عادل عطية
كاتب صحفي، وقاص، وشاعر مصري
(Adel Attia)
الحوار المتمدن-العدد: 3699 - 2012 / 4 / 15 - 14:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كتب القس يونان ميخائيل، بكنيسة القديس لعازر، بغرب النوبارية، في احد مذكراته، هذه السطور: "في عام 1996، في بداية الخدمة الكهنوتية، ارسلت زوجتي إلى المطرانية؛ لتأخذ أدوات المذبح من يد أبونا دانيال، الذي رفض، قائلاً: لا يحل أن تحملي الأواني. فقالت له: لا يوجد سيارة مع أبونا وأنا جاية مواصلات، وكمان تقول مش حاتخدي الأواني!"...
... ... ...
كلمات عادت بي إلى أكثر من ألفي عام.
إلى فجر الأحد.
إلى يوم قيامة السيد المسيح الظافرة من الموت.
فقد اقتربت مريم المجدلية من يسوع، فإذا به يفاجؤها بالقول: لا تلمسيني!..
لعلها تساءلت: لماذا: لا تلمسيني؟!..
لقد كان يسوع عارفاً بماذا كانت المجدلية تفكر، فقد كان عزمها على لمسه، مقترناً برغبتها باحتجازه، واعاقته عن الأنطلاق، خوفاً من أن يفارقها، أو تفارقه.. فمنعها بالقول: لا تلمسيني؛ ليقضي على ما كان يختلج بصدرها من المغالطات العاطفية الهوجاء.
لا تلمسيني..
تعني لمريم: لا تجزعي، أو تخشي عدم امكان مشاهدتك اياي مرة أخري.
وتعني لتلاميذه، كما تعني لنا: أن نؤمن بوجوده في وسطنا بدون أن ننظره، أو نلمسه.
ولا يمكن أن يكون السبب قائماً لكونها امرأة؛ فقد سمح بعد ذلك لاثنتين بأن تمسكا قدميه، وتقبّلاه.
... ... ...
ارجع ثانية..
إلى واقعة زوجة الأب القس يونان ميخائيل، عندما ارسل زوجته أثناء مرضه؛ لتأتي إليه بأواني المذبح، والتي ربما تساءلت: لماذا لا يحل لي أن أحمل أواني المذبح؟!..
ومعي الكثير من الملامسات:
مريم العذراء التي حملت يسوع في احشائها لمدة تسعة أشهر، وحملته على ذراعيها، إلى أن بدأ يحبو على الأرض!
والمرأة الخاطئة التي قبّلت قدمي المسيح، وغسلتهما بدموعها، ومسحتهما بشعر رأسها، ودهنتهما بالطيب!
والمرأة المنّحنية، نازفة الدم، التي لمسته من هدب ثوبه!
وحاملات الطيب، الذي كان على وشك أن يلامس جسده المقدس!
ضاماً سؤالها إلى سؤالي: أيهما أكثر قدسية: جسد المسيح الحي.. أم: المذبح الذي من حجارة، والأواني التي من معدن ثمين؟!...
#عادل_عطية (هاشتاغ)
Adel_Attia#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟