|
من الانتخابات إلى التقسيم
علي خضر
الحوار المتمدن-العدد: 1086 - 2005 / 1 / 22 - 10:31
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
خلال فترة حكمها، نجحت الدكتاتورية البعثية بتدمير البنى الاجتماعية و القوى السياسية او على الأقل إبعاد هذه القوى عن الوطن. وعندما دخلت الجيوش الأمريكية العراق قامت بتدمير الدولة عندما قامت بإلغاء كل المؤسسات العسكرية والمدنية. ويحاول بعض المثقفون الرعاع أن يبرروا الدمار الشامل باتهام بريمر بالمأساة متناسين انه الحاكم الأمريكي الذي ينفذ سياسة دولته وان اجراءته هي جزء من المخطط الأمريكي. وفي ظل غياب الإستراتيجية لدى القوى الوطنية المتواجدة بالخارج والتي عادت بعد سقوط الطاغية، تم الاتفاق على إجراء الانتخابات والبدء بعملية إعادة البناء. واليوم وبعد ما يقارب السنتين من الاحتلال والفشل في إعادة البناء، وفي جو السيارات المفخخة وعمليات القتل والاختطاف تتصاعد حمى الانتخابات والصراع من اجل السلطة حيث بدأت علامات انقسام الحركة الوطنية تظهر بوضوح في وقت يحتاج فيه الشعب العراقي تحالفا واسعا وقويا لمواجهة الفاشية البعثية والسلفية وإنهاء الاحتلال الأمريكي.
ان من الخطأ الظن بان ما يسمى بالمقاومة السنية هي حفنه من المجرمين والإرهابيين ينحصر عملها بما يسمى بالمثلث السني ويتركز على تهديم البنية التحتية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للبلد. انها عصابات منظمة على طريقة المافيا التي استطاعت أن تشتري بدولارات أمريكية ذمم العديد من رجال الدين والجيش والشرطة. والمتابع للأخبار يجد بسهولة إن تحركاتهم تمتد إلى جميع أنحاء العراق مدعومة بالمرتزقة والسلاح والأموال. ان السؤال الذي يطرح نفسه هو عن حقيقة عجز الجيش الأمريكي وحلفاءه في القضاء على هذه العصابات. وإذا كان البعض يعتقد بأن بقايا الفاشية البعثية تقف وراء المقاومة السلفية، فمن يقف وراء البعث؟
ان سقوط الديكتاتورية تحت ضربات الإمبريالية ليست أكثر من مسرحية بالضبط مثلما يقوم الممثلون بتغيير أقنعتهم لتمثيل ادوار جديدة. فهل هناك عاقل يستطيع أن يثق بالأمريكان الذين خلقوا بن لادن وصدام والآلاف غيرهم من القتلة. فلماذا لا تمنع أمريكا مثلا الصهاينة من عمليات القتل اليومي للفلسطينيين ولماذا لا تطالب بتوحيد كردستان ولماذا لا تحارب الحكام العرب الذين يفوزون دائما بنسبة 99 بالمئة بالانتخابات. لماذا تستمر أمريكا بالتدخل بشؤون دول أمريكا اللاتينية وتمنع تطورها. هل نسيتم هيروشيما، كوريا، فيتنام وغيرهم...؟ فهل تعتقدون حقا بان الجيوش الأمريكية أسقطت الطاغية من اجل سواد عيون العراقيين ومن أجل تحقيق الديمقراطية في هذا البلد الغني بالبترول. عشرات الأسئلة تطرح نفسها وعلى العراقيين أن يفكروا بها جيدا ويجيبوا عليها بصدق.
ولننظر إلى الواقع المأساوي من جانب آخر، إن معظم أفراد الحكومة الحالية وأحزابها يشكلون، بشكل مباشر أو غير مباشر، جزءا من هذه العصابات أردنا ذلك أم لا. فمن يطلع على تاريخ هؤلاء (القادة) الجدد وسفرائهم في العالم سيجد إن أكثر من 60 بالمئة منهم هم من أصحاب الفكر البعثي العفن الذين عادوا للسلطة بالبدلة الأمريكية وببركة الشيوعيين والشيعة والأكراد وغيرهم ممن خدموا أجهزة المخابرات الأمريكية والعربية بعد أن اتخذوا هويات سياسية جديدة تتفق مع المخططات الجديدة لأسيادهم. لقد تم اختيار هؤلاء البعثيين من قبل الأمريكان أنفسهم وبكلمات أخرى، فقد اختاروا هؤلاء الذين كانوا يعملون في دوائر مخابراتهم. وهذا ليس بسر على أحد فقد سبق وأن صرح بعضهم بأنهم هم الذين جلبوا الأمريكان إلى العراق.
إن أجراء الانتخابات تحت هيمنة قوات الاحتلال التي تصول وتجول دون أن يستطيع احد أن يوقفها ولو بالكلام، وفي جو الرعب وانقطاع الكهرباء والبحث عن ماء الشرب والركض وراء لقمة العيش، تظهر الانتخابات كلعبة لتبييض وجه الإدارة الأمريكية ومنحها شرعية الاحتلال ولتقوية سلطة عراقية تابعة وخاضعة لها، وشتان ما بين الديمقراطية واللعبة الديمقراطية. لقد فهم قادة الأحزاب المشاركة بالانتخابات لعبة اسيادهم وها هم يساهمون بها من أجل حفنه من الدولارات تأتيهم من خلال سرقتهم لقوت الشعب، فما علاقة الحركة الدينية الشيعية بالديمقراطية، ففي كل تاريخ الاسلام (شيعيا او سنيا) لم تمارس الحركات الدينية أي ديمقراطية ولم تمارس أي انتخابات. أما ما تسمى بالحركة الكردية الديمقراطية وهي ليست غير حركة تحالف إقطاعي برجوازي ذات توجه قومي، فان حساباتها كلها خاطئة لأنها تعتقد حقا إن الأمريكان سيساعدونهم بالحصول على حقوقهم. ونفس الشئ بالنسبة للحركات القومية العربية وكذلك الديمقراطية والشيوعية التي تدخل اللعبة بدون حساب نتائج مستقبل الانتخابات. ومهما يكن الفائز بهذه الانتخابات، فأن الاحزاب الخاسرة ستشكل معارضة أخرى للسلطة الجديدة، معارضة تضاف إلى الشراذم المسلحة البعثسلفية مما سيؤدي ذلك إلى زيادة عدم الاستقرار ويقوي احتمالات تقسيم العراق. وعلى كل حال فأن بعض الأحزاب تعمل مع الأمريكان يد بيد من أجل تحقيق ذلك الهدف.
علي خضر (مدير المركز الثقافي العربي/ بلجيكا)
#علي_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يقف وراء سياسة تأهيل البعث
-
المافيا البعثية تعود للسلطة
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|