أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - إدريس ولد القابلة - سخط أم يأس؟














المزيد.....

سخط أم يأس؟


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 3698 - 2012 / 4 / 14 - 01:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


اللهم قد بلغت
سخط أم يأس؟

تعيش بلادنا منذ مدة غلياناً اجتماعياً كبيراً سائراً نحو التوسع، فهل هو تعبير عن السخط على واقع الحال المرّ أم هو تمظهراً من مظاهر اليأس وانسداد الأفق؟ من أبرز سمات العهد الجديد بروز حركة التصدي للفساد. فعلاً يسود حالياً سخط عارم –لم يسبق له نظير بالمغرب من حيث اتساعه- على الفساد الذي فاق كل المقاييس المعروفة، إلى حدّ أضحت مظاهره وتداعياته سافرة في حياتنا اليومية وفي مختلف المجالات.

ومن أكبر وأهم إيجابيات حركة التصدي للفساد، أنها في طريقها لتكريس تعليم الشعب السخط على المظاهر الشائهة التي أصبحت تسيطر على حياة جيل اليوم في كل اتجاه.
ومهما يكن من أمر، إن السخط بات دليلاً للحيوية الكامنة، وذلك لأن الرضا بواقع الحال القائم هو –في الحقيقة- نوع من أنواع اليأس والتشاؤم بامتياز، ومآله الحتمي هو السير بالبلاد إلى المزيد من الاضمحلال. في حين أن السخط يدعو إلى وقفة تأمل في الواقع القائم، وهذا على سبيل أضعف الإيمان كما يُقال.

إلا أنه، إذا كان سخط الشعب المغربي صادق في حركيته للتصدي للفساد والفاسدين، فإن سياسيينا ومسؤولينا، يبدو أنهم مازالوا –في سوادهم الأعظم- ليسوا ساخطين، وإنما يتخاصمون فيتشاتمون، وقد يتهم بعضهم بعضاً بالخيانة أو الرشوة أو فساد الذمة، أو استغلال النفوذ أو المنصب لمراكمة الثروات وصيانة المصالح والمكتسبات المشروعة وغير المشروعة والمستحقة، لكن حالما يصلون إلى الموقع أو المنصب سرعان ما ينسون كل ما قيل، ويتحدون ويتخالفون ويأتلفون ويتصافحون، ويبتسم بعضهم لبعض، ويثني بعضهم على بعض، والشعب ينظر ويتعجب. فهل مثل هؤلاء يمكن أن يُؤتمنوا على مصير الشعب والوطن؟

ويزيد من الطين بلة وجود بعض أقلام من يسمونهم قادة الرأي في البلاد من كُتاب وإعلاميين، يُسخّرون خبرتهم ودماءهم وأقلامهم ينهشون سمعة هذا السياسي أو ذاك، ثم يعودون فيبيّضون ما سوّدوا، وذلك رغبة في نصيب الكعكة، إما على شكل إكراميات أو منصب أو بقع أرضية وسخاء حاتمي في حصة الإشهار أو غير ذلك.

وقد صدق من قال أن الكرسي يعمي ويصمّ، يفسد الذمة، ويكبت الضمير. كل هذا يساهم في تأجيج السخط المستطير على واقع الحال المتدهور من جرّاء الفساد.

مهما كل ما قد يقال، إن السخط نعمة في رصيد السواد الأعظم من الشعب، ونقمة في رصيد الأقلية التي لا تكاد تبين، والتي بعمل بكل ما في وسعها لخنق أنفاس هذا السخط بجميع الوسائل –حتى القمعية الشرسة أحياناً- وهذا طبيعي جداً في مجتمع يعيش بعض أفراده كأرقى ما وصلت إليه الحضارة البشرية، في حين تعيش أغلبية في خصاصة "مستدامة"، بل إن بعض الملايين من أفراد الشعب يعيشون في عهد الكهوف والغابات من جرّاء الفقر المدقع وانعدام أدنى شروط العيش الكريم. هذا في وقت يُعلمنا تاريخ البشرية أن استمرار رُقي المجتمع ليس ممكناً إلا في نطاق التوازن في نزعاته واتجاهاته، المتقارب في طبقاته وفئاته وكفاياته، المتناسق في أوضاعه وحالاته. فهل هذه حالة مغربنا الذي هو في واقع ليس مغرب واحد وإنما مغربان: "مغرب – جزيرة"، وهو مغرب أقلية لا تكاد تبين و "مغرب – محيط" وهو مغرب السواد الأعظم من الشعب.

ولن يتغير هذا الواقع إلا بتغيير العقلية الاجتماعية المشرفة على الإصلاح والتغيير. وذلك بتعويضها بعقلية جديدة تختلف –رأساً وكلياً- عن العقلية السائدة التي ترى كل شيء لفئة ضيقة ولأفراد معدودين من المغاربة، ولاشيء أو بعض الفئات ليس إلا للآخرين.

في واقع الأمر، إن العقلية الجديدة المتوخاة والتي نحن في أمس الحاجة إليها –أكثر من أي وقت مضى- هي عقلية لا تقوم بالإصلاح تفضلاً أو مناًّ على المغاربة، وإنما عقلية تؤمن فعلاً بما أقرّه الدستور –على علته- من أن المغاربة سواء، وأن المغرب لجميع المغاربة، وأن حق الحياة للجميع وهذا، لأن السواد الأعظم من المواطنين هم الذين ينتجون الثروة العامة للدولة لأنهم ينتجون أكثر مما يستهلكون أ يتقاضون كنصيب من الثروات الوطنية، وبالتالي من حقهم أن يعيشوا كما تعيش الأقلية التي لا تكاد تبين جرّاء قلة أفرادها مقارنة مع عدد نسمة المغرب.

حالياً إننا في حاجة لعقلية تمتلك الشجاعة للعمل على إقرار التقريب بين الحد الأدنى والحد الأعلى من الدخل والمرتبات والأجور. عقلية قادرة على فرض إعفاء الفقراء من لأداء الضرائب تماماً لأنهم يؤذونها على حساب جوعهم. عقلية تعتبر الوطن بمثابة أن تحضن أبناءها وترعاهم وتحميهم.

وخلاصة القول، إن السخط المستطير أضحى متنفس المغاربة في ظل سيادة الفساد لدرجة أم الكلمات لم تعد تجدي لوصفه. ولولا هذا السخط لعمّ اليأس. وإن عمّ اليأس فانتظر الساعة. لذا على القائمين على الأمور مراجعة أنفسهم بخصوص التعاطي مع الساخطين بالهراوة والاعتقال والعنف والدوس على الكرامة.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مازلنا نتوق للكرامة وللعيش الكريم
- -كلاّ وموازينو-
- هل من معنى للصالح العام عند القيمين على أمور المغرب؟
- غريب أمر جامعة ابن طفيل -من لا يستحيي فليفعل ما يريد-
- لماذا تُصر النيابة العامة على حفظ الشكايات ضد رجال السلطة؟
- هل مستقبلنا لازال يتضمن بدرة أمل لتحسين واقع الحال؟
- براءة السد راوي ورفاقه أسقطت الأقنعة والآن لا مناص من التقصي ...
- الشعب يريد...
- بهدلة حقوق الإنسان خلال يناير 2012 بالمغرب
- برنامج الحكومة بين الجدة ونسخ ما سلف: مازالت حليمة على عادات ...
- من صلب الديمقراطية
- نحن في وضع لا نحسد عليه
- نحصد ما زرعنا معضلتنا المستدامة افتقارنا للرؤية
- على هامش منع مجلة -لكسبريس- و-لونوفيل أوبسيرفاتور- الفرنسيتي ...
- هل سيبقى -المصباح- مضيئاً أم سرعان ما ستنطفئ فتيلته؟!
- لماذا أنار -المصباح- القنيطرة لما انكسر -الميزان- ودبلت -الو ...
- هل ستكون انتخابات 25 نونبر حاسمة فعلا؟ أم أن الجبل تمخض لينج ...
- -الجيش الجزائري يعرقل مسيرة الاستقرار والتطور الاقتصادي في ا ...
- الخطة المغربية لتغيير ملامح الشمال في أفق 2025
- تغيير النظام الجزائري أضحى أمرا ضروريا لضمان للاستقرار الإقل ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - إدريس ولد القابلة - سخط أم يأس؟