أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سليمان يوسف يوسف - المجتمع المدني بين قلم المثقفين وسلطة الدولة















المزيد.....

المجتمع المدني بين قلم المثقفين وسلطة الدولة


سليمان يوسف يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 250 - 2002 / 9 / 18 - 04:53
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 
الثلاثاء 17 سبتمبر 2002 03:53

 
الحرية موضوع طالما شغل الأذهان وأثار الجدل والنقاش. أنها عبر التاريخ مسألة الإنسان الأولى، شغل الدولة الشاغل، وهم الفلاسفة الدائم. لهذا اهتمت الحضارات القديمة بالإنسان وحرصت على تنظيم العلاقة بين الفرد والمجتمع والدولة, في إطار العرف والتقاليد والقانون, من أجل ضبط مسار المجتمع وضمان استمراره وتطوره. وكان لحضارة بابل وأشور في بلاد مابين النهرين فضل كبير في هذا المجال حيث جاءت شريعة حمو رابي التي تعود إلي الألف الثاني ق.ب خير نموذج, وإطار قانوني وحقوقي في ذاك العصر يحدد واجبات وحقوق كل من الدولة والفرد.
منذ أن أنتظم الأفراد في جماعات مستقرة وإقامة الدولة لتنظيم حياتهم في إطار السلطة والقانون والعرف ظهرت العديد من المدارس والنظريات التي درست ظاهرة نشوء الدولة كسلطة وكيان اجتماعي, وناقشت فلسفة الدولة في (وظيفتها. طبيعتها. حقوقها. التزاماتها.). لا شك إن كل نظرية أو مدرسة انطلقت في دراستها من نظرتها إلى الإنسان وفهمها لطبيعة حياته. وعلم الاجتماع السياسي, وهو من العلوم الإنسانية يتناول دراسة المجتمعات البشرية وظاهرة نشوء الدولة كتعبير قانوني وسياسي, هو علم حديث قياساً لبقية العلوم ومازال في طور التكوين والنمو, ولم يأخذ صورته النهائية بعد. لهذا فمعظم المدارس والنظريات التي درست وناقشت ظاهرة الدولة لم تتمكن من تقديم تصور كامل ونهائي لتاريخ ومراحل تطور المجتمعات البشرية. كيف كانت وكيف يجب أن تكون. ولم تستطيع معالجة إشكالية العلاقة بين   الفرد و المجتمع و الدولة كسلطة.  لهذا نقول أن كل ما قدم من نظريات ودراسات في مجال علم الاجتماع السياسي لم تتجاوز كثيراً حالة الوصف لواقع المجتمعات البشرية ولما هي عليه.
هذا وتعد الفلسفة اليونانية التي بدأت مع طاليس في القرن السادس ق .م أول من أهتم بالإنسان ووضع البذور الأولى لعلم الاجتماع والفكر السياسي. فقد أنطلق السفسطائيون من قانون الطبيعة التي تريد أن يتغلب القوي على الضعيف, فوقفوا إلى جانب الأقوى, وقالوا أن الأخلاق والقوانين هي من صنع الضعفاء. ثم رد عليهم أفلاطون بدعوته لإقامة الجمهورية الفاضلة. وأكد سقراط على ضرورة وجود سلطة على رأس الدولة وسيادة القوانين والحكم بها, وقال أن مصلحة الفرد تتفق مع مصلحة المجموع. أما أرسطو فقد دعا إلى دولة القانون والديمقراطية لتنال ثقة الشعب, وقال بأن صلاحية الأنظمة السياسية هي مسألة نسبية, ورأى أن مهمة وضع القوانين يجب أن تكون للشعب, وأرسطو هو أول من قسم السلطات في الدولة إلى ثلاث ( تشريعية وتنفيذية وقضائية ). 
وقد تحدث ابن خلدون في كتابه "المقدمة" عن الظلم الاجتماعي الذي يستعجل في انهيار الدولة وانحطاطها. وأجاز كل من ماكيافللي وسبينوزا و جون لوك للشعوب الحق بالثورة واستعمال القوة والعنف للحصول على حقوقها من الحرية والمساواة. هذا ويعد كل من منتسيكو و روسو من أبرز النقاد لسياسة الأنظمة التقليدية, حيث أثرت أفكارها في دساتير وسياسة أوربا و أميركا, ومهدت كتاباتهما لثورات العديد من الشعوب, وقد أكدا على "أن الإصلاح السياسي والاجتماعي لن يتحققا إلا إذا كفلت الحكومات الحرية في أوسع نطاق, لأن الاستبداد وكبت الحريات العامة والحجر عليها سيؤدي حتماً إلى الانهيار الاجتماعي".
أما الفلسفة الماركسية كان لها رأي آخر مغاير، فهي أكدت على أهمية ودور الدولة المركزي في التخطيط وتوجيه المجتمع, ورفعت شعار "دكتاتورية البروليتاريا" بذلك كرست مفهوم الحكم الشمولي الذي تأثرت به وقلدته الكثير من دول العالم الثالث, لذلك تجاهلت المسألة الديمقراطية واعتبرتها فكراً برجوازياً رأسمالياً يجب محاربته, وأهملت شخصية الفرد وتجاهلت حقوقه, لكن الدولة كسلطة وكمؤسسة في نظر الماركسية هي في طريقها للزوال في المراحل العليا للاشتراكية وتحقيق المجتمع الشيوعي اللاطبقي.فحيث توجد الدولة توجد السلطة, والسلطة دوماً هي أداة قمع وقهرٍ للإنسان.
 إذا كانت الدولة كما حددها غرامشي هي "المجتمع السياسي (النظام السياسي) زائد المجتمع المدني بمؤسساته" فقد واجه فقهاء السياسة وعلماء الاجتماع منذ أن وجدت الدولة مشكلة التوفيق بين المجتمع المدني بمؤسساته التي تقوم على مبدأ حرية الفرد وحقوق الإنسان في الحياة و الحرية والمساواة المستمدة من طبيعته الإنسانية من جهة أولى و الدولة بسلطتها وأجهزتها وحقها في تطبيق القانون وحماية المجتمع من تطرف الفرد وعنف الجماهير من جهة ثانية. فالتاريخ يشهد كيف تصدت الدولة دوماً بأجهزتها الأمنية والعسكرية لانتفاضات وثورات الجماهير والأضطرابات التي تثيرها لقمعها واحتوائها. إذ هناك دوماً تعارض بين المجتمع المدني والدولة, فالمجتمع المدني بمؤسساته يناهض الدولة بسلطتها وأجهزتها التي تحاول أن تحتويه, فمن سمات مدنية المجتمع المتمدن أو المتحضر هو أن يبقى دوماً خارج هيمنة أية سلطة كانت, سلطة سياسية أو عسكرية أو دينية كذلك فهو يتميز بمظاهر الرفض لكل أشكال القمع والهيمنة.وما يميز الدول الديمقراطية والمجتمعات المدنية المتحضرة, هو أن المجتمع المدني هو الذي يصنع دولته ويختار سلطته ويحدد شكل الحكم السياسي ويقيم مؤسساته الخاصة به والمستقلة عن هيمنة الدولة, أما في حال الدول المستبدة ذات الحكم الشمولي, الدولة هي التي تصنع المجتمع المدني وتقيم مؤسساته وتهيمن عليها وتعمل على ترويضها لمصلحتها وجعل المجتمع المدني مطابقاً وخاضعاً لها وكأن المجتمع المدني وجد من أجلها, وفي حال استمرار معارضة التجمعات والتنظيمات المدنية لسلطة الدولة ستقوم بملاحقة الأفراد والتنظيمات بشتى وسائل الرقابة والقرارات التي تعطي المشروعية والقانونية لعنفها وإرهابها, وهنا تحقق الدولة على نفسها ما قاله عالم الاجتماع ماكس فيبر "الدولة هي احتكار العنف الجسدي المشروع".
هكذا أستمر الفلاسفة والكتاب والسياسيون يمجدون مبدأ الدولة الديمقراطية ويطالبون من خلال كتاباتهم بإقامة المجتمع المدني, ويدافعون بأقلامهم عن حق الإنسان في الحياة والحرية والمساواة, ويثيرون الشعوب على الحكومات المستبدة. وأقاموا الحركات التي تنادي بل أصلاح الاجتماعي والسياسي, حتى أخذت دعائم المجتمع الإنساني تهتز بقيام أهم وأعنف ثورتين في القرن الثامن عشر (الثورة الأميرية 1773 والثورة الفرنسية 1779) والثورة البلشفية في روسيا 1917, وقد شكلت تلك الثورات منعطفاً تاريخيا وسياسياً كبيراً وعميقاً في مجال الفكر السياسي وحقوق الإنسان وحريته.
لاشك أن حرية الفرد السياسية هي الحق بمناقشة القضايا السياسية والتعبير عن رأيه فيها, يقول آدم سميث: "أن الحكومة يزداد نفعها بمقدار بعدها عن التدخل في حياة الفرد" فالديمقراطية لايمكن أن تتفق مع احتكار السياسية من قبل الدولة, وهيمنة فكر الحزب الواحد, وإلغاء التنوع الثقافي والتعدد القومي في المجتمع. حيث الديمقراطية تتمحور حول الحريات العامة والفردية وحرية الأحزاب في طرح القضايا الهامة وإبراز الرأي العام حولها.فأكبر خطر على الحرية والديمقراطية هي سلبية الشعب وأن النظام لا يمكن أن يستتب بالقوة وحدها أو بالخوف من العقاب , فالخوف يولد الإخماد والإخماد يولد الكراهية والكراهية خطر على استقرار الحكم. فمنذ بداية القرن العشرين أثبتت الديمقراطية كنظام سياسي وطريقة في الحكم أنها النظام الأكثر ثباتاً ورسوخاً من أي نظام سياسي آخر. فهي تقوم على مبدأ حكم الأغلبية وتنطوي على فكرة أنها صوت الشعب. إذا فالديمقراطية والحرية هما جوهر المشكلة بين المجتمع المدني والدولة وهذه الإشكالية لن تحل إلا بمزيد من الحريات والديمقراطية.يقول جيمس برايس: "إذا كان من عيوب في ممارسة العمل الديمقراطي فان إصلاح هذه العيوب يكون بمزيد من الديمقراطية".
لا من شك أن لا حرية من غير مسئولية, ولا ديمقراطية من غير قيود, فقد تلجأ الدولة عند الضرورة إلى الإكراه لحماية المجتمع من خطر الفوضى والفلتان, لكن غالباً ما تستخدم هذه الحجة كذريعة في تثبيت حكم وسلطة الدولة وحماية أمن النظام من غضب المجتمع المدني, أنه حق يراد به باطل. بقي أن نعرف أن الديمقراطية لا يمكن أن تكون هبة أو عطاء من الدولة أو السلطة, فكل ديمقراطية موهوبة إلى جانب كونها قابلة لأن تأخذ أو تلغى هي أيضاً عبء على المجتمع المدني. فالديمقراطية تأتي أولا كواقع وفعل اجتماعي وسياسي ثم يأتي النظام أو الحكم تجسيداً لهذا الواقع الديمقراطي.
كاتب من سوريا
إيلاف


#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
- هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
- طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا ...
- -حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال ...
- لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص ...
- بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها ...
- مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في ...
- -نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين ...
- بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
- الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سليمان يوسف يوسف - المجتمع المدني بين قلم المثقفين وسلطة الدولة