|
من وثائق الكونفرنس الثالث للحزب الشيوعي العراقي / تقييم سياسة حزبنا وخطه العام بين المجلس ( الكونفرنس ) الحزبي الثاني 1956 والمجلس الثالث 1967 / الجزء الاول
خالد حسين سلطان
الحوار المتمدن-العدد: 3697 - 2012 / 4 / 13 - 01:48
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
أقره الكونفرنس الحزبي الثالث كانون الأول 1967 كوثيقة تلتزم بها كافة منظمات الحزب وهيئاته الى حين عقد المؤتمر الوطني الثاني لإقرارها بشكلها النهائي (( ان المجلس الحزبي ( الكونفرنس ) الثالث لحزبنا الشيوعي يوصي جميع المنظمات والرفاق ان يدرسوا ويناقشوا هذه الوثيقة بالارتباط الوثيق مع منهاج الحزب وليسترشدوا بها في نضالهم التثقيفي والعملي واغنائها لتساهم في ترصين خطى الحزب المقبلة من اجل تحقيق منهاجه )) ـ الكونفرنس الحزبي الثالث ـ تمهيد تاسس حزبنا عام 1934 وقد جاء تأسيسه تتويجا لتبلور الوعي الطبقي لدى طليعة الطبقة العاملة العراقية من جهة وثمرة مباشرة للمبادرة الواعية من جانب المفكرين الثوريين الماركسيين اللينينيين الذين تمرسوا في النضال الوطني والطبقي وعلى رأسهم مؤسس حزبنا يوسف سلمان ( فهد ). من جهة اخرى، ومنذ نشوئه فقد صاغ حزبنا في عام 1935 شعارات جريئة وعلى رأسها الغاء معاهدة 1930، ورفع قاعدتي الحبانية والشعيبة، وتبني شعار تقرير المصير لكردستان بكل صراحة، وشعار توزيع الأراضي على الفلاحين، والحريات السياسية والحقوق الديمقراطية ويوم عمل 8 ساعات للعمال، ودافع الحزب في نفس السنة عن الانتفاضات المسلحة في ارياف الفرات وكردستان. وتصدر في اعوام 36 ـ 1937 موجة جديدة في حركة العمال الاضرابية والنقابية، وقد كان لحزبنا فضل المبادرة السياسية في تركيز النار على العدو الرئيسي الاستعمار العالمي بصراحة وجرأة في حين كانت تتهيب الاحزاب البرجوازية من ذلك. وفي سنوات الحرب العالمية الثانية اعاد حزبنا بقيادة الرفيق ( فهد ) بناء كيانه التنظيمي خلال نضال لا هوادة فيه ضد الميول الانتهازية والكتل الانقسامية في صفوفه وفي صفوف الحركة العمالية ودحر فوضوية المثقفين والاشتراكية الديمقراطية الارستقراطية العمال وثبت مبدأ الضبط البروليتاري الواعي والمركزية الديمقراطية وبذلك صان كيانه من الانحلال في احرج الفترات التي مر بها بعد ذلك . وقد تتوج نضال الحزب المبدأي هذا بعقد المؤتمر الوطني الأول عام 1945، الذي أقر أول وثيقة رسمية للنظام الداخلي وقد صاغ مسودتها مؤسس حزبنا الرفيق ( فهد ) تتويجاً لنضال شاق طويل كانت ثمرته تبلور التنظيم الحزبي في كيان حي تسوده وحدة الارادة والعمل ونظام الطاعة البروليتارية الواعية، الشرط الأول لانتصار الثورة الحاسم. وقد عقد قبل المؤتمر الوطني، المجلس الحزبي الأول وذلك في عام 1944 الذي صاغ وثيقة ( الميثاق الوطني ) التي تضمنت اهم الاهداف الوطنية والقومية والديمقراطية الملحة. هكذا كان حزبنا قد هيأ نفسه على المستويين السياسي والتنظيمي لقيادة المعارك الوطنية والقومية والطبقية الاتية في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية وخاصة في قضية فلسطين والحركة الاضرابية كاضراب عمال النفط في ( كاورباغي ) واضرابات عمال السكك والنفط والميناء، ووثبة كانون عام 1948 وانتفاضتي تشرين 1952، وخريف 1956 . لقد لعب حزبنا دورا رئيسيا في تنظيم الطبقة العاملة وقيادة نضالاتها السياسية والاقتصادية، وكذلك كان له الدور الرئيسي في تنظيف صفوف جماهير الفلاحين الكادحة وفي بناء حلف العمال والفلاحين. كما وكافح حزبنا وبلا هوادة ضد الاضطهاد القومي الشوفيني المنصب على الشعب الكردي والاقليات ودافع عن حقوقها العادلة وكذلك لعب حزبنا دورا اساسيا في بث الوعي الديمقراطي والثوري في صفوف فئات البرجوازية الصغيرة وفي تنظيم الفئات المهنية في منظمات ديمقراطية مجاهدة . كما واعطى حزبنا اهتماما وبذل جهدا كبيرا من اجل التعاون مع فئات البرجوازية الوطنية المتوسطة والصغيرة في جبهة وطنية. وعلى هذا النحو لعب حزبنا في غمرة النضال الثوري دوره الطليعي المجيد في تعبئة قوى الشعب وتجميع القوى الوطنية لانتصار قضية الشعب . لقد اعترضت تطور حزبنا ونضاله عقبة كبيرة ومحنة اليمة وذلك على أثر الضربة الموجعة التي وجهها له اعداءه من القوى العميلة والرجعية بمساعدة خونة الحزب والتي ذهب ضحيتها قادة حزبنا اللامعين فهد ـ حازم ـ صارم كما ودخل مئات من كوادر الحزب واعضاءه الى السجون. وعلى الرغم من حقيقة ان حزبنا استطاع ان ينهض من محنته بسرعة مذهلة واعاد بناء كيانه ولم صفوقه، الا ان اثر تلك الضربة ظل ملقيا بظله على عمل الحزب ونشاطه السياسي والداخلي وقد انعكس ذلك في التعثر والاضطراب في عمله وخاصة في تفشي المقاييس والاجراءات السياسية الخاطئة والبيروقراطية في التنظيم الامر الذي ترك اثره السلبي على عمل الحزب ونشاطه الذي أتسم بالانعزالية في التكتيكات اليومية وساعدت على حدوث الانقسامات في صفوف الحزب، الا ان حزبنا رغم ذلك استطاع ان يلعب دورا قياديا ومؤثرا في انتفاضة عام 1952 وفي معارضة سياسة الاحلاف الرجعية عام 1955، ومما تجد الاشارة اليه هنا، ان الحزب وضع في ميثاقه الوطني المعدل الذي طرحه عام 1953 بعض الشعارات الاستراتيجية للمرحلة الديمقراطية انعكست في شعارات الاطاحة بالنظام الملكي واقامة الجمهورية الديمقراطية الشعبية، ولكن هذه الشعارات كان يكتنفها الغموض والشكلية. واضافة لذلك، فان هذه الشعارات سرعان ما جرى تجاهلها في الدعاية والتحريك . وقد وضع حزبنا، منذ اجتماع لجنته المركزية في ايلول 1955، بداية جديدة للنهوض بعمله ونشاطه السياسي والتنظيمي انعكس في البيان السياسي الذي صدر عن هذا الاجتماع وفي الاجراءات التنظيمية التي اتخذها وخاصة في انتخاب الشهيد سلام عادل سكرتير اللجنة المركزية، ومنذ ذلك الوقت اختط الحزب لنفسه منهجا جماهيريا في العمل السياسي ومنهجا تنظيميا عزز كيانه واخذت المشروعية الحزبية والمبادئ التنظيمية اللينينية طريقها الى حياة الحزب الداخلية وقد تتوج هذا النهج السياسي والتنظيمي بعقد المجلس الحزبي ( الكونفرنس ) الثاني في ايلول / 1956 الذي اصدر وثيقة سياسية وتنظيمية هامة لعبت دورها الايجابي المؤثر في نشاط الحزب اللاحق في ميدان الحركة الجماهيرية وفي تعزيز كيانه التنظيمي . ان الكونفرنس الثاني عام / 1956 جاء تعبيرا عن نجاح الحزب عن توطيد وحدته وتصفية جميع الانشقاقات في الحركة الشيوعية وتجميع العناصر القيادية والكوادر وترسيخ وحدة الحزب الفكرية والسياسية والخروج بالحزب من عزلته الوطنية بتقوية علاقاته بالحركة الاممية والاحزاب الشيوعية وطليعتها الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي . ولتلبية المهام الجديدة في حركة التحرر الوطني لشعبنا وللحركة التحررية العربية الصاعدة وضع الحزب المهمات السياسية والشعارات الصحيحة التي تأخذ بنظر الاعتبار ضرورة استيعاب الحزب لتلك المهام وتطوير دوره المؤثر في حركة التحرر الوطني والقومي. وطرح شعارات تجميع كافة القوى والعناصر الوطنية والقومية، العربية والكردية ومن الاقليات في جبهة الاتحاد الوطني من اجل تطوير النضال الشعبي وتحقيق مهمات تحرير العراق من أغلال حلف بغداد، والتحاقه بركب حركة التحرر العربية التي سار فيها البلدان الشقيقان مصر وسوريا، ومن أجل اطلاق الحريات الديمقراطية للشعب العراقي وتطوير مستوى معيشة الكادحين وحل مشاكل النهوض الاقتصادي للعراق . لقد طور الكونفرنس الثاني دراسة الحزب للمسألة الكردية وثباته على مواقفه الاممية. ففي وثيقة الكونفرنس دافع حزبنا عن قضية الشعب الكردي القومية ووجه الى الطريق الصائب في النضال لحلها، طريق (( الاعتراف المتبادل بحق تقرير المصير وبمشروعية طموح الشعبين العربي والكردي الى التحرر والوحدة القومية )) طريق الكفاح المشترك ضد الاستعمار والذي (( هو العائق امام بلوغ العرب والاكراد لأمانيهم القومية )) . وقد جاء في تقرير اللجنة المركزية الذي صادق عليه كونفرنس ايلول / 1956 / (( ان الاستقلال الذاتي وفق اتحاد اختياري كفاحي اخوي تدبير موقوت بظروفه تقتضيه مصلحة الشعبين [ الكردي والعربي ] وبصورة جلية مصلحة الشعب الكردي نفسه وهو بهذا المعنى ليس حلا نهائيا للمسألة القومية الكردية. ولا يمكن ان يكون بديلا عن حق تقرير المصير للأمة الكردية )) . ان هذه الاستنتاجات والمبادئ التي اوضحها وثبتها الكونفرنس الثاني ما تزال تحتفظ بحيوتها وصحتها، وتسجل في وثائق الحزب اللاحقة ايضا . وقد اعطى الكونفرنس الثاني لحزبنا اهتماما خاصا لتطوير حياة الحزب الداخلية، خصوصا فيما يتعلق بالعناية بتربية الملاكات الحزبية الجديدة ومراعاة المقاييس المبدأية الثابتة في ذلك وتوزيع العمل على اساس الاختصاص في العمل الحزبي تبعا لتطور وتعدد مهمات الحزب والاهتمام بتكوين الهيئات الحزبية واشباعها بواجباتها وصلاحياتها ونبذ طريق العمل المبعثر الفردي وغير المبرمج . واكدت وثيقة الكونفرنس باهتمام خاص على مراعاة وتطوير مبادئ المركزية الديمقراطية وتقوية الضبط الحزبي وتطوير النقد والنقد الذاتي والديمقراطية الداخلية في عمل وحياة الهيئات الحزبية . لقد بحث الكونفرنس الثاني [ ايلول / 1956 ] في تحديد اساليب نضال الحركة الوطنية ضد نظام الحكم الملكي الاقطاعي العميل وتوصل الى ان الاسلوب السلمي هو الاسلوب الغالب فيها. ولكن تحت ضغط تطور الاحداث في بلادنا نفسها، وخاصة في انتفاضة خريف / 1956 / الوطنية، اعادت اللجنة المركزية لحزبنا في وقت مبكر دراسة هذا الموضوع وتوصلت الى تقدير مغاير، اذ حددت ان الاسلوب العنفي هو الاسلوب الراجح في كفاح شعبنا وحركته الوطنية من اجل التغلب الحاسم على عدوانية وعنف الاستعمار وحكمه العميل في العراق. وقد اثبتت تطورات الاحداث اللاحقة صحة استنتاجات قرارات اللجنة المركزية عام 1957 . ان توجه الحزب نحو تعزيز مواقعه في الحركة الجماهيرية ومن اجل تحقيق وحدة القوى الوطنية في النضال ضد الاستعمار والرجعية، كان يتطلب ايضا وبمزيد من القوة الدفاع الحازم عن مبادئ الحزب الاساسية واستقلاله الايديولوجي والتنظيمي والدفاع عن مبادئ الدور القيادي للطبقة العاملة وحزبها في الحركة الجماهيرية. وبهذا الخصوص فقد كان نضال الحزب وقيادته ضد الاتجاهات القومية اليمينية والتصفوية التي برزت في منظمة فرع حزبنا في كردستان عام / 1957 / والكراس الذي اصدرته لدحر تلك المفاهيم تجسيدا لاهتمام الحزب بهذا الجانب الحيوي في ميادين الكفاح الفكري . لقد نجح الكونفرنس الثاني لحزبنا الى حد بعيد في تحديد المهمات والشعارات الوطنية والقومية الآنية التي كانت تجابه الحزب والحركة الوطنية في تلك المرحلة النضالية، وكذلك في تحديد الاساليب التعبوية لتحقيق هذه المهمات [ جبهة الاتحاد الوطني ] ولكن الكونفرنس، لم يتوسع في بحث وتحديد آفاق تطور الثورة الوطنية بعد نجاحها، لا سيما فيما يتعلق بتحديد الدور القيادي للطبقة العاملة في تطوير الثورة الوطنية الديمقراطية آخذا بنظر الاعتبار عجز البرجوازية الوطنية وعدم اهليتها بسبب طبيعتها الطبقية، على تحقيق المهمات الكاملة لمرحلة التحرر الوطني والقومي، ووقوفها امام انتقال الثورة لتحقيق مهام المرحلة اللاحقة ـ الاشتراكية . ان هذا القصور في دراسات المجلس الحزبي الثاني كانت تعبر عن ضعف التكوين القيادي والوعي والتجربة للحزب. لقد أثرت هذه النواقص الجدية على مسيرة الحزب اللاحقة بعد ثورة 14 / تموز / 1958 .
#خالد_حسين_سلطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحزب الشيوعي العراقي من اعدام فهد حتى ثورة 14 تموز 1958
-
الشمس التي غربت مبكرا*
-
حسن عوينة الانسان والمناضل والشهيد
-
الشهيد محمد الخضري . . . ثوري من الطراز الأول
-
الشهيدة سحر أمين منشد نجمة براقة في سماء العراق
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|