عقيل طاهر
الحوار المتمدن-العدد: 3694 - 2012 / 4 / 10 - 01:05
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
العالم العربي ينهار ليعيد بناءه من جديد , من الناحية الجغرافية و السياسية . فالربيع العربي هو أول خطوة نحو تغيير غير مفهوم , و لهذا نجد أنفسنا نخطو نحو نفق طويل و مظلم لا ندري أين سيؤدي بنا .
و لكي نتنبأ إلى أين نحن نتجه لابد منا أن نفهم الأطراف السياسية – العربية – الموجودة التي أسعفت هذا التغيير في عالمنا العربي . فنحن في مقال ( أزمة الماركسية و غيابها عن الساحة السياسية ) ناقشنا أسباب و نتائج أبتعاد الأحزاب الشيوعية و اليسارية عن الساحة السياسية , و لكن في هذا المقال , يتوجب علينا أيضاً نقاش مشاركة و مساهمة البرجوازيات العربية في التغيير في عالمنا العربي .
فللبرجوازية العربية في هذا التغيير دور هام يصعب علينا إهماله , حيث , البرجوازيات العربية لعبت دوراً أساسياً في التغيير هذا , و من أبرز الأطراف من البرجوازية العربية هو الإسلام السياسي , الذي بلا شك أختطف ثورات الشعوب العربية . فقيادة الإسلام السياسي هذا لثورات الشعوب مرادفة لتحقيق أمل ظفر الديمقراطية الغربية في القطب الثاني من الكرة الأرضية .
أستغلال ضعف الأحزاب اليسارية و الشيوعية , كان من أهم خطوات البرجوازيات العربية و على رأسها الإسلام السياسي في توسيع نفوذها سياسياً و فكرياً , فغياب الايدلوجية البروليتارية عن الساحة السياسية يعني قوة الايدلوجية البرجوازية في الساحة السياسية . و من المخطأ أن نقول , أن البرجوازية العربية منشقة أو منفصله عن بعضها بالشكل العظيم , فالبرجوازية العربية متحالفه سياسياً , بغض النظر عن الناحية الفكرية , فهذا التحالف السياسي في الباطن يمثل التحالف الأيديولوجي , فتونس بعد الثورة على سبيل المثال , تم تعيين المرزوقي رئيساً للجمهورية و هو يمثل الطرف اليساري و الجبالي رئيس الوزراء و هو يمثل الطرف الإسلامي , فهذا التحالف السياسي يكشف التوافق الأيدلوجي بين اليساري و الإسلامي , فلا يمكننا أن نقول أن انشقاق سياسي أو فكري , فهناك توافقاً فكري و سياسي يمنعنا ان نوجه هذه التهمة إلى البرجوازية العربية , و ربما نشاهد في التلفزيونات أفراداً إسلاميين يشتمون الديمقراطيين أو الليبراليين – و العكس – لكننا لا يمكن أعتبار هذه الحرب الفردية و النسبية جداً ,ظاهرة على أنشقاق في صفوف البرجوازيات العربية , فالإسلام المعتدل أتى ليتوافق مع القوى الليبرالية و الديمقراطية فكرياً و سياسياً , حيث , الإسلام المعتدل يدعم المفهوم الديمقراطي و المدني , بشكله الغربي , الذي تدعمه – بلا شك – القوى الليبرالية و الديمقراطية العربية . فهذا التحالف السياسي , يعني تحالف أيدلوجي , و التحالف الأيدلوجي يخدم قطب واحد فقط وهو القطب الغربي , و بسبب وجود قطب واحد فقط , نجد أن التحالفات البرجوازية تظهر بصورة قوية في وطننا العربي و تفرز تأثيرها في كل ناحية أما كانت سياسية , اجتماعية , أو اقتصادية , فالإسلام المعتدل يريد ترسيخ الحياة الإسلامية في المجتمع العربي , و يريد أن يبني قوة سياسية فيستعين بالأفكار الديمقراطية الحديثة , و بهذا يعزز وجود أقتصاد السوق و السوق الحر . فنفهم أن بوجود الإسلام المعتدل تلقائياً سيتم تعزيز وجود الكيان الغربي في الوطن العربي , حيث تم إستقبال أفكار الديمقراطية – من الناحية السياسية – و إقتصاد السوق و السوق الحر – من الناحية الاقتصادية – فإستيلاء الإسلام المعتدل لثورات العرب يعني ترحيب بالغزو الغربي – الفكري – من الناحية السياسية و الاقتصادية .
نجد , من الناحية الثانية , أن الإسلام كفكر , أسعف في بقاء الطرف الإسلامي بقوة في المجال السياسي . فالفكر الديني , ليس كما يقول البعض هو الفكر السائد في المجتمع , بل الفكر الغربي هو السائد في المجتمع – المبني على المدنية و الديمقراطية ألخ – فالمطالب الشعبية كانت الديمقراطية و المدنية ليس الخلافة الإسلامية في البدء , و لكن لأن الغرب يضع الفكر الديني في الجبهة السياسية المزيج بالأفكار الديمقراطية و المدنية , يختار الشعب الفكر الديني بكونه شيء جديد و حديث , و ليس بشكله القديم , الذي يريد قيام الحد و القتل و الجلد , الآن يأتي الدين بصورته البريئة بدعمه لمفهوم الحرية و الديمقراطية و المدنية و الحداثة , فلا يمكننا أن نعتبر الفكر الديني هو الفكر الطبقي السائد , و لكن هذا الفكر متحالف مع فكرٍ أخر في مثل الطبقة , فهذا – كما يطلق عليه (( مهدي عامل )) – التحالف الطبقي ,الذي يعرفه بأنه :
((عملية التحالف الطبقي , و هي , بأسم (( العصرية )) و (( الحداثة )) و (( التقدم )) و (( الحرية )) و (( العلم )) و (( التقنية )) , إلى غير ذلك من مفاهيم الإيديولوجية البرجوازية , بشكل عام , تضع الدين , مثلاً , في مجابهة مع الإيديولوجية البروليتارية . معنى هذا , أنها في استخدامها الراهن (( للإيديولوجية الدينية )) , لا تمارس صراعها الطبقي باسم (( الدين )) أو باسم مفاهيم هذه الإيديولوجية , بل هي تمارسه , في تطلعاتها الطبقية المتجددة نحو (( الحداثة )) , باسم مفاهيم (( العصر )) التي هي مفاهيم الإيدلوجية البرجوازية نفسها . ))
فنفهم أن الأيدلوجية البرجوازية , التي كانت في وقته- أيّ زمن مهدي عامل - تقودها الإمبريالية , تستخدم الإيديلوجية الدينية لتلبية تطلعاتها الطبقية المتجددة , التي تتحدث بأسم مفاهيم العصر و الحداثة . و نجد أن هذا النهج تبلور و تطور بشكل كبير منذ كتب (( مهدي عامل )) هذا الموضوع إلى يومنا هذا, و هذا التطور السريع و المتجدد أدى إلى سرقة ثورات الشعوب العربية .
الأطراف البرجوازية في عالمنا العربي قد ألتحمت تحت مفهوم الحداثة و العصرية , و هذا الإلتحام أبرز الطرف الديني أكثر من غيره , حيث هذا الطرف كون لنفسه قوة سياسية تفرض على الأطراف الأخرى شروطها , فمن أجل صيرورة بقاء الهيمنة الدينية – من الناحية السياسية – توجب على الطرف الديني أن يمزج أفكاره – من الناحية التطبيقية – مع الأفكار البرجوازية الأخرى , و لم يكتف الطرف الديني بهذا , بل خلق طرفاً دينياً آخر متطرف , في سبيل ترسيخ مفهوم , الإسلام المعتدل و الإسلام المتطرف , ليتم إبراز الفرق ما بين المعتدل و المتطرف و إبراز أن الإسلام دين يتبع نهج السلام و ليس العكس , و هذا ساعد على الظهور القوي للطرف الإسلامي المعتدل , في ضعف الأطراف التقدمية و الشيوعية و الديمقراطية الليبرالية .
فالمقلق هو الغد و ليس اليوم , و مع أستمرار التعاون ما بين الأطراف البرجوازية العربية و الغرب , يجعلنا نستمر بالسؤال : ماذا سيحدث ؟ ما التحديات التي سيواجهها أبناء فكر الطبقة العاملة في قوة الفكر الديني ؟ و كيف سنواجهها و نحن تحت هذا الضعف ؟ ..
#عقيل_طاهر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟