|
دور الانتربول بالتصدي للجريمة المنظمة
رياض هاني بهار
الحوار المتمدن-العدد: 3693 - 2012 / 4 / 9 - 23:01
المحور:
المجتمع المدني
تعتبر من أهم المنظمات الدولية الناجحة و الفعالة في أداء مهامها على المستوى الدولي، بحيث ساهمت في تحقيق التعاون الدولي بين أجهزة الشرطة في مختلف البلدان الأعضاء، ويرجع هذا إلى كون هذه المنظمة الدولية للشرطة الجنائية تختص بمكافحة جرائم القانون العام كجريمة تبيض الأموال، وجرائم المخدرات، والتي تسبب ضررا لجميع الدول بدون استثناء وكل الدول ترغب في الاستفادة من خدمات هذه المنظمة التي أصبح عدد أعضائها يضاهي عدد الدول في منظمة الأمم بالإضافة إلى ذلك تظهر أهمية المنظمة الدولية للشرطة الجنائية في المساعدات التي تقدمها للدول الأعضاء من خلال تحسين أداء جهاز الشرطة، وذلك بوضع برامج تدريب متطورة وتزويد البلدان الأعضاء بالوسائل التكنولوجيا المتطورة التي تساهم في كشف الجريمة ومكافحتها. إن التطور التكنولوجي و التقني في مختلف المجالات و نمو التجارة الدولية و نمو الاقتصاد الدولي و توسيع مناطق التبادل الحر، و فتح الأسواق العالمية أمام التجارة، و كذلك ظهور العولمة التي جعلت العالم كالقرية الكبيرة تتفاعل فيه جميع المكونات من أشخاص القانون الدولي، و التي ساهمت في إزالة الحدود بين الدول، فهذه الظاهرة أدت إلى عولمة الاقتصاد و عولمة الثقافة ، و كذلك نتج عنها عولمة الجريمة، بحيث انطلقت من النطاق الداخلي للدولة إلى النطاق الدولي و لذلك أطلق على هذا النوع من الجريمة مصطلح الجريمة المنظمة العابرة للحدود أو الجريمة المنظمة عبر الدول، و قد أدى هذا إلى ظهور منظمات إجرامية خطيرة تعمل على المستوى الدولي من خلال الاعتماد على إستراتيجية معينة، و هي إستراتيجية التحالفات بين المنظمات الإجرامية الوطنية بهدف فرض هيمنتها و كذلك السيطرة على الدول مما جعل الجريمة المنظمة من أكبر التحديات التي تواجه الدول بدون تمييز بين الدول المتقدمة و الدول المتخلفة. إن كل دولة تأثرت سلبا بخطورة الجريمة المنظمة و لكن هذا لا يخفي اختلاف وجهات النظر بين الدول حول مفهوم الجريمة المنظمة العابرة للحدود، فما قد تعتبره بعض الدول جريمة خطيرة تهدد استقرار الدول قد تنظر إليه دول أخرى على أنه لا يشكل جريمة خطيرة و هذا يبين أن تعاون المجتمع الدولي على إيجاد أفضل السبل لمكافحة هذه الظاهرة يتطلب تنسيق الجهود لوضع مفهوم موحد، لا يوجد اتفاق بين الدول حول مفهوم موحد للجريمة المنظمة ، و هذا راجع لعدة اعتبارات و التي من بينها اختلاف مفهوم الجريمة من دولة لأخرى، و كذلك حسب المصالح الاقتصادية والسياسية لكل دولة على حدة ، بالإضافة إلى ذلك فإن الجريمة المنظمة لم تبقى مقتصرة على الأنشطة التقليدية ، بل وسعت أنشطتها لتشمل أنماطا حديثة تتلاءم مع التطور التكنولوجي في مختلف المجالات ، و كذلك يصعب تحديد مفهومها لطابع التدويل الذي تتميز به. مفهوم الجريمة المنظمة: قبل الإشارة إلى تعريف الجريمة المنظمة لا بد من تحديد تعريف الجريمة في حد ذاتها و بالرجوع إلى أغلب التشريعات الوطنية فإنها لا تضع تعريفا للجريمة و إنما تقتصر على بيان أركانها تاركة أمر تعريفها للفقه و من بين التعريفات التي حددتها ما يلي : " الجريمة هي كل عمل أو امتناع عن القيام بعمل غير مشروع يمنعه القانون و يقرر له العقوبه أما بالنسبة لتعريف الجريمة المنظمة نتناوله في فرعين: 1- التعريف الفقهي 2- التعريف القانوني و من جهة أخرى فقد عرفتها المنظمة الدولية للشرطة الجنائية في الندوة الدولية الأولى التي عقدت في سانت كلود بفرنسا عام 1988 و التي خصصت لموضوع الجريمة المنظمة بحيث أوردت تعريفا واسعا " الجريمة المنظمة أي مشروع أو مجموعة من الأشخاص تعمل بصورة مستمرة في نشاط غير قانوني و يكون باعثها الأساسي الحصول على الأرباح دون اعتبار للحدود الوطنية. نصل في الأخير الى أن الإجرام المنظم هو عبارة عن مؤسسة إجرامية ذات تنظيم هيكلي متدرج و محكم تمارس أنشطة غير مشروعة من اجل الحصول على هدف مادي غير مشروع ، أو المساس بالمصالح الإستراتيجية و الأمن العام لدولة أو لعدد من الدول ، مستخدما في ذلك العنف و القوة و الفساد. خصائص الجريمة المنظمة: إن الجريمة المنظمة من الجرائم الخطيرة، وهي التحدي الأكبر الذي يواجه المجتمع الدولي، و تبرز خطورتها من خلال التنظيم و التخطيط الذي يكفل لها النجاح و الاستمرار بحيث يصعب تطويقها و القضاء عليها بسهولة ذلك أن المنظمات الإجرامية التي تقوم بالإعداد للجريمة المنظمة هم في الغالب أصحاب خبرة و احتراف يخططون لتلك الجريمة بطريقة محكمة تكفل النجاح في تنفيذها ، و هناك شبه اتفاق حول خصائص الجريمة المنظمة بين المتخصصين في الميدان القانوني و من أهم خصائصها ما يلي التنظيم , التعقيد و السرية , الاحتراف و الاستمرارية , تعايش المجتمع مع ظاهرة الجريمة المنظمة القدرة على التوظيف و الابتزاز , الربح المالي الفاحش. استخدام العنف و الترويع و الإرهاب و الرشوة كوسائل للجريمة المنظمة. لقد أثبت الواقع أن كل دولة منفردة لا تستطيع القضاء على الجريمة. ارتكبوا فيها أعمالهم الإجرامية بالهروب إلى دولة أخرى بهدف التخلص من المتابعات القضائية ، وهنا تظهر مسألة التعاون و التنسيق بين الدول لتعاقب المجرمين و القبض عليهم في أي بلد كانوا فيه ، ومن هنا فقد أوجد المجتمع الدولي جهازا شرطيا دوليا يعرف باسم المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الانتربول) ، و الذي أوكلت له مهمة رئيسية في مطاردة المجرمين الدوليين. وفي السنوات الأخيرة و نظرا لخطورة الجرائم المنظمة العابرة للحدود فقد تركزت جهود و اهتمامات الأنتربول بصورة أساسية في مكافحتها بالإضافة إلى مكافحة ظاهرة الإرهاب و ذلك من خلال اتخاذ الوسائل اللازمة للوقاية منها و القضاء عليها مبادئ منظمة الأنتربول و أهدافها: إن منظمة الأنتربول تقوم على حملة من المبادئ التي تلتزم الدول الأعضاء ، كما أنها تسعى إلى تحقيق أهداف محددة .مبادئ منظمة الأنتربول تتمثل المبادئ الرئيسية لمنظمة الأنتربول في النقاط التالية : • احترام السيادات الوطنية للدول الأعضاء في المنظمة : فعندما تقام العلاقات ما بين أجهزة الشرطة في كل دولة، فإنه يكون ذلك ضمن احترام سيادة الدولة، فتقوم هذه الأجهزة بتنسيق نشاطاتها فيما بينها لتحقيق أهداف منظمة الأنتربول، ويكون ذلك في إطار احترام القوانين و النظم الوطنية للدول الأعضاء، وهذا ما نصت عليه المادة الثانية من ميثاق المنظمة . • تنفيذ قرارات الجمعية العامة للأنتربول: فجميع القرارات التي تصدرها الجمعية العامة و التي تدخل في إطار اختصاصاتها ، فجميع الدول الأعضاء ملزمة بتنفيذ هذه القرارات وهذا ما أشارت إليه المادة التاسعة من ميثاق المنظمة الدولية للشرطة الجنائية. • الإسهام في مالية المنظمة : فينبغي أن تتهيأ للمنظمات الدولية موارد مالية تكفل لها مجابهة النفقات التي تقتضيها ممارسة نشاطاتها، و في كل المنظمات الدولية المورد المالي الأساسي . أهداف منظمة الأنتربول: نصت المادة الثانية من القانون الأساسي للمنظمة على تأمين و تنمية التعاضد على أوسع نطاق بين كافة سلطات الشرطة الجنائية في إطار الأنظمة القائمة في مختلف الدول و البيان العالمي لحقوق الإنسان ، كما تهدف المنظمة الى إنشاء و تنمية كافة المؤسسات القادرة على المساهمة الفاعلة في الوقاية من جرائم القانون العام . و قد أوضحت المادة الثالثة من القانون الأساسي أنها تحظر على المنظمة أي نشاط يتعلق بالقضايا ذات الطابع السياسي أو العسكري أو الديني أو العنصري . ومن أهم الجرائم التي تعنى بها المنظمة جرائم الإرهاب و جرائم الاتجار غير المشروع بالمخدرات ، الاغتيالات ، تهريب البضائع ، السرقة ، الاتجار في الرقيق ، سرقة الأعمال الفنية و الأثرية ، التزييف و الجرائم المالية ، و تتمثل المهام الرئيسية للمنظمة في هذا المجال في جمع المعلومات و البيانات عن الجريمة و المجرمين في مختلف الدول و التعاون مع الأجهزة الأمنية في مختلف البلدان لتعقب المجرمين الفارين و القبض عليهم سواء كانت الجرائم داخل إقليم دولة واحدة أو عابرة للحدود في إحدى مراحلها كالتخطيط أو التحريض أو هروب الجناة من دولة الى أخرى. جهود منظمة الأنتربول لمكافحة الجريمة المنظمة: يبذل الانتربول جهودا مهمة و فعالة في مكافحة الجريمة المنظمة ، وهذا من خلال ممارسة عدد من المهام الخاصة بمكافحة هذه الظاهرة في الوقت الحالي ، سواء من ناحية المبدأ ، ومن ناحية التطبيق الفعلي أيضا ، هذا الأخير الذي يكون بعدد من الآليات المستعملة من طرف المنظمة. اهتمام الانتربول بالجريمة المنظمة و طرق مكافحتها: أولت المنظمة اهتماما خاصا بمكافحة الجريمة المنظمة من خلال العديد من القرارات الهامة التي تم اتخاذها على مستوى الجمعية العامة للانتربول ، و من أهم هذه القرارات القرار رقم AGN/57/RES/17 الذي تم اتخاذه خلال دورة الجمعية العامة 57 المنعقدة في بانغوك عام 1988 بعنوان الجريمة المنظمة ، والقرار AGN/ 62/RES/8 الذي تم تبنيه في دورة الجمعية 62 المنعقدة في أوربا عام 1993 تحت عنوان التعاون الدولي و الحرب ضد الجريمة المنظمة . كما أعلنت الجمعية العامة للانتربول في جلستها السابعة و الستين في القاهرة عام 1998 بان محاربة الجريمة المنظمة يمثل إحدى أولويات الشرطة الدولية في قيامها بالدور الهام المتمثل بتنسيق تعاون الشرطة الدولية ضد الجريمة المنظمة ( ). و مما لا شك فيه أن من أهم وسائل التحري عن اتجاهات الجريمة المنظمة في الخارج بغية منع وصولها الى دولة ما، هي تتبع المعلومات التي يوفرها الانتربول من خلال استخباراتها الجنائية و شبكة معلوماتها الحاسوبية التي تضم الكثير من المعلومات المتجددة في هذا المجال . تحقق المنظمة الدولية للشرطة الجنائية عدة مهام مفيدة في مجال تبادل المعلومات و التعاون الدولي ضد الجريمة المنظمة عبر الدول، والجدير بالذكر أن الانتربول ركز أنشطته على الجريمة المنظمة و الأنشطة الإجرامية ذات العلاقة بها مثل غسيل الأموال . و يشغل الانتربول حاليا شبكة اتصالات لاسلكية مؤمنة تغطي كافة أنحاء العالم حيث تربط الدول الأعضاء من خلال مكاتبهم الوطنية الرئيسية بعضها مع البعض و مع سكرتارية الانتربول في فرنسا ، و تسهل هذه الشبكة النقل السريع للرسائل الالكترونية و التي تشمل الرسائل المكتوبة، الصور الفوتوغرافية ، البصمات و غيرها ، وتنقل الشبكة أكثر من 2 مليون رسالة كل عام و هي توفر التسهيلات الأساسية لتنفيذ عمل المنظمة . منظومة اتصالات الانتربول العالمية مع الضعف المتزايد لمعنى الحدود الوطنية بالنسبة للمجرمين تزايدت أهمية الاتصالات الشرطية الفعالة عبر الحدود أكثر من أي وقت مضى و تتمثل إحدى مهام الانتربول الأساسية في تمكين أجهزة الشرطة في العالم من تبادل المعلومات بشكل مأمون و فعال . و قد طور الانتربول منظومة الاتصالات الشرطية العالمية " 7/24-i " لوصل أجهزة إنفاذ القانون في البلدان الأعضاء ، الأمر الذي يتيح للمستخدمين المرخص لهم تبادل البيانات الشرطية الهامة فيما بينهم و الوصول الى قواعد بيانات المنظمة و خدماتها على مدار الساعة . العراق بغداد [email protected]
#رياض_هاني_بهار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاسراف بالتدابير الامنية واثرها على الاقتصاد والمواطن
-
التصدّي لجرائم تقليد وغش الأدوية
-
قلق الأمم المتحدة من قانون مكافحة الإرهاب العراقي النافذ
-
مخاطر الجرائم الارهابية الغير المكتشفة على المجتمع
-
المصابون بفصام العقل والدعاوى الكيديه
-
التنبؤ الجنائي ودوره بمنع وقوع الجريمة
-
الامن والديمقراطية في العراق المتناقضان والمتلازمان
-
تخلف الاداء الحكومي العراقي البطاقة الوطنية الموحدة نموذجاً
...
-
هموم عراقية لها حلول (الوثائق الأربعة )
-
الفضائيات العراقية بين حرية التعبير وصناعة التهم الكيدية
-
الخلاص الوطني بديلا عن الحل الخارجي
-
مخاطر التعصب القومي والديني على الامن الوطني
-
المواطن وهاجس الخوف والازمات الامنية
-
هروب الموقوفين والمحكومين بالعراق ظاهرة ام افتعال
-
الدولة والسلم الأهلي والأمن الاجتماعي
-
مشروع حزام بغداد الأمني برؤية أمنية هادئه
-
الدعاوى الكيدية.. أزمة قيم، أم عدالة ناقصة!!
-
تضخم (جيش المرافقين) ومخاطرها على الامن الوطني
-
أهمية الاتفاقيات الثنائية لتسليم المطلوبين دولياً
-
تراكم المعرفة المهنية ودورها باحتواء الازمات الامنية
المزيد.....
-
اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر
...
-
ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا
...
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
-
إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
-
مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
-
مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري
...
-
لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
-
مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|