أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ثروت عكاشة : دراما العلاقة بين الثقافة والسياسة















المزيد.....

ثروت عكاشة : دراما العلاقة بين الثقافة والسياسة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3696 - 2012 / 4 / 12 - 10:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



رغم أنّ ضباط يوليو52حكموا شعبنا وفق آلية الطاعة العمياء ، واعتقلوا الأحرارلمجرد اختلاف الرؤى ، فإنّ الجينات الخاصة بالضابط ثروت عكاشة (1921- 2012) جعلته مختلفـًا وبسبب هذا الاختلاف مرّبصراع نفسى بين ولائه لمرؤسه (عبدالناصر) وآرائه المؤمن بها : جينات المثقف مع الفن الرفيع والسموبالإنسان ، بينما جينات ضباط يوليومع القمع . وتصارعتْ الجينات المُتعارضة : جينات مع الحرية فى مواجهة جينات مع الاستبداد. هكذا كانت دراما حياة ثروت عكاشة الذى اختارته الجينات ليكون مثقفـًا رفيع المستوى، واختارته الظروف الاجتماعية ليكون أحد الضباط .
جينات المثقف دفعته ليكون أهم إنجازاته إنقاذ المعابد المصرية والنوبية. قال مديراليونسكوإنّ الحياة إلى زوال ولكن الفن خالد ، فردّ ثروت ((ألاترى أنّ أسلافنا كانوا يؤمنون بأنّ الحياة والفن متلازمان؟ فلنتضافركى نسحب المياه من تحت قدمىْ إيزيس)) (مذكراتى فى السياسة والثقافة- دارالهلال عام 90ج2ص 14، 15) وفى هذا الجزء شرح غاية فى الأهمية عن دورالمنظمات العالمية ومشكلة التمويل لنقل المعابد وبصفة خاصة دورعالمة المصريات نوبلكورمستشارة اليونسكو((وحماسها المُتدفق وإيمانها بمشروع الإنقاذ إيمانًا بلغ مرتبة العقيدة..وكان دورها الفعال دوليًا لإنقاذ الآثارطاقة عمل لاتنفد تنقلها إلى الآخرين بضميرحى وعشق لمصر(ص54، 88) وجينات المثقف جعلته يدخل فى صراع مع وزيرالإعلام الذى تبنى سياسة (الكم) ضد (الكيف) وأنّ عبدالناصرانحازلسياسة الكم وشجع وزيرالإعلام بأنْ قال له ((أنت مُلزم بتنفيذ تعليماتى)) (136) بدأ الصراع النفسى عندما سمع عبدالناصريقول (أنا وحدى المسئول عن الناحية السياسية) فكتب ((مضى جمال مُنفردًا بالسلطة. وكان هذا أمرًا له خطره أشفقتُ منه عليه. فهى مسئولية يستحيل أنْ يضطلع بها فرد واحد مهما أوتى من مواهب وقدرات)) ثم تتغلب السياسة على جينات المثقف فيضيف ((ومع ذلك فما من شك فى أنّ عبدالناصركان يتميّزبحس سياسى مرهف يُدرك به نبض الجماهير)) ولكن جينات المثقف لاتستسلم فكتب بعد فشل الوحدة المصرية السورية أنه قال لعبدالناصرأنّ (تلك الوحدة جاءتْ مُتعجّلة لم تـُدرس بما تستحق من عمق وأناة) (129، 130)
عن هذا الصراع النفسى داخله كتب ((أحسبنى وقتذاك مررتُ بهذه المرحلة مُتأرجحًا بين الشك واليقين. وهومالايكون إلاّمع صحوة فى الضميرواستغراق فى التفكيرومحاسبتى لذاتى عن سلبيات نظام الحكم الذى أنتمى إليه كان معها القهروالتنكيل. لم يؤخذ لى فيها برأى كما لم أستطع دفعها. وكان أسوأ ماعانيته أنْ تكون الإجابات على تساؤلاتى مُبهمة. ولاتلقى ضوءًا حتى أتبيّن منه الحق من الباطل. وكم تمثلتُ أنى تحت سقف بيت متداع يكاد ينقض حجرًا بعد حجر(133، 134) ويتعاظم الصراع النفسى عندما يتم اعتقال إثنين من مكتبه. والحجة أنّ أحدهما كان يمد د. أحمد عكاشة (شقيق ثروت) بنكت (صحيحة لغويًا) تمس عبدالناصروأسلوب حكمه. وأنّ شقيقه ينقلها إلى أحمد أبوالفتح (زوج شقيقته) المُقيم فى جنيف ويؤلف كتابًا يتضمن النكت ضد جمال. وأنّ المخابرات كانت وراء هذا الزعم ، لأنّ هذا الكتاب لم يظهرللوجود ، وحتى لوكانتْ الواقعة حقيقية فماذنب الأبرياء (العامليْن فى مكتب ثروت) كما أنّ أحمد أبوالفتح ((رجل شريف لايشك أحد فى نزاهته ووطنيته وقد لقى على يد الضباط جزاء سنمارلاختلافه معهم حول الديمقراطية فناله منهم ظلم جارح فادح. والأجهزة التى خلقتْ التهمة وخلقتْ المُتهمين خلقتها فى رعونة وحمق للنيل من الناس. فهى كما فعلتْ بى فعلتْ مع الكثيرين غيرى)) وآلمه أنّ عبدالناصرقال له ((أنا لم أطلق سراح عضوىْ مكتبك إلاّ إكرامًا لك)) وأنّ عبدالناصرلم يهتم هل هما بريئان من التهمة أم لا. وأنه هوالذى وقع على أمرالقبض عليهما. وعندما سأله لماذا وضع شقيقه فى القائمة السوداء دون مُبرر، تجاهل السؤال وسأله ((هل لازلتَ على صلة بأحمد أبوالفتح؟)) (التفاصيل من 139- 143) ويتأجج الصراع بين المثقف والسياسى عندما علم باعتقال صديقه السفيرمحب عبدالغفار((الرجل الذى لا يتطرق الشك لحظة فى وطنيته)) وحوكم أمام مجلس عسكرى وصدرالحكم فى جلسة واحدة بالسجن عشرسنوات مع الأشغال الشاقة. أما الدبلوماسى الأمريكى الذى أشارتقريرالمخابرات أنّ السفيريتعامل معه، فظلّ يُزاول عمله لمدة عامين فى مصربعد صدورالحكم على السفيرمحب ((فهل كانت الحكومة المصرية تـُجامل من تعتبره من الجواسيس الأمريكيين؟ سؤال بلا جواب. وظلّ الرجل البريىء فى السجن أربعة أعوام يُعانى الظلم دون أنْ يقترف ذنبًا. وخرج مُحطمًا كسيرالنفس فمات إثرنزيف فى المخ نتيجة ماناله من التشهيرومالقى من مهانة)) اختتم ثروت هذا الفصل بمزيد من الصدق النفسى فأضاف ((كان مُحرّمًا على كل المصريين فى تلك الآونة أنْ يتحدّثوا فى مجالسهم الخاصة داخل بيوتهم عن سياسة بلدهم. ومُحرّم عليهم أنْ يُطالعوا المجلات والكتب الأجنبية. وأنّ النظام لايثق فى إخلاص المصريين لوطنهم مهما شهدتْ لهم مواقفهم السابقة وتاريخهم المُشرّف. وأنّ أجهزة التنصت والتسمع كانت تـُسلط على بيوت الناس وتليفوناتهم. مع ضيق النظام بأى نكتة تقال بين شخصيْن فى جلسة ودية داخل جدارالبيوت عن طريق استراق السمع بالأساليب البوليسية المختلفة. وأنّ الضباط بعد أنْ فازوا بالسلطة استبعدوا من شاركوهم مشاركة حقيقية فعالة بطريقة أساءتْ إليهم. وأنّ التسجيلات كانت تتم لكل الوزراء بما فيهم ثروت عكاشة (من 460- 464)
ويكتب بمرارة عن هزيمة بؤونة / يونيو67خاصة وأنّ رئيس هيئة الأركان المصرية ذهب إلى سوريا ونفى وجود أى تحرش إسرائيلى بسوريا وباعتراف السوريين أنفسهم. وكان شمس بدران وزيرالحربية قد عاد من الاتحاد السوفيتى يوم 31مايوفقال بثقة (كذبتها الوقائع) عن الأسطول السادس الأمريكى إذا تدخل لصالح إسرائيل ((وراءنا من القوة ما سيُحطمه)) وكان تعقيب ثروت : ما أظن أنّ التبعة تقع علي شمس وحده ((بل يُشاركه فيها من أسندوا إليه هذا المنصب الخطير)) خاصة وأنه بعد كارثة الهزيمة استخفّ بما حدث وقال (أما اتخمينا حتة خمه) وعندما لم يرد عليه أحد (الواقعة جرت فى مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة) قال ((لمَ أنتم حزانى هكذا ؟ هل أنتم فى مأتم ؟ هل أطلب لكم قهوة سادة؟)) وكان تعليق ثروت ((ما من شك فى أنّ اختيارشمس بدران لمنصب وزيرالحربية عام 66كان مجانبًًا للتوفيق. وحسبى تدليلا على رأيى ماجرّه على وطنه من ويلات ومصائب. وقصة هذا الرجل تبدأ باختيارعبدالناصرله ليكون همزة وصل بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة السياسية. وظنّ عبدالناصر، وظنّ عامرأنه رجله، فأسند إليه كل منهما مالم يكن يصح إسناده مثل تصفية الإقطاع . كما وضعا تحت تصرفه أجهزة يرأسها من يفوقونه درجة وكفاءة ومقدرة وحسًا إنسانيًا، إلى أنْ أتتْ فترة جمع شمس خلالها فى قبضته أجهزة الشرطة العسكرية والمباحث الجنائية العسكرية والمخابرات الحربية والمخابرات العامة ومباحث أمن الدولة، وهى أجهزة رهيبة يُثيرالواحد منها الفزع فما بالنا حين تجتمع كلها فى يد واحدة؟ وهكذا هوت سياطه على ظهورأبناء وطنه دون رحمة بحجة أنها فى مصلحة الأمن الوطنى. ودخل شمس بنفوذه لدى الشركات والمؤسسات مُحرّمًا شغل أى منصب بدون الرجوع إلى المشير، أى دون الرجوع إليه. وهنا بدأ النزيف داخل القوات المسلحة بتكالب أعداد كثيرة من الضباط على الوظائف المدنية. وأقحمتْ المؤسسة العسكرية نفسها فى مجال الاقتصاد كما زاد عدد العسكرفى السلك الدبلوماسى والحكم المحلى)) (376- 399)
كما أنّ سامى شرف أجّج الصراع النفسى : لماذا أصرّعبدالناصرعلى تصعيده من مجرد سكرتيرلمكتبه إلى أنْ أصبح قيصرًا يُدين له الوزراء والسفراء وأصحاب المراكزالعليا بالولاء ويُثيرالذعرفى نفوس الكبارقبل الصغارولماذا التمسك به؟ فجاء رد عبدالناصرالصادم أنه ((شهد ضد شقيق له. كما أقسم لى أنه على استعداد لأنْ يذبح أبناءه إذا أمرته بذلك)) فماهوشعورثروت الذى يتصارع داخله المثقف والسياسى، كتب ((كاد حلقى يغص بالطعام وعاجلنى إحساس غريب بالخشية والتشاؤم والذهول. وقلت إنّ شهادة هذا الضابط تسلخه من إنسانيته ولاتصدرعن إنسان سوى. وقرّ فى أعماقى لحظتها أنّ بقاء هذا الضابط إلى جوارالرئيس سيكون مصدرشربغيرحدود لاعليه وحده بل على الوطن عامة)) (436- 450) استمرالصراع إلى أنْ حسمه الضابط ضد المثقف ، عندما قرّرالانحيازللسلطة فى شكل التخلص من اليسارفى هيئة قصورالثقافة، ولم يستعص عليه إلاّسعد كامل الذى وصفه ثروت بأنه (رأس الأفعى وسوف أدق رأسه) ولخص المشهد الفنان عزالدين نجيب قائلا إنّ ((عقد الزواج العرفى بين النظام الناصرى واليساريين قد انتهى. وكان لابد من التخلص من اليساريين بعد انتهاء مهمتهم، لكن بيد ثروت عكاشة)) (الصامتون : تجارب فى الثقافة والديمقراطية- على نفقته الخاصة- يناير85- من 110- 113) وهكذا انتصرغطاء الرأس على العقل، وانحازلسلطة السياسة ضد طموحات الثقافة.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجذور التاريخية لمأساة الشعب الفلسطينى
- درس من خبرة الحركة الوطنية
- صياغة التعصب الدينى بالإبداع
- دستور وطنى دائم أم شخص الرئيس
- شواطىء العدل والحرية عند رمسيس لبيب
- السفر الأخير - قصة قصيرة
- مجابهة التخلف الحضارى
- الإبداع بين الدراما والسياسة
- أوديسا التعددية الثقافية
- مباراة عصرية فى شد الحبل بين الحرية والدكتاتورية
- دستور سنة 23 وموقف الليبراليين المصريين
- قصة (بعد صلاة الجمعة) والفكر الأصولى
- إبراهيم أصلان والكتابة بلغة فن الهمس
- محجوب عمر والترانسفير الصهيونى
- نداء الحرية فى مواجهة بطش العسكر
- العلاقة بين التدين والإبداع الشعبى
- الروائى الأيرلندى جيمس جويس واليهود
- الصحافة المصرية وحجب المعلومات
- الدبلوماسية المصرية بعد يوليو52
- الآثاروالسياحة واللغة المصرية القديمة


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ثروت عكاشة : دراما العلاقة بين الثقافة والسياسة