ايات الحكم بما انزل الله تخص القضاء وليس لها علاقة بالرؤساء

عبد الحكيم عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 3692 - 2012 / 4 / 8 - 05:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

السلام عليكم: القرآن الكريم دستور متكامل ناقش كل جوانب الحياة في كل نواحيها سواء كانت الاجتماعية او الاقتصادية او التجاريه(بيع وشراء) اوالصناعية والعسكرية والسياسيه والماليه والقضائيه وطبعا الدينيه ولكل منها نصوص توجهت لها وحددت سلوك من يعمل في اي مجال من تلك المجالات وأما ايات الحكم والتي قد يظن البعض انها تخص الحاكم بمعنى الرئيس او الملك او السلطان او الامير فهذا سوء فهم وتحميل للايات ما لا تحتمل وبمراجعة لفترة حكومة النبي الكريم ومن بعده من الخلفاء يلاحظ انهم انتهجوا اسلوب الفصل بين السلطات المعمول به اليوم اقصد الذي يتشدق به البعض على ان هناك في دولهم فصل بين السلطات الثلاث التشرعية والقضائية والتنفذية ماهوا الى كلام يهدف الى ذر الرماد في العيون ولكن حقيقة الامر انه ليس هناك فصل للسلطات الا في خطبهم الرنانة ولقاءاتهم الصحفية المقروءة او المسموعة او المرئية و هذه الايات واضحة وجلية الوضوح انها تخص القضاء ومن يحاول الاشارة انه تخص الحكام بمعنى الرؤساء فما هو اما فهم خاطئ او محاولة للي عنق الايات لخدمة اغراض خاصة وشخصية والايات بريئة منها كبراءة الذئب من دم يوسف واورد فيما يلي الايات التي اختصت بالقضاء والتي هي موجهة لمن يعمل في سلك القضاء حصرا:
1-إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ/44 سورة المائده.
2-وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 45 سورة المائده.
3-وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
4-وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّه مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ.48 سورة المائده.
5-وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ /49 سورة المائده.
6-أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ/50 سورة المائده.
7-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ /95 سورة المائده
8-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (النساء:58)
9-﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ‹21›إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ‹22›إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ‹23›قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ‹24›فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ‹25›﴾«‌38‌‏:21‏—25».سورة(ص)
ومن كل الايات يتضح لنا ان عبارة احكم لاتعني الحكم بمعنى الحكومه بل تعني الحكم بمعنى الفصل بين المتخاصمين بمعنى من يمتهن مهنة القضاء او من يختاره الطرفين المتخاصمين ان يكون حكما بينهم ويرتضون ما يصدر عنه من حكم في قضيتهما حتى لو لم يكن من القضاة قد يسأل البعض مادليك على ان الدولة الاسلامية فصلت القضاء عن سلطة الحاكم المسلم وجعلته لايأتمر بامرها بمعنى لايقضي حسب اهواء الحاكم بمعنى الخليفه او الامير او العامل على الولايات الاسلاميه.
ناخذ فترة خلافة عمر بن الخطاب لنستدل منها على ان الدولة الاسلامية فصلت بين السلطه التنفذية والسلطة القضائيه باعتبار ان فترة حكمه شهدت استقرار دولة الاسلام واتساع رقعتها ويعتبر هو اول من وضع الضوابط الاداريه ودون الدواوين وكان على السلطه القضائيه في فترة خلافة عمر علي بن ابي طالب بمعنى عمر بن الخطاب كان على رأس السلطة التنفيذيه وعلي بن ابي طالب كان على رأس السلطه القضائيه وهذا يعد فصل للسلطتين وكان قاضي الكوفه في زمن عمر القاضي شريح بمعنى على السلطه القضائيه بينما كان على السلطه التنفذيه عبد الله بن مسعود وسار على ذات النهج في فصل السلطه التنفذيه عن السلطه القضائيه من جاء من بعده على رأس الحكومة الاسلامية وهذه ادله على ان حكومة المسلمين فصلت بين السلطه القضائية وبين السلطة التنفذيه وعلى ما تقدم فان كل الايات اعلاه تخص القضاء ولاتخص الحكومة بمعنى الرئاسه فأما اعتبار القاضي الذي لايحكم بما امر الله كافرا خارج من المله الاسلاميه ويصبح بعدها يعامل معاملة الكافر اختلف فيها الفقهاء فمنهم من اعتبره كافر خارج عن المله اذا كان يعتقد بان احكام الله بخصوص القضاء لاتناسب العصر وان الاحكام الوضعية افضل منها فهو كافر خارج عن ملة الاسلام ومن لم يعمل بالاحكام التي ارساها الله مع يقينه بانها احكام تصلح لكل زمان ولم يعمل بها القاضي يعتبر كفره لايخرجه من الملة الاسلاميه وخلاصة الامر ان تلك الايات لاتعني السلطة التفذيه من قريب او بعيد والامر مترك للسلطة القضائيه للعمل بها او عدم العمل بها

#عبد_الحكيم_عثمان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات