فلاح علي
الحوار المتمدن-العدد: 3698 - 2012 / 4 / 14 - 14:36
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
وفق مواثيق الامم المتحدة والميثاق الدولي لحقوق الانسان , يحق لنا التمتع بحقوق تتضمنها هذه المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان ,هذا ما فكرنا به عندما اتخذنا قرارنا بعدم البقاء في تركيا خشية من تسليمنا للعراق لوجود اتفاقيات أمنية بين الدولتين في فترة النظام الدكتاتوري المقبور, فأخترنا بأرادتنا مواصلة السير نحو الحدود الايرانية ودخولهاكلاجئين مؤقتين , لكن طيلة فترة بقائنا في منطقة زيوة لن نتمتع خلالها بأي شيئ من هذه الحقوق , كانت فترة قاسية بمعنى الكلمة , ليس من السهل ان يصمد امام هذه القساوة في العيش اي انسان عادي عندما يكون لوحده او مع مجموعه قليله وذلك لغياب الحقوق , ولكن ما ساعدنا على تحمل هذه القساوة هو ارادتنا وصبرنا ووحدتنا وتضامننا وبتنظيمنا وبقناعاتنا تمكنا من دحر كل الصعوبات .
سقوط الخيم :
بعد انتقال العوائل الى مجمع بقى في الخيم فقط الرفاق بالنسبه لخيمتنا بعد ان بقينا رفيقين جائنا رفيق هو الرفيق ابو سامان للسكن معنا , اتفقنا ان نجلب طابوق من الحمام الذي تم تهديمه لنصفه في الخيمه , ليساعدنا في التدفئة ويخلصنا من الحصو الذي ترك آلام في اجسامنا , وانهينا العمل خلال يوميين ووضعنا خشبه كسند في وسط الخيمه لألا تسقط من الثلج , واصبحت خيمتنا دافئه نوعما وجاهزة لمقاومة سقوط الثلوج , وزارنا عدد من الرفاق وحيا جهودنا للاستعداد لمواجهة سقوط الثلوج , وبعد ثلاثة ايام من انتهاء العمل , وكان الوقت عصراَ وكان ذلك اليوم مشمس ودافئ جداَ , و قبل غروب الشمس كنا واقفين مجموعه من الرفاق في الشمس بجانب سياج بنايه مقابلة للخيم بمسافة حوالي 20 متر , اتذكر منهم الرفاق ( ابو بسام بطبعه الرفيق يحب المزحه والنكته والرفيق الشاعر ابو طالب , وابو فاتن وبسام وكريم وكاتب هذه الاسطر والرفيق ابو سامان و ابو رشا ) . جميع الرفاق يحبون المزاح مع الرفيق ابو سامان , انه رفيق طيب وخلوق ومتواضع ويحب ان يساعد الآخرين ويقدم لهم خدمات , ومع هذا هناك عدد من الرفاق لحب مزاحهم مع الرفيق ابو سامان فللطرافه ينسبون اليه صفه انه يحمل شؤوم , حيث كل حادثه كانت تحصل في مقر القاطع مثلاَ قصف او هجوم اوطيران او اي حادث آخر يحملون الرفيق ابو سامان مسؤولية ذلك العمل للمزح والطرافه معه ويعتبروه مركز للشؤوم , وانتقلت هذه المزحه من قبل الرفاق مع الرفيق الى ايران .
ونحن واقفون في الشمس , قال الرفيق ابو سامان ( الله اشلون جو مشمس اليوم) , فرد عليه ابو بسام على الفور ( احتركَنا والله الله اليستر اشراح ايصير اليوم ) , فرد ابو طالب في مزاحه المعهود والمعروف (ابو سامان كم مره عندما كنا في مقر القاطع قلنا لك روح سلم خاطر اسقطنا النظام , ليش هي هاي عيشه نحن عايشين فيها) . وبعد ان انهينا وقت ممتع من المزاح والضحك , حل الظلام وتوجهنا الى خيمنا وبعد ان تناولنا العشاء وشرب الشاي وتوجهنا الى النوم , سمعت طرق بخشبه على خيمتنا مع صوت عالي , كانت الساعه الثانية والنصف ليلاَ , فتحت باب الخيمه وخرجت واذا بالرفيق عمار , يقول اخرجوا وا زيحوا الثلج عن خيمتكم لا تسقط , وعلى الفور خرج الرفاق من الخيمه وازحنا الثلج وكانت غالبية الرفاق تزيح الثلوج من الخيم وشاهدت بعض الخيم منحنيه جانباَ .
عدنا الى الخيمه لغرض النوم ثانية في الساعه الرابعه ليلاَ , سمعت صوت الرفيق ( ابو عليوي) ينادي باسمي خرجت شاهدته حامل بطانياته وقال سقطت علينا الخيمه , فحملت معه البطانيات , وفرشت له بجانب الرفيق ابو سامان , سألني منو هذا النايم فقلت له الرفيق ابو سامان ( فرد قائلاَ لا هذا اخت ال .... الخ ما نام ابصفه ايروح يحركَني ) ففرشت له بجانبي , وفي الصباح كان اول الزائرين الى خيمتنا الرفيق ابو طالب وقال بصوت عالي قبل ان يقول صباح الخير مخاطباَ الرفيق ابو سامان( اخت ال .... الخ كم مره عندما كنا بالجبل نقول لك روح سلم خاطر اسقط النظام ماتقبل لا حكَنا الى يران تحركَنا ) . وكان الرفيق ابو سامان متعود على هذا الكلام ويرد على اقوال الرفاق بابتسامه .
خرجنا لمشاهدة الخيم ولمعرفة وضع الرفاق كانت الخيم تكاد ان تكون جميعها بعضها في انحناء مائل الى الارض والبعض الآخر قد سقطت لانها لم تصمد امام الثلوج , فقط خيمتنا كانت مائله قليلاَ , رغم هذا الوضع المحزن لكنه كان مضحك بالنسبه للرفاق , حيث المزاح والنكات والضحك تعالى ومع مزاح الرفيقين ابو عجو وابو حاتم حيث بعض الرفاق لا يستطيعون الخروج بسهوله من باب الخيمه , وتجمع الرفاق في الثلج , وكأنهم في موقف تحدي لأنهم حرموا من الحقوق كونهم لاجئين مؤقتين , الا ان جميع الرفاق كانوا متماسكين ومتضامنيين وأقوياء , ولا يفضل احد نفسه على الآخر , وبلا شك ان قوتهم هي من قوة فكرهم الذي يمنحهم القوة والارادة وقدرة التحمل في الظروف الصعبة , كان تحرك الرفاق سريع جداَ حيث تمكن الرفيقين ابو كمال وآزاد من الحصول على قاعتين للرفاق .
الانتقال من الخيم :
قبل حلول المساء انتقل الرفاق الى القاعتين التي تم الحصول عليهما .
المكان الاول : هو بناية تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني حيث كان يشغلها كمقر له , وكان يتضمن قاعة جيدة مع غرفه صغيره , وكنت ضمن الرفاق الذين تم تشخيصهم للانتقال لهذا المكان , في الغرفه الصغيرة سكن الرفاق التالية اسمائهم : الرفيق ابو عليوي والرفيق ابو بشار والرفيق ابو جاسم و اعتقد رابعهم كان الرفيق سفين معهم .
اما القاعه فسكن فيها 14 رفيق وهم : الرفيق المرحوم ملازم فائز والرفيق ابو عجو والرفيق ابو طالب والرفيق ابو حاتم والرفيق ابو حسن حبيب البي والرفيق ابو سلام والرفيق ابو عسكر والرفيق ثائر والرفيق هندرين اعلام والرفيق ماجد شقيق الرفيق الشهيد ابو رؤوف والرفيق منذر والرفيق ابو سامان والرفيق كريم وكاتب هذه الاسطر . وكان مكاننا يبعد عن البلوك الآخر كما يبعد عن مركز قرية زيوه حوالي 2 كم .
البلوك الآخر الذي انتقل له غالبية الرفاق هو بلوك مهجور وغير صالح للسكن طوله حوالي اكثر من 30 متر سقفه عالي جداَ به اوساخ ارضه رطبه يتسع حوالي 12 الى 14 غرفه بلا ابواب بارد جدا رطب , قام كل ستة رفاق بتنظيف غرفه ووضع بطانيه بدلاَ من الباب .
في اليوم الثاني توجهنا لزيارة رفاقنا في البلوك الآخر للاطمئنان على احوالهم , كان سكنهم حقاَ غير لا ئق وغير صحي ومكان رطب وبارد جداَ, لقد تأثرنا كثيراَ لوضع سكن رفاقنا .
حياتنا استمرت رتيبه , ولكن بها شيئ من تنظيم لامورنا اليوميه , حيث في قاعتنا التي عددها 14 رفيق انقسمنا الى 2 او 3 مجاميع لعمل الاكل وشراء المواد , ومن كل مجموعه يخصص يوم لرفيق يكون خفر واصلنا لقائاتنا اليومية في مقهى رمضان , ونتزاور فيما بيننا حيث اصبحنا ثلاث مجاميع . مع مجموعة العوائل في سنتر القرية ومعهم عدد من الرفاق .
الانصار ينتصروا لاهل القرية في البانزين خانه :
حاجتنا الى البانزين خانه في فصل الشتاء لا بديل عنها , للحصول على النفط الابيض لصوبات علاء الدين التي وضعنا لها استخدامين , استخدام الطبخ واستخدام التدفئة لطول الليل الى الصباح , وصادف جاء برد قاسي جداَ , ويذهب سكنة القرية من العوائل من الصباح الباكر الى المساء يقفون في طوابير للحصول على النفط بعض العوائل تأتي بعدة جلكانات لغرض سد حاجاتها لانها عوائل كبيره , ونحن الانصار ايضاَ نأتي للوقوف في السره للحصول على النفط . بالنسبه لنا نتعاون في الوقوف في الطابور الطويل ولشدة البرد يقف كل رفيق من كل مجموعه لمدة ساعه مثلاَ ويأتي آخر يحل محله , وكنا نلتقي في الكازينوا لانها قريبه على البانزين خانه لغرض التناوب , مر اسبوع الثلج يتساقط بغزاره والبرد قاسي والشخص الذي يعمل في البانزين خانه ( اسمه رمضان ) عراقي عضوقيادي في تنظيم زيوه للديمقراطي الكردستاني وعضو في لجنة البلدية للقرية ( الكوميته), لاحظناه فجأة يتوقف عن التوزيع ويذهب , وتبقى العوائل والاطفال ونحن واقفين في البرد بالنسبه لنا انتهت آخر قطره من النفط , واستمر الحال خمسة ايام متتالية نقف وقوف طويل ولم نحصل على نفط .
قررنا نحن عدد من الرفاق ان لا نذهب للاستراحه , واتفقنا فيما بينننا ان نمنعه من ترك البانزين خانه , حيث يوقف التوزيع لمدة اكثر من ساعتين والناس تقف في طوابير على الثلوج , ووقفنا نحن مجموعه في احد ابواب البانزين خانه وكنا ثلاث رفاق , الرفيق ابو طالب والرفيق هندرين اعلام وكاتب هذه الاسطر وهناك مجاميع من الرفاق يقفون في طابور طويل مع الناس .
فجأة وبكل برود وتعالي على الناس وعلى واجبه غلق مفتاح صوندة النفط , وقرر ترك البانزين الخانه , ومر من جانبنا لغرض الخروج . فمنعناه من المغادره , وتفاجئ من هذا الموقف وحاول بكل الطرق الافلات لكنه يأس ولن يتمكن من الافلات واستسلم وشعر بالاحراج امام الواقفين من اهل القرية من العوائل الذين يخشوه ويخشون قسوته عليهم , وشاهدوا كيف اجبرناه وهو يعود ثانية ذليل, فقال اتركوني وسأعطي لكم النفط اول الناس , فقلنا له لا نحن لا نريد ان نحصل على نفط اول الناس , استمر في التوزيع في السره الى ان يأتي لنا الدور , وبعد حوال ساعه من التوزيع المتواصل جاء لنا الدور , ولم يغادر البانزين خانه الا بعد ان حصل الجميع على النفط الابيض , يبدوا كان يبيع النفط في الاسود ويحصل على مبالغ .
الناس فرحت لانها حصلت على النفط في ذلك اليوم البارد و تشكرونا كثيراَ , وتناقل الخبر بين عوائل اهل زيوه من الاكراد العراقيين , ورفع شكوى علينا الى قيادة الديمقراطي الكردستاني في راجان , الا ان رفاقنا تدخلوا وأوضحوا لهم القصه , وبهذا إنتهت أزمة النفط في فصل الشتاء في زيوه .
الاجتماع الاول :
في هذه الفترة كانت قد شكلت هيئة للتنظيم , وارتبط جميع الرفاق بصلات فرديه , واشيع خبر نقلنا قريباَ الى معسكر الخوي لغرض بدأ التحقيق معنا , فتم التبليغ لحضور لقاء موسع حضره حوالي 15 الى 17 رفيق كنت من ضمن المدعويين للقاء , اللقاء كان في بلوك العوائل في غرفة الرفيق ابو هندرين , حيث كان يسكن هناك ايضاَ الرفاق الذين حضروا اللقاء منهم الرفيق ابو واثق وابو ماجد وابو رياض وابو سعد وابو كمال , كما حضر الرفاق ابو طالب وسفين واعتقد الرفيق ابو نسرين ورفاق آخرين . تم تناول الوضع السياسي من قبل الرفيق ابو هندرين , ثم طرحت موضوعة اخبار النقل لنا الى معسكر لغرض التحقيق , والتهيئ لألا يكون النقل مفاجئ , وكيفية مواجهة المرحلة القادمه مرحلة التحقيق وضغوطات لجان التحقيق وهل ان كل الرفاق سيقولون في التحقيق نحن فقط ملتحقون ضمن قوات انصار الحزب الشيوعي العراقي , طرحات افكار كثيره ودام الاجتماع لوقت متأخر من الليل , ووصلنا الى مكان سكننا بصعوبه لوجود الظلام ولصعوبة السير على الثلج المتجمد .
ابتكار الرفيق ابو رائد :
الرفيق ابو رائد ابتكر مشروب من الدبس المتوفر كثيراَ في قرية زيوه وكان يصنعه بطريقه سريه في الغرفه التي يسكنها لانه لا يريد ان يجلب ضرر للرفاق وكان معه عدد من الرفاق في الغرفه ابو فاتن وبسام واعتقد الرفيقين ابو بسام والرفيق سالم لاسلكي وكانوا يسكنوا في البلوك القريب منا , في احد الايام مساءَ زرتهم , وصدفه جلست بجانب التنكات المهيئة للتصنيع والمغطاة في البطانية , وسمعت اصوات كأنها تنفس , ولم اسئل وخرجت وبعد حوالي اسبوعين عدت ثانية لزيارتهم في المساء , وكانت امامهم كؤوس فيها عصير وقدموا لي كأس , واكتشفت الامر وتصاعد الضحك عالياَ , وقالوا في زيارتك الاولى كنا نعمل عملية تنفيس للتنكات المصنعه , لكن الآن المشروب جاهز وكانت جلسه جميله , وقال الرفيق ابو رائد يارفيق اشلون انقاوم البرد بهذه البطانيات والارض الرطبه بهذا العصير نطوي الليل وبرده وننسى المتاعب والصعوبات , وفعلاَ كنا في تلك الليله لم نشعر فيها في البرد .
مرض الرفاق :
في البلوك الكبير فجئة مرض عدد من الرفاق , واستمر المرض عدة اسابيع وكأنه تيفوئيد وكانت هناك خشية من المرض وانتشاره , لكن دكتور القرية رفيقنا النصير , اكتشف السبب , حيث طلب تحليل المي الذي نستخدمه حيث حفرت آبار في المنطقة لعدم توفر الماء الصالح للشرب في المنطقة التي انتقلنا اليها , وبعد التحليل لعينات من المي أكتشف انه ملوث , بسبب ان آبار المياه قريبه على السكن , وهناك بعض من المجاري تسرب من المياه الوسخه الى آبار المياه, بالنسبه لبلوكنا اقترح الرفيق ابو حسن حبيب البي منذ وقت مبكر بأن نقوم بجلب المياه للشرب وللطعام من بئر بعيد عن القرية , وكان يبعد مسافة حوالي كم واحد حيث حوال ثلاث آبار يستخدمها اهل القرية .
في أواخر كانون الثاني او الاسبوع الاول من شهر شباط عام 1989 , تم تبليغنا بأن نجهز حالنا وسيتم نقلنا صباح يوم غد الى معسكر الخوي , القريب من حدود الاتحاد السوفياتي السابق , والهدف من النقل هو لغرض اجراء التحقيق معنا لغرض ان يكون لدينا فايل ونستطيع لاحقاَ انجاز معاملة الخروج من ايران . حضرت الباصات الكبيره في صباح اليوم التالي , وصعدنا في الباصات جميع الرفاق وعوائلهم والطفلة نداوي بنت الرفيق ابو هندرين وام هندرين , واحتشد عدد غير قليل من العوائل جميعهم من الكورد العراقيين لتوديعنا وقال بعضهم جئنا لنودع أولادنا وكانوا يعزوننا كثيراَ .
(يتبع)14/4/2012
#فلاح_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟