح السعر في متناول الجميع. وعند تقليب صفحات هذا الملف نجد أن الغرب الذي يتبجح بحقوق الانسان والمرأة والطفل، والمساواة يمارس النقائض بمجملها في أفريقيا ، من خلال حرمان الجميع من ثرواتهم ، وعدم تقديم العون لهم ، وان حصل ، فان ذلك يكون مقابل لهط وشفط الثروات. يجب البدء فورا بحراك دولي يخطط له كل من ادعى أن له علاقة بحقوق الانسان في الغرب، وأن تعقد المؤتمرات وتنظم المسيرات هناك للمطالبة بحظر تصدير الأسلحة لأفريقيا ووقف عمليات نهب وسلب ثرواتها. القضية اكثر تعقيدا مما نتصور ، فنحن اذ نتحدث عن الفقر في أفريقيا ، نرى كما أسلفت تدفقا كبيرا للأسلحة والسؤال من يدفع الثمن؟ هنا تكمن القضية ، فالأسلحة تتوفر بأيدي من وجدوا أنفسهم أداة بيد الغرب، كي يستمروا بالحكم ، ويسمحوا للغرب بنهب ثروات بلادهم. والملاحظ أن الدول الغربية الجشعة تزود زبائنها بالأسلحة للبدء بحرب أهلية في الداخل ، أو بصراع مع دول الجوار.ومن ثم تجد نفسها وقد فتحت لها الأبواب كي تدخل من جديد وتمارس دور اللص الجشع الذي لا يشبع.
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المواطنة الحقة ..أساس الاستقرار والازدهار
-
-الربيع العربي- .انحراف المسار!
-
-العرب المسيحيون-..ليسوا حصان طروادة
-
الفلسطينيون ..اللجوء مستمر !
-
فيلتمان...ماكين..ليفي.. وليبرمان .. أيقونات حريتنا ...وا حسر
...
-
حال العرب لا يسر..لماذا؟
-
هزيمة اسرائيل بالتراكم
-
غراس ..اذ يقتحم عش الدبابير وينتصر للحق
-
فيروز ..ألف معذرة
-
الغيتو والجدر..هل تحمي ساكنيها؟
-
اعادة اعمار العرب..أنعم الله عليكم
-
التلمود هو العائق امام اعتناق اليهود للمسيحية
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|