|
فصول الفوضى والهزال
ساطع راجي
الحوار المتمدن-العدد: 3693 - 2012 / 4 / 9 - 22:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تضرب العراق هذه الايام موجة كوميديا سوداء قاتمة تدعو للحيرة بين الضحك والبكاء، حيث لم تتوقف الاقدار عن اهداء العراقيين جماعات من المسؤولين والقوى السياسية التي لا تدري ما تريد فيهرف نواب ومسؤولون امام وسائل الاعلام بما لايعرفون وما لا تكون له نتيجة الا مزيدا من التوتر والمشاكل، وهاهي الاقدار تقدم لنا سياسيا لا يعرف له موقع محدد في المؤسسة السياسية واذا به يهدد ويتوعد وبعد أن أسرف بتهديد النواب والقوى السياسية ودون أن ينفذ أيا من تهديداته (وكان قبل الاخير موجها الى نواب متهما أياهم بالفساد)، هاهو يوجه تهديده لمكون عراقي حيث طالب الكرد بالخروج من أماكن سكنهم ومغادرة محافظات البلاد محددا لهم موقعا واحدا من البلاد يحق لهم السكن فيه وكأن البلاد بعض أملاكه وكأن العراقيين رعايا عنده وكل ذلك دون أن يرف جفن للمؤسسات الرسمية والمسؤولين إلا بعدما ثارت ردود الافعال وصار للقضية أثر في معادلات السلطة. المؤسسات العراقية والمسؤولون العراقيون لا يكفون ليل نهار عن دعوة الاعلام للتوقف عن توجيه الانتقادات للاجهزة الرسمية أو إثارة المشاكل وهناك من يبحث عن كلمات عابرة في مقالات أو مواد اعلامية عابرة ليفسرها على هواه فيقول انها تؤدي الى التصعيد وبث الفرقة أما أن يوجه شخص معروف تهديدا واضحا قد يشكل خطرا على وحدة البلاد وسلامة المواطنين فذلك أمر يمكن التغاضي عنه والتساهل فيه بطريقة تدعو الى التفكير جديا بأن هناك جوانب غير مرئية في ملابسات صعود هذا النجم الذي يوزع التهديدات ذات اليمين وذات الشمال، وهذه الحالة هي جزء من الفوضى والهزال السياسيين اللذين يجتاحان البلاد، ففي الوقت الذي ندعو غير العراقيين الى عدم اللعب اعلاميا او سياسيا على التعددية القومية والدينية والمذهبية هاهي التهديدات تخرج من العراق وقد سبقتها تصريحات لنواب دون أن يسأل أحد عن هذه التهديدات وهذا التصعيد، والاكثر إثارة هو الظهور الاعلامي المكثف لشخص ليس عضوا في المؤسسة السياسية فاذا كانت هناك اسباب تدعو المراسلين لاخذ تصريحات أي شخص فأن المؤسسات الاعلامية التي يعملون فيها غالبا ما تدقق فيما يقدمه المراسلون ولا تنشره إعتباطا. الكرد ليسوا بحاجة لمن يدافع عنهم فهم أكثر خبرة من غيرهم في التعامل مع التهديدات بحكم التاريخ المر لكن الحقيقة الاكثر مرارة إن بقية العراقيين هم من كشفت ظهورهم أمام التهديدات فاذا كان هناك شخص او تنظيم يوجه التهديد للكرد فأن أشخاصا كثر وتنظيمات كثيرة لا تكتفي بالتهديد بل تذهب الى العمل مباشرة فالعراقي قتل ويقتل لأنه شيعي أو سني أو مسيحي أو تركماني أو أيزيدي أو علماني أو لا يلتزم بثياب معينة أو لأنه يأكل أويشرب على هواه أو إلخ.......من التبريرات فما دام العراقي مباحا للقتل والتهجير والخطف والسرقة فليس على هواة ظلمه إلا إختراع سبب أي سبب، ولنفترض إن السلطة في إقليم كردستان إقترفت خطأ ما أو أقدمت على خطوة غير مقبولة فما ذنب الكردي في بغداد أو البصرة أو الموصل أو أي مكان آخر من العراق بل حتى لو كان ذلك الكردي من سكنة أحدى محافظات إقليم كردستان وهو الأمر الذي ينطبق على العلاقة بين أي مواطن والجهات السياسية التي تحسب على دولته أو منطقته. هناك من يريد المزايدة للتقرب لطرف مسؤول في الدولة حتى لو وصل الامر الى العبث بالثوابت الوطنية التي دفعت الدولة العراقية الى انتقاد دول أخرى لأن إعلامها أو بعض مسؤوليها أمتدت تصريحاتهم للعبث بتلك الثوابت، واذا كان رئيس الوزراء قد رفض التصريحات التي تحمل تهديدا لبعض المواطنين الكرد لكنهم لم يتعهد باتخاذ الاجراءات القانونية بحق مطلق التهديدات ولم يشر الى التهديدات والاتهامات التي تتناسل يوميا في العراق، فهذه التهديدات ليست الا جزءا من من التهديدات العامة التي يعيشها العراقي في طول البلاد وعرضها وهي جزء ايضا من منهج الاتهامات المتبادلة التي تسيطر على الحياة السياسية بلا حسيب ورقيب وكأن حياة الناس وأمنهم لا قيمة لهما. فوضى التهديدات والاتهامات هي تقويض لمفهوم الدولة وقيمتها، واذا كانت الدولة غير قادرة على مراقبة اجوائها لتعرف من طار أو من حط أو من مر في أجوائها (وهو جزء من سيادة الدولة على سمائها التي أكدت الحكومة العراقية امتلاكها لزمام تلك السيادة)، واذا كانت الدولة لا تقوى على تنفيذ احكام القبض او لا تمرر طلبات الاقالة في المؤسسات لتأخذ مسارها الطبيعي فإن الضعف والهزال لا يمكن التساهل معه ليصل الى مستويات التهديد المباشر سواء صدرت تلك التهديدات من عناوين عشائرية أو دينية أو حزبية أو قومية وتحت أي غطاء ولأي عراقي كانت موجهة أم نحن لا نعيش في دولة؟.
#ساطع_راجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق والاشتباك الاقليمي
-
المواطن المشجع
-
إعتذار المرزوقي وما بعده
-
إعتقال الهاشمي وإقالة المطلك
-
جبال المال السائب
-
إنفراج بغداد والرياض
-
حكاية أمنية للنسيان
-
معركة مستمرة بعربات آشورية مزيفة
-
تفجير التفجير
-
جدران العراق والكويت
-
دولة بين البنك والسجن
-
صعود رؤوس العنف
-
سباق الأزمة المستعر
-
البطولة والفتنة والازمة
-
تظاهرات المدللين
-
العراق والخليج القادم
-
مقلوبة النظام السياسي
-
الحكومة والبرلمان بين حلين
-
راتب عثمان العبيدي
-
تقييم الاوضاع في عام الحكومة
المزيد.....
-
وسط جدل أنه -استسلام-.. عمدة بلدية كريات شمونة يكشف لـCNN ما
...
-
-معاريف- تهاجم نتنياهو وتصفه بالبارع في -خلق الأوهام-
-
الخارجية الإيرانية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
-
بعد طردها دبلوماسيا في السفارة البريطانية.. موسكو تحذر لندن
...
-
مراسلنا: مقتل 8 فلسطينيين بينهم أطفال في قصف إسرائيلي استهدف
...
-
مع تفعيل -وقف إطلاق النار.. -الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا عا
...
-
هواوي تزيح الستار عن هاتفها المتطور القابل للطي
-
-الإندبندنت-: سجون بريطانيا تكتظ بالسجناء والقوارض والبق وال
...
-
ترامب يوقع مذكرة تفاهم مع البيت الأبيض لبدء عملية انتقال الس
...
-
بعد سريان الهدنة.. الجيش الإسرائيلي يحذر نازحين من العودة إل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|